الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: كفار مكة إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ يعني: ما القرآن إلا كذب افْتَراهُ يعني: كذباً اختلقه من ذات نفسه وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ يعني: جبراً ويساراً فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً وقال بعضهم هذا قول الكفار، يعني: إنّ الذين أعانوه قد جَاءوا ظُلْماً وَزُوراً. وقال بعضهم: هذا قول الله تعالى ردّاً على الكفار بقولهم هذا فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً يعني: شركاً وكذباً وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها يعني: أباطيلهم اكتتبها، يعني: كتبها من جبر ويسار يعني: أساطير الأولين. فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ يعني: تقرأ وتملى عليه بُكْرَةً وَأَصِيلًا يعني: تقرأ عليه غدوة وعشية. قوله عز وجل: قُلْ يا محمد أَنْزَلَهُ يعني: القرآن الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعني: يعلم السِّرَّ والعلانية، ومعناه: لو كان هذا القول من ذات نفسه لعلمه الله تعالى، وإذا علمه لعاقبه، كما قال تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ [الحاقة: 44] ثم قال إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً فكأنه يقول: ارجعوا وتوبوا، فإنه كان غَفُوراً لمن تاب، رَحِيماً بالمؤمنين. قوله عز وجل: وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ مثل ما نأكل وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ يعني: يتردد في الطريق لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً يعني: معيناً يخبره بما يراد به من الشر أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ يعني: يعطى له كنز أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يعني: بستانا يَأْكُلُ مِنْها وذلك أن كفار قريش اجتمعوا في بيت، فبعثوا إلى النبيّ ﷺ فأتاهم، فقال له العاص بن وائل السهمي وقريش معه: قد تعلم يا محمد أن لا بلاد أضيق ساحة من بلادنا، ولا أقل أنهاراً ولا زرعاً، ولا أشدَّ عيشاً، فادع ربك أن يسير عنا هذه الجبال، حتى تنفسح لنا بلادنا، ثم يفجر لنا فيها أنهاراً، حتى نعرف فضلك عند ذلك، ونراك تمشي في الأسواق معنا تبتغي من يسير العيش، فاسأل ربك أن يجعل لك قصوراً أو جناناً، وليبعث معك ملكاً يصدقك، فنزل حكاية عن قولهم: أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها قرأ حمزة والكسائي: نأكل منها بالنون، وقرأ الباقون بالياء. وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ يعني: ما تطيعون يا أصحاب محمد إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً يعني: مغلوب العقل. ويقال: مَسْحُوراً يعني: مخلوقا، لأن الذي تكون مخلوقاً يكون حياته بالمعالجة بالأكل والشرب، فيسمى مسحوراً. ويقال: مسحوراً أي: سحر به. قوله عز وجل: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ يعني: انظر يا محمد كيف وصفوا لك الأشباه، إلى ماذا شبهك قومك بساحر وكاهن وكذاب فَضَلُّوا عن الهدى، ويقال: ذهبت حيلتهم، وأخطئوا في المقالة. فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا يعني: لا يجدون حيلة ولا حجة على ما قالوا لك، ولا مخرجا لتناقض كلامهم حيث قالوا مرة: مجنون، ومرة: ساحر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب