﴿كُلُّ ذَ ٰلِكَ كَانَ سَیِّئُهُۥ عِندَ رَبِّكَ مَكۡرُوهࣰا ٣٨﴾ - قراءات الآية، وتفسيرها
٤٣١٢٤- عن ابن كثير المكي أنه كان يقرأ: ‹كُلُّ ذَلِكَ كانَ سَيِّئَةً عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا› على واحدٍ. يقول: هذه الأشياء التي نُهِيتَ عنها كلُّها سيئة(١). (٩/٣٤٨)
٤٣١٢٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿كُلُّ ذَلِكَ﴾ يعني: كل ما أمر الله ﷿ به، ونهى عنه في هؤلاء الآيات، ﴿كانَ سَيِّئُهُ﴾ يعني: ترك ما أمر الله ﷿ به، ونهى عنه في هؤلاء الآيات، أي: وركوب ما نهى عنه، كان ﴿عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾(٢). (ز)
٤٣١٢٦- قال يحيى بن سلّام: وقال: ﴿كُلُّ ذَلِكَ كانَ سَيِّئُهُ﴾ في قراءة مَن قرأها بالرفع ﴿عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾ يقول: سيء ذلك الفعل. ومن قرأها بالنصب يقول: كل ذلك كان سيئةً –مهموزة-؛ يوجب أنها سيئة ﴿عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾ وهي قراءة المكي، ذكره حماد بن سلمة(٣). (ز)
اختلفت القرأة في قراءة قوله تعالى: ﴿كُلُّ ذَلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾ على قراءتين، وقد ذكرهما ابن جرير (١٤/٥٩٩) فقال: الأولى: ﴿كلُّ ذلك كان سَيِّئُهُ﴾ على الإضافة، و قراءتهم بقولهم: «لأن فيما عدَّدْنا من قوله: ﴿وقَضى رَبُّكَ ألا تَعْبُدُوا إلا إيّاهُ﴾ أمورًا، هي أمْرٌ بالجميل، كقوله: ﴿وبِالوالِدَيْنِ إحْسانًا﴾، وقوله: ﴿وآتِ ذا القُرْبى حَقَّهُ﴾، وما أشبه ذلك. قالوا: فليس كل ما فيه نهيًا عن سيئةٍ، بل فيه نهيٌ عن سيئةٍ، وأَمْرٌ بحسنات، فلذلك قرأنا: ﴿سَيِّئُهُ﴾». الثانية: ‹كلُّ ذلك كان سَيِّئَةً› بالتنوين، والمعنى عند من قرأها كذلك: «أن الله إنما عَنى بذلك: كلُّ ما عدَّدْنا من قولنا: ﴿ولا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلاقٍ﴾، ولم يدخل فيه ما قَبْل ذلك، قالوا: وكلُّ ما عدَّدنا من ذلك الموضع إلى هذا الموضع سيِّئَةٌ لا حسنة فيه».
و ابنُ عطية (٥/٤٨٢) اسم الإشارة ﴿ذلك﴾ على القراءة الأولى بقوله: «والإشارة إلى جميع ما ذكر في هذه الآيات من بِرٍّ ومعصية، ثم اختَصَّ ذكر السَّيِّء منه بأنه مكروه عند الله تعالى». و على القراءة الثانية بقوله: «والإشارة إلى ما تقدم ذكره مما نهي عنه كقول: أُفٍّ، وقَذْف الناس، والمرح، وغير ذلك».
و ابنُ كثير (٩/١٣).
و ابنُ جرير (١٤/٦٠٠) مستندًا إلى دلالة اللغة القراءة الأولى، وعلَّل ذلك بقوله: «لأنّ في ذلك أمورًا منهيًّا عنها، وأمورًا مأمورًا بها، وابتداءُ الوصية والعهد من ذلك الموضع دون قوله: ﴿ولا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ﴾ إنما هو عطفٌ على ما تقدم من قوله: ﴿وقَضى رَبُّكَ ألا تَعْبُدُوا إلا إيّاهُ﴾، فإذ كان ذلك كذلك فقراءتُه بإضافة السيِّء إلى الهاء أوْلى وأحقُّ من قراءته ‹سَيِّئَةً› بالتنوين، بمعنى السيئةٍ الواحدة».
و ابنُ عطية (٥/٤٨٣) على ابن جرير في قوله: بـ«أن هذه النواهي كلها معطوفة على قوله أولًا: ﴿وقَضى رَبُّكَ ألا تَعْبُدُوا إلا إيّاهُ﴾» قائلًا: «وليس ذلك بالبيِّن».
(١) عزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
وهي قراءة متواترة، قرأ بها نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب، وقرأ بقية العشرة: ﴿سَيِّئُهُ﴾ بضم الهمزة والهاء وإلحاقها واوًا في اللفظ. انظر: النشر ٢/٣٠٧، والإتحاف ص٣٥٧.
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٣١.
(٣) تفسير يحيى بن سلام ١/١٣٦.