الباحث القرآني
طالب: ﴿وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (٤٢) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [غافر ٤١ - ٤٣].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ [غافر ٤١] سبق الكلام على هذه الجملة، وبينا أن الاستفهام فيها للتعجب والإنكار.
﴿مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾. جملة ﴿وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ معطوفة على الجملة التي قبلها، وليست استئنافية ولا حالية كما قيل فيها به، بل هي معطوفة على ما سبق؛ لأن التعجب إنما يكون من اجتماع الأمرين أنه يدعوهم إلى النجاة وهم يدعونه إلى النار.
وقوله: ﴿إِلَى النَّجَاةِ﴾ يعني النجاة من النار، ولم يقل: (إلى الجنة) مع أنه قال: ﴿وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ [غافر ٣٩]؛ لأنهم هم يدعونه إلى الهلاك، يدعونه إلى النار، فقابَل دعوته بدعوتهم، فكأنه يقول: أنا أدعوكم إلى النجاة من النار وأنتم تدعونني إلى النار، والدعوة إلى النار ليس أن يقول القائل: هلموا إلى النار أيها الناس، لكنها الدعوة إلى عمل أهل النار، وليُعْلم أن النار حُفَّت بالشهوات، وأن الجنة حُفَّت بالمكاره، وعمل أهل النار مبني على الشهوات أو على الشبهات؛ يعني إما جهالات وضلالات كعمل النصارى، وإما شهوات كعمل اليهود، وعلى هذين يدور عمل أهل النار؛ الشبهات والشهوات، والشبهات دواؤها العلم، والشهوات دواؤها الحزم والإرادة التامة لما يحبه الله ويرضاه ﴿وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ [غافر ٤١].
ثم بَيَّن بعد أن أَجْمَل في قوله: ﴿وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ بَيَّن الأعمال التي يدعونه إليها فقال: ﴿تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ﴾ [غافر ٤٢] ﴿تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ﴾ اللام هنا لبيان المدَّعى إليه، أو المدعو إليه؛ يعني تدعونني لهذا، وعلى هذا فـ﴿أَكْفُرَ﴾ منصوبة بـ(أن) مضمرة بعد اللام على مذهب البصريين، أو باللام على مذهب الكوفيين.
﴿لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ﴾ أي: أجحده وأُنكره، والمراد: إنكار وحدانيته بدليل قوله: ﴿وَأُشْرِكَ بِهِ﴾. وقد يقال: إن المراد إنكار وجوده بالكلية أو الإشراك به مع الإقرار به، فيكونون يدعونه إلى شيئين: إما إنكار الخالق عز وجل، وهذا يستفاد من قوله: ﴿لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ﴾ أي: أجحده، أو إثباته مع وجود شريك له، وهذا مستفاد من قوله: ﴿وَأُشْرِكَ بِهِ﴾.
وقوله: ﴿مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ﴾ [غافر ٤٢] هذا قيد مبين للواقع، وأن كل من أشرك بالله فإنه مشرك بلا علم، بل بما يُعلَم بالفطرة خلافه، ولكن من المعلوم أن الشيء إذا كان بلا عِلْم فإنه لا ثبوت له ولا أصل له، فالصفة بل فالصلة في قوله: ﴿مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ﴾ لبيان الواقع، وقد بينا أن كل قيد لبيان الواقع أو الغالب أو المبالغة فإنه لا مفهوم له.
﴿وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ﴾ [غافر ٤٢] بدأ هنا باسم العزيز؛ لأن المقام يقتضيه؛ إذ إن هؤلاء أقباط من آل فرعون، يظنون أن العزة له، فقال: أدعوكم إلى العزيز، ولم يقل: (إلى الغفور الرحيم)، بل قال: ﴿إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ﴾، يعني العزيز الغالب، فيهلككم إذا أنتم أشركتم به أو كفرتم به. ﴿الْغَفَّارِ﴾ يغفر لكم ما سبق إن أنتم آمنتم به، وهذا من تمام فقه هذا الرجل المؤمن.
فإنه قد يقول قائل: إن المقام يقتضي: وأنا أدعوكم إلى الغفور الرحيم، لكن الأمر بالعكس، المقام يقتضي ذكر اسمه العزيز؛ لأن هؤلاء يدعون أنهم فوق الناس، وأن ربهم فرعون، وأنه لا غالب له.
وقوله: (العزيز) اسم من أسماء الله، و(الغفار) اسم من أسماء الله، و(الغفور) اسم من أسماء الله، وليُعلم أن أسماء الله سبحانه وتعالى تنقسم إلى قسمين: الأول: ما كان مشتقًّا من وصف متعدٍّ، فهذا لا يتم الإيمان به إلا بأمور ثلاثة:
الأول: إثباته اسمًا لله، والثاني: إثبات الصفة التي دل عليها، والثالث: إثبات الْحُكم المترتب على هذه الصفة.
والقسم الثاني: غير المتعدي، لا يتم الإيمان به إلا بإثبات اثنين: إثباته اسمًا من أسماء الله، وإثبات الصفة التي دل عليها هذا الاسم؛ لأن كل اسم من أسماء الله يدل على صفة، ليس لله اسم يكون جامدًا، خلافًا لمن قال: إن كلمة (الله) اسم جامد غير مشتق، وهذا ليس بصحيح، ما من اسم من أسماء الله إلا وهو مشتق؛ لأن الله وصف أسماءه بأنها حُسنى، وما لا يتضمن صفة ليس بحسن فضلًا على أن يكون أحسن، نضرب أمثلة لهذا:
(الحي) من أي القسمين؟ من اللازم، تؤمن به اسمًا من أسماء الله، وبالحياة التي دل عليها الاسم، (السميع) متعدٍّ، تؤمن بالسميع اسمًا لله، وبالسمع صفة لله، وبأنه يسمع إثباتًا للحكم؛ وهو الأثر المترتب على هذه الصفة.
ثم اعلم أن الاسم يتضمن أحيانًا صفة، وأحيانًا صفتين، وأحيانًا أكثر؛ لأن أنواع الدلالة ثلاثة:
مطابقة، وتضمن، والتزام، فمثلًا من أسماء الله تعالى: ﴿الْخَلَّاقُ﴾، ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ﴾ [الحجر ٨٦]، تؤمن بـ(الخلَّاق) اسمًا من أسماء الله، تؤمن بصفة الخلق التي تضمنها اسم (الخلاق)، وإيمانك بالاسم والصفة هذا إيمان بدلالة المطابقة، وإيمانك بالاسم وحده أو بالصفة وحدها إيمان بدلالة التضمن، ثم إيمانك بأنه عليم قدير إيمان بدلالة الالتزام؛ لأنه ما من خلَّاق إلا وهو عليم، وما من خلَّاق إلا وهو قادر؛ لأنه إن كان جاهلًا فكيف يخلق؟ وإن كان عاجزًا فكيف يخلق؟ فدلالة الخلَّاق على العلم والقدرة دلالة التزام.
وهذه الدلالة -أعني دلالة الالتزام- يتفاوت فيها الناس تفاوتًا كثيرًا، فمن الناس من يعطيه الله تعالى فهمًا يدرك به اللوازم التي تلزم على هذا الاسم، ومن الناس من هو دون ذلك، فتجد بعض الناس يستنبط فوائد عدة بدلالة اللزوم، وآخر لا يقدر، وفضل الله تعالى يؤتيه من يشاء.
إذن ﴿العَزِيز﴾ لا يتم الإيمان به إلا بأيش؟ ثلاثة ولَّا اثنين؟ العزيز نعرف معناه أولًا، العزيز بمعنى ذو العزة ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ﴾ [الصافات ١٨٠]، والعزة قالوا: إنها ثلاثة أنواع:
عزة القَدْر، وعزة القهر، وعزة الامتناع؛ عزة القَدْر بمعنى أنه سبحانه وتعالى عزيز قدْرًا، بحيث لا يكون مماثلًا له، عِزَّة الامتناع؛ يعني أنه عز وجل عزيز؛ أي: يمتنع أن يناله السوء، والعزيز يأتي بمعنى الامتناع كقوله تعالى: ﴿وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾ [إبراهيم ٢٠] أي: بممتنع.
والثالث: عزة القهر؛ بمعنى أنه الغالب. ومنه قوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾ [المنافقون ٨] فقال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون ٨] العزة يعني الغلبة، إذا كان العزيز بمعنى الغالب فهو من الأسماء المتعدية، عَزَّ أي غلب، فهو (غالِب) ومقابله (مغلوب)، وإذا كانت عَزَّ بمعنى (امتنع)، أو بمعنى (كان ذا قدر عظيم) فهو لازم.
إذن نقول: العزيز من جهة تكون من الأسماء المتعدية متى؟ إذا كانت بمعنى الغالب، ومن جهة أخرى تكون غير متعدية إذا كانت بمعنى الامتناع أو بمعنى القَدْر.
جملة معترضة، قال الله تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ﴾ [المنافقون٨] هل الجواب مطابق لقولهم أو غير مطابق؟ المطابقة أن يقول: والله أعز والمؤمنون، لكن لم يذكر هذا، بل قال: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ﴾ إشارة إلى أن المنافقين لا عِزَّة لهم أصلًا؛ لأنه لو قال: الله أعز؛ لأثبت للمنافقين عزة، ولكنه ليس لهم عزة، حصر العزة في الله ورسوله والمؤمنين؛ وهذه من بلاغات القرآن، وإذا تأملت القرآن، سبحان الله، تبين لك أمور تبهرك في دلالاته وإشاراته وإيماءاته، فسبحان الذي أنزله عز وجل!
(الغفار) اسم من أسماء الله، وهل هو من الأسماء المتعدية؟ المتعدية؛ لأن الله قال: ﴿يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ [آل عمران ١٢٩] إذن لا بد أن نثبت الغفار اسمًا من أسماء الله، ولا بد أن نثبت الصفة وهي المغفرة ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾ [الرعد ٦]. ونثبت أنه يغفر، يوصل المغفرة من شاء. قال: ﴿أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾ [الزمر ٥].
﴿لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ [غافر ٤٣] وهو الكفر بالله والإشراك به ﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ﴾ أي ليس له استجابة دعوة ﴿فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ﴾ ولا جرم أيضًا ﴿أَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾.
قال المفسر: (﴿لَا جَرَمَ﴾ حَقًّا) يعني أن معنى لا جرم حق، وعلى هذا فتكون ﴿لَا﴾ زائدة، و﴿جَرَمَ﴾ بمعنى حقًّا، وهذا ما ذهب إليه المؤلف، والمعربون اختلفوا فيها، والصواب في إعرابها أن (لا) نافية للجنس. و(جرم) اسمها، ومعنى (جرم) أي لا شك، أو لا بد، هذا هو الصواب، والتركيب واضح، ولا يحتاج أن نقدر أن (لا) زائدة، و(جرم) بمعنى قطع، وأن مصير الجملة إلى أن تكون مصدرًا لعامل محذوف؛ يعني: أُحِقُّ حقًّا أن ما تدعون إليه لا حاجة لهذا، إذا قلنا: لا شك أنما تدعونني إليه إلى آخره ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة، زال الإشكال.
وعلى هذا فتكون ﴿جَرَمَ﴾ اسم ﴿لَا﴾، و﴿أَنَّمَا﴾. و(ما) دخلت عليه في تأويل مصدر خبر ﴿لَا﴾ وانتهى الموضوع، والمعنى يقول: لا شك، ولا ارتياب أن الذي تدعونني إليه ليس له دعوة.
وقوله: ﴿أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ مكتوبة عندي مربوطة؛ أي: ما مربوطة بـ(أن)، وحسب القواعد المعروفة أن تكون مفصولة؛ لأن المعنى لا جرم أن الذي تدعونني إليه، وإذا كانت (ما) موصولة فإنها تُفصَل عن (أن) كتابة، لكن رسم المصحف تمشى فيه العلماء على الرسم العثماني، احترامًا للقرآن أن يُغَيَّر؛ ولهذا تجدون (الصلاة) في المصحف مكتوبة بالواو، (والزكاة) بالواو، (والربا) بالواو، ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف ٥٦] بالتاء المفتوحة، كل هذا اتباعًا للرسم العثماني؛ احترامًا لكتاب الله أن يدخله التغيير.
وقد اختلف العلماء هل يُكتب القرآن حسب القواعد، وفي كل وقت بحسبه، أو على الرسم العثماني؟
فقيل: إنه يجوز أن يُكتب على القواعد في كل وقت بحسبه؛ لأن المقصود أن يُتلى كتاب الله على حسب ما نزل، لا على حسب ما كُتب، والقرآن نزل مكتوبًا أو نزل مقروءًا؟ مقروءًا، إذن الكتابة ما هي إلا اصطلاحات تخضع لأعراف الناس.
والقول الثاني: أنه لا يجوز أن يُغَيِّر أبدًا؛ سدًّا للباب، ومنعًا للتغيير، حتى لا يجرؤ أحد أن يُغَيِّر في كتاب الله عز وجل، وهذا لا شك أنه يرمي إلى قوة احترامنا للقرآن الكريم، والأول يرمي إلى قوة إيصال القرآن إلى الناس على وجه لا إشكال فيه.
والقول الثالث: أنك إن كتبته للدارسين المبتدئين، فلا بأس أن تكتبه حسب القواعد المعروفة؛ لأن الدارسين المبتدئين لا يعرفونه، وأما إذا كنت تريد أن تكتبه ليُقرَأ فهذا يُكتب على حسب الرسم العثماني، والظاهر أن هذا القول الْمُفصَّل أرجح الأقوال الثلاثة.
﴿لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ﴾ [غافر ٤٣] (أنَّ): حرف توكيد ينصب المبتدأ ويرفع الخبر، و(ما): اسمها، و﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ﴾: خبرها الجملة.
يقول: (﴿أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ لأعبده) ولكن هذا التفسير قاصر، ما الذي دعوه إليه؟ أن يكفر بالله ويشرك به، هم دعوه إلى أمرين، والمؤلف قصره على أمر واحد وهو عبادة غير الله، وهذا إشراك.
(﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ﴾ أي ليس له استجابة دعوة) والصواب أنه ليس له دعوة يُدعَى بها، ولا دعوة يجيبها، فمعنى: ﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ﴾ يعني لا يستحق أن يُدعى، وهو أيضًا لا يستجيب إذا دُعِي، كما قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا﴾ [فاطر ١٣، ١٤] فرضًا ﴿مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾ زد على ذلك أنكم تريدون أن ينفعوكم في الآخرة والأمر ليس كذلك ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ [فاطر ١٤]، وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [الأحقاف ٥] هذا الذي تدعوه لا يمكن أن يستجيب لك إلى يوم القيامة أبدًا.
﴿وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾ [الأحقاف ٥] ﴿هُمْ﴾: يجوز أن يكون المدعوون، ويجوز أن يكون الداعون، والهاء في ﴿دُعَائِهِمْ﴾ يجوز عودها لهذا، وهذا حسب الضمير السابق.
﴿وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ﴾ [الأحقاف ٦] وهو الوقت الذي يُريد هؤلاء الداعون أن ينتفعوا بالمدعوين ﴿وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾ [الأحقاف ٦]؛ لأن الله يقول: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ﴾ [البقرة ١٦٦] أي المودة والمحبة التي كانوا يُضمرونها لهم في الدنيا ﴿وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا﴾ [البقرة ١٦٧].
على كل حال ﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ﴾ [غافر ٤٣]. المؤلف يقول: (ليس له دعوة مستجابة) يعني لا يستجيب الدعوة، والصواب أن لها معنيين: لا يستجيب ولا يستحق؛ فهو لا يستحق أن يُدعى ولو دُعِي لم يستجب.
﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ﴾ [غافر ٤٣] نعم، لا يستطيع هذا، لا في الدنيا، ولا في الآخرة؛ فالأصنام لا تنفع عابديها لا في الدنيا ولا في الآخرة.
قال: ﴿وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ﴾ [غافر ٤٣] ذكَّرهم بالحساب رحمه الله وجزاه خيرًا.
﴿وَأَنَّ مَرَدَّنَا﴾ أي: مرجعنا ﴿إِلَى اللَّهِ﴾ عز وجل في الدنيا والآخرة ولَّا في الآخرة فقط؟ في الدنيا والآخرة. ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء ٥٩]، فالمرد هو الله في الدنيا وفي الآخرة.
﴿وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [غافر ٤٣] يعني: ولا جرم أيضًا أن المسرفين هم أصحاب النار، فهذه ثلاثة أشياء كلها جزم بها جزمًا:
أولًا: أن ما تدعون إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة، والثاني: أن مردنا إلى الله، والثالث: أن المسرفين هم أصحاب النار.
الْمُسرِف اسم فاعل من الإسراف، وهو تجاوز الحد، ويكون كُفرًا، ويكون دون الكُفْر، فالإنسان الذي يملأ بطنه من الطعام والشراب مُسْرِف، لكنه ليس بكافر؛ لأن الله قال: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف ٣١]. وكذلك الإسراف في اللباس وغيره لا يؤدي إلى الكفر، لكن الإسراف في عبادة الله بأن تتجاوز عبادة الله إلى عبادة غيره هذا هو الكفر، وهذا هو مراد هذا الرجل المؤمن ﴿وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [غافر ٤٣].
﴿هُمْ﴾ ضمير فصل، وقد سبق لنا أن ضمير الفصل من حيث الإعراب لا محل له من الإعراب، فلا يؤثر فيما قبله، ولا يؤثر فيه ما بعده، وسبق لنا أن لضمير الفصل فوائد: التوكيد، والحصر، وتمييز الخبر عن الصفة، وضربنا لذلك مثلًا.
* من فوائد هذه الآيات: إنكار هذا الرجل المؤمن على قومه بما يشهد العقل بصحته حيث قال: ﴿وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ [غافر ٤١]. وإذا كان العقل يدل على صحته فهو محل عجب، كل إنسان عاقل يعجب أن يكون هذا الشيء، رجل يدعو قومه إلى النجاة، ورجل يدعوهم إلى النار!
* ومن فوائد الآية الكريمة: مراعاة الحال في الخطاب، وجهه أنه قال: ﴿إِلَى النَّجَاةِ﴾ مع أنه يدعوهم إلى الجنة، لكن لما كانت دعوتهم إياه إلى الهلاك آثر أن يقول: إلى النجاة.
سؤال: هل يلزم من النجاة من النار دخول الجنة؟ يلزم، كيف اللزوم؟
* طالب: (...).
* الشيخ: وجه اللزوم، لو قال: واحد، ينجو من النار ويجد محلًّا ثانيًا، أين قاله الله؟ أين آية واحدة؟ هذه، لكن هذا أنجاه الله من النار، وتركه من ها الأرض.
* طالب: (...).
* الشيخ: لكن هذا ما زُحْزح وأُدخِل، لكن واحد زُحزِح عن النار وسكت الله عنه، ما هو بدليل، الدليل أنه ليس في الآخرة إلا داران، إما هذا أو هذا؛ ولذلك كان أصحاب الأعراف الذين يبقون بين الجنة والنار مآلهم إلى الجنة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن كل من أشرك بالله أو أنكره كفر به فليس له عِلْم في ذلك مهما كان، تُؤخَذ من: ﴿وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ﴾ [غافر ٤٢].
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الإشراك بالله كجحود الله، من أين؟
* طالب: (...).
* الشيخ: ويدل لذلك أيضًا قول الله تعالى في الحديث القدسي: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»[[أخرجه مسلم (٢٩٨٥/٤٦) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ]].
* ومن فوائد الآية الكريمة: تذكير هذا الرجل المؤمن هؤلاء بعزة الله ومغفرته ترغيبًا وترهيبًا؛ لقوله: ﴿وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ﴾ [غافر ٤٢] في أي الكلمتين يكون الترهيب؟ في قوله: ﴿الْعَزِيزِ﴾، والترغيب في قوله: ﴿الْغَفَّارِ﴾، والله أعلم.
* الطالب: ما يُذكر في القرآن من كلام أشخاص معينين كملكة سبأ ومؤمن آل فرعون هل يؤخذ بالمعنى أو باللفظ؟
* الشيخ: هذا سؤال مهم، يقول: ما ينقله الله عز وجل عن الأمم السابقة هل هو بالمعنى أو باللفظ؟
الجواب: بالمعنى لا شك، أولًا: لأن لغة هؤلاء ليست لغة عربية، وثانيًا: لو كان باللفظ لكان كلام البشر مُعجِزًا؛ لأن الإعجاز يحصل بالآية والآيتين والثلاثة، وهذا الرجل المؤمن كم تكلم من آية؟
* طالب: يمكن يا شيخ يشير لشيء معين، وهو أنها تأتي بلاغًا (...).
* الشيخ: إذن لأن الله هو الذي صاغه بنفسه، فنقله بالمعنى.
هذا يوصلنا إلى شيء؛ الحديث القدسي هل هو كلام الله بلفظه أو معناه؟
هذا -على كل حال- فيه خلاف؛ منهم من يقول: تكلم الله به لفظًا، ومنهم من يقول: تكلم به معنى، والصياغة من الرسول عليه الصلاة والسلام، ومنهم من يقول: قل: قال الله، ولا تقل لفظًا ولا معنى، ما دُمت في عافية فاسلك طريق العافية، لكن أحيانًا يُحرج الإنسان، يُقال: أعطني الفرق بين الحديث القدسي والقرآن؟ وأما إذا أمكن الإنسان السلامة فالسلامة خير، لكن يأتيك بعض الناس ويقول لك: أخبرني عن الفرق بين الحديث القدسي والقرآن؟ فالفرق هو هذا؛ أن الحديث القدسي ليس لفظ الله عز وجل؛ لأنه لو كان لفظ الله لكان معجزًا ولثبت له أحكام القرآن، بحيث لا يقرؤه جنب، ولا يُمَس إلا بطهارة، ولا أحد يقدر على تحريفه، وما أشبه ذلك، وهذا كله مُنتهٍ.
فإذا قال قائل: أليس الرسول يقول: قال الله؟ قلنا: بلى. أليس الله يقول: قال فرعون، قال موسى وما أشبه ذلك وهو بغير لغتهم؟ هذا لا يمنع.
ثم لو قلنا: إنه كلام الله باللفظ أشكل علينا إشكالًا عظيمًا، فإما أن يكون بواسطة جبريل، أو بغير واسطة، فإن كان بغير واسطة كان أعلى سندًا من القرآن؛ لأن القرآن بواسطة من؟
* طلبة: جبريل.
* الشيخ: وإن كان بغير واسطة، فأي إنسان يقول بغير واسطة فإننا ربما نخنقه أو نعطيه كفًّا على الرأس؛ لأن إذا جعله بواسطة، والرسول حذف الواسطة صار عندنا إشكال، ما هو؟ التدليس، والرسول ﷺ مُنَزَّه عن هذا، فعلى كل حال المسألة -كما قلت لكم- أحد يقول: إنه كلام الله لفظًا ومعنى، والثاني يقول: كلام الله معنى لا لفظًا، والثالث يسكت، يقول: نقول: قال الله ونسكت، وهذا إذا حصل للإنسان السلامة فهو أسلم، لكن كما قلت لكم أحيانًا يقول لك: لازم، أعطني الفَرْق بين القرآن والحديث القدسي، نقول: هذا الفرق، القرآن كلام الله لفظًا ومعنى، والحديث القدسي كلام الله معنًى لا لفظًا.
فإن قال قائل: وحينئذٍ نطالبكم بالفرق بين الحديث النبوي والقدسي؛ لأن الحديث النبوي كلام الرسول، نقول: هذا سهل، الفرق بينهما أن الحديث النبوي لا يضيفه الرسول إلى الله، والحديث القدسي يضيفه إلى الله، انتهى الإشكال في هذه المسألة، ثم اعلم أن هذه المقامات إذا حصلت السلامة فهي أسلم، ولكن إذا ابتُلِي الإنسان فلا بد أن يُفَصِّل.
ومن ذلك، وأنا أحب أن أستطرد؛ لأن معنا إخوانًا لم يدركوا ما نقوله في بعض المجالس؛ من ذلك مثلًا لفظ (الجسم)، الجسم تعلمون أن جميع الْمُعطِّلة بنوا تعطيلهم على مسألة الجسم، حيث ادعوا أنهم إذا أثبتوا الوجه أو اليد أو ما أشبه ذلك فإنه يقتضي أن يكون الله جسمًا، حتى الاستواء يقولون: إذا أثبتنا أن الله استوى فهو جسم، ونحن نقول لهم: ما هذا الجسم الذي جعلتموه دبُّوسًا معلقًا تخرقون به كل سياج لإثبات الصفات؟
إن أردتم أنه جسم مكون مخلوق يمكن انفصال بعضه عن بعض، وبانفصال بعضه ينقص وربما يهلك، فالله مُنَزَّه عن هذا ولا شك، ومن اعتقد هذا في ربه فهو كافر.
وإن أردتم بالجسم أنه ذو ذات يفعل ما يشاء، ويتكلم، ويجيء، وينزل، ويستوي، ويتصف بالصفات اللائقة به فهذا حق، لكن من جهة إثبات لفظ الجسم أو نفيه فهذا ممنوع، لا تقل إثباتًا: إن الله جسم، ولا نفيًا: إن الله ليس بجسم؛ لأنه لم يرد إثباته ولا نفيه.
فهذه مسائل ينبغي لطالب العِلم أن يفهمها، فمثلًا إذا جادلنا إنسان، ويقول: ما تقول في الجسم؟ أقول: أما باعتبار لفظه فالواجب الكف عنه إثباتًا أو نفيًا، أما من جهة معناه فنحن نستفصل.
* * *
* طالب: ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٤٤) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [غافر ٤٤ - ٤٦].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بقي فوائد فيما سبق وقفنا فيها على قوله: ﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً﴾ [غافر ٤٠] بعدها ﴿لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي﴾ [غافر ٤٣] إلى آخره.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن كل ما يُدعى من دون الله فليس له دعوة اسحقاقًا ولا استجابة؛ لقوله تعالى: ﴿لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ﴾ [غافر ٤٣].
* ومن فوائدها: أن هذه الأصنام لا تنفع عابديها سواء دعوها دعوة مسألة أو دعوة عبادة.
والفرق بين دعوة المسألة؛ أن المسألة يطلب فيها الإنسان حاجة ما، ودعاء العبادة يتعبد لله، وإنما كانت العبادة دعاء؛ لأن العابد يدعو بلسان حاله أن يُثاب على هذه العبادة، ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾ [غافر٦٠] فقال: ﴿ادْعُونِي﴾، ثم قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾ [غافر ٦٠] فدل هذا على أن الدعاء عبادة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات الرجوع إلى الله عز وجل، وأن مرد الأمور إليه في قوله: ﴿وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ﴾ [غافر ٤٣]، وهذه الآية لها نظائر، منها قوله تعالى: ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ [البقرة ٢١٠]، ومنها: ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾ [الغاشية ٢٥، ٢٦]، ومنها: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾ [الانشقاق ٦]، ومنها قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾ [النجم ٤٢]، والآيات في هذا المعنى كثيرة؛ أن مرجع الخلائق إلى ربها عز وجل.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تحريم الإسراف، وجه الدلالة؟ من أين نأخذ تحريم الإسراف من الآية؟
﴿وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [غافر ٤٣].
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الإسراف قد يصل إلى حد الكفر من الآية؛ قوله: ﴿هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ ومتى وجدتَ ﴿أَصْحَابُ النَّارِ﴾ الذين هم أهلها والذين هم مُخلَّدون فيها.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: قوة إيمان هذا الرجل، فقال: ﴿وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [غافر ٤٣].
* ومن فوائدها: استعمال التعريض.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، كيف ذلك؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: أحسنت؛ لأنه لا شك أنه أول ما يدخل في هذه الجملة هؤلاء، لكنه لم يشأ أن يتكلم بذلك صريحًا.
هل يمكن أن نقول: في هذه الآية إظهار في موضع الإضمار؟
* طالب: (...).
* الشيخ: ما ممكن أن نقول؟ وممكن أن نقول: هذا تورية، وعلى كل حال، فالإظهار في موضع الإضمار من أساليب اللغة العربية، وهو كثير في القرآن. وله فوائد، منها:
إرادة العموم: يعني ليعم الحكم، من استُعمل في حقه ومن لم يُستعمل.
ومنها بيان العلة التعليل؛ لأنه إذا جاء الوصف مُعلَّقًا عليه حكم من الأحكام دل ذلك على عِلِّيَّة هذا الوصف.
ومنها: التسجيل على هؤلاء الذين كان مقتضى السياق أن يذكروا بالضمير بما يقتضيه هذا الوصف، فهذه ثلاث فوائد: إرادة التعميم، بيان العلة، الحكم على هؤلاء بأنهم مستحقون لهذا الوصف.
{"ayahs_start":41,"ayahs":["۞ وَیَـٰقَوۡمِ مَا لِیۤ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلنَّجَوٰةِ وَتَدۡعُونَنِیۤ إِلَى ٱلنَّارِ","تَدۡعُونَنِی لِأَكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشۡرِكَ بِهِۦ مَا لَیۡسَ لِی بِهِۦ عِلۡمࣱ وَأَنَا۠ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡغَفَّـٰرِ","لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدۡعُونَنِیۤ إِلَیۡهِ لَیۡسَ لَهُۥ دَعۡوَةࣱ فِی ٱلدُّنۡیَا وَلَا فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَاۤ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡمُسۡرِفِینَ هُمۡ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِ"],"ayah":"۞ وَیَـٰقَوۡمِ مَا لِیۤ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلنَّجَوٰةِ وَتَدۡعُونَنِیۤ إِلَى ٱلنَّارِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق