آذن: منقول من أذن إذا علم، ولكنه كثر استعماله في الجري مجرى الإنذار. ومنه قوله تعالى فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وقول ابن حلزة:
آذنتنا ببينها أسماء [[آذنتنا ببينها أسماء ... رب ثاو يمل منه الثواء
للحارث بن حلزة مطلع معلقته. وأذن الشيء: علمه بحاسة الأذن، وتوسع فيه حتى صار بمعنى مطلق العلم. وآذنه- بالمد-: أعلمه. والبين: مصدر بمعنى البعد والفراق. وتقدم أن «أسماء» من الوسامة أى الحسن. والثاوي: المقيم.
والملل: السآمة. والثواء: الاقامة. يقول: أعلمتتا لفراقها. ورب سقيم يسأم الناس من إقامته، وهي ليست كذلك. وحذف هذا للعلم به من المقام.]]
والمعنى: أنى بعد توليكم وإعراضكم عن قبول ما عرض عليكم من وجوب توحيد الله وتنزيهه عن الأنداد والشركاء، كرجل بينه وبين أعدائه هدنة فأحس منهم بغدرة، فنبذ اليهم العهد، وشهر النبذ وأشاعه وآذنهم جميعا بذلك عَلى سَواءٍ أى مستوين في الإعلام به، لم يطوه عن أحد منهم وكاشف كلهم، وقشر العصا عن لحائها [[قوله «لحائها» في الصحاح: اللحاء- ممدود- فشر الشجر. (ع)]] . وما تُوعَدُونَ من غلبة المسلمين عليكم كائن لا محالة، ولا بد من أن يلحقكم بذلك الذلة والصغار، وإن كنت لا أدرى متى يكون ذلك لأن الله لم يعلمني علمه ولم يطلعني عليه، والله عالم لا يخفى عليه ما تجاهرون به من كلام الطعانين في الإسلام، وما تَكْتُمُونَ في صدوركم من الإحن والأحقاد للمسلمين، وهو يجازيكم عليه.
وما أدرى لعلّ تأخير هذا الموعد امتحان لكم لينظر كيف تعملون. أو تمتيع لكم إِلى حِينٍ ليكون ذلك حجة عليكم، وليقع الموعد في وقت هو فيه حكمة.
{"ayahs_start":109,"ayahs":["فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَاۤءࣲۖ وَإِنۡ أَدۡرِیۤ أَقَرِیبٌ أَم بَعِیدࣱ مَّا تُوعَدُونَ","إِنَّهُۥ یَعۡلَمُ ٱلۡجَهۡرَ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَیَعۡلَمُ مَا تَكۡتُمُونَ","وَإِنۡ أَدۡرِی لَعَلَّهُۥ فِتۡنَةࣱ لَّكُمۡ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِینࣲ"],"ayah":"فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَاۤءࣲۖ وَإِنۡ أَدۡرِیۤ أَقَرِیبٌ أَم بَعِیدࣱ مَّا تُوعَدُونَ"}