الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿إنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهِ ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ ﴿إنَّما يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وأُولَئِكَ هُمُ الكاذِبُونَ﴾ ﴿مَن كَفَرَ بِاللهِ مَن بَعْدِ إيمانِهِ إلا مَن أُكْرِهَ وقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمانِ ولَكِنْ مَن شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مَن اللهِ ولَهم عَذابٌ عَظِيمٌ﴾
المَفْهُومُ مِنَ الوُجُودِ أنَّ الَّذِينَ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِهِ، ولَكِنَّهُ قَدَّمَ في هَذا التَرْتِيبِ وأخَّرَ تَهَمُّمًا بِتَقْبِيحِ فِعْلِهِمْ والتَشْنِيعِ لِخِطابِهِمْ، وذَلِكَ كَقَوْلِهِ: ﴿فَلَمّا زاغُوا أزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف: ٥]، والمُرادُ ما ذَكَرْناهُ فَكَأنَّهُ قالَ: إنَّ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا لَمْ يَهْدِهِمُ اللهُ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما يَفْتَرِي الكَذِبَ﴾ بِمَعْنى: إنَّما يَكْذِبُ، وهَذِهِ مُقاوَمَةٌ لِلَّذِينِ قالُوا لِمُحَمَّدٍ ﷺ: "إنَّما أنْتَ مُفْتَرٍ"، و"إنَّما" حاصِرَةٌ أبَدًا، لَكِنَّ حَصْرَها يَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ المَعانِي الَّتِي تَقَعُ فِيها، فَقَدْ يَرْبُطُ المَعْنى أنْ يَكُونَ حَصْرُها حَقِيقِيًّا، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّما اللهُ إلَهٌ واحِدٌ﴾ [النساء: ١٧١]، وقَدْ يَقْتَضِي المَعْنى أنْ يَكُونَ حَصْرُها تَجُوُّزًا ومُبالَغَةً، كَقَوْلِكَ: (p-٤١١)"إنَّما الشُجاعُ عنتَرَةُ"، وهَكَذا هي في هَذِهِ الآيَةِ، قالَ الزَجّاجُ: يَفْتَرِي هَذا الصِنْفُ لَأنَّهم إذا رَأوُا الآياتِ الَّتِي لا يَقْدِرُ عَلَيْها إلّا اللهُ، كَذَّبُوا بِها، فَهَذا أفْحَشُ الكَذِبِ. وكَرَّرَ المَعْنى في قَوْلِهِ: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الكاذِبُونَ﴾ لِفائِدَةِ إيقاعِ الصِفَةِ بِالكَذِبِ عَلَيْهِمْ، إذِ الصِفَةُ بِالشَيْءِ أبْلَغُ مِنَ الخَبَرِ بِهِ؛ لَأنَّ الصِفَةَ تَقْتَضِي الدَوامَ أكْثَرَ مِمّا يَقْتَضِيهِ الخَبَرُ، فَبَدَأ في هَذِهِ الآيَةِ بِالخَبَرِ ثُمَّ أكَّدَ بِالصِفَةِ، وقَدِ اعْتَرَضَ هَذا النَظَرَ مَكِّيٌّ، ولَيْسَ اعْتِراضُهُ بِالقَوِيِّ. و"مَن" في قَوْلِهِ: ﴿مَن كَفَرَ﴾ بَدَلٌ مِن قَوْلِهِ: "الكاذِبُونَ"، ولَمْ يُجِزِ الزَجّاجُ غَيْرَ هَذا الوَجْهِ؛ لَأنَّهُ رَأى الكَلامَ إلى آخَرَ الِاسْتِثْناءِ غَيْرَ تامٍّ، فَعَلَّقَهُ بِما قَبْلَهُ، والَّذِي أبى الزَجّاجُ سائِغٌ عَلى ما أُورِدُهُ الآنَ إنْ شاءَ اللهُ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وهَذا يَتَأيَّدُ بِما رُوِيَ مِن أنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الكاذِبُونَ﴾ يُرادُ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أبِي سَرْحٍ، ومَقِيسُ بْنُ صَبابَةَ وأشْباهُهُما مِمَّنْ كانَ آمَنَ بِرَسُولِ اللهِ ثُمَّ ارْتَدَّ، فَلَمّا بَيَّنَ في هَذِهِ الآيَةِ أمْرَ الكاذِبِينَ بِأنَّهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ الإيمانِ أخْرَجَ مِن هَذِهِ الصِفَةِ القَوْمَ المُؤْمِنِينَ المُعَذَّبِينَ بِمَكَّةَ، وهم بِلالٌ وعَمّارٌ وسُمَيَّةُ أُمُّهُ وخَبّابٌ وصُهَيْبٌ وأشْباهُهُمْ، وذَلِكَ أنَّ كُفّارَ مَكَّةَ كانُوا في صَدْرِ الإسْلامِ يُؤْذُونَ مِن أسْلَمَ مِن هَؤُلاءِ لِضَعْفِهِ، ويُعَذِّبُونَهم لِيَرْتَدُوا، فَرُبَّما سامَحَهم بَعْضُهم بِما أرادُوا مِنَ القَوْلِ، رُوِيَ أنَّ عَمّارَ بْنَ ياسِرٍ فَعَلَ ذَلِكَ فاسْتَثْناهُ اللهُ في هَذِهِ الآيَةِ، وبَقِيَتِ الرُخْصَةُ عامَّةٌ في الأمْرِ بَعْدَهُ. ثُمَّ ابْتَدَأ الإخْبارَ بِأنَّ مِن شَرْح صَدْرًا بِالكُفْرِ فَعَلَيْهِمْ، وهَذا الضَمِيرُ عَلى مَعْنى "مَن" لا عَلى لَفْظِها.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وفِي هَذا مِنَ الِاعْتِراضِ أنَّ أمْرَ ابْنُ أبِي سَرْحٍ وأُولَئِكَ إنَّما كانَ ورَسُولَ اللهِ ﷺ بِالمَدِينَةِ، والظاهِرُ مِن هَذِهِ الآيَةِ أنَّها مَكِّيَّةٌ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: "مَن" في قَوْلِهِ: ﴿مَن كَفَرَ﴾ ابْتِداءٌ، وقَوْلُهُ: ﴿مَن شَرَحَ﴾ تَخْصِيصٌ مِنهُ، ودَخَلَ الِاسْتِثْناءُ لِما ذَكَرْنا مِن إخْراجِ عَمّارٍ وشَبَهِهِ، ودَنا مِنَ الِاسْتِثْناءِ الأوَّلِ الِاسْتِدْراكُ بِلَكِنْ. وقَوْلُهُ: "فَعَلَيْهِمْ" خَبَرٌ عن "مَنِ" الأولى والثانِيَةِ؛ إذْ هو واحِدٌ بِالمَعْنى؛ لَأنَّ الإخْبارَ في قَوْلِهِ إنَّما قَصَدَ بِهِ الصِنْفَ الشارِحَ بِالكُفْرِ، فَـ "صَدْرًا" نُصِبَ عَلى التَمْيِيزِ، وقَوْلُهُ: ﴿شَرَحَ بِالكُفْرِ (p-٤١٢)صَدْرًا﴾ مَعْناهُ: انْبَسَطَ إلى الكُفْرِ بِاخْتِيارِهِ، ويُرْوى «أنَّ عَمّارَ بْنَ ياسِرٍ شَكا إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ ما صُنِعَ بِهِ مِنَ العَذابِ، وما سامَعَ بِهِ مِنَ القَوْلِ، فَقالَ لَهُ: "كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟" قالَ: أجِدُهُ مُطْمَئِنًّا بِالإيمانِ، قالَ: "فَأجِبْهم بِلِسانِكَ فَإنَّهُ لا يَضُرُّكَ، وإنْ عادُوا فَعُدْ"،» ويَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الآيَةِ شَيْءٌ مِن مَسائِلِ الإكْراهِ، أمّا مَن عَذَّبَهُ كافِرٌ قادِرٌ عَلَيْهِ لِيَكْفُرَ بِلِسانِهِ، وكانَ العَذابُ يُؤَدِّي إلى قَتْلِهِ فَلَهُ الإجابَةُ بِاللِسانِ قَوْلًا واحِدًا فِيما أحْفَظُ، فَإنْ أرادَ مِنهُ الإجابَةَ بِفِعْلٍ كالسُجُودِ إلى صَنَمٍ ونَحْوَ ذَلِكَ فَفي هَذا اخْتِلافٌ فَقالَتْ فِرْقَةٌ هي الجُمْهُورُ: يُجِيبُ بِحَسْبِ التَقِيَّةِ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: لا يُجِيبُ، ويُسَلِّمُ نَفْسَهُ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: إنْ كانَ الصَنَمُ نَحْوَ القِبْلَةِ أجابَ، واعْتَقَدَ السُجُودَ لِلَّهِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وما أحَراهُ أنْ يَسْجُدَ لِلَّهِ حِينَئِذٍ حَيْثُما تَوَجَّهَ، وهَذا مُباحٌ في السَفَرِ لِتَعَبِ النُزُولِ عَنِ الدابَّةِ في التَنَقُّلِ، فَكَيْفَ لِهَذا؟ واحْتَجَّتْ فِرْقَةٌ عَلى التَفْرِيقِ في المَنعِ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "ما مِن كَلامٍ يَدْرَأُ عَنِّي سَوْطَيْنِ مِن ذِي سُلْطانٍ إلّا كُنْتُ مُتَكَلِّمًا بِهِ"، فَقَصَرَ الرُخْصَةَ عَلى القَوْلِ دُونَ الفِعْلِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
ولَيْسَ هَذا بِحُجَّةٍ، لَأنَّهُ يُحْتَمَلُ أنْ جَعَلَ الكَلامَ مِثالًا وهو يُرِيدُ أنَّ الفِعْلَ في حُكْمِهِ، (p-٤١٣)وَأمّا الإكْراهُ في البَيْعِ والطَلاقِ والعِتْقِ والفِطْرِ في رَمَضانَ وشُرْبِ الخَمْرِ ونَحْوَ هَذا مِنَ المَعاصِي الَّتِي بَيْنَ العَبْدِ واللهِ تَبارَكَ وتَعالى فَلا يَلْزَمُ المُكْرَهَ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ، قالَهُ مُطَرِّفٌ، ورَواهُ عن مالِكٍ، وقالَهُ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ وأصْبَغُ، ورَوَياهُ عَنِ ابْنِ القاسِمِ عن مالِكٍ، وفَرَّقَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما بَيْنَ ما مِنها قَوْلٌ كالعِتْقِ والطَلاقِ فَجَعَلَ فِيها التَقِيَّةَ، وقالَ: لا تَقِيَّةَ فِيما كانَ فِعْلًا كَشُرْبِ الخَمْرِ والفِطَرِ في رَمَضانَ، ولا يَحِلُّ فِعْلُها لِمُكْرَهٍ، وأمّا المَظْلُومُ فَيَضْغَطُ حَتّى يَبِيعَ مَتاعَهُ، فَذَلِكَ بَيْعٌ لا يَجُوزُ عَلَيْهِ، وهو أولى بِمَتاعِهِ يَأْخُذُهُ بِلا ثَمَنٍ، ويَبِيعُ المُشْتَرِي بِالثَمَنِ ذَلِكَ الظالِمَ، فَإنْ فاتَ المَتاعُ رَجَعَ بِثَمَنِهِ أو بِقِيمَتِهِ -بِالأكْثَرِ مِن ذَلِكَ- عَلى الظالِمِ إذا كانَ المُشْتَرِي غَيْرَ عالِمٍ بِظُلْمِهِ، قالَ مُطَرِّفٌ: ومَن كانَ مِنَ المُشْتَرِينَ يَعْلَمُ حالَ المُكْرَهِ فَإنَّهُ ضامِنٌ لِما ابْتاعَ مِن رَقِيقِهِ وعُرُوضِهِ كالغاصِبِ، وأمّا مَن لا يَعْلَمُ فَلا يَضْمَنُ العُرُوضَ والحَيَوانَ، وإنَّما يَضْمَنُ ما كانَ تَلَفُهُ بِسَبَبِهِ، مِثْلَ طَعامٍ أكْلَهُ، أو ثَوْبِ لَبِسَهُ، والغَلَّةُ -إذا عَلِمَ أو لَمْ يَعْلَمْ- لَيْسَتْ لَهُ بِحالٍ، هو لَها ضامِنٌ كالغاصِبِ، وقالَهُ أصْبَغُ وابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ: قالَ مُطَرِّفٌ: وكُلُّ ما أحْدَثَ المُبْتاعُ في ذَلِكَ مِن عِتْقٍ أو تَدْبِيرٍ أو تَحْبِيسٍ فَلا يَلْزَمُ المُكْرَهُ، ولَهُ أخْذُ مَتاعِهِ. وأمّا الإكْراهُ عَلى قَتْلِ مُسْلِمٍ أو جَلْدِهِ وأخْذِ مالِهِ أو بَيْعِ مَتاعِهِ فَلا عُذْرَ فِيهِ، ولا اسْتِكْراهَ في رُكُوبِ مَعْصِيَةٍ تُنْتَهَكُ مِن أحَدٍ كالزِنى والقَتْلِ أو نَحْوَهُ، قالَ مُطَرِّفٌ، وأصْبَغُ، وابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ: لا يَفْعَلُ أحَدٌ ذَلِكَ وإنْ قُتِلَ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ، فَإنْ فَعَلَ فَهو آثِمٌ ويَلْزَمُهُ الحَدُّ والقَوَدُ، وقالَ مالِكٌ: القَيْدُ إكْراهٌ، والسَجْنُ إكْراهٌ، والوَعِيدُ المُخَوِّفُ إكْراهٌ وإنْ لَمْ يَقَعْ إذا تَحَقَّقَ ظُلْمُ ذَلِكَ المُتَعَدِّي وإنْفاذُهُ لِما يَتَوَعَّدُ، ويَعْتَبِرُ الإكْراهَ عِنْدِي بِحَسْبَ هِمَّةِ المُكْرَهِ وقَدْرِهِ في الدِينِ، وبِحَسْبِ قَدْرِ الشَيْءِ الَّذِي يُكْرَهُ عَلَيْهِ، فَقَدْ يَكُونُ الضَرْبُ إكْراهًا في شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ، فَلِهَذِهِ النَوازِلِ فَقْهُ الحالِ، وأمّا يَمِينُ المُكْرَهِ كَما قُلْنا فَهي غَيْرُ لازِمَةٍ، قالَ ابْنُ الماجَشُونُ: وسَواءٌ حَلَفَ فِيما هو لِلَّهِ تَبارَكَ وتَعالى طاعَةٌ أو مَعْصِيَةٌ إذا أُكْرِهَ عَلى اليَمِينِ، قالَهُ أصْبَغُ، وقالَ مُطَرِّفٌ: إنْ أُكْرِهَ عَلى اليَمِينِ فِيما هو لِلَّهِ تَعالى مَعْصِيَةٌ أو فِيما لَيْسَ في فِعْلِهِ طاعَةٌ ولا مَعْصِيَةٌ فاليَمِينُ فِيهِ ساقِطَةٌ، إنْ أُكْرِهْ عَلى اليَمِينِ فِيما هو طاعَةٌ مِثْلَ أنْ يَأْخُذَ الوالِي رَجُلًا فاسِقًا فَيُكْرِهُهُ أنْ يَحْلِفَ بِالطَلاقِ أنْ لا يَشْرَبَ خَمْرًا، أو لا يَفْسُقُ، أو لا يَغُشُّ في عَمَلِهِ، أوِ الوالِدُ يُحَلِّفُ ولَدَهُ في مِثْلِ هَذا تَأْدِيبًا لَهُ فَإنَّ اليَمِينَ تَلْزَمُ وإنْ كانَ المُكْرَهُ قَدْ أخْطَأ فِيما تَكَلَّفَ مِن ذَلِكَ، وقالَ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ. وأمّا إنْ أُكْرِهَ (p-٤١٤)رَجُلٌ عَلى أنْ يَحْلِفَ وإلّا أُخِذَ لَهُ مالٌ -كَأصْحابِ المَكْسِ، وظَلَمَةِ السُعاةِ، وأهْلِ الِاعْتِداءِ- فَقالَ مُطَرِّفٌ: لا تَقِيَّةَ في ذَلِكَ، وإنَّما يَدْرَأُ المَرْءُ بِيَمِينِهِ عن بَدَنِهِ لا عن مالِهِ، وقالَ ابْنُ الماجَشُونُ: لا يَحْنَثُ وإنْ دَرَأ عن مالِهِ ولَمْ يَخَفْ عَلى بَدَنِهِ. وقالَ ابْنُ القاسِمِ: بِقَوْلِ مُطَرِّفٍ، ورَواهُ عن مالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ، وقالَهُ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ، وأصْبَغُ، وابْنُ حَبِيبٍ. قالَ مُطَرِّفٌ، وابْنُ الماجَشُونُ: وإنْ بَدْرَ الحالِفُ بِيَمِينِهِ لِلْوالِي الظالِمِ قَبْلَ أنْ يَسْألَهُ لِيَذُبَّ بِها عَمّا خافَ عَلَيْهِ مِن بَدَنِهِ ومالِهِ فَحَلَفَ لَهُ فَإنَّها تَلْزَمُهُ، قالَهُ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ وأصْبَغُ، وقالَ أيْضًا ابْنُ الماجَشُونُ فِيمَن أخَذَهُ ظالِمٌ فَحَلَفَ لَهُ بِالطَلاقِ البَتَّةَ مِن غَيْرِ أنْ يُحَلِّفَهُ وتَرَكَهُ وهو كاذِبٌ، وإنَّما حَلَفَ خَوْفًا مِن ضَرْبِهِ وقَتْلِهِ أو أخْذِ مالِهِ، فَإنْ كانَ إنَّما يَتَبَرَّعُ بِاليَمِينِ غَلَبَةَ خَوْفٍ ورَجاءَ النَجاةِ مِن ظُلْمِهِ فَقَدْ دَخَلَ في الإكْراهِ ولا شَيْءَ عَلَيْهِ، وإنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلى رَجاءِ النَجاةِ فَهو حانِثٌ، وإذا اتَّهَمَ الوالِي أحَدًا بِفِعْلِ أمْرٍ فَقالَ لَهُ: لا بُدَّ مِن عُقُوبَتِكَ إلّا أنْ تَحْلِفَ لِي، فَإنْ كانَ ذَلِكَ الأمْرُ مِمّا لِذَلِكَ المُكْرَهِ فِعْلُهُ -إمّا أنْ يَكُونَ طاعَةً، وإمّا أنْ يَكُونَ لا طاعَةَ ولا مَعْصِيَةَ- فالتَقِيَّةُ في هَذا، وأمّا إنْ كانَ الأمْرُ مِمّا لا يَحِلُّ لَهُ فِعْلُهُ ويَكُونُ حَظْرَ الوالِي فِيهِ صَوابًا فَلا تَقِيَّةَ في اليَمِينِ، وهو حانِثٌ، قالَهُ مالِكٌ، وابْنُ الماجَشُونُ. فَهَذِهِ نُبْذَةٌ مِن مَسائِلِ الإكْراهِ.
{"ayahs_start":104,"ayahs":["إِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ لَا یَهۡدِیهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ","إِنَّمَا یَفۡتَرِی ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡكَـٰذِبُونَ","مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِهِۦۤ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَىِٕنُّۢ بِٱلۡإِیمَـٰنِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرࣰا فَعَلَیۡهِمۡ غَضَبࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"],"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ لَا یَهۡدِیهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق