الباحث القرآني

قال الله تعالى للنبي ﷺ: قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ صار نصباً بالنداء. يعني: يا خالق السموات والأرض، عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ يعني: عالماً بما غاب عن العباد، وما لم يغب عنهم. ويقال: عالماً بما مضى، وما لم يمض، وما هو كائن. ويقال: عالم السر والعلانية. أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ يعني: أنت تقضي في الآخرة بين عبادك، فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ من أمر الدين. وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا أي: كفروا مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ أي: مثل ما في الأرض، لَافْتَدَوْا بِهِ أي: لفادوا به أنفسهم مِنْ سُوءِ الْعَذابِ أي: من شدة العذاب يَوْمَ الْقِيامَةِ. وفي الآية مضمر. أي: لا يقبل منهم ذلك. وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ أي: ظهر لهم حين بعثوا من قبورهم، مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ في الدنيا أنه نازل بهم. يعني: يعلمون أعمالاً يظنون أن لهم فيها ثواباً، فلم تنفعهم مع شركهم، فظهرت لهم العقوبة مكان الثواب، وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ مَا كَسَبُوا أي: عقوبات ما عملوا، وَحاقَ بِهِمْ أي: نزل بهم عقوبة، مَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ يعني: باستهزائهم بالمسلمين. ويقال: باستهزائهم بالرسول، والكتاب، والعذاب. فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا يعني: أصاب الكافر شدة، وبلاء، وهو أبو جهل. ويقال: جميع الكفار دعانا أي: أخلص في الدعاء ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ أي: بدلنا، وأعطيناه مكانها عافية، نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ أي: على علم عندي. يعني: أعطاني ذلك، لأنه علم أني أهل لذلك. ويقال: معناه على علم عندي بالدواء. بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ أي: بلية، وعطية، يبتلى بها العبد ليشكر، أو ليكفر، وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ أن إعطائي ذلك بلية، وفتنة، قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني: قال تلك الكلمة: الذين من قبل كفار مكة، مثل قارون، وأشباهه. فَما أَغْنى عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَكْسِبُونَ يعني: لم ينفعهم ما كانوا يجمعون من الأموال، فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ مَا كَسَبُوا أي: عقوبات ما عملوا. قوله: وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ يعني: من أهل مكة سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ مَا كَسَبُوا يعني: عقوبات ما عملوا، مثل ما أصاب الذين من قبلهم، وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أي: غير فائتين من عذاب الله، أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ أي: يوسع الرزق لمن يشاء، وَيَقْدِرُ أي: يقتر على من يشاء، إِنَّ فِي ذلِكَ يعني: في القبض والبسط لَآياتٍ أي: لعلامات لوحدانيتي لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أي: يصدقون بتوحيد الله. قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ يعني: أسرفوا بالذنوب على أنفسهم. قرأ نافع، وابن كثير، وعاصم، وابن عامر، قُلْ يا عِبادِيَ بفتح الياء، والباقون بالإرسال. وهما لغتان، ومعناهما واحد، لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ أي: لا تيأسوا من مغفرة الله، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً الكبائر، وغير الكبائر إذا تبتم، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ لمن تاب، الرَّحِيمُ بعد التوبة لهم. وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة. قال: أصاب قوم في الشرك ذنوباً عظاماً، فكانوا يخافون أن لا يغفر الله لهم، فدعاهم الله تعالى بهذه الآية: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا. وقال مجاهد: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ بقتل الأنفس في الجاهلية. وقال في رواية الكلبي: نزلت الآية في شأن وحشي. يعني: أسرفوا على أنفسهم بالقتل، والشرك، والزنى. لا تيأسوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً لمن تاب. وقال ابن مسعود: أرجى آية في كتاب الله هذه الآية. وهكذا قال عبد الله بن عمرو بن العاص. وروي عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال: فيها عظة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب