﴿وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَتِرُونَ أَن یَشۡهَدَ عَلَیۡكُمۡ سَمۡعُكُمۡ وَلَاۤ أَبۡصَـٰرُكُمۡ وَلَا جُلُودُكُمۡ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَا یَعۡلَمُ كَثِیرࣰا مِّمَّا تَعۡمَلُونَ﴾ [فصلت ٢٢]
﴿وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَتِرُونَ أَن یَشۡهَدَ عَلَیۡكُمۡ سَمۡعُكُمۡ وَلَاۤ أَبۡصَـٰرُكُمۡ وَلَا جُلُودُكُمۡ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَا یَعۡلَمُ كَثِیرࣰا مِّمَّا تَعۡمَلُونَ ٢٢﴾ - تفسير
٦٨٤٦٣- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿وما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ﴾، قال: تَتَّقون(١). (١٣/١٠٠)
٦٨٤٦٤- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- ﴿وما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ﴾ يقول: وما كنتم تظنون ﴿أنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ولا أبْصارُكُمْ﴾ حتى بلغ: ﴿كَثِيرًا مِمّا تَعْمَلُونَ﴾، واللهِ، إنّ عليك يا ابنَ آدم لَشهودًا غير مُتَّهَمة من بدنك، فراقِبهم، واتّقِ الله في سرِّ أمرك وعلانيتك؛ فإنه لا يخفى عليه خافية، الظُّلمة عنده ضوء، والسّر عنده علانية، فمَن استطاع أن يموت وهو بالله حَسن الظن فليفعل، ولا قُوَّة إلا بالله(٢). (١٣/١٠٠)
٦٨٤٦٥- عن إسماعيل السُّدّي -من طريق أسباط- ﴿وما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ﴾، قال: تَسْتَخْفُون(٣). (١٣/١٠١)
٦٨٤٦٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ﴾ يعني: تستيقنون، وقالوا: تستكتمون ﴿أنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ولا أبْصارُكُمْ ولا جُلُودُكُمْ ولكِنْ ظَنَنْتُمْ﴾ يعني: حسبتم ﴿أنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمّا تَعْمَلُونَ﴾ يعني: هؤلاء الثلاثة؛ قول بعضهم لبعض: هل يعلم الله ما نقول؟ لقول الأول والثاني والثالث، يقول: حسبتم ﴿أنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمّا تَعْمَلُونَ﴾(٤). (ز)
اختُلف في معنى قوله: ﴿وما كنتم تستترون﴾ على أقوال: الأول: وما كنتم تستخفون. الثاني: وما كنتم تتقون. الثالث: وما كنتم تظنون.
و ابنُ جرير (٢٠/٤١٠-٤١١) -مستندًا إلى لغة العرب- القول الأول الذي قاله السُّدّي، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قولُ مَن قال: معنى ذلك: وما كنتم تستخْفون، فتتركوا ركوب محارم الله في الدنيا حذرًا أن يشهد عليكم سمعكم وأبصاركم اليوم. وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصواب لأنّ المعروف من معاني الاستتار: الاستخفاء. فإن قال قائل: وكيف يستخفي الإنسان عن نفسه مما يأتي؟ قيل: قد بيّنا أنّ معنى ذلك إنما هو الأماني، وفي تركه إتيانه إخفاؤه عن نفسه».
و ابنُ عطية (٧/٤٧٥) القول الأخير الذي قاله قتادة، مستندًا للغة، فقال: «وذلك تفسير لم يُنظر فيه إلى اللفظ، ولا ارتبط فيه معه».
ابن عطية (٧/٤٧٥): "أما المعنى فيحتمل وجهين:
أحدهما: أن يريد: وما كنتم تتصاونون وتحجزون أنفسكم عن المعاصي والكفر خوف أن يشهد، أو لأجل أن يشهد، ولكن ظننتم أن الله لا يعلم، فانهمكتم وجاهرتم. وهذا هو منحى مجاهد. والستر ينصرف على هذا المعنى ونحوه، ومنه قول الشاعر:
والستر دون الفاحشات وما يلقاك دون الخير من ستر
والمعنى الثاني أن يريد: وما كنتم تمتنعون ولا يمكنكم ولا يسعكم الاختفاء عن أعضائكم والاستتار عنها بكفركم ومعاصيكم، ولا تظنون أنها تصل بكم إلى هذا الحد. وهذا هو منحى السُّدّيّ، كأن المعنى: وما كنتم تدفعون بالاختفاء والستر أن تشهد؛ لأنّ الجوارح لزيمة لكم، وفي إلزامه إياهم الظنَّ بأن الله تعالى لا يعلم إلزامهم الكفر والجهل بالله، وهذا المعتقد يؤدي بصاحبه إلى تكذيب أمر الرسل واحتقار قدرة الله تعالى، لا ربّ غيره".
(١) تفسير مجاهد ص٥٨٥، وأخرجه ابن جرير ٢٠/٤١٠. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/١٥٠-. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/٤١٠. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/٤٠٩.
(٤) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٧٤٠.