الباحث القرآني
﴿مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا﴾ ﴾ أي: معتمدين على أيديهم وعلى ظهورهم فهم في راحة في اليد وفي الظهر.
﴿مُتَقَابِلِينَ﴾ أي: يقابل بعضهم بعضًا، وهذا يدل على سعة المكان؛ لأن المكان إذا كان ضيقًا لا يمكن أن يكون الناس متقابلين ليش؟ لا يتسع لهم، لا بد يكونوا صفًّا من وراء صف لكن إذا اتسع المكان لو كانوا ألفًا ووضعت لهم سررًا دائرية تقابلوا ولو كثروا إذا كبر المكان، وهذه الآية تدل على أن الأمكنة واسعة وهو كذلك؛ ولهذا كان «أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً مَنْ يَنْظُرُ فِي مُلْكِهِ أَلْفَيْ عَامٍ» ، ألفين سنة، ينظر أقصاه كما ينظر أدناه، لا إله إلا الله، عجبًا! ولكن ليس بعجب؛ لأن الله على كل شيء قدير، والجنة عرضها كعرض السماوات والأرض من يحيط بسماء واحدة؟ كيف وهي عرض السماوات السبع، والسماوات السبع بعضها من فوق بعض، وكل ما كان الشيء فوق كانت دائرته أوسع فمن يحيط بهذا إلا الله عز وجل، عرضها كعرض السماوات والأرض.
إذن هم متقابلون؛ لأن أمكنتهم واسعة؛ ولأن لديهم من كمال الأدب ما لا يمكن أن يستدبر أحدهم الآخر، كلهم مأدبون، كلهم قلوبهم صافية، قال الله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر ٤٧]؛ ولهذا «نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن التدابُر» . والتدابر يشمل التدابر القلبي؛ بحيث يكون كل واحد متجهًا إلى وجه، والتدابر البدني، إلا عند الحاجة أو الضرورة، هذا شيء آخر وإلا فمتى أمكن التقابل فهو أفضل.
لو أن أحدًا يكلمكم وهو قد ولَّاكم ظهره هل يكون استماعكم له ومحبتكم له كما لو كان يُحدِّثكم مستقبلًا إياكم؟ لا، وهذا شيء مُشاهَد معلوم.
إذن أهل الجنة على سُرُر متقابلين ﴿عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ﴾. وفي حال الاتكاء ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ [الواقعة ١٧]، الولدان جمع (وَلَد) أو جمع (وَلِيد) كغِلْمان جمع (غُلام).
﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾ يتردد عليهم ﴿وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ أي: خُلِقوا ليُخلَّدوا وهم غلمان شباب، ﴿إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا﴾ [الإنسان ١٩] لجمالهم وصفائهم وكثرتهم وانتشارهم في أملاك أسيادهم، أفهمتم؟
﴿إِذَا رَأَيْتَهُمْ﴾ أي: رأيت الولدان، أو رأيتَ السادة الولدان، وإذا كان الولدان تحسبهم لؤلؤًا منثورًا فكيف بالسادة؟! أعظم وأعظم، ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ﴾ [الواقعة ١٧، ١٨]، أكواب هي عبارة عن كؤوس لها عُرى، والأباريق أيضًا أوانٍ لها عرى. ﴿وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ﴾ ليس له عروة.
وقوله: ﴿مِنْ مَعِينٍ﴾ أي: من خمر مَعِين.
﴿لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ﴾ [الواقعة ١٩]؛ يعني لا يُوجَع بها الرأس، ولا ينزف بها العقل بخلاف خمر الدنيا فإنها توجع الرأس وتُذْهِب العقل.
﴿وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفَاكِهَةٍ﴾ معطوفة على قوله: ﴿بِأَكْوَابٍ﴾ أي: ويطوف عليهم الولدان بفاكهة، فاكهة مما يشتهون؛ لطيبها منظرًا، وطيبها مشمًّا، وطيبها مأكلًا.
هذه الفاكهة طيبة في منظرها، طيبة في رائحتها، طيبة في مأكلها ومذاقها؛ لأن الله قال: ﴿مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ [المرسلات ٤٢]، وكون الإنسان يعاف الشيء إما لقبح منظره، أو لقبح رائحته، أو لقبح مأكله؛ الفاكهة في الجنة لا، بالعكس، طيِّبَة في لونها وحجمها ورِيحها ومذاقها، وسبحان الله يؤتون بها متشابهة، متشابهة في اللون والحجم والرائحة، لكن في المذاق مُختلفة، وهذا مما يزيد الإنسان فرحًا وسرورًا وإيمانًا بقدرة الله عز وجل.
{"ayahs_start":16,"ayahs":["مُّتَّكِـِٔینَ عَلَیۡهَا مُتَقَـٰبِلِینَ","یَطُوفُ عَلَیۡهِمۡ وِلۡدَ ٰنࣱ مُّخَلَّدُونَ","بِأَكۡوَابࣲ وَأَبَارِیقَ وَكَأۡسࣲ مِّن مَّعِینࣲ","لَّا یُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا یُنزِفُونَ","وَفَـٰكِهَةࣲ مِّمَّا یَتَخَیَّرُونَ"],"ayah":"یَطُوفُ عَلَیۡهِمۡ وِلۡدَ ٰنࣱ مُّخَلَّدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق