الباحث القرآني

﴿ومَن نُعَمِّرْهُ﴾ نطل عمره ﴿نُنَكِّسْهُ﴾ نقلبه ﴿فِي الخَلْقِ﴾: فتنقص جوارحه بعد الزيادة، وتضعف بعد القوة ﴿أفَلا يَعْقِلُون﴾: أن القادر على ذلك قادر على البعث، أو على الطمس والمسخ ﴿وما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ﴾ ردٌّ لما قال قريش: إن محمدًا لشاعر ﴿وما يَنْبَغِي لَهُ﴾: الشعر، عن ابن عباس وغيره: ما ولد عبد المطلب ولدًا ذكرًا، ولا أنثى إلا يقول الشعر إلا رسول الله ﷺ وأما نحو: ﴿أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب﴾ فهو اتفاقي بحسب سليقته من غير قصد إليه ﴿إنْ هُوَ﴾ أي: ليس الذي أتى به ﴿إلا ذكْرٌ﴾: عظة من الله ﴿وقُرْآنٌ مبِينٌ﴾: واضح الدلالة على أنه من الله ﴿ليُنذرَ﴾: الرسول ﴿مَن كانَ حَيًّا﴾: حيَّ القلب والبصيرة فإنه المنتفع به ﴿ويَحِق القَوْلُ﴾: كلمة العذاب ﴿عَلى الكافِرِينَ﴾: المصرين على الكفر ﴿أوَلَمْ يَرَوْا أنّا خَلَقْنا لَهم مِمّا عَمِلَتْ أيْدِينا﴾: مما عملناه نحن بلا شريك، وإسناد العمل إلى الأيدي استعارة تفيد المبالغة في التفرد بالإيجاد ﴿أنْعامًا﴾ مفعول خلقنا ﴿فَهم لَها مالِكُونَ﴾ أي: خلقناها لهم، وملكناها إياهم فهم لها مالكون متصرفون مختصون بالانتفاع ﴿وذَلَّلْناها﴾: صيرناها منقادة ﴿لَهم فَمِنها رَكُوبُهُمْ﴾: مركوبهم ﴿ومِنها يَأْكُلُونَ ولَهم فِيها مَنافِعُ﴾: من الجلود والأصواف وغيرهما ﴿ومَشارِبُ﴾ من اللبن جمع مشرب اسم مكان، أو مصدر ﴿أفَلاَ يَشْكُرُونَ﴾: ربَّ هذه النعم ﴿واتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهم يُنْصَرُونَ﴾: طمعًا في أن يتقوا بهم، والأمر بالعكس لأنهم ﴿لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهم وهم لَهُمْ﴾: لأصنامهم ﴿جُنْدٌ مُحْضَرُونَ﴾: في الدنيا يغضبون للآلهة ويحفظونها أو في الآخرة عند الحساب أي: الأصنام لعبادها جند محضرة عند الحساب؛ ليكون أبلغ في خزيهم؛ لأنّهُم في هذا اليوم أعداء ﴿فَلا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ﴾: تكذيبهم وكفرهم ﴿إنّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وما يُعْلِنُونَ﴾: فنجازيهم ﴿أوَلَمْ يَرَ الإنْسانُ أنّا خَلَقْناهُ مِن نُطْفَةٍ﴾ أخس شيء وأمهنه ﴿فَإذا هو خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾: بين الخصومة لا يتأمل في بدء أمره، ولا يستحي، نزلت إلى آخر السورة حين جاء أبي بن خلف أو العاص بن وائل معه عظم رميم، وهو يذره في الهواء، ويقول: يا محمد أتزعم أن الله يبعث هذا؟ فقال عليه السلام: ﴿نعم يميتك الله ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار﴾. ﴿وضَرَبَ لنا مَثَلًا﴾؛ أمرًا عجيبًا ﴿ونَسِيَ خَلْقَهُ﴾: ابتداء خلقنا إياه ﴿قالَ﴾ بيان للمثل: ﴿مَن يُحْييِ العِظامَ وهي رَمِيمٌ﴾: بالية اسم لما بلى من العظام غير صفة، قيل: هو كـ بغيًّا في ”وما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا“ [مريم: ٢٠] في أنها معدولة عن فاعلة فإسقاط الهاء؛ لأنها معدولة عن باغية ﴿قُلْ يُحْيِيها الَّذِي أنْشَأها أوَّلَ مَرَّةٍ وهو بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾: يعلم كيف يخلقه، لا يتعاظمه شيء ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكم مِّنَ الشًّجَرِ الأخْضَرِ نارًا﴾ مع مضادة الماء النار، والمراد الزِّنار التي تورى بها الأعراب، وأكثرها من شجري المرخ والعفار الخضراوين ﴿فَإذا أنْتُمْ مِنهُ تُوقِدُونَ﴾ فمن كان قادرًا على هذا، كيف لا يقدر على إعادة الغضاضة فيما كان غضًّا فيبس؟! قيل معناه: الذي بدأ خلق الشجر من ماء حتى صار خضرًا نضرًا، ثم أعاده إلى أن صار حطبًا يابسًا يوقد به النار، قادر كذلك على كل شيء ﴿أوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ﴾: مع عظم شأنهما ﴿بِقادِرٍ عَلى أنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم﴾: في الصغر فإن خلق الصغير أسهل عندكم أو مثلهم في أصول الذات، والصفات وهو المعاد ﴿بَلى﴾ جواب من الله، وفيه إشعار بأنه لا جواب سواه ﴿وهوَ الخَلّاقُ﴾: كثير المخلوقات ﴿العَلِيمُ﴾: كثير المعلومات ﴿إنَّما أمْرُهُ﴾: شأنه ﴿إذا أرادَ شَيْئًا أنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ﴾: تَكَوَّن ﴿فَيَكُونُ﴾ فيحدث أي: لا يعسر عليه شيء، ولا يمنع دون إرادته، وقراءة نصب فيكون للعطف على يقول ﴿فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ يعني هو المالك المتصرف فيه ﴿وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾: للجزاء. والحمد لله أولًا وآخرًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب