الباحث القرآني

ولَمّا تَبَيَّنَ تَناقُضُهم أوَّلًا في ادِّعائِهِمْ في القُرْآنِ ما هو واضِحُ المُنافاةِ لِوَصْفِهِ، وثانِيًا بِأنَّهُ أُعِينَ عَلَيْهِ بَعْدَ ما أشْعَرَتْ بِهِ صِيغَةُ الِافْتِعال مِنَ الِانْفِرادِ، أتْبَعَهُ تَعالى تَناقُضًا لَهم آخَرَ بِقَوْلِهِ مُعَجِّبًا: ﴿وقالُوا﴾ (p-٣٤٠)أيِ الكُفّارُ ﴿أساطِيرُ﴾ جَمْعُ إسْطارَةٍ وأُسْطُورَةٍ ﴿الأوَّلِينَ﴾ مِن نَحْوِ أحادِيثِ رُسْتُمَ وإسْفِنْدِيارَ، فَصَرَّحُوا أنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ ﴿اكْتَتَبَها﴾ أيْ تَطَلَّبَ كِتابَتَها لَهُ ﴿فَهِيَ﴾ أيْ فَتَسَبَّبَ عَنْ تَكَلُّفِهِ أنَّها ﴿تُمْلى﴾ أيْ تُلْقى مِن مُلْقٍ ما إلْقاءً جَيِّدًا مُتَجَدِّدًا مُسْتَمِرًّا ﴿عَلَيْهِ﴾ مِنَ الكِتابِ الَّذِي اكْتَتَبَها فِيهِ في أوْقاتِ الفَراغِ ﴿بُكْرَةً﴾ قُبَلَ أنْ يَنْتَشِرَ النّاسُ ﴿وأصِيلا﴾ أيْ وعَشِيًّا حِينَ يَأْوُونَ إلى مَساكِنِهِمْ، أوْ دائِمًا لِيَتَكَلَّفَ حِفْظَها بَعْدَ أنْ تَكَلَّفَ تَحْصِيلَها بِالِانْتِساخِ أنَّهُ أُمِّيٌّ، وهَذا كَما تَرى لا يَقُولُهُ مَن لَهُ مِسْكَةٌ في عَقْلٍ ولا مُرُوءَةٌ، فَإنَّ مِنَ المَعْلُومِ الَّذِي لا يَخْفى عَلى عاقِلٍ أنَّ إنْسانًا لَوْ لازَمَ شَيْئًا عَشَرَةَ أيّامٍ بُكْرَةً وعَشِيًّا لَمْ يَبْقَ مِمَّنْ يَعْرِفُهُ ويَطَّلِعُ عَلى أحْوالِهِ أحَدٌ حَتّى عَرَفَ ذَلِكَ مِنهُ، فَلَوْ أنْكَرَهُ بَعْدُ لافْتَضَحَ فَضِيحَةً لا يُغْسَلُ عَنْهُ عارُها أبَدًا، فَكَيْفَ والبَلَدُ صَغِيرٌ، والرَّجُلُ عَظِيمٌ شَهِيرٌ، وقَدِ ادَّعَوْا أنَّهُ مُصِرٌّ عَلى ذَلِكَ إلى حِينِ مَقالَتِهِمْ وبَعْدَها لا يَنْفَكُّ، وعَيَّرُوهُ بِأنَّهُ مُعْدِمٌ يَحْتاجُ إلى المَشْيِ في الأسْواقِ، وهو يَدْعُوهم إلى المُعارَضَةِ ولَوْ بِسُورَةٍ مِن مِثْلِهِ، وفِيهِمُ الكُتّابُ والشُّعَراءُ (p-٣٤١)والبُلَغاءُ والخُطَباءُ، وهو أكْثَرُ مِنهُ مالًا، وأعْظَمُ أعْوانًا، فَلا يَقْدِرُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب