الباحث القرآني
.
هَذا شُرُوعٌ في تَرْغِيبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ في كُلِّ عَمَلٍ صالِحٍ، وتَعْمِيمٌ لِلْوَعْدِ، ومَعْنى ﴿مَن عَمِلَ صالِحًا﴾ مَن عَمِلَ عَمَلًا صالِحًا أيَّ عَمَلٍ كانَ، وزِيادَةُ التَّمْيِيزِ بِذَكَرٍ ( أوْ أُنْثى ) مَعَ كَوْنِ لَفْظِ مَن شامِلًا لَهُما لِقَصْدِ التَّأْكِيدِ والمُبالَغَةِ في تَقْرِيرِ الوَعْدِ، وقِيلَ إنَّ لَفْظَ مَن ظاهِرٌ في الذُّكُورِ، فَكانَ في التَّنْصِيصِ عَلى الذَّكَرِ والأُنْثى بَيانٌ لِشُمُولِهِ لِلنَّوْعَيْنِ، وجُمْلَةُ ﴿وهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ، جَعَلَ سُبْحانَهُ الإيمانَ قَيْدًا في الجَزاءِ المَذْكُورِ لِأنَّ عَمَلَ الكافِرِ لا اعْتِدادَ بِهِ لِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وقَدِمْنا إلى ما عَمِلُوا مِن عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنثُورًا﴾ [الفرقان: ٢٣]، ثُمَّ ذَكَرَ الجَزاءَ لِمَن عَمِلَ ذَلِكَ العَمَلَ الصّالِحَ فَقالَ: ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً﴾ وقَدْ وقَعَ الخِلافُ في الحَياةِ الطَّيِّبَةِ بِماذا تَكُونُ ؟ فَقِيلَ بِالرِّزْقِ الحَلالِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وعَطاءٍ، والضَّحّاكِ.
وقِيلَ بِالقَناعَةِ، قالَهُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وزَيْدُ بْنُ وهْبٍ، ووَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ.
ورُوِيَ أيْضًا عَنْ عَلِيٍّ، وابْنِ عَبّاسٍ.
وقِيلَ بِالتَّوْفِيقِ إلى الطّاعَةِ قالَهُ الضَّحّاكُ.
وقِيلَ الحَياةُ الطَّيِّبَةُ هي حَياةُ الجَنَّةِ.
رُوِيَ عَنْ مُجاهِدٍ، وقَتادَةَ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ.
وحُكِيَ عَنِ الحَسَنِ أنَّهُ قالَ: لا تَطِيبُ الحَياةُ لِأحَدٍ إلّا في الجَنَّةِ، وقِيلَ الحَياةُ الطَّيِّبَةُ هي السَّعادَةُ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
وقِيلَ هي المَعْرِفَةُ بِاللَّهِ، حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ جَعْفَرٍ الصّادِقِ.
وقالَ أبُو بَكْرٍ الوَرّاقُ: هي حَلاوَةُ الطّاعَةِ.
وقالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ: هي أنْ يُنْزَعَ عَنِ العَبْدِ تَدْبِيرُ نَفْسِهِ ويُرَدُّ تَدْبِيرُهُ إلى الحَقِّ.
وقِيلَ هي الِاسْتِغْناءُ عَنِ الخَلْقِ والِافْتِقارُ إلى الحَقِّ، وأكْثَرُ المُفَسِّرِينَ عَلى أنَّ هَذِهِ الحَياةَ الطَّيِّبَةَ هي في الدُّنْيا لا في الآخِرَةِ، لِأنَّ حَياةَ الآخِرَةِ قَدْ ذُكِرَتْ بِقَوْلِهِ: ﴿ولَنَجْزِيَنَّهم أجْرَهم بِأحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ وقَدْ قَدَّمْنا قَرِيبًا تَفْسِيرَ الجَزاءِ بِالأحْسَنِ، ووَحَّدَ الضَّمِيرَ في ( لَنُحْيِيَنَّهُ ) وجَمَعَهُ في ولَنَجْزِيَنَّهم حَمْلًا عَلى لَفْظِ مَن، وعَلى مَعْناهُ.
ثُمَّ لَمّا ذَكَرَ سُبْحانَهُ العَمَلَ الصّالِحَ والجَزاءَ عَلَيْهِ أتْبَعَهُ بِذِكْرِ الِاسْتِعاذَةِ الَّتِي تَخْلُصُ بِها الأعْمالُ الصّالِحَةُ عَنِ الوَساوِسِ الشَّيْطانِيَّةِ فَقالَ: ﴿فَإذا قَرَأْتَ القُرْآنَ فاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ﴾ والفاءُ لِتَرْتِيبِ الِاسْتِعاذَةِ عَنِ العَمَلِ الصّالِحِ، وقِيلَ هَذِهِ الآيَةُ مُتَّصِلَةٌ بِقَوْلِهِ: ﴿ونَزَّلْنا عَلَيْكَ الكِتابَ تِبْيانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: ٨٩]، والتَّقْدِيرُ: فَإذا أخَذْتَ في قِراءَتِهِ فاسْتَعِذْ.
قالَ الزَّجّاجُ وغَيْرُهُ مِن أئِمَّةِ اللُّغَةِ: مَعْناهُ إذا أرَدْتَ أنْ تَقْرَأ القُرْآنَ فاسْتَعِذْ ولَيْسَ مَعْناهُ اسْتَعِذْ بَعْدَ أنْ تَقْرَأ القُرْآنَ، ومِثْلُهُ: إذا أكَلْتَ فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ.
قالَ الواحِدِيُّ: وهَذا إجْماعُ الفُقَهاءِ أنَّ الِاسْتِعاذَةَ قَبْلَ القِراءَةِ، إلّا ما رُوِيَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، وابْنِ سِيرِينَ، وداوُدَ، ومالِكٍ، وحَمْزَةَ مِنَ القُرّاءِ فَإنَّهم قالُوا: الِاسْتِعاذَةُ بَعْدَ القِراءَةِ، ذَهَبُوا إلى ظاهِرِ الآيَةِ، ومَعْنى فاسْتَعِذْ بِاللَّهِ: اسْألْهُ سُبْحانَهُ أنْ يُعِيذَكَ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ، أيْ: مِن وساوِسِهِ، وتَخْصِيصُ قِراءَةِ القُرْآنِ مِن بَيْنِ الأعْمالِ الصّالِحَةِ بِالِاسْتِعاذَةِ عِنْدَ إرادَتِها لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّها لِسائِرِ الأعْمالِ الصّالِحَةِ عِنْدَ إرادَتِها أهَمُّ؛ لِأنَّهُ إذا وقَعَ الأمْرُ بِها عِنْدَ قِراءَةِ القُرْآنِ الَّذِي لا يَأْتِيهِ الباطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مِن خَلْفِهِ كانَتْ عِنْدَ إرادَةِ غَيْرِهِ أوْلى، كَذا قِيلَ.
وتَوْجِيهُ الخِطابِ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِلْإشْعارِ بِأنَّ غَيْرَهُ أوْلى مِنهُ بِفِعْلِ الِاسْتِعاذَةِ؛ لِأنَّهُ إذا أُمِرَ بِها لِدَفْعِ وساوِسِ الشَّيْطانِ مَعَ عِصْمَتِهِ، فَكَيْفَ بِسائِرِ أُمَّتِهِ ؟ وقَدْ ذَهَبَ الجُمْهُورُ إلى أنَّ الأمْرَ في الآيَةِ لِلنَّدْبِ.
ورُوِيَ عَنْ عَطاءٍ الوُجُوبُ أخْذًا بِظاهِرِ الأمْرِ.
وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ في الِاسْتِعاذَةِ مُسْتَوْفًى في أوَّلِ هَذا التَّفْسِيرِ.
والضَّمِيرُ في ﴿إنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ﴾ لِلشَّأْنِ أوْ لِلشَّيْطانِ، أيْ: لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلى إغْواءِ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ وحَكى الواحِدِيُّ عَنْ جَمِيعِ المُفَسِّرِينَ أنَّهم فَسَّرُوا السُّلْطانَ بِالحُجَّةِ.
وقالُوا: المَعْنى لَيْسَ لَهُ حُجَّةٌ عَلى المُؤْمِنِينَ في إغْوائِهِمْ ودُعائِهِمْ إلى الضَّلالَةِ، ومَعْنى ﴿وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ يُفَوِّضُونَ أُمُورَهم إلَيْهِ في كُلِّ قَوْلٍ وفِعْلٍ، فَإنَّ الإيمانَ بِاللَّهِ والتَّوَكُّلَ عَلَيْهِ يَمْنَعانِ الشَّيْطانَ مِن وسْوَسَتِهِ لَهم، وإنْ وسْوَسَ لِأحَدٍ مِنهم لا تُؤَثِّرُ فِيهِ وسْوَسَتُهُ وهَذِهِ (p-٨٠٢)الجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِلْأمْرِ بِالِاسْتِعاذَةِ، وهَؤُلاءِ الجامِعُونَ بَيْنَ الإيمانِ والتَّوَكُّلِ هُمُ الَّذِينَ قالَ فِيهِمْ إبْلِيسُ: ﴿إلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخْلَصِينَ﴾ [الحجر: ٤٠]، وقالَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿إنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إلّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغاوِينَ﴾ [الحجر: ٤٢] .
ثُمَّ حَصَرَ سُبْحانَهُ سُلْطانَ الشَّيْطانِ، فَقالَ ﴿إنَّما سُلْطانُهُ﴾ أيْ تَسَلُّطُهُ عَلى الإغْواءِ ﴿عَلى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ﴾ أيْ يَتَّخِذُونَهُ ولِيًّا ويُطِيعُونَهُ في وساوِسِهِ ﴿والَّذِينَ هم بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ الضَّمِيرُ في بِهِ يَرْجِعُ إلى اللَّهِ تَعالى: أيِ الَّذِينَ هم بِاللَّهِ مُشْرِكُونَ، وقِيلَ يَرْجِعُ إلى الشَّيْطانِ، والمَعْنى: والَّذِينَ هم مِن أجْلِهِ وبِسَبَبِ وسْوَسَتِهِ مُشْرِكُونَ بِاللَّهِ.
﴿وإذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ﴾ هَذا شُرُوعٌ مِنهُ سُبْحانَهُ في حِكايَةٍ شِبْهُ كُفْرِيَّةٍ ودَفْعِها، ومَعْنى التَّبْدِيلِ: رَفْعُ الشَّيْءِ مَعَ وضْعِ غَيْرِهِ مَكانَهُ، وتَبْدِيلُ الآيَةِ رَفْعُها بِأُخْرى غَيْرِها، وهو نَسْخُها بِآيَةٍ سِواها.
وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ في النَّسْخِ في البَقَرَةِ قالُوا أيْ كُفّارُ قُرَيْشٍ الجاهِلُونَ لِلْحِكْمَةِ في النَّسْخِ إنَّما أنْتَ يا مُحَمَّدُ مُفْتَرٍ أيْ كاذِبٌ مُخْتَلِقٌ عَلى اللَّهِ مُتَقَوِّلٌ عَلَيْهِ بِما لَمْ يَقُلْ حَيْثُ تَزْعُمُ أنَّهُ أمَرَكَ بِشَيْءٍ، ثُمَّ تَزْعُمُ أنَّهُ أمَرَكَ بِخِلافِهِ، فَرَدَّ اللَّهُ سُبْحانَهُ عَلَيْهِمْ بِما يُفِيدُ جَهْلَهم فَقالَ: ﴿بَلْ أكْثَرُهم لا يَعْلَمُونَ﴾ شَيْئًا مِنَ العِلْمِ أصْلًا، أوْ لا يَعْلَمُونَ بِالحِكْمَةِ في النَّسْخِ، فَإنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلى المَصالِحِ الَّتِي يَعْلَمُها اللَّهُ سُبْحانَهُ، فَقَدْ يَكُونُ في شَرْعِ هَذا الشَّيْءِ مَصْلَحَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بِوَقْتٍ، ثُمَّ تَكُونُ المَصْلَحَةُ بَعْدَ ذَلِكَ الوَقْتِ في شَرْعِ غَيْرِهِ، ولَوِ انْكَشَفَ الغِطاءُ لِهَؤُلاءِ الكَفَرَةِ لَعَرَفُوا أنَّ ذَلِكَ وجْهُ الصَّوابِ ومَنهَجُ العَدْلِ والرِّفْقِ واللُّطْفِ.
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانَهُ لِهَؤُلاءِ المُعْتَرِضِينَ عَلى حِكْمَةِ النَّسْخِ الزّاعِمِينَ أنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِن عِنْدِ اللَّهِ، وأنَّ رَسُولَهُ ﷺ افْتَراهُ فَقالَ: قُلْ نَزَّلَهُ أيِ القُرْآنَ المَدْلُولَ عَلَيْهِ بِذِكْرِ الآيَةِ ﴿رُوحُ القُدُسِ﴾ أيْ جِبْرِيلُ، والقُدْسُ التَّطْهِيرُ، والمَعْنى: نَزَّلَهُ الرُّوحُ المُطَهَّرُ مِن أدْناسِ البَشَرِيَّةِ، فَهو مِن إضافَةِ مَوْصُوفٍ إلى الصِّفَةِ مِن رَبِّكَ أيِ ابْتِداءُ تَنْزِيلِهِ مِن عِنْدِهِ سُبْحانَهُ، وبِالحَقِّ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ: أيٌّ مُتَلَبِّسًا بِكَوْنِهِ حَقًّا ثابِتًا لِحِكْمَةٍ بالِغَةٍ ﴿لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ عَلى الإيمانِ، فَيَقُولُونَ: كُلٌّ مِنَ النّاسِخِ والمَنسُوخِ مِن عِنْدِ رَبِّنا، ولِأنَّهم أيْضًا إذا عَرَفُوا ما في النَّسْخِ مِنَ المَصالِحِ ثَبَتَتْ أقْدامُهم عَلى الإيمانِ ورَسَخَتْ عَقائِدُهم.
وقُرِئَ " لِيَثْبُتَ " مِنَ الإثْباتِ ﴿وهُدًى وبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ وهُما مَعْطُوفانِ عَلى مَحَلِّ لِيُثَبِّتَ، أيْ: تَثْبِيتًا لَهم وهِدايَةً وبِشارَةً، وفِيهِ تَعْرِيضٌ بِحُصُولِ أضْدادِ هَذِهِ الخِصالِ لِغَيْرِهِمْ.
ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحانَهُ شُبْهَةً أُخْرى مَن شُبَهِهِمْ فَقالَ: ﴿ولَقَدْ نَعْلَمُ أنَّهم يَقُولُونَ إنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ اللّامُ هي المُوَطِّئَةُ، أيْ: ولَقَدْ نَعْلَمُ أنَّ هَؤُلاءِ الكُفّارَ يَقُولُونَ إنَّما يُعَلِّمُ مُحَمَّدًا القُرْآنَ بَشَرٌ مِن بَنِي آدَمَ غَيْرُ مَلَكٍ.
وقَدِ اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في تَعْيِينِ هَذا البَشَرِ الَّذِي زَعَمُوا عَلَيْهِ ما زَعَمُوا، فَقِيلَ هو غُلامُ الفاكِهِ بْنِ المُغِيرَةِ، واسْمُهُ جَبْرٌ، وكانَ نَصْرانِيًّا فَأسْلَمَ، وكانَ كُفّارُ قُرَيْشٍ إذا سَمِعُوا مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أخْبارَ القُرُونِ الأُولى مَعَ كَوْنِهِ أُمِّيًّا، قالُوا: إنَّما يُعَلِّمُهُ جَبْرٌ.
وقِيلَ اسْمُهُ يَعِيشُ، عَبْدٌ لِبَنِي الحَضْرَمِيِّ، وكانَ يَقْرَأُ الكُتُبَ الأعْجَمِيَّةَ.
وقِيلَ غُلامٌ لِبَنِي عامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ.
وقِيلَ هُما غُلامانِ: اسْمُ أحَدِهِما يَسارٌ، واسْمُ الآخَرِ جَبْرٌ، وكانا صَيْقَلِيَّيْنِ يَعْمَلانِ السُّيُوفَ، وكانا يَقْرَآنِ كِتابًا لَهم، وقِيلَ كانا يَقْرَآنِ التَّوْراةَ والإنْجِيلَ.
وقِيلَ عَنَوْا سَلْمانَ الفارِسِيَّ، وقِيلَ عَنَوْا نَصْرانِيًّا بِمَكَّةَ اسْمُهُ بَلْعامُ، وكانَ يَقْرَأُ التَّوْراةَ.
وقِيلَ عَنَوْا رَجُلًا نَصْرانِيًّا كانَ اسْمُهُ أبا مَيْسَرَةَ يَتَكَلَّمُ بِالرُّومِيَّةِ، وفي رِوايَةٍ اسْمُهُ عَدّاسٌ.
قالَ النَّحّاسُ: وهَذِهِ الأقْوالُ غَيْرُ مُتَناقِضَةٍ؛ لِأنَّهُ يَجُوزُ أنَّهم زَعَمُوا أنَّهم جَمِيعًا يُعَلِّمُونَهُ، ولَكِنْ لا يُمْكِنُ الجَمْعُ بِاعْتِبارِ قَوْلِ مَن قالَ إنَّهُ سَلْمانُ، لِأنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَكِّيَّةٌ، وهو إنَّما أتى إلى النَّبِيِّ ﷺ بِالمَدِينَةِ.
ثُمَّ أجابَ سُبْحانَهُ عَنْ قَوْلِهِمْ هَذا فَقالَ: ﴿لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إلَيْهِ أعْجَمِيٌّ﴾ الإلْحادُ: المَيْلُ، يُقالُ لَحَدَ وألْحَدَ، أيْ: مالَ عَنِ القَصْدِ.
وقَدْ تَقَدَّمَ في الأعْرافِ، وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ ( يَلْحَدُونَ ) بِفَتْحِ الياءِ والحاءِ.
وقَرَأ مَن عَداهُما بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ الحاءِ، أيْ: لِسانُ الَّذِي يَمِيلُونَ إلَيْهِ ويَزْعُمُونَ أنَّهُ يُعَلِّمُكَ أعْجَمِيٌّ، يُقالُ: رَجُلٌ أعْجَمُ وامْرَأةٌ عَجْماءُ، أيْ: لا يُفْصِحانِ، والعُجْمَةُ الإخْفاءُ، وهي ضِدُّ البَيانِ، والعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ مَن لا يَعْرِفُ لُغَتَهم ولا يَتَكَلَّمُ بِها أعْجَمِيًّا.
قالَ الفَرّاءُ: الأعْجَمُ الَّذِي في لِسانِهِ عُجْمَةٌ وإنْ كانَ مِنَ العَرَبِ، والأعْجَمِيُّ: هو العَجَمِيُّ الَّذِي أصْلُهُ مِنَ العَجَمِ.
وقالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ: العَجَمِيُّ المَنسُوبُ إلى العَجَمِ الَّذِي لا يُفْصِحُ سَواءٌ كانَ مِنَ العَرَبِ أوْ مِنَ العَجَمِ، وكَذَلِكَ الأعْجَمُ، والأعْجَمِيُّ المَنسُوبُ إلى العَجَمِ وإنْ كانَ فَصِيحًا ﴿وهَذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ الإشارَةُ إلى القُرْآنِ، وسَمّاهُ لِسانًا لِأنَّ العَرَبَ تَقُولُ لِلْقَصِيدَةِ والبَيْتِ لِسانًا، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎لِسانَ الشَّرِّ تُهْدِيها إلَيْنا وخُنْتَ وما حَسِبْتُكَ أنْ تَخُونا
أوْ أرادَ بِاللِّسانِ البَلاغَةَ فَكَأنَّهُ قالَ: وهَذا القُرْآنُ ذُو بَلاغَةٍ عَرَبِيَّةٍ وبَيانٍ واضِحٍ، فَكَيْفَ تَزْعُمُونَ أنَّ بَشَرًا يُعَلِّمُهُ مِنَ العَجَمِ.
وقَدْ عَجَزْتُمْ أنْتُمْ عَنْ مُعارَضَةِ سُورَةٍ مِنهُ، وأنْتُمْ أهْلُ اللِّسانِ العَرَبِيِّ ورِجالُ الفَصاحَةِ وقادَةُ البَلاغَةِ وهاتانِ الجُمْلَتانِ مُسْتَأْنَفَتانِ سِيقَتا لِإبْطالِ طَعْنِهِمْ ودَفْعِ كَذِبِهِمْ.
ولَمّا ذَكَرَ سُبْحانَهُ جَوابَهم وبَّخَهم وهَدَّدَهم فَقالَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ﴾ أيْ لا يُصَدِّقُونَ بِها ﴿لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ﴾ إلى الحَقِّ الَّذِي هو سَبِيلُ النَّجاةِ هِدايَةً مُوَصِّلَةً إلى المَطْلُوبِ لِما عَلِمَ مِن شَقاوَتِهِمْ ﴿ولَهم في الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ بِسَبَبِ ما هم عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ والتَّكْذِيبِ بِآياتِ اللَّهِ.
ثُمَّ لَمّا وقَعَ مِنهم نِسْبَةُ الِافْتِراءِ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَدَّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّما يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ﴾ فَكَيْفَ يَقَعُ الِافْتِراءُ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وهو رَأْسُ المُؤْمِنِينَ بِها، والدّاعِينَ إلى الإيمانِ بِها، وهَؤُلاءِ الكُفّارُ هُمُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها، فَهُمُ المُفْتَرُونَ لِلْكَذِبِ.
قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى إنَّما يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ إذا رَأوُا الآياتِ الَّتِي لا يَقْدِرُ عَلَيْها إلّا اللَّهُ كَذَّبُوا بِها، هَؤُلاءِ أكْذَبُ الكَذَبَةِ، ثُمَّ سَمّاهُمُ الكاذِبِينَ، فَقالَ: أُولَئِكَ أيِ المُتَّصِفُونَ بِذَلِكَ هُمُ الكاذِبُونَ أيْ إنَّ (p-٨٠٣)الكَذِبَ نَعْتٌ لازِمٌ لَهم وعادَةٌ مِن عاداتِهِمْ فَهُمُ الكامِلُونَ في الكَذِبِ، إذْ لا كَذِبَ أعْظَمُ مِن تَكْذِيبِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ.
وقَدْ أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الحَياةِ الطَّيِّبَةِ المَذْكُورَةِ في الآيَةِ فَقالَ: الحَياةُ الطَّيِّبَةُ الرِّزْقُ الحَلالُ في هَذِهِ الحَياةِ الدُّنْيا، وإذا صارَ إلى رَبِّهِ جازاهُ بِأحْسَنِ ما كانَ يَعْمَلُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ قالَ: الكَسْبُ الطَّيِّبُ والعَمَلُ الصّالِحُ.
وأخْرَجَ العَسْكَرِيُّ في الأمْثالِ عَنْ عَلِيٍّ في الآيَةِ قالَ: القَناعَةُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: القُنُوعُ، قالَ: وكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْعُو «اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِما رَزَقَتْنِي وبارِكْ لِي فِيهِ، واخْلُفْ عَلَيَّ كُلَّ غائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ» .
وأخْرَجَ أحْمَدُ، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ ماجَهْ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «قَدْ أفْلَحَ مَن أسْلَمَ، ورُزِقَ كَفافًا وقَنَّعَهُ اللَّهُ بِما آتاهُ» .
وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ مِن حَدِيثِ فَضالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «قَدْ أفْلَحَ مَن هُدِيَ إلى الإسْلامِ، وكانَ عَيْشُهُ كَفافًا وقَنِعَ بِهِ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في المُصَنَّفِ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عَطاءٍ قالَ: الِاسْتِعاذَةُ واجِبَةٌ لِكُلِّ قِراءَةٍ في الصَّلاةِ وغَيْرِها مِن أجْلِ قَوْلِهِ: ﴿فَإذا قَرَأْتَ القُرْآنَ فاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ﴾ وقَدْ ورَدَ في مَشْرُوعِيَّةِ الِاسْتِعاذَةِ عِنْدَ التِّلاوَةِ ما لَعَلَّنا قَدْ قَدَّمْنا ذِكْرَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّما سُلْطانُهُ عَلى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ﴾ يَقُولُ سُلْطانُ الشَّيْطانِ عَلى مَن تَوَلّى الشَّيْطانَ وعَمِلَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ.
وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في ناسِخِهِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ﴾ وقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ إنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِن بَعْدِ ما فُتِنُوا﴾ قالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أبِي سَرْحٍ كانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأزَلَّهُ الشَّيْطانُ فَلَحِقَ بِالكُفّارِ، فَأمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ أنْ يُقْتَلَ يَوْمَ الفَتْحِ، فاسْتَجارَ لَهُ عُثْمانُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأجارَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ﴾ قالَ: هو كَقَوْلِهِ: ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نُنْسِها﴾ [البقرة: ١٠٦] .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ قالَ السُّيُوطِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُعَلِّمُ بِمَكَّةَ قَيِّنًا اسْمُهُ بَلْعامُ، وكانَ أعْجَمِيًّا، فَكانَ المُشْرِكُونَ يَرَوْنَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَدْخُلُ عَلَيْهِ ويَخْرُجُ مِن عِنْدِهِ، فَقالُوا: إنَّما يُعَلِّمُهُ بَلْعامُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿ولَقَدْ نَعْلَمُ أنَّهم يَقُولُونَ﴾» الآيَةَ.
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ عَنْهُ في الآيَةِ، قالَ: قالُوا إنَّما يُعَلِّمُ مُحَمَّدًا عَبْدُ ابْنِ الحَضْرَمِيِّ وهو صاحِبُ الكُتُبِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ.
وأخْرَجَ آدَمُ بْنُ أبِي إياسٍ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الحَضْرَمِيِّ قالَ: كانَ لَنا عَبْدانِ مِن أهْلِ عَيْنِ التَّمْرِ، يُقالُ لِأحَدِهِما يَسارٌ والآخَرُ جَبْرٌ، وكانا يَصْنَعانِ السُّيُوفَ بِمَكَّةَ، وكانا يَقْرَآنِ الإنْجِيلَ، فَرُبَّما مَرَّ بِهِما النَّبِيُّ ﷺ وهُما يَقْرَآنِ فَيَقِفُ ويَسْتَمِعُ، فَقالَ المُشْرِكُونَ: إنَّما يَتَعَلَّمُ مِنهُما، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
{"ayahs_start":97,"ayahs":["مَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحࣰا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَلَنُحۡیِیَنَّهُۥ حَیَوٰةࣰ طَیِّبَةࣰۖ وَلَنَجۡزِیَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","فَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ ٱلرَّجِیمِ","إِنَّهُۥ لَیۡسَ لَهُۥ سُلۡطَـٰنٌ عَلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ یَتَوَكَّلُونَ","إِنَّمَا سُلۡطَـٰنُهُۥ عَلَى ٱلَّذِینَ یَتَوَلَّوۡنَهُۥ وَٱلَّذِینَ هُم بِهِۦ مُشۡرِكُونَ","وَإِذَا بَدَّلۡنَاۤ ءَایَةࣰ مَّكَانَ ءَایَةࣲ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا یُنَزِّلُ قَالُوۤا۟ إِنَّمَاۤ أَنتَ مُفۡتَرِۭۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ","قُلۡ نَزَّلَهُۥ رُوحُ ٱلۡقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلۡحَقِّ لِیُثَبِّتَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَهُدࣰى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِینَ","وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ یَقُولُونَ إِنَّمَا یُعَلِّمُهُۥ بَشَرࣱۗ لِّسَانُ ٱلَّذِی یُلۡحِدُونَ إِلَیۡهِ أَعۡجَمِیࣱّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِیࣱّ مُّبِینٌ","إِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ لَا یَهۡدِیهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ","إِنَّمَا یَفۡتَرِی ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡكَـٰذِبُونَ"],"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ لَا یَهۡدِیهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق