﴿وَیَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلۡفَتۡحُ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ ٢٨﴾ - نزول الآية
٦١٥٤٨- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: قال الصحابة: إنّ لنا يومًا يوشك أن نستريح فيه، ونَتَنَعَّم فيه. فقال المشركون: متى هذا الفتح إن كنتم صادقين}. فنزلت(١). (١١/٧١٢)
﴿وَیَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلۡفَتۡحُ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ ٢٨﴾ - تفسير الآية
٦١٥٤٩- قال إسماعيل السُّدِّيّ: ﴿مَتى هَذا الفَتْحُ﴾ متى هذا القضاء(٢). (ز)
٦١٥٥٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ويَقُولُونَ مَتى هَذا الفَتْحُ﴾ يعني: القضاء، وهو البعث، ﴿إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ وذلك أنّ المؤمنين قالوا: إنّ لنا يومًا نتنعم فيه ونستريح. فقال كفار مكة: ﴿مَتى هَذا الفَتْحُ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾؟ يعنون: النبي ﷺ وحده، تكذيبًا بالبعث بأنه ليس بكائن، فإن كان البعث حقًّا صدَّقنا يومئذ(٣). (ز)
٦١٥٥١- قال يحيى بن سلّام: ﴿ويَقُولُونَ﴾ يعني: المشركين: ﴿مَتى هَذا الفَتْحُ﴾ متى هذا القضاء ﴿إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ والفتح: القضاء بعذابهم، قالوا ذلك استهزاء وتكذيبًا بأنه لا يكون(٤). (ز)
اختلف في معنى: «الفتح» في هذه الآية على قولين: الأول: الحُكْم. الثاني: عُنِيَ به: فتح مكة.
و ابنُ جرير (١٨/٦٤٤) مستندًا إلى ظاهر الآيات والدلالة العقلية القول الأول، وهو قول قتادة، ومقاتل، ويحيى بن سلام، ابنُ جرير ذلك، فقال: «يدل على أن ذلك معناه قوله: ﴿قُلْ يَوْمَ الفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إيمانُهُمْ ولا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾، ولا شك أن الكفار قد كان جعل الله لهم التوبة قبل فتح مكة وبعده، ولو كان معنى قوله: ﴿مَتى هَذا الفَتْحُ﴾ على ما قاله من قال: يعني به: فتح مكة؛ لكان لا توبة لمن أسلم من المشركين بعد فتح مكة، ولا شك أن الله قد تاب على بَشَرٍ كثيرٍ من المشركين بعد فتح مكة، ونفعهم بالإيمان به وبرسوله، فمعلومٌ بذلك صحة ما قلنا من التأويل، وفساد ما خالفه».
و ابنُ عطية (٧/٨٣)، فقال: «وهو أقوى الأقوال». ولم يذكر مستندًا.
و ابنُ كثير (١١/١٠٩) القول الأول، و القول الثاني مستندًا إلى دلالة التاريخ والنظائر، فقال: «ومَن زعم أنّ المراد من هذا الفتح: فتح مكة؛ فقد أبعد النّجعة، وأخطأ فأفحش، فإن يوم الفتح قد قَبِل رسول الله ﷺ إسلام الطلقاء، وقد كانوا قريبًا من ألفين، ولو كان المراد فتح مكة لما قَبِلَ إسلامهم؛ لقوله: ﴿قُلْ يَوْمَ الفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إيمانُهُمْ ولا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾، وإنما المراد: الفتح الذي هو القضاء والفصل، كقوله تعالى: ﴿فافْتَحْ بَيْنِي وبَيْنَهُمْ فَتْحًا ونَجِّنِي ومَن مَعِيَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء:١١٨]، وكقوله: ﴿قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالحَقِّ وهُوَ الفَتّاحُ العَلِيمُ﴾ [سبأ:٢٦]، وقال تعالى: ﴿واسْتَفْتَحُوا وخابَ كُلُّ جَبّارٍ عَنِيدٍ﴾ [إبراهيم:١٥]، وقال: ﴿وكانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة:٨٩]، وقال: ﴿إنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الفَتْحُ﴾ [الأنفال:١٩]».
و ابنُ عطية القول الثاني مستندًا إلى ظاهر الآيات والدلالة العقلية قائلًا: «وهذا ضعيف، يردُّه الإخبار بأن الكفرة لا ينفعهم الإيمان، فلم يَبْقَ أن يكون الفتح إما حُكْمُ الآخرة، وهو قول مجاهد، وإما فَصْل الدنيا كبدر ونحوه».
(١) أخرجه ابن جرير ١٨/٦٤٤. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٢) علقه يحيى بن سلام ٢/٦٩٥.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٤٥٣.
(٤) تفسير يحيى بن سلام ٢/٦٩٥.