الباحث القرآني

(p-٤١٨)قوله عزّ وجلّ: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إنْ هَذا إلا إفْكٌ افْتَراهُ وأعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاءُوا ظُلْمًا وزُورًا﴾ ﴿وَقالُوا أساطِيرُ الأوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهي تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وأصِيلا﴾ ﴿قُلْ أنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِرَّ في السَماواتِ والأرْضِ إنَّهُ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ المُرادُ بِـ ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قُرَيْشٌ، وذَلِكَ أنْ بَعْضَهم قالُوا: هَذا كَذِبٌ افْتَراهُ مُحَمَّدٌ، واخْتَلَفَ الناسُ في المُعِينِينَ لِمُحَمَّدٍ ﷺ -عَلى زَعْمِ قُرَيْشٍ - فَقالَ مُجاهِدٌ: أشارُوا إلى قَوْمٍ مِنَ اليَهُودِ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: أشارُوا إلى عَبِيدٍ كانُوا لِلْعَرَبِ مِنَ الفَرَسِ، أحَدُهم أبُو فَكِيهَةٍ مَوْلى الحَضْرَمِيِّينَ، وجَبْرٌ، ويَسارٌ، وعَدّاسٌ، وغَيْرُهم. ثُمْ أخْبَرَ اللهُ تَعالى عنهم أنَّهم ما جاؤُوا إلّا إثْمًا وزُورًا، أيْ: ما قالُوا إلّا بُهْتانًا وزُورًا. و"الزُورُ": تَحْسِينُ الباطِلِ، هَذا عُرْفُهُ، وأصْلُهُ التَحْسِينُ مُطْلَقًا، ومِنهُ قَوْلُ عَمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ: " فَأرَدْتُ أنْ أُقَدِّمْ بَيْنَ يَدَيْ أبِي بَكْرٍ مَقالَةً كُنْتُ زَوَّرْتُها". وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقالُوا أساطِيرُ الأوَّلِينَ﴾، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ قَوْلَ النَضْرِ بْنِ الحارِثِ، وذَلِكَ أنَّهم قالُوا: كُلُّ ما في القُرْآنِ مِن ذِكْرِ أساطِيرِ الأوَّلِينَ فَإنَّما هو بِسَبَبِ النَضِرِ بْنِ الحارِثِ المَشْهُورِ في ذَلِكَ. ثُمْ رَمَوْا مُحَمَّدًا ﷺ بِأنَّهُ اكْتَتَبَها. وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: "اكْتُتِبَها" بِضَمِّ التاءِ الأُولى وكَسْرِ الثانِيَةِ، عَلى مَعْنى: اكْتُتِبَتْ لَهُ، ذَكَرَها أبُو الفَتْحِ. وقَرَأ طَلْحَةُ: "تُتْلى" بِتاءٍ بَدَلَ المِيمِ. ثُمْ أمَرَ اللهُ تَعالى أنْ يَقُولَ: الَّذِي أنْزَلَهُ هو اللهُ الَّذِي يَعْلَمُ سِرَّ جَمِيعِ الأشْياءِ الَّتِي في السَماواتِ والأرْضِ، ثُمْ أعْلَمَ بِأنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِيُرْجِيَ كُلُّ سامِعٍ في عَفْوِهِ ورَحْمَتِهِ مَعَ التَوْبَةِ والإنابَةِ، والمَعْنى أنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ في إبْقائِهِ عَلى أهْلِ هَذِهِ المَقالاتِ والكَفْرِ لَعَلَّهم أنْ يُؤْمِنُوا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب