الباحث القرآني
يقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ [الحديد ٢٨]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ المراد بهم هذه الأمة.
فيكون قوله: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ﴾ يعني: اثبتوا على الإيمان، لا جددوا الإيمان؛ لأن الإيمان قد حصل، حيث قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، فيكون المعنى: يا أيها الذين آمنوا بقلوبكم اتقوا الله بجوارحكم، ﴿وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ﴾ أي: حققوا الإيمان واثبتوا عليه، وليس كل من آمن يكون مؤمنًا حقًّا، وهذا هو ما يعنيه العلماء بقولهم: هذا نفي كمال الإيمان، مثل قوله: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٣)، ومسلم (٤٥ / ٧١) من حديث أنس بن مالك.]] ليس المراد نفي مطلق الإيمان، بل نفي الإيمان المطلق الكامل.
وقد زعم بعض المفسرين أن هذه الآية في أهل الكتاب؛ لأنه قال: ﴿وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ﴾ ولكن هذا قول ضعيف جدًّا، ولا يمكن أن ينادي الله عز وجل أهل الكتاب وهم كفرة بوصف الإيمان أبدًا، يعني: لا يمكن أن يكون المراد بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يا أيها اليهود والنصارى؛ لأنهم حين نزول القرآن إذا بقوا على يهوديتهم ونصرانيتهم ليسوا مؤمنين.
﴿آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ﴾ والمراد برسوله هنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والإيمان بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتضمن الإيمان بجميع الرسل، كما قال عز وجل: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ [البقرة ٢٨٥] يعني في الإيمان به، لا في الاتباع، في الاتباع نفرق بين الرسل، من نتبع منهم؟ محمدًا ﷺ، لكن الإيمان كلهم على حد سواء، نؤمن بأنهم رسل الله حقًّا.
﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ [الحديد ٢٨] أي: نصيبين من رحمة الله، ولهذا مثل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه الأمة بالنسبة لما قبلها «كرجل استأجر أجراء، منهم طائفة من أول النهار إلى نصف النهار، وطائفة من نصف النهار إلى العصر، وطائفة من العصر إلى غروب الشمس، فالطائفة الأولى أعطى كل واحد منهم دينارًا، والثانية أعطى كل واحد دينارًا، والثالثة أعطى كل واحد دينارين، فاحتج الأولون: لماذا تعطي هؤلاء دينارين وهم أقل منا عملًا؟ فأجابهم بقوله: هل نقصتكم من أجركم شيئًا؟ قالوا: لا، قال: ذلك فضلي أوتيه من أشاء»[[أخرجه البخاري (٢٢٦٨) من حديث ابن عمر.]] الحمد لله، فهذه الأمة لها مثل أجر الأمم السابقة مرتين.
﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ﴾ يعني أنكم إذا آمنتم حققتم الإيمان مع التقوى يثيبكم ثوابين ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ﴾، أي: علمًا تسيرون به إلى الله عز وجل على بصيرة.
وفي هذا دليل على أن التقوى من أسباب حصول العلم، وما أكثر الذين ينشدون العلم، ينشدون الحفظ يعني يطلبونه، يطلبون الفهم، فنقول: إن تحصيله يسير، وذلك بتقوى الله عز وجل وتحقيق الإيمان الذي هو موجب العلم، اعمل بما علمت يحصل لك ما لم تعلم، فتقوى الله عز وجل من أسباب زيادة العلم ولا شك، ولهذا قال: ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ﴾ أي: تسيرون به -أي: بسببه- سيرًا صحيحًا يوصلكم إلى الله عز وجل.
﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ أي: يسترها عليكم ويعفُ عنكم، فلا عقاب ولا فضيحة، ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ أي: ذو مغفرة ورحمة، كما قال الله عز وجل: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾ [الرعد ٦] وقال عز وجل: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ﴾ [الكهف ٥٨] فالغفور يعني ذا المغفرة، والرحيم يعني ذا الرحمة، وذلك أن الإنسان محتاج إلى مغفرة لذنوب وقعت منه وإلى رحمة تسدده ويتجنب بها المعاصي ويهتدي للتوبة إن عصى.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَءَامِنُوا۟ بِرَسُولِهِۦ یُؤۡتِكُمۡ كِفۡلَیۡنِ مِن رَّحۡمَتِهِۦ وَیَجۡعَل لَّكُمۡ نُورࣰا تَمۡشُونَ بِهِۦ وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق