الباحث القرآني
قال الله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ ﴿يُحْشَرُ﴾ فيها قراءتان: ﴿يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ﴾ وعلى هذه القراءة يكون الفعل مبنيًّا لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وكلما رأيت فعلًا مضارعًا مضموم الأول مفتوح ما قبل الآخر فهو مَبْنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، فإن رأيتَهُ مضمومَ الأوَّلِ فقط، فهل يكون مبنيًّا لما لم يُسَمَّ فاعلُه أو لا؟ لا؛ لأن المضارع من الرباعي يكون مضمومَ الأوَّلِ، مثل يُقدِم الرجل، يُكرِم الرجل، وما أشبه ذلك، إذن هذا اللفظ إحدى القراءتين ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ﴾، وعلى هذا فيكون ﴿يُحْشَرُ﴾ فعلًا مضارعًا مبنيًّا لما لم يُسَمَّ فاعلُه، ولاحظ أن قولَنا: لما لم يُسَمَّ فاعله أولى مِنْ قولِنا مبني للمجهول؛ لأنه قد يكون الفاعل معلومًا كقوله تعالى: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء ٢٨]، مَنِ الخالق؟
* طلبة: الله.
* الشيخ: معلوم ولَّا غير معلوم؟ معلوم، مع أن الفعل مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، ولهذا التعبير بقولك: (خُلِقَ) فعل ماض مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه أولى من قولك: (خُلِقَ) فعل ماض مبني للمجهول، انتبه لهذا، وكذلك ﴿يُحْشَرُ﴾ فعل مضارع مبني لما لم يُسَمَّ فاعلُه، ﴿أَعْدَاءُ اللَّهِ﴾ ﴿أَعْدَاءُ﴾ نائب فاعل.
طيب، فيها قراءة أخرى ﴿﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ أَعْدَاءَ اللَّهِ﴾ ﴾ أشار إليه المؤلف، ما حاجة إلى تعليقها؛ موجودة في الكتاب ﴿﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ أَعْدَاءَ اللَّهِ﴾ ﴾، وعلى هذه القراءة تكون ﴿﴿نَحْشُرُ﴾ ﴾ فعلًا مضارعًا مبنيًّا للفاعل، والفاعل هنا مستتر، جوازًا أو وجوبًا؟
* طلبة: وجوبًا.
* الشيخ: وجوبًا، طيب، و﴿﴿أَعْدَاءَ﴾ ﴾ مفعول به منصوب، وهنا نذكر: متى يكون الفاعل مستترًا وجوبًا أو مستترًا جوازًا؟
إذا كان تقديره: أنا أو أنت أو نحن فهو مستتر وجوبًا، وإذا كان تقديره: هو أو هي فهو مستتر جوازًا، (أقوم) مستتر، تقديره أنا. (تقوم) تخاطب رجلًا تقول: أنت تقوم. وجوبًا؛ لأن تقديره أنت. (نقوم) وجوبًا؛ لأن تقديره نحن، طيب، (قام)؛ جوازًا؛ لأن تقديره هو، (قامت)؛ جوازًا؛ لأن تقديره هي. (تقوم) أنتم قلتم قبل قليل وجوبًا.
* طالب: إذا كانت (هي) فهو جوازًا.
* الشيخ: إذا كان تتحدث عن امرأة، فقلت: (هند تقوم) فهو مستتر جوازًا؛ لأن التقدير هي، وإذا كنت تخاطب رجلًا فهو مستتر وجوبًا؛ لأن التقدير أنت، إذن هذا الضابط: ما كان تقديره (أنا) أو (نحن) أو (أنت) فهو مستتر وجوبًا، وما كان تقديره: (هو) أو (هي) فهو مستتر جوازًا.
* * *
* طالب: ﴿شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ [فصلت ٢١ - ٢٤].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ في قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ﴾ إعراب وهو أن يوم ظرف وكل ظرف لا بد له من متعلق؛ لأن الظرف اسم مفعول فيه فلا بد من فعل، ولهذا قال ناظم الجمل:
؎لَا بُدَّ للْجَارِّ مِنَ التَّعَلُّقِ ∗∗∗ بِفِعْلٍ اوْ مَعْنَاهُ نَحْوُ مُرْتَقِي
فأين العاملُ في ﴿يَوْمَ﴾؟ العامل في ﴿يَوْمَ﴾ محذوف، التقدير: كما قال المؤلف: (﴿وَ﴾ اذكر ﴿يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ﴾ )، و﴿يُحْشَرُ﴾ بمعنى يُجْمَع ويساق، وفيها قراءتان: (بالياء والنون المفتوحة وضم الشين وفتح الهمزة) لم يُكْمِل المؤلف -في الواقع- القراءة الثانية.
﴿يُحْشَرُ﴾ فيها قراءتان:
الأولى: ضم الياء وفتح الشين ﴿يُحْشَرُ﴾، وعلى هذه القراءة يجب أن تكون ﴿أَعْدَاءُ﴾ مرفوعة على أنها نائب فاعل.
القراءة الثانية: بفتح النون ﴿﴿نَحْشُرُ﴾ ﴾ وضم الشين، وعلى هذه القراءة يجب أن تكون ﴿أَعْدَاءُ﴾ منصوبة على أنها مفعول به، ﴿﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ أَعْدَاءَ اللَّهِ﴾ ﴾، وهنا نسأل: هل القراءتان اللتان تكونان في القرآن الذي بين أيدينا هل هما الحروف السبعة أو سواها؟
الجواب: أنها سوى الحروف السبعة؛ الحروف السبعة الآن غير معلومة؛ لأنه قضي عليها بتوحيد المصحف في عهد عثمان رضي الله عنه، لكن القراءات السبع الموجودة في حرف واحد وهو حرف قريش الذي توحدت المصاحف عليه في عهد عثمان رضي الله عنه، وعلى هذا فلا حاجة إلى التفتيش والتنقيب عن الحروف السبعة في وقتنا هذا؛ لأنها انتهت، قضي عليها.
قال: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ فمَنْ أعداء الله؟ أعداء الله يمكن أن نعرفهم بمعرفة أولياء الله، وأولياء الله تعالى قال الله في بيانهم: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ [يونس ٦٢، ٦٣] ضد الإيمان الكفر، وضد التقوى المعاصي والفسوق؛ فأعداء الله إذن هم الكفار والفَسَقة.
يحشرون إلى النار، أي: يساقون إليها ويُجْمَعون إليها.
﴿إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ يقول المؤلف: (يُساقُون)، ولها معنًى آخر أيضًا: يُساقون بالتوزيع، يعني: أنهم طوائف وأمم، كلما دخلت أمة لعنت أختها، فهم يوزعون بالسياق أي يُساقون، ويوزعون أيضًا بالتفريق، كل أمة وحدها، ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾.
﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ﴾ إلى آخره [فصلت: ٢٠].
﴿حَتَّى إِذَا مَا﴾ قال المؤلف: (زائدة) يعني كلمة ﴿مَا﴾ زائدة؛ لأنها وقعت بعد (إذا)، وكلما وقعت (ما) بعد (إذا) فهي زائدة، وعليك بحفظ البيت:
؎يَا طَالِبًا خُذْ فائِدَه ∗∗∗ (مَا) بَعْدَ (إِذَا) زَائِدَه
﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا﴾ يقول: ﴿مَا﴾ زائدة ﴿جَاءُوهَا﴾ أي: وصلوا إليها ﴿شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ قبل أن يدخلوها تُستَشْهد عليهم هذه الجوارح حتى يدخلوا وهم موقنون أنهم عُوملوا بالعدل والإنصاف، يشهد عليهم سمعُهم هل يشهد بما سمعوا من اللغو والكلام المُحَرَّم أو يشهد السمع بجميع الأعمال؟
يحتمل وجهين: إما أن يكون المعنى: شهد عليهم سمعُهم بما سمعوا من الباطل، وأبصارهم بما شاهدوا من الباطل، وجلودهم بما لمسوا من الباطل، أو أن هذه الأعضاء تشهد على كل عَمَلٍ عملوه، يحتمل هذا وهذا، والثاني أعظم: أن يكون السمع يشهد بما حصل عن طريقه، وبما حصل عن طريق البصر، وبما حصل عن طريق اللمس، هذا أعظم مما لو شهد بما حصل منه فقط.
﴿سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ وهل هذا بعد إنكارٍ أو للتحقيق والتوكيد؟ ليس في الآية ما يدل على ذلك، لكن قيل: إن هذه الأعضاء ﴿وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ﴾ [النور ٢٤] كما في آية أخرى إنما يكون بعد إنكارهم أن يكونوا أشركوا، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام ٢٣].
وقوله: ﴿جُلُودِهِمْ﴾ بما مَسَّتْ وهي أعم من شهادة السمع والبصر؛ لأنه يدخل في ذلك اليد والرجل والشم وغير ذلك، كل هذا عن طريق الملامسة.
﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا﴾ [فصلت ٢١] ولم يقل: لأبصارهم وسمعهم؛ لأن شهادة الجلود أعظم وأعم.
﴿قَالُوا﴾ أي: أعداء الله ﴿لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا﴾، وهذا الاستفهام استفهام إنكار كأنهم يقولون: نحن نجادل عنكم، فكيف تشهدون علينا؟!
﴿قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ يعني: أننا شهدنا؛ لأن الله أنطقنا، والله عز وجل بيده ملكوت السماوات والأرض، يُنْطِق كل شيء.
قال المؤلف: (أي: أراد نطقه) ولا حاجة إلى هذا القيد؛ لأن الله تعالى لا يُكْرِهْهُ أحدٌ حتى نقول: إن هذا الفعل مقيد بالإرادة، نقول: أَنْطَقَ كل شيء، ولا نقول: أراد نطقه؛ لأنه لا يمكن أن ينطق الشيء إلا بعد إرادة الله، ومثل هذا القيد غير مناسب؛ لأننا لو اعتبرناه لقلنا: كل فعل ذكره الله عن نفسه يجب أن نُقَيِّدَه بالإرادة، وهذا أمر مُسْتَكْرَه؛ إذ إننا نعلم أن كل فعل فعله الله فإنما هو عن إرادة، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس ٨٢]، فالله تعالى أنطق كل شيء، هل أنطق الحجر؟ نعم، أْنْطَقَ الحجرَ والشجرَ، «وسُمِعَ تسبيحُ الحصى والطعامِ بين يدي النبيِّ ﷺ»[[أخرجه الطبراني في الأوسط (١٢٤٤)، والبزار (٤٠٤٠) من حديث أبي ذر الغفاري.]]، بل قال الله تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء ٤٤]، كل شيء يسبح الله بلسان المقال إلا الكافر فإنه لا يُسبِّح الله بلسان المقال؛ لأنه كافر بالله، يصف الله تعالى بكلِّ نقص وعيب، وكل شيء يُسبِّح الله بلسان الحال حتى الكافر يسبح الله بلسان الحال، كيف ذلك؟ الكافر ما أودع الله فيه من الآيات في الخِلْقة والخلق، وما أشبه ذلك كله يسبح الله عز وجل، أي: يستدل به على تنزيه الله عن كل نقص وعيب.
قال: ﴿وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (قيل: هو من كلام الجلود، وقيل: هو من كلام الله تعالى كالذي بعده، وموقعه قريب مما قبله بأن القادر على إنشائكم ابتداءً وإعادتكم بعد الموت أحياءً قادر على إنطاق جلودكم وأعضائكم).
قوله: ﴿وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ يحتمل أنه من كلام الله يخاطب به هؤلاء المكذبين والأعداء، ويحتمل أنه تتمة كلام الجلود؛ يعني أن الجلود تستدل على قدرة الله تعالى على إنطاقها بأنه خلقهم أول مرة، يقول المؤلف في بيان ذلك: (قيل: هو من كلام الجلود، وقيل: هو من كلام الله) أيهما قَدَّم؟
* طالب: الجلود.
* الشيخ: لا، إذا قال المؤلفون: قيل كذا، وقيل كذا، فالخلاف هنا مطلق، لا تقديم فيه ولا تأخير، وإذا قيل: هو من كلام الجلود، وقيل: من كلام الله، هنا يكون قدم الأول، انتبهوا لهذا، أما إذا قال المؤلفون: قيل وقيل، فهذا ليس فيه تقديم، بل هو نقل خلاف على وجه الإطلاق.
(قيل: هو من كلام الجلود، وقيل: هو من كلام الله) وعلى هذا فالقولان لدى المؤلف متساويان، فأيهما أقرب: أن نجعله من كلام الجلود حتى يتصل الكلام بعضه ببعض أو من كلام الله؟ الأول من حيث اللفظ أقرب؛ أن الجلود تقول: ﴿أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾، وتقول لهؤلاء: هو الذي خلقكم أول مرة وإليه ترجعون، لكن القول الثاني أقوم للمعنى؛ يعني أن الله لما بَيَّن أن هؤلاء يُعادَوْن يوم القيامة ويُحاسبون، وتشهد عليهم السمع والأبصار والجلود بيَّنَ عزَّ وجل أنه قادر على الإعادة؛ لأن هؤلاء الذين كذبوا ينكرون البعث فقال: ﴿وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾، والقادر على الخلق أول مرة قادر على إعادته واضح؟ دليل ذلك قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم ٢٧]، فهو يقول: هو خلقكم أول مرة، والقادر على ذلك قادر على الإعادة.
وقوله: ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ هذا فيه أيضًا إشارة إلى الحكمة مِنْ خلق الخلق؛ أنهم يبتلون فيُؤمَرون ويُنْهَون، ومآلهم إلى من؟ إلى الله عز وجل يجازيهم بحسب أعمالهم التي كلَّفَهم بها.
ثم قال الله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ﴾ إلى آخره، هذا هو معنى قول المؤلف: (كالذي بعده) ويش الذي بعده؟ ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ﴾ هذا لا شك أنه من كلام الله، وليس من كلام الجلود.
وقول المؤلف رحمه الله: (وموقعه قريب مما قبله) يعني: موقع هذا الكلام ﴿وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ (قريب مما قبله)، يعني يبين المناسبة مناسبة هذه الجملة لما قبلها؛ (وهو أن القادر على إنشائكم ابتداءً وإعادتكم بعد الموت أحياءً قادر على إنطاق جلودكم وأعضائكم).
(﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ﴾ عن ارتكابكم الفواحش من ﴿أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ﴾ ) يعني: ما كنتم تستخفون في معاصيكم وكفركم وغير ذلك مما يستترون به خوفًا من أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم؛ يعني أن الكفار يستترون أحيانًا بالمعاصي، ليسوا يستترون خوفًا من أن تشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم؛ لأن هذه الأشياء لا استتار عنها إطلاقًا؛ إذ إنها هي الإنسان، ولا يمكن الاستتار عنها، وأيضًا هم لا يؤمنون بأنها سوف تشهد عليهم يومًا من الأيام، فصاروا لا يستترون عن هذه الأشياء لوجهين:
الأول: أنه لا انفكاك عنها، وجهه أنها هي مكوناته.
الوجه الثاني: أنه ما كان يطرأ على بالهم يومًا من الأيام أن هذه سوف تشهد عليهم؛ لأنهم ينكرون البعث، وإنكار البعث يستلزم ألا يؤمنوا بأنها تشهد عليهم.
﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ﴾ معنى تستترون (تستَخْفُون)، وقوله: ﴿أَنْ يَشْهَدَ﴾ هي على تقدير محذوف، التقدير: خوف أن يشهد عليكم سمعكم وأبصاركم إلى آخره.
يقول: (لأنكم لم توقنوا بالبعث) هذا التعليل أضفنا إليه تعليلًا آخر وهو عدم انفكاك جلودهم وسمعهم وأبصارهم.
(﴿وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ﴾ عند استتاركم ﴿أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ ) هذا الذي ظنوه بالله، فظنوا بالله تعالى ظن السوء، وأنهم إذا استتروا عن الخلق استتروا عن الله؛ ولهذا قال: ﴿كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ الكثير الثاني ما يفعلونه علانية ولا يهتمون به.
(﴿وَذَلِكُمْ﴾ مبتدأ ﴿ظَنُّكُمُ﴾ بدل منه ﴿الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ﴾ نعت، والخبر ﴿أَرْدَاكُمْ﴾ ) المؤلف أعرب الآية على وجه التفصيل؛ ﴿وَذَلِكُمْ﴾ (ذا) اسم إشارة، واللام للبُعْد، والكاف حرف خطاب، وجاءت بالجمع؛ لأن المخاطب جماعة، وهنا يجب عليكم أن تعرفوا أن اسم الإشارة يعود إلى المشار إليه، والكاف تعود إلى المخاطب، فكيف تقول إذا خاطبت ذكرًا تشير إلى شيء مذكر؟
ذلك. وكيف تقول إذا أشرت إلى اثنين مخاطبًا ذكرًا؟
* طالب: ذانك.
* الشيخ: ذانك؛ صح، ذانك؛ لأنك تشير إلى اثنين تخاطب واحد، وماذا تقول إذا أشرت إلى واحد تخاطب اثنين؟
* طالب: ذلكما.
* الشيخ: ذلكما، صح، تشير إلى واحد تخاطب اثنين تقول: ذلكما، وماذا تقول إذا أشرت إلى واحد تخاطب جماعة نساء؟ ذلكن، طيب، تشير إلى واحدة تخاطب جماعة إناث؟
* طالب: ذلكن.
* الشيخ: ذلكن خطأ.
* طالب: تلكما.
* الشيخ: أنت تخاطب جماعة إناث، تشير إلى واحدة تخاطب جماعة إناث؟
* طالب: ذلكن.
* الشيخ: خطأ.
* طالب: تلكما.
* الشيخ: أنت تخاطب جماعة إناث، تشير إلى واحدة تخاطب جماعة إناث.
* طالب: تلكن.
* الشيخ: تلكن، صح؟ تلكن، المهم انتبهوا لهذا، لا يلتبس عليكم المشار إليه في المخاطب، اسم الإشارة يكون بحسب المشار إليه، والكاف بحسب المخاطب، واضح؟ طيب، تشير إلى جماعة مخاطبًا جماعة ذكور؟
* طالب: أولئكم.
* الشيخ: أولئكم في القرآن: ﴿وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النساء ٩١]، طيب، تمام، تشير إلى مؤنثتين تخاطب اثنتين؟
* طالب: تانكما.
* الشيخ: تانكما، صح، طيب على كل حال الأمثلة كثيرة، بس تَحَرَّوا الدقة، وهل الأفصحُ في كاف المخاطب في الإشارة أن تكون حسب المخاطب أو أن تكون بالإفراد المذكَّرِ دائمًا، أم بالإفراد المفتوح المذكر للمذكر، والمؤنث للمؤنث؟
أقوال ثلاثة، وكلها لغات؛ يعني: الكاف هل نلزمها طريقةً واحدة بالإفراد والفتح فنقول: ذلك تانك ذانك؟ أو نلزمها الإفراد مع الفتح للمذكر والكسر للمؤنث، هذا وجهان، أو نقول: هي حسب المخاطب المفرد المذكر له كاف مفتوحة، والمفردة المؤنث كاف مكسورة، والمثنى كاف مقرونة بعلامة التثنية، وجماعة النساء كاف مقرونة بنون النسوة، وجماعة الذكور كاف مقرونة بميم الجمع، الأخير هو الأفصح. لكن يجوز الوجهان الآخران.
يقول الله عز وجل: ﴿وَذَلِكُمْ﴾ قال المؤلف: (مبتدأ ﴿ظَنُّكُمُ﴾ بدل منه ﴿الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ﴾ نعت، والخبر ﴿أَرْدَاكُمْ﴾ ) يعني معناه أن قوله: ﴿ذَلِكُمْ﴾ وما عطف عليها أو صار صفةً لها في مقام المبتدأ، و﴿أَرْدَاكُمْ﴾ في مقام الخبر، هل يمكن احتمال وجه آخر؟ نعم، يمكن، يمكن أن نجعل (ذا) مبتدأ و﴿ظَنُّكُمُ﴾ خبره، و﴿أَرْدَاكُمْ﴾ خبر ثانٍ، وهذا الوجه أقوى في المعنى؛ يعني: ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم؛ يعني: لم تظنوا به سواه، وأنه لن يعيدكم، ثم أخبر عن هذا الظن خبرًا آخر، فقال: ﴿أَرْدَاكُمْ﴾، فهذا المعنى أقوى من قول المؤلف رحمه الله تعالى أن ﴿ظَنُّكُمُ﴾ بدل من ﴿ذَلِكُمْ﴾، وأن ﴿الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ﴾ نعت له، وأن ﴿أَرْدَاكُمْ﴾ خبر له.
﴿ذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ﴾ وهو الله عز وجل وأضاف الربوبية إليهم؛ لأنهم يُقِرُّون بربوبية الله لا ينكرونها ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ [المؤمنون ٨٦، ٨٧]، وفي قراءة أخرى سبعية ﴿﴿سَيَقُولُونَ اللَّهَ﴾ ﴾.
﴿أَرْدَاكُمْ﴾ يعني: أهلككم ﴿فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ ﴿فَأَصْبَحْتُمْ﴾ أي: صرتم من الخاسرين، وهنا أصبح لو نظرنا إلى مجرد لفظها لكانت دالةً على الإصلاح، لكنها تُسْتَعمل في اللغة العربية بمعنى الصيرورة تقول: أصبح لا يعلم شيئًا، أي: صار لا يعلم شيئًا.
وهنا ﴿أَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ ليس المعنى دخلتم في الصباح خاسرين، ولكن المعنى: صِرْتُمْ من الخاسرين، والخاسر ضد الرابح، وإنما قال: ﴿مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ لأن هؤلاء الذين أنكروا البعث خسروا الدنيا والآخرة في الواقع؛ فدنياهم لم تنفعهم، وهم في الآخرة في النار، وهذا غاية الخسران.
(﴿فَإِنْ يَصْبِرُوا﴾ على العذاب ﴿فَالنَّارُ مَثْوًى﴾ مأوى ﴿لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا﴾ يطلبوا العُتْبى أي: الرضا ﴿فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ من المرضيين).
انتبهوا لهذا الوعيد الشديد ﴿إِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾ لم يقل: إن يصبروا فلينتظروا الفرج، بل قال: ﴿فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾ أي: ليس لهم إلا النار، وهذا كقوله تعالى: ﴿اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ﴾ [الطور ١٦] العذاب سوى عذاب الآخرة ينتظر الفرج له؛ لأن دوام الحال من المحال، فإذا صبر الإنسان على البلاء فالنهاية الزوال، لكن في الآخرة إن يصبروا فلن يسلموا من العذاب، فالنار مثوًى لهم، وهي مثوًى لهم قبل الصبر وبعد الصبر، لكن هذا من باب التيئيس لهم، وأن صبرَهم لا يفيدهم شيئًا، ﴿وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا﴾ أي: يطلبوا العتبى أي الرضا.
﴿فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ لأنهم يَسْأَلون الله تعالى؛ يقولون: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ [المؤمنون ١٠٧]، والجواب: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون ١٠٨]، لكن في الدنيا لو طلبوا العتبى وتابوا إلى الله لحصل لهم ذلك، لكن في الآخرة قد فات الأوان.
وقوله: ﴿فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾ أي: مأوى، وكل إنسان مأواه النار، فلا حظَّ له في الجنة.
* في الآيات هذه فوائِد: أولًا: إثبات حقيقة النار؛ لقوله: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ﴾.
* ومن فوائدِها: إثبات أعداء لله كما أن له أولياء، وعدو الله عز وجل مَنْ كان كافرًا فاجرًا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن أهل النار -والعياذ بالله- يُساقون إلى النار أوزاعًا أي: متفرقين أُمَمًا؛ لقوله: ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾.
* ومن فوائد الآية التي بعدها: إثبات حقيقة النار، وأن هؤلاء يصلون إليها حقيقة؛ لقوله: ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا﴾.
* ومِن فوائدها: دخول التوكيد في كلام الله عز وجل؛ لقوله: ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا﴾؛ لأننا قلنا: (ما) زائدة، لكنها للتوكيد.
فإن قال قائل: كلام الله عز وجل مُؤَكَّد بدون أداة توكيد، فما الفائدة من أن الله تعالى يأتي كثيرًا في كلامه بأدوات التوكيد؟
فالجواب: القرآن لا شك أنه مؤكد، وأن أخباره لا تحتاج إلى توكيد، لكن القرآن نزل بلسان عربي مبين، واللسان العربي يقتضي أن يكون الكلام الهام مؤكَّدًا بأنواع من التأكيدات، واضح؟ إذن تأكيد ما يؤكد في القرآن دليل على بلوغ القرآن الفصاحة في أعلى معانيها في أنه مُتَمَشٍّ على أيش؟ على قواعد اللغة العربية الفصحى.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات النطق للسمع والبصر والجلود؛ لقوله: ﴿شَهِدَ عَلَيْهِمْ﴾، والشهادة تكون بالنطق، وقد تكون بغير النطق، لكنها في الأصل بالنطق، ولذلك ﴿قَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن أعضاء الإنسان تكون يوم القيامة خصومًا له، وجه ذلك أن هؤلاء أنكروا على سمعهم وأبصارهم وجلودهم أن شهدوا عليهم، وما ظنك -أيها الأخ- بأعضاء تكون يوم القيامة خصومًا لك؟! يعني يتفرع على هذه الفائدة فائدة؛ أن الواجب على الإنسان أن يرعى هذه الأعضاء حق رعايتها وألا يورِّطَها فيما تكون خصمًا له به يوم القيامة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الأعضاء منفردةً تعرف ربها عز وجل؛ لقولها: ﴿أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾.
* ومن فوائدِها: عموم قدرة الله تعالى؛ لقوله: ﴿أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾.
* ومِن فوائدها: أن ابتداء الخلق من الله لم يشرك أحد رب العالمين في الخلق لا أم ولا أب ولا سلطان ولا رئيس ولا وزير، المنفرد بالخلق هو الله عز وجل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: جواز استعمال الأدلة العقلية، من أين تؤخذ؟ من استدلال الله تعالى بالمَبْدَأ على المعاد، فإن هذا دليل عقلي.
فإن قال قائل: وهل تُقَدَّم الأدلة العقلية على الأدلة السمعية؟
فالجواب: لا؛ لأن العقل قد يخطئ فيظن الإنسان أن هذا عقلٌ وليس بعقل، وأما الأدلة السمعية الثابتة عن الله ورسوله فهذه لا تخطئ، ولهذا أخطأ مَنِ استعمل العقل، بل قدَّمه على السمع والنقل فيما يتعلق بالله واليوم الآخر، وحَكَمُوا بعقولهم القاصرة على أمور الغيب استحالةً أو وجوبًا أو جوازًا، وأعرضوا عن نصوص الكتاب والسنة، ومن هؤلاء جميع المتكلمين من الأشاعرة، والمعتزلة، والجهمية، وغيرهم حيث جعلوا التلقي فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته على الاعتماد على العقل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الرجوع إلى الله عزَّ وجل، فاستعدَّ لهذا الرجوع، واعلم أنك ملاقٍ ربَّك، ولكن أبشر إن كنت مؤمنًا، قال الله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة ٢٢٣]، يعني: لا يخاف المؤمن من هذه الملاقاة، بل له البَشارة في الدنيا قبل الآخرة، لكن حقيقة هذه البشارة للمؤمن خاصة. ويأتي -إن شاء الله- بقية الكلام على الفوائد.
* طالب: شيخ، هل عموم قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ ينطبق على قول الصحابة أن الطعام كان يُسَبِّح بين أيديهم، ﴿وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء ٤٤] بأن يكون سبح، ولكن لم يعلموا تسبيحهم إلا بإخبار النبي صلي الله عليه وسلم لهم، أو أنه سبَّح حقيقة يفهمه أيُّ واحد؟
* الشيخ: ظاهر النصوص أن يسبح حقيقة، لكن التسبيح ﴿لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ باعتبار المجموع، لا باعتبار كل فرد، فإنَّ مِنَ الأشياء ما نسمع تسبيحه، يسبح تمامًا ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾ [ص ١٨]، فالظاهر أنها تُرَدِّد، كما قال تعالى: ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ﴾ [سبأ ١٠].
* الطالب: يا شيخ، نكمل السؤال: هل التسبيح كما نعرفه نحن أو خاصٌّ بهم بأن بعضهم..؟
* الشيخ: لا، تقول: سبحان الله.
* الطالب: بعضهم قال: صوت غدير الماء هو تسبيحه؟
* الشيخ: لا، خطأ، صوت خرير الماء ليس صوت تسبيح، هذا طبيعي، فهل نقول: حركة الإنسان بالأرض إذا وَطِئَتْ أقدامُه الأرضَ وسُمِعَ لها صوت، هل هذا تسبيح؟!
* طالب: شيخ -أحسن الله إليك- فسَّرْنا ﴿يُسْتَعْتَبُونَ﴾ [الجاثية ٣٥] بمعنى الرضا، إذا فسر بالرجوع إلى الدنيا..
طالب: شيخ أحسن الله إليك، فسرنا (يستعتبون) بمعنى الرضا، إذا فسر بالرجوع من الدنيا؟
* الشيخ: أيهن؟
* الطالب: يستعتبون.
* الشيخ: الاستعتاب: طلَبُ العُتْبَى، والعتبى معناه: قبول العذر والرِّضا، فالمؤلف فسَّرَها بالنهاية؛ بالغاية التي هي الرضا؛ لأن الإنسان إذا استعتَب وقُبِل عذره رضِي عنه المُستَعْتَب.
* طالب: شيخ أحسن الله إليك، الله عز وجل إذا أخبر عن نفسه في القرآن يقول: قال الله، قال الله، ويرد هذا كثيرًا في القرآن، أليس الأفضل في اللغة أن يقول: (قل) إذا أراد أن يخبر عن نفسه؟
* الشيخ: لا، هذا يعني له أحوال، لكن يقول العلماء: إن المتكلم إذا عبَّر عن نفسِه بصِيغة الغائب فهذا دليل على العظمة والتعظيم، ففرْقٌ بين أن يقولَ المِلك مِلك الدنيا: إن الملك يأمرُكم أن تفعَلوا كذا، أو يقول: إني آمركم. الأول أعظم في التفخيم، وهذه من قاعدة البلاغة: تعبير المخاطب عن نفسه بصيغة الغائب يدل على التعظيم، لا سيما إذا كان بوصفٍ يقتضي ذلك.
* طالب: العذاب الواقع على الأعضاء هل تحس به نفس الأعضاء ولا صاحبها بسبب أنه كان (...)؟
* الشيخ: لا، الواقع أن العذاب على أهل النار واقِع على كُلِّ البدن، ولهذا قال الله تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ [النساء ٥٦]، لكن هم يتعَجَّبُون ويُوَبِّخُون السمع والأبصار والجلود: لِمَ شهدتم علينا ونحن نجادِل عنكم؟!
* * *
* طالب: ﴿فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٧) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (٢٨) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾ [فصلت ٢٧ - ٢٩].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ﴾ [فصلت ٢٢]، معنى الآية إجمالًا، ما أريد أن تفسر كل كلمة، معناها؟
* طالب: (...) أن تشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم؛ يعني: كانوا لا يظنون..
* الشيخ: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ﴾ [فصلت ٢٢]؛ يعني: ما كنتم تستَخْفُون خوفًا مِن؟
* الطالب: شهادة السمع والبصر والجلود.
* الشيخ: نعم، أحسنت، قوله: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ﴾ [فصلت ٢٣]. يلَّا أعرِب الجملة؟
* طالب: (ذلك) اسم إشارة (...) مخاطب (...).
* الشيخ: لا، ما هو تفصيل، قل مثل: (ذلكم) مبتدأ، (ذلكم) خبر.
* الطالب: ﴿ذَلِكُمْ﴾ مبتدأ.
* الشيخ: طيب ﴿ظَنُّكُمُ﴾؟
* الطالب: ﴿ظَنُّكُمُ﴾ يجوز أن تكون خبرًا.
* الشيخ: أعطنا واحدًا مما تقول: إنه يجوز.
* الطالب: خبر.
* الشيخ: ﴿ظَنُّكُمُ﴾ خبر؟ نعم، و﴿الَّذِي ظَنَنْتُمْ﴾؟
* الطالب: ﴿الَّذِي ظَنَنْتُمْ﴾، هذا نعت.
* الشيخ: طيب ﴿أَرْدَاكُمْ﴾؟
* الطالب: ﴿أَرْدَاكُمْ﴾ خبر ثانٍ.
* الشيخ: خبر ثانٍ، طيب فيه وجه ثانٍ في الإعراب؟ قل: نعم ولَّا لا؟
* طالب: ﴿ذَلِكُمْ﴾ مبتدأ، و﴿الَّذِي ظَنَنْتُمْ﴾..
* الشيخ: ﴿ظَنُّكُمُ﴾؟
* الطالب: ﴿ظَنُّكُمُ﴾ بدل منه، و﴿الَّذِي ظَنَنْتُمْ﴾ نعت، و﴿أَرْدَاكُمْ﴾ خبر.
* الشيخ: و﴿أَرْدَاكُمْ﴾ خبر، تمام، إذن اتفق القولان على أن ﴿الَّذِي ظَنَنْتُمْ﴾ صفة.
طيب ﴿أَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾، ما معنى ﴿أَصْبَحْتُمْ﴾ هنا؟
* الطالب: صِرْتم.
* الشيخ: صِرْتم، معناها المطابق للفظ ما هو؟ أصبح.
* الطالب: أصبح؛ يعني: صار في الصباح، هذا الأصل.
* الشيخ: إي نعم، هذا الأصل، لكنها قد تُسْتَعمل بمعنى صار، نعم.
طيب قوله: ﴿فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾ [فصلت ٢٤] ما مناسبة جواب الشرط لفعل الشرط؟ ﴿فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾، ويش المناسبة؟ لأن هذا قد تخفى مناسبتُه؛ إذ إن الإنسان يتوقع أن يكون جواب الشرط خلاف ذلك.
* الطالب: وعيد شديد لهم من باب التيئيس (...).
* الشيخ: ارتباطُه بما قبله، مناسبتُه تيئيس هؤلاء مِن الفرَج؛ لأن ظاهر الحال أن يقول: فإن يصبروا فالفرجُ قريب مثلًا، لكنه قال: ﴿فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾؛ أي: فلن يتخلَّصوا منها، ﴿وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ [فصلت ٢٤]، ما معنى ﴿يَسْتَعْتِبُوا﴾؟
* الطالب: يطلبوا العُتبى.
* الشيخ: وهي؟
* الطالب: يعني المعذرة، يطلب المعذرة أو العذر.
* الشيخ: العذر ثم الرضا. طيب ﴿فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾؟
* الطالب: أي: أن الله لن يرضى عنهم.
* الشيخ: تمام، إعراب ﴿فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾؟
* طالب: الفاء بحسب ما قبلها.
* الشيخ: لا، ما هي بحسب ما قبلها، معروف ﴿وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾، الفاء؟
* طالب: حرف عطف.
* الشيخ: لا.
* طالب: رابطة لجواب الشرط.
* الشيخ: رابطة لجواب الشرط. (ما)؟
* الطالب: (ما) نافية تعمل عمل (ليس).
* الشيخ: على لغة مَن؟
* الطالب: على لغة الحجازيين.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: و(هم) مبتدأ.
* الشيخ: لا، ما دمت تقول: عملها تعمل عمل (ليس)..
* الطالب: اسم (ما).
* الشيخ: اسم (ما) مبني؟
* الطالب: مبني على السكون في محل رفع، (...) (مِن) حرف جر (...) اسم مجرور بـ(من) (...).
* الشيخ: وعلامة جرِّه؟
* الطالب: للمُعْتبين.
* الشيخ: للمُعْتبينِ، إي.
* الطالب: علامة جره الكسرة.
* الشيخ: كسرة ظاهرة بآخرِه..
* الطالب: بآخره نيابة عن (...).
* الشيخ: إي.
* الطالب: والجار ومجرور متعلق بمحذوف.
* الشيخ: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر (ما)، طيب هنا تتفق اللغتان الحجازية والتميمية مِن حيث اللفظ، أليس كذلك؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: هل يختلف اللفظ لو جعلناها تميمية؟
* الطالب: ما يختلف.
* الشيخ: إذن تتفق اللغتان من حيث اللفظ، وتختلفان من حيث الإعراب.
طيب ﴿مَا هَذَا بَشَرًا﴾ [يوسف ٣١] هل تتفق اللغتان في هذا؟
* الطالب: ﴿مَا هَذَا بَشَرًا﴾، لا.
* الشيخ: لغة تميمٍ أن يُقال؟
* الطالب: تميم (ما هذا بشرٌ).
* الشيخ: ما هذا بشرٌ. توافِقُون على ذلك؟ نعم؛ لأن (ما) مهملة عند التميميين وعاملةٌ عمل (ليس) عند الحجازيين، فتقول مثلًا: ما زيدٌ قائمًا، إذا خاطبت إنسانًا وقلت: ما زيد قائمًا، عرفنا أنك أيش؟ حجازي، وإذا خاطبت إنسانًا وقلت: ما زيدٌ قائمٌ، عرفْنا أنك تميمي ولهذا قال الشاعر:
؎وَمُهَفْهَفُ الْأَعْطَافِ قُلْتُ لَهُ انْتَسِبْ ∗∗∗ .............................
يعني من أين أنت؟
؎............................ ∗∗∗ فَأَجَابَ مَا قَتْلُ الْمُحِبِّ حَرَامُ
أخبرَه بنسبِه أو لا؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: أنه؟
* طلبة: تميمي.
* الشيخ: تميمي؛ إذ لو كان غيرَ تميمِيٍّ لقال: ما قتل المحب حرامًا.
* طالب: شيخ بارك الله فيك، بالنسبة لإعراب (ما هم بمعتبين)، يمكن نجعل (ما) هذه حرف جر زائد
* الشيخ: أيهن؟
* الطالب: (ما هم بمعتبين).
* الشيخ: هذه من كيسِك يا ولد ما هي في القرآن، ﴿فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ [فصلت ٢٥] إلى آخره، ﴿قَيَّضْنَا لَهُمْ﴾ يقول: (سَبَّبْنَا لهم).
قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ﴾ [فصلت ٢٢] إلى آخره.
* فيها من الفوائد: أن هؤلاء المجرمين لا يؤمنون بالبعث؛ لقوله: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ﴾.
* ومن فوائدها: تمامُ قدرةِ الله عز وجل وأنه قادِرٌ على إِنْطَاق كل شيء؛ حيث أنطَق السمع والأبصار والجلود.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن هؤلاء المجرمين يظُنُّون أن الله لا يعلَم كثيرًا مما يعْمَلون وهو الذي يُخفُونه، فلهذا كانوا يخفُون عن الله عز وجل ما يقعون فيه من الكفر.
* ومن فوائد الآية التي بعدها: أن مِثلَ هذا الظن سببٌ لِهَلاك المرء أن يظُنَّ أنه لن يُبعَث، هذا سببٌ لهلاكه بل هو هلاكُه حقيقة؛ لأن الذي يُنكِر البعث كافرٌ، والكافر لا حظَّ له؛ لا في الدنيا، ولا في الآخرة؛ لقول الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الزمر ١٥].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن هؤلاء المجرمين يظنون أنهم رَبِحُوا المعركة باستخفائِهم، وهذا ينطبِق تمامًا على المنافقين، ولكن حقيقة الأمر أنهم خسِروا؛ لقوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
* ومن فوائد الآية (...): أن أهل النار لن يخرجُوا منها، سواءٌ صبروا أم لم يصبروا؛ لقوله: ﴿فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾، ويبَيِّنُه قوله تعالى: ﴿اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الطور ١٦]، وقوله تعالى: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ﴾ [إبراهيم ٢١].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الإشارة إلى أن النار لا تفنى؛ لقوله: ﴿فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾ [فصلت ٢٤] وهذا -أعني أن النار لا تفنى- هو قولُ أهل السنة والجماعة كما أن الجنة أيضًا لا تفنى، وقد زعَم بعضُ العلماء أن النار تفنَى في آخر النهاية، لكنَّ هذا الزعمَ باطل؛ يعني لا يستحِقُّ منزلة أن نقول: إنه ضعيف، بل نقول: إنه باطل لا ينبغي أن تُسَوَّدَ به الصحائف؛ وذلك لأن كلام الله عز وجل الذي خلقَ النار وهو عالمٌ بها وبمصيرِها، فيه التصريح بالتأبيد في ثلاثة مواضع مِن كتاب الله عز وجل. الموضع الأول؟
* طالب: في النساء.
* الشيخ: ما هو؟ الأخ يقول في النساء اذكره.
* طالب: قوله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [النساء ١٦٨، ١٦٩].
* الشيخ: الموضع الثاني؟
* طالب: سورة الأحزاب.
* الشيخ: ما هو؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (٦٤) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ [الأحزاب ٦٤، ٦٥]. طيب الموضع الثالث؟
* الطالب: سورة الجن ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الجن ٢٣].
* الشيخ: أحسنت، فهل بعد هذا الكلام كلام؟ لا، ولهذا الإنسان يعجَب أن يقَعَ من بعض العلماء القول بأنَّ النار تفنَى مع وجود الآيات الثلاثة.
طيب هذه ﴿وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ [فصلت ٢٤] قد يكون فيها إشارة إلى أنها ستبقى أبد الآبِدين؛ لأنَّه لو كان لها منتهى فسوف يُعتَبُون في آخر النهاية.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات النار؛ لقوله: ﴿فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾.
* ومنها: أنها هي المثوى، وليس كما يزعم بعض الكتاب اليوم يقولون: إن الميت إذا مات صار إلى مثواه الأخير، وقد بينَّا أن هذه الكلمة كلمة كُفْرٍ لو اعتقدَ الإنسان مدلولَها؛ يعني: لو اعتقد أن القبر هو المثوى ولا قيام بعده لكان كافرًا، فيقال: إن القبر ليس المثوى الأخير.
{"ayahs_start":19,"ayahs":["وَیَوۡمَ یُحۡشَرُ أَعۡدَاۤءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ","حَتَّىٰۤ إِذَا مَا جَاۤءُوهَا شَهِدَ عَلَیۡهِمۡ سَمۡعُهُمۡ وَأَبۡصَـٰرُهُمۡ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","وَقَالُوا۟ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَیۡنَاۖ قَالُوۤا۟ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِیۤ أَنطَقَ كُلَّ شَیۡءࣲۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةࣲ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ","وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَتِرُونَ أَن یَشۡهَدَ عَلَیۡكُمۡ سَمۡعُكُمۡ وَلَاۤ أَبۡصَـٰرُكُمۡ وَلَا جُلُودُكُمۡ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَا یَعۡلَمُ كَثِیرࣰا مِّمَّا تَعۡمَلُونَ","وَذَ ٰلِكُمۡ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِی ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ","فَإِن یَصۡبِرُوا۟ فَٱلنَّارُ مَثۡوࣰى لَّهُمۡۖ وَإِن یَسۡتَعۡتِبُوا۟ فَمَا هُم مِّنَ ٱلۡمُعۡتَبِینَ"],"ayah":"وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَتِرُونَ أَن یَشۡهَدَ عَلَیۡكُمۡ سَمۡعُكُمۡ وَلَاۤ أَبۡصَـٰرُكُمۡ وَلَا جُلُودُكُمۡ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَا یَعۡلَمُ كَثِیرࣰا مِّمَّا تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق