الباحث القرآني
﴿وَلَا تَشۡتَرُوا۟ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ ثَمَنࣰا قَلِیلًاۚ إِنَّمَا عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٩٥ مَا عِندَكُمۡ یَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقࣲۗ وَلَنَجۡزِیَنَّ ٱلَّذِینَ صَبَرُوۤا۟ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ ٩٦﴾ - نزول الآيتين
٤٢٠١٣- قال مقاتل بن سليمان: نزلت في امرئ القيس بن عباس الكندي، حين حكم عبدان بن أشرع الحضرمي في أرضه، ورادَّه على حقه[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٤٨٦.]]. (ز)
٤٢٠١٤- قال يحيى بن سلّام: قدم وفد مِن كندة وحضرموت على رسول الله ﷺ، فبايعوه على الإسلام، ولم يهاجروا، وأقروا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. ثم إنّ رجلا من حضرموت قام فتعلق برجل من كندة يُقال له: امرؤ القيس، فقال: يا رسول الله، إنّ هذا جاورني في أرض لي، فقطع طائفةً منها، فأدخلها في أرضه. فقال له رسول الله ﷺ: «ألك بينةٌ بما تزعم؟». فقال: القوم كلهم يعلمون أنِّي صادق وأنّه كاذب، ولكنه أكرم عليهم مني. فقال رسول الله ﷺ: «يا امرأ القيس، ما يقول هذا؟» فقال: ما يقول إلا الباطل. قال: «فقم، فاحلف بالله الذي لا إله إلا هو: ما له قِبَلَك شيء مما يقول، وأنّه الكاذب فيما يقول». فقال: نعم. فقال الحضرمي: إنّا لله، تجعلها يا رسول الله إليه؟ إنه رجل فاجر، لا يبالي بما حلف عليه. فقال رسول الله ﵇: «إنّه مَن اقتطع مال رجل مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه ساخط». فقام امرؤ القيس ليحلف؛ فنزلت هاتان الآيتان: ﴿ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون (٩٥) ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (٩٦)﴾. فقام الأشعث بن قيس، فأخذ بمنكبي امرئ القيس، فقال: ويلك، يا امرأ القيس، إنه قد نزلت آيتان فيك وفي صاحبك، خيرتهما له، والأخرى لك، وقد قال رسول الله ﵇: «مَن اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه ساخط». فأقبل امرؤ القيس، فقال: يا رسول الله، ما نزل فِيَّ؟ فتلا عليه الآيتين، فقال امرؤ القيس: أمّا ما عندي فينفد، وأما صاحبي فيجزى بأحسن ما كان يعمل، اللهم، إنّه صادق، وإني أُشهد الله أنه صادق، ولكن -واللهِ- ما أدري ما يبلغ ما يدعي من أرضه في أرضي؛ فقد أصبتها منذ زمان، فله ما ادَّعى في أرضي، ومثلُها معها. فنزلت هذه الآية: ﴿من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون﴾. فقال امرؤ القيس: ألي هذه، يا رسول الله؟ قال: نعم. فكبَّر امرؤ القيس[[علقه يحيى بن سلام ١/٨٧-٨٨.]]. (ز)
﴿وَلَا تَشۡتَرُوا۟ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ ثَمَنࣰا قَلِیلًاۚ إِنَّمَا عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٩٥﴾ - تفسير
٤٢٠١٥- عن سعيد بن جبير، في الآية، قال: ﴿ولا تشتروا بعهد الله ثمنًا قليلًا﴾ يعني: عَرَضًا من الدنيا يسيرًا، ﴿إنما عند الله﴾ يعني: الثواب ﴿هو خير لكم﴾ يعني: أفضل لكم من العاجل[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (٩/١٠٧)
٤٢٠١٦- قال مقاتل بن سليمان: ثم وعظهم، فقال سبحانه: ﴿ولا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ يقول: ولا تبيعوا الوفاء بالعهد، فتنقضونه بعرض يسير من الدنيا، ﴿إنَّما عِنْدَ اللَّهِ﴾ من الثواب لمن وفّى منكم بالعهد ﴿هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ مِن العاجل، ﴿إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٤٨٥.]]. (ز)
٤٢٠١٧- قال يحيى بن سلّام، في قوله: ﴿ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا﴾: مِن الدنيا[[تفسير يحيى بن سلام ١/٨٦.]]. (ز)
﴿مَا عِندَكُمۡ یَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقࣲۗ وَلَنَجۡزِیَنَّ ٱلَّذِینَ صَبَرُوۤا۟ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ ٩٦﴾ - قراءات
٤٢٠١٨- عن الأعمش: في قراءة عبد الله [بن مسعود]: (ولَيُوَفِّيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أجْرَهُمْ)[[أخرجه ابن أبي داود في المصاحف ١/٣٢١. وهي قراءة شاذة.]]. (ز)
﴿مَا عِندَكُمۡ یَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقࣲۗ وَلَنَجۡزِیَنَّ ٱلَّذِینَ صَبَرُوۤا۟ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ ٩٦﴾ - تفسير الآية
٤٢٠١٩- عن سعيد بن جبير، في الآية، قال: ﴿ما عندكم ينفد﴾ يعني: ما عندكم من الأموال يفنى، ﴿وما عند الله باقٍ﴾ يعني: ما عند الله في الآخرة مِن الثواب دائمٌ لا يزول عن أهله، وليَجزِيَنَّ ﴿الذين صبروا﴾ يعني: على أمر الله ﴿أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون﴾ في الدنيا، ويعفو عن سيئاتهم[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (٩/١٠٧-١٠٩)
٤٢٠٢٠- قال مقاتل بن سليمان: ثم زهدهم في الأموال، فقال سبحانه: ﴿ما عِنْدَكُمْ﴾ من الأموال، إضمار، ﴿يَنْفَدُ﴾ يعني: يفنى، ﴿وما عِنْدَ اللَّهِ﴾ في الآخرة من الثواب ﴿باقٍ﴾ يعني: دائم لا يزول عن أهله، ﴿ولَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ على أمر الله ﷿ في وفاء العهد في الآخرة ﴿أجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا﴾ يعني: بأحسن الذي كانوا ﴿يَعْمَلُونَ﴾ في الدنيا، ويعفو عن سيئاتهم فلا يجزيهم بها أبدًا[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٤٨٥.]]. (ز)
﴿مَا عِندَكُمۡ یَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقࣲۗ وَلَنَجۡزِیَنَّ ٱلَّذِینَ صَبَرُوۤا۟ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ ٩٦﴾ - آثار متعلقة بالآية
٤٢٠٢١- عن أبي موسى الأشعري، أنّ رسول الله ﷺ قال: «مَن أحب دُنياه أضرَّ بآخرته، ومَن أحب آخرته أضرَّ بدنياه؛ فآثِروا ما يبقى على ما يفنى»[[أخرجه أحمد ٣٢/٤٧٠ (١٩٦٩٧)، ٣٢/٤٧٢ (١٩٦٩٨)، وابن حبان ٢/٤٨٦ (٧٠٩)، والحاكم ٤/٣٤٣ (٧٨٥٣)، ٤/٣٥٤ (٧٨٩٧). قال الحاكم في الموضع الأول: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». وقال الذهبي في التلخيص: «فيه انقطاع». وقال الحاكم في الموضع الثاني: «هذا حديث صحيح». ووافقه الذهبي في التلخيص. وقال المنذري في الترغيب ٤/٨٤ (٤٩٠٣): «رواه أحمد، ورواته ثقات». وقال الهيثمي في المجمع ١٠/٢٤٩ (١٧٨٢٥): «رواه أحمد، والبزار، والطبراني، ورجالهم ثقات». وقال المظهري في تفسيره ٥/٣٦٧: «رواه أحمد بسند صحيح». وقال الألباني في الضعيفة ١٢/٣٣٧ (٥٦٥٠): «ضعيف».]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.