الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾ حالٌ أُخْرى أوِ اسْتِئْنافٌ أيْ يَدُورُ حَوْلَهم لِلْخِدْمَةِ ﴿وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ أيْ مُبْقُونَ أبَدًا عَلى شَكْلِ الوِلْدانِ وحَدُّ الوَصّافَةِ لا يَتَحَوَّلُونَ عَنْ ذَلِكَ، وإلّا فَكَلُّ أهْلِ الجَنَّةِ مُخَلَّدٌ لا يَمُوتُ، وقالَ الفَرّاءُ وابْنُ جُبَيْرٍ: مُقْرَطُونَ بِخِلَدَةٍ وهي ضَرْبٌ مِنَ الأقْراطِ قِيلَ: هَمْ أوْلادُ أهْلِ الدُّنْيا لَمْ يَكُنْ لَهم حَسَناتٌ فَيُثابُوا عَلَيْها ولا سَيِّئاتٌ فَيُعاقِبُوا عَلَيْها، ورَوى هَذا أمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ، وعَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ - واشْتُهِرَ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - قالَ: «أوْلادُ الكُفّارِ خَدَمُ أهْلِ الجَنَّةِ» - وذَكَرَ الطَّيِّبِيُّ أنَّهُ لَمْ يَصِحْ بَلْ صَحَّ ما يَدْفَعُهُ: أخْرَجَ البُخارِيُّ وأبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ «عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: تُوُفِّيَ صَبِيٌّ فَقُلْتُ: طُوبى لَهُ عُصْفُورٌ في الجَنَّةِ فَقالَ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ: أوْ لا تَدْرِينَ أنَّ اللَّهَ تَعالى خَلَقَ الجَنَّةَ وخَلَقَ النّارَ فَخَلَقَ لِهَذِهِ أهْلًا ولِهَذِهِ أهْلًا، وفي رِوايَةٍ خَلَقَهم لَها وهم في أصْلابِ آبائِهِمْ». وأخْرَجَ أبُو داوُدَ عَنْها أنَّها قالَتْ: «قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ ذَرارِيُّ المُؤْمِنِينَ فَقالَ مِن آبائِهِمْ فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ بِلا عَمَلٍ قالَ: اللَّهُ أعْلَمُ بِما كانُوا عامِلِينَ قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ فَذَرارِيُّ المُشْرِكِينَ قالَ: مِن آبائِهِمْ فَقُلْتُ: بِلا عَمَلٍ قالَ: اللَّهُ أعْلَمُ بِما كانُوا عامِلِينَ، وقِيلَ: إنَّهم يُمْتَحَنُونَ يَوْمَ القِيامَةِ فَتَخْرُجُ لَهم نارٌ ويُؤْمَرُونَ بِالدُّخُولِ فِيها فَمَن دَخَلَها وجَدَها بَرْدًا وسَلامًا وأُدْخِلَ الجَنَّةَ، ومَن أبى أُدْخِلَ النّارَ مَعَ سائِرِ الكُفّارِ» ويَرْوُونَ في ذَلِكَ أثَرًا. ومِنَ الغَرِيبِ ما قِيلَ: إنَّهم بَعْدُ الإعادَةِ يَكُونُونَ تُرابًا كالبَهائِمِ، وفي الكَشْفِ الأحادِيثُ مُتَعارِضَةٌ في المَسْألَةِ وكَذَلِكَ المَذاهِبُ، والمَسْألَةُ ظَنِّيَّةُ والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى وهو عَزَّ وجَلَّ أعْلَمُ انْتَهى والأكْثَرُ عَلى دُخُولِهِمُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعالى ومَزِيدِ رَحْمَتِهِ تَبارَكَ وتَعالى، وسَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى تَمامُ الكَلامِ في ذَلِكَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب