الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ إنْ أتاكم عَذابُهُ﴾ هَذا مِنهُ سُبْحانَهُ تَزْيِيفٌ لِرَأْيِ الكُفّارِ في اسْتِعْجالِ العَذابِ بَعْدَ التَّزْيِيفِ الأوَّلِ: أيْ أخْبِرُونِي إنْ أتاكم عَذابُ اللَّهِ بَياتًا أيْ وقْتَ بَياتٍ، والمُرادُ بِهِ الوَقْتُ الَّذِي يَبِيتُونَ فِيهِ ويَنامُونَ ويَغْفُلُونَ عَنِ التَّحَرُّزِ، والبَياتُ بِمَعْنى التَّبْيِيتِ اسْمُ مَصْدَرٍ كالسَّلامِ بِمَعْنى التَّسْلِيمِ، وهو مُنْتَصِبٌ عَلى الظَّرْفِيَّةِ، وكَذَلِكَ ( نَهارًا ) أيْ: وقْتَ الِاشْتِغالِ بِطَلَبِ المَعاشِ والكَسْبِ، والضَّمِيرُ في ( مِنهُ ) راجِعٌ إلى العَذابِ، وقِيلَ: راجِعٌ إلى اللَّهِ، والِاسْتِفْهامُ في ﴿ماذا يَسْتَعْجِلُ مِنهُ المُجْرِمُونَ﴾ لِلْإنْكارِ المُتَضَمِّنِ لِلنَّهْيِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿أتى أمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل: ١] ووَجْهُ الإنْكارِ عَلَيْهِمْ في اسْتِعْجالِهِمْ أنَّ العَذابَ مَكْرُوهٌ تَنْفِرُ مِنهُ القُلُوبُ وتَأْباهُ الطَّبائِعُ فَما المُقْتَضى لِاسْتِعْجالِهِمْ لَهُ ؟ والجُمْلَةُ المُصَدَّرَةُ بِالِاسْتِفْهامِ جَوابُ الشَّرْطِ بِحَذْفِ الفاءِ، وقِيلَ: إنَّ الجَوابَ مَحْذُوفٌ، والمَعْنى: تَنْدَمُوا عَلى الِاسْتِعْجالِ، أوْ تَعْرِفُوا الخَطَأ مِنكم فِيهِ، وقِيلَ: إنَّ الجَوابَ قَوْلُهُ: ﴿أثُمَّ إذا ما وقَعَ﴾ وتَكُونُ جُمْلَةُ ﴿ماذا يَسْتَعْجِلُ مِنهُ المُجْرِمُونَ﴾ اعْتِراضًا، والمَعْنى: إنْ أتاكم عَذابُهُ آمَنتُمْ بِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ حِينَ لا يَنْفَعُكُمُ الإيمانُ، والأوَّلُ أوْلى.
وإنَّما قالَ ( يَسْتَعْجِلُ مِنهُ المُجْرِمُونَ )، ولَمْ يَقُلْ يَسْتَعْجِلُونَ مِنهُ؛ لِلدَّلالَةِ عَلى ما يُوجِبُ تَرْكَ الِاسْتِعْجالِ، وهو الإجْرامُ، لِأنَّ مِن حَقِّ المُجْرِمِ أنْ يَخافَ مِنَ العَذابِ بِسَبَبِ إجْرامِهِ، فَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُهُ ؟ كَما يُقالُ لِمَن يَسْتَوْخِمُ أمْرًا إذا طَلَبَهُ: ماذا تَجْنِي عَلى نَفْسِكَ.
وحَكى النَّحّاسُ عَنِ الزَّجّاجُ أنَّ الضَّمِيرَ في مِنهُ إنْ عادَ إلى العَذابِ كانَ لَكَ في ماذا تَقْدِيرانِ: أحَدُهُما: أنْ تَكُونَ ما في مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِداءِ، وذا بِمَعْنى الَّذِي، وهو خَبَرُ ما، والعائِدُ مَحْذُوفٌ.
والتَّقْدِيرُ الآخَرُ: أنْ يَكُونَ ماذا اسْمًا واحِدًا في مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِداءِ، والخَبَرُ ما بَعْدَهُ، وإنْ جَعَلَ الضَّمِيرَ في مِنهُ عائِدًا إلى اللَّهِ تَعالى كانَ ماذا شَيْئًا واحِدًا في مَوْضِعِ نَصْبٍ بِـ ( يَسْتَعْجِلُ )، والمَعْنى: أيُّ شَيْءٍ يَسْتَعْجِلُ مِنهُ المُجْرِمُونَ: أيْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ.
ودُخُولُ الهَمْزَةِ الِاسْتِفْهامِيَّةِ في ﴿أثُمَّ إذا ما وقَعَ آمَنتُمْ بِهِ﴾ عَلى " ثُمَّ " كَدُخُولِها عَلى الواوِ والفاءِ، وهي لِإنْكارِ إيمانِهِمْ حَيْثُ لا يَنْفَعُ الإيمانُ، وذَلِكَ بَعْدَ نُزُولِ العَذابِ، وهو يَتَضَمَّنُ مَعْنى التَّهْوِيلِ عَلَيْهِمْ وتَفْظِيعِ ما فَعَلُوهُ في غَيْرِ وقْتِهِ مَعَ تَرْكِهِمْ لَهُ في وقْتِهِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ النَّفْعُ والدَّفْعُ، وهَذِهِ الجُمْلَةُ داخِلَةٌ تَحْتَ القَوْلِ المَأْمُورِ بِهِ وجِيءَ بِكَلِمَةِ " ثُمَّ " الَّتِي لِلتَّراخِي دَلالَةً عَلى الِاسْتِبْعادِ، وجِيءَ بِإذا مَعَ زِيادَةِ " ما " لِلتَّأْكِيدِ دَلالَةً عَلى تَحَقُّقِ وُقُوعِ الإيمانِ مِنهم في غَيْرِ وقْتِهِ لِيَكُونَ في ذَلِكَ زِيادَةَ اسْتِجْهالٍ لَهم.
والمَعْنى: أبَعْدَ ما وقَعَ عَذابُ اللَّهِ عَلَيْكم، وحَلَّ بِكم سَخَطُهُ وانْتِقامُهُ آمَنتُمْ حِينَ لا يَنْفَعُكم هَذا الإيمانُ شَيْئًا، ولا يَدْفَعُ عَنْكم ضَرًّا، وقِيلَ: إنَّ هَذِهِ الجُمْلَةَ لَيْسَتْ داخِلَةً تَحْتَ القَوْلِ المَأْمُورِ بِهِ، وأنَّها مِن قَوْلِ المَلائِكَةِ اسْتِهْزاءً بِهِمْ، وإزْراءً عَلَيْهِمْ، والأوَّلُ أوْلى.
وقِيلَ: إنَّ ( ثَمَّ ) هاهُنا هي بِفَتْحِ الثّاءِ فَتَكُونُ ظَرْفِيَّةً بِمَعْنى هُناكَ، والأوَّلُ أوْلى.
قَوْلُهُ: ﴿آلْآنَ وقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ قِيلَ: هو اسْتِئْنافٌ بِتَقْدِيرِ القَوْلِ غَيْرُ داخِلٍ تَحْتِ القَوْلِ الَّذِي أمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أنْ يَقُولَهُ لَهم: أيْ قِيلَ: لَهم عِنْدَ إيمانِهِمْ بَعْدَ وُقُوعِ العَذابِ: آلْآنَ آمَنتُمْ بِهِ وقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ؟ أيْ: بِالعَذابِ تَكْذِيبًا مِنكم واسْتِهْزاءً، لِأنَّ اسْتِعْجالَهم كانَ عَلى جِهَةِ التَّكْذِيبِ والِاسْتِهْزاءِ، ويَكُونُ المَقْصُودُ بِأمْرِهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أنْ يَقُولَ لَهم هَذا القَوْلَ: التَّوْبِيخُ لَهم والِاسْتِهْزاءُ بِهِمْ والإزْراءُ عَلَيْهِمْ، وجُمْلَةُ ﴿وقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ، وقُرِئَ " آلانَ " بِحَذْفِ الهَمْزَةِ الَّتِي بَعْدَ اللّامِ وإلْقاءِ حَرَكَتِها عَلى اللّامِ.
قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الخُلْدِ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى الفِعْلِ المُقَدَّرِ، قِيلَ: آلْآنَ، والمُرادُ مِنهُ: التَّقْرِيعُ والتَّوْبِيخُ لَهم أيْ قِيلَ: لِلَّذِينِ ظَلَمُوا أنْفُسَهم بِالكُفْرِ وعَدَمِ الإيمانِ: إنَّ هَذا (p-٦٢٩)الَّذِي تَطْلُبُونَهُ ضَرَرٌ مَحْضٌ، عارٍ عَنِ النَّفْعِ مِن كُلِّ وجْهٍ، والعاقِلُ لا يَطْلُبُ ذَلِكَ.
ويُقالُ لَهم عَلى سَبِيلِ الإهانَةِ لَهم: ذُوقُوا عَذابَ الخُلْدِ أيِ: العَذابَ الدّائِمَ الَّذِي لا يَنْقَطِعُ، والقائِلُ لَهم هَذِهِ المَقالَةَ والَّتِي قَبْلَها قِيلَ: هُمُ المَلائِكَةُ الَّذِينَ هم خَزَنَةُ جَهَنَّمَ، ولا يَبْعُدُ أنْ يَكُونَ القائِلُ لِذَلِكَ هُمُ الأنْبِياءُ عَلى الخُصُوصِ، أوِ المُؤْمِنُونَ عَلى العُمُومِ ﴿هَلْ تُجْزَوْنَ إلّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ في الحَياةِ مِنَ الكُفْرِ والمَعاصِي، والِاسْتِفْهامُ لِلتَّقْرِيرِ، وكَأنَّهُ يُقالُ لَهم هَذا القَوْلُ عَنِ اسْتِغاثَتِهِمْ مِنَ العَذابِ وحُلُولِ النِّقْمَةِ.
ثُمَّ حَكى اللَّهُ سُبْحانَهُ عَنْهم بَعْدَ هَذِهِ البَياناتِ البالِغَةِ، والجَواباتِ عَنْ أقْوالِهِمُ الباطِلَةِ: أنَّهُمُ اسْتَفْهَمُوا تارَةً أُخْرى عَنْ تَحَقُّقِ العَذابِ، فَقالَ: ﴿ويَسْتَنْبِئُونَكَ أحَقٌّ هُوَ﴾ أيْ يَسْتَخْبِرُونَكَ عَنْ جِهَةِ الِاسْتِهْزاءِ مِنهم والإنْكارِ، أحَقٌّ ما تَعِدُنا بِهِ مِنَ العَذابِ في العاجِلِ والآجِلِ، وهَذا السُّؤالُ مِنهم جَهْلٌ مَحْضٌ، وظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ، فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنْهم مَعَ الجَوابِ عَلَيْهِ، فَصَنِيعُهم في هَذا التَّكْرِيرِ صَنِيعُ مَن لا يَعْقِلُ ما يَقُولُ ولا ما يُقالُ لَهُ، وقِيلَ: المُرادُ بِهَذا الِاسْتِخْبارِ مِنهم هو عَنْ حَقِّيَّةِ القُرْآنِ، وارْتِفاعُ ( حَقٌّ ) عَلى أنَّهُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، والمُبْتَدَأُ هو الضَّمِيرُ الَّذِي بَعْدَهُ، وتَقْدِيمُ الخَبَرِ لِلِاهْتِمامِ، أوْ هو مُبْتَدَأٌ، والضَّمِيرُ مُرْتَفِعٌ بِهِ سادٌّ مَسَدَّ الخَبَرِ، والجُمْلَةُ في مَوْضِعِ نَصْبٍ بِـ ( يَسْتَنْبِئُونَكَ )، وقُرِئَ " آلْحَقُّ هو " عَلى أنَّ اللّامَ لِلْجِنْسِ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: أهْوَ الحَقُّ لا الباطِلُ.
قَوْلُهُ: ﴿قُلْ إي ورَبِّي إنَّهُ لَحَقٌّ﴾ أمَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ رَسُولَهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أنْ يَقُولَ لَهم هَذِهِ المَقالَةَ جَوابًا عَنِ اسْتِفْهامِهِمُ الخارِجِ مُخْرَجَ الِاسْتِهْزاءِ: أيْ قُلْ لَهم يا مُحَمَّدُ غَيْرَ مُلْتَفِتٍ إلى ما هو مَقْصُودُهم مِنَ الِاسْتِهْزاءِ: ﴿إي ورَبِّي إنَّهُ لَحَقٌّ﴾: أيْ نَعَمْ ورَبِّي إنَّ ما أعِدُكم بِهِ مِنَ العَذابِ لَحَقٌّ ثابِتٌ كائِنٌ لا مَحالَةَ.
وفِي هَذا الجَوابِ تَأْكِيدٌ مِن وُجُوهٍ: الأوَّلُ: القَسَمُ مَعَ دُخُولِ الحِرَفِ الخاصِّ بِالقَسَمِ الواقِعِ مَوْقِعَ نَعَمْ، الثّانِي: دُخُولُ إنَّ المُؤَكِّدَةِ، الثّالِثُ: اللّامُ في ( لَحَقٌّ )، الرّابِعُ: اسْمِيَّةُ الجُمْلَةِ، وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى أنَّهم قَدْ بَلَغُوا في الإنْكارِ والتَّمَرُّدِ إلى الغايَةِ الَّتِي لَيْسَ وراءَها غايَةٌ، ثُمَّ تَوَعَّدَهم بِأشَدِّ تَوَعُّدٍ، ورَهَّبَهم بِأعْظَمِ تَرْهِيبٍ، فَقالَ:﴿وما أنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ أيْ فائِتِينَ العَذابَ بِالهَرَبِ والتَّحَيُّلِ الَّذِي لا يَنْفَعُ والمُكابَرَةِ الَّتِي لا تَدْفَعُ مِن قَضاءِ اللَّهِ شَيْئًا، وهَذِهِ الجُمْلَةُ إمّا مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ جَوابِ القَسَمِ، أوْ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيانِ عَدَمِ خُلُوصِهِمْ مِن عَذابِ اللَّهِ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ.
ثُمَّ زادَ في التَّأْكِيدِ، فَقالَ: ﴿ولَوْ أنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما في الأرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ﴾ أيْ ولَوْ أنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ مِنَ الأنْفُسِ المُتَّصِفَةِ بِأنَّها ظَلَمَتْ نَفْسَها بِالكُفْرِ بِاللَّهِ وعَدَمِ الإيمانِ بِهِ، ما في الأرْضِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَيْها مِنَ الأمْوالِ النَّفِيسَةِ، والذَّخائِرِ الفائِقَةِ، لافْتَدَتْ بِهِ: أيْ جَعَلَتْهُ فِدْيَةً لَها مِنَ العَذابِ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وماتُوا وهم كُفّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِن أحَدِهِمْ مِلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا ولَوِ افْتَدى بِهِ﴾ [آل عمران: ٩١] وقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: ﴿وأسَرُّوا النَّدامَةَ لَمّا رَأوُا العَذابَ﴾ [سبأ: ٣٣] الضَّمِيرُ راجِعٌ إلى الأنْفُسِ المَدْلُولِ عَلَيْها بِكُلِّ نَفْسٍ.
ومَعْنى أسَرُّوا: أخْفَوْا أيْ: لَمْ يُظْهِرُوا النَّدامَةَ بَلْ أخْفَوْها لِما قَدْ شاهَدُوهُ في ذَلِكَ المَوْطِنِ مِمّا سَلَبَ عُقُولَهم، وذَهَبَ بِتَجَلُّدِهِمْ، ويُمْكِنُ أنَّهُ بَقِيَ فِيهِمْ وهم عَلى تِلْكَ الحالَةِ عِرْقٌ يَنْزِعُهم إلى العَصَبِيَّةِ الَّتِي كانُوا عَلَيْها في الدُّنْيا، فَأسَرُّوا النَّدامَةَ لِئَلّا يَشْمَتَ بِهِمُ المُؤْمِنُونَ، وقِيلَ: أسَرَّها الرُّؤَساءُ فِيما بَيْنَهم دُونَ أتْباعِهِمْ خَوْفًا مِن تَوْبِيخِهِمْ لَهم لِكَوْنِهِمْ هُمُ الَّذِينَ أضَلُّوهم وحالُوا بَيْنَهم وبَيْنَ الإسْلامِ، ووُقُوعُ هَذا مِنهم كانَ عِنْدَ رُؤْيَةِ العَذابِ، وأمّا بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ فَهُمُ الَّذِينَ ﴿قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا﴾ [المؤمنون: ١٠٦] وقِيلَ: مَعْنى أسَرُّوا: أظْهَرُوا، وقِيلَ: وجَدُوا ألَمَ الحَسْرَةِ في قُلُوبِهِمْ، لِأنَّ النَّدامَةَ لا يُمْكِنُ إظْهارُها، ومِنهُ قَوْلُ كُثَيْرٍ:
؎فَأسْرَرْتُ النَّدامَةَ يَوْمَ نادى بِرَدِّ جِمالِ غاضِرَةَ المُنادِي
وذَكَرَ المُبَرِّدُ في ذَلِكَ وجْهَيْنِ: الأوَّلُ: أنَّها بَدَتْ في وُجُوهِهِمْ أسِرَّةُ النَّدامَةِ، وهي الِانْكِسارُ، واحِدُها سِرارٌ، وجَمْعُها أسارِيرُ، والثّانِي: ما تَقَدَّمَ، وقِيلَ: مَعْنى أسَرُّوا النَّدامَةَ أخْلَصُوها، لِأنَّ إخْفاءَها إخْلاصُها، ولَمّا في قَوْلِهِ: ﴿لَمّا رَأوُا العَذابَ﴾ ظَرْفٌ بِمَعْنى حِينَ مَنصُوبٌ بِـ ( أسَرُّوا )، أوْ حَرْفُ شَرْطٍ جَوابُهُ مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ ما قَبْلَهُ عَلَيْهِ ﴿وقُضِيَ بَيْنَهم بِالقِسْطِ﴾ أيْ قَضى اللَّهُ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وبَيْنَ الكافِرِينَ، أوْ بَيْنَ الرُّؤَساءِ والأتْباعِ، أوْ بَيْنَ الظّالِمِينَ مِنَ الكُفّارِ والمَظْلُومِينَ، وقِيلَ: مَعْنى القَضاءِ بَيْنَهم: إنْزالُ العُقُوبَةِ عَلَيْهِمْ، والقِسْطُ: العَدْلُ، وجُمْلَةُ ﴿وهم لا يُظْلَمُونَ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ أيْ: لا يَظْلِمُهُمُ اللَّهُ فِيما فَعَلَ بِهِمْ مِنَ العَذابِ الَّذِي حَلَّ بِهِمْ فَإنَّهُ بِسَبَبِ ما كَسَبُوا.
وجُمْلَةُ ﴿ألا إنَّ لِلَّهِ ما في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ مَسُوقَةٌ لِتَقْرِيرِ كَمالِ قُدْرَتِهِ، لِأنَّ مَن مَلَكَ ما في السَّماواتِ والأرْضِ تَصَرَّفَ بِهِ كَيْفَ يَشاءُ، وغَلَّبَ غَيْرَ العُقَلاءِ لِكَوْنِهِمْ أكْثَرَ المَخْلُوقاتِ.
قِيلَ: لَمّا ذَكَرَ سُبْحانَهُ افْتِداءَ الكُفّارِ بِما في الأرْضِ لَوْ كانَ لَهم ذَلِكَ، بَيَّنَ أنَّ الأشْياءَ كُلَّها لِلَّهِ، ولَيْسَ لَهم شَيْءٌ يَتَمَكَّنُونَ مِنَ الِافْتِداءِ بِهِ، وقِيلَ: لَمّا أقْسَمَ عَلى حَقِّيَةِ ما جاءَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أرادَ أنْ يَصْحَبَ ذَلِكَ بِدَلِيلِ البُرْهانِ البَيِّنِ بِأنَّ ما في العالَمِ عَلى اخْتِلافِ أنْواعِهِ مَلِكُهُ يَتَصَرَّفُ بِهِ كَيْفَ يَشاءُ، وفي تَصْدِيرِ الجُمْلَةِ بِحَرْفِ التَّنْبِيهِ تَنْبِيهٌ لِلْغافِلِينَ، وإيقاظٌ لِلذّاهِلِينَ، ثُمَّ أكَّدَ ما سَبَقَ بِقَوْلِهِ: ﴿ألا إنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ أيْ كائِنٌ لا مَحالَةَ، وهو عامٌّ يَنْدَرِجُ فِيهِ ما اسْتَعْجَلُوهُ مِنَ العَذابِ انْدِراجًا أوَّلِيًّا، وتَصْدِيرُ الجُمْلَةِ بِحِرَفِ التَّنْبِيهِ كَما قُلْنا في الَّتِي قَبْلَها مَعَ الدَّلالَةِ عَلى تَحَقُّقِ مَضْمُونِ الجُمْلَتَيْنِ ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ﴾ أيِ الكُفّارَ لا يَعْلَمُونَ ما فِيهِ صَلاحُهم فَيَعْمَلُونَ بِهِ، وما فِيهِ فَسادُهم فَيَجْتَنِبُونَهُ.
﴿هُوَ يُحْيِي ويُمِيتُ﴾ يَهَبُ الحَياةَ ويَسْلُبُها ﴿وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ في الدّارِ الآخِرَةِ فَيُجازِي كُلًّا بِما يَسْتَحِقُّهُ، ويَتَفَضَّلُ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ.
قَوْلُهُ: ﴿ياأيُّها النّاسُ قَدْ جاءَتْكم مَوْعِظَةٌ مِن رَبِّكم﴾ يَعْنِي القُرْآنَ فِيهِ ما يَتَّعِظُ بِهِ مَن قَرَأهُ وعَرَفَ مَعْناهُ، والوَعْظُ في الأصْلِ: هو التَّذْكِيرُ بِالعَواقِبِ سَواءٌ كانَ (p-٦٣٠)بِالتَّرْغِيبِ أوِ التَّرْهِيبِ، والواعِظُ هو كالطَّبِيبِ يَنْهى المَرِيضَ عَمّا يَضُرُّهُ، و( مِن ) في مِن رَبِّكم مُتَعَلِّقَةٌ بِالفِعْلِ، وهو ( جاءَتْكم )، فَتَكُونُ ابْتِدائِيَّةً، أوْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ، فَتَكُونُ تَبْعِيضِيَّةً ﴿وشِفاءٌ لِما في الصُّدُورِ﴾ مِنَ الشُّكُوكِ الَّتِي تَعْتَرِي بَعْضَ المُرْتابِينَ لِوُجُودِ ما يُسْتَفادُ مِنهُ فِيهِ مِنَ العَقائِدِ الحَقَّةِ، واشْتِمالِهِ عَلى تَزْيِيفِ العَقائِدِ الباطِلَةِ، والهُدى: الإرْشادُ لِمَنِ اتَّبَعَ القُرْآنَ وتَفَكَّرَ فِيهِ، وتَدَبَّرَ مَعانِيَهُ إلى الطَّرِيقِ المُوَصِّلَةِ إلى الجَنَّةِ، والرَّحْمَةُ: هي ما يُوجَدُ في الكِتابِ العَزِيزِ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي يَرْحَمُ اللَّهُ بِها عِبادَهُ، فَيَطْلُبُها مَن أرادَ ذَلِكَ حَتّى يَنالَها، فالقُرْآنُ العَظِيمُ مُشْتَمِلٌ عَلى هَذِهِ الأُمُورِ.
ثُمَّ أمَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وجَعَلَ الخِطابَ مَعَهُ بَعْدَ خِطابِهِ لِلنّاسِ عَلى العُمُومِ، فَقالَ: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ المُرادُ بِالفَضْلِ مِنَ اللَّهِ سُبْحانَهُ: هو تَفَضُّلُهُ عَلى عِبادِهِ في الآجِلِ والعاجِلِ بِما لا يُحِيطُ بِهِ الحَصْرُ، والرَّحْمَةُ: رَحْمَتُهُ لَهم.
ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ قالَ فَضْلُ اللَّهِ: القُرْآنُ، ورَحْمَتُهُ: الإسْلامُ.
ورُوِيَ عَنِ الحَسَنِ، والضَّحّاكِ، ومُجاهِدٍ وقَتادَةَ، أنَّ فَضْلَ اللَّهِ: الإيمانُ، ورَحْمَتَهُ: القُرْآنُ.
والأوْلى حَمْلُ الفَضْلِ والرَّحْمَةِ عَلى العُمُومِ، ويَدْخُلُ في ذَلِكَ ما في القُرْآنِ مِنهُما دُخُولًا أوَّلِيًّا، وأصْلُ الكَلامِ: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وبِرَحْمَتِهِ فَلْيَفْرَحُوا، ثُمَّ حُذِفَ هَذا الفِعْلُ لِدَلالَةِ الثّانِي في قَوْلِهِ: ﴿فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ عَلَيْهِ، قِيلَ: والفاءُ في هَذا الفِعْلِ المَحْذُوفِ داخِلَةٌ في جَوابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ كَأنَّهُ قِيلَ: إنْ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَلْيَخُصُّوا فَضْلَ اللَّهِ ورَحْمَتَهُ بِالفَرَحِ.
وتَكْرِيرُ الباءِ في ( بِرَحْمَتِهِ ) لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنَ الفَضْلِ والرَّحْمَةِ سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ في الفَرَحِ، والفَرَحُ: هو اللَّذَّةُ في القَلْبِ بِسَبَبِ إدْراكِ المَطْلُوبِ، وقَدْ ذَمَّ اللَّهُ سُبْحانَهُ الفَرَحَ في مُواطِنَ كَقَوْلِهِ: ﴿لا تَفْرَحْ إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ﴾ [القصص: ٧٦] وجَوَّزَهُ في قَوْلِهِ: ﴿فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ [آل عمران: ١٧٠] وكَما في هَذِهِ الآيَةِ، ويَجُوزُ أنْ تَتَعَلَّقَ الباءُ في ﴿بِفَضْلِ اللَّهِ وبِرَحْمَتِهِ﴾ بِقَوْلِهِ: جاءَتْكُمُ، والتَّقْدِيرُ: جاءَتْكم مَوْعِظَةٌ بِفَضْلِ اللَّهِ وبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ أيْ: فَبِمَجِيئِها فَلْيَفْرَحُوا، وقَرَأ يَزِيدُ بْنُ القَعْقاعِ ويَعْقُوبُ " فَلْتَفْرَحُوا " بِالفَوْقِيَّةِ، وقَرَأ الجُمْهُورُ بِالتَّحْتِيَّةِ، والضَّمِيرُ في هو خَيْرٌ راجِعٌ إلى المَذْكُورِ مِنَ الفَضْلِ والرَّحْمَةِ، أوْ إلى المَجِيءِ عَلى الوَجْهِ الثّانِي، أوْ إلى اسْمِ الإشارَةِ في قَوْلِهِ: فَبِذَلِكَ والمَعْنى: أنَّ هَذا خَيْرٌ لَهم مِمّا يَجْمَعُونَهُ مِن حُطامِ الدُّنْيا.
وقَدْ قُرِئَ بِالتّاءِ الفَوْقِيَّةِ في " يَجْمَعُونَ " مُطابَقَةً لِلْقِراءَةِ بِها في " فَلْتَفْرَحُوا " .
وقَدْ تَقَرَّرَ في العَرَبِيَّةِ أنَّ لامَ الأمْرِ تُحْذَفُ مَعَ الخِطابِ إلّا في لُغَةٍ قَلِيلَةٍ، جاءَتْ هَذِهِ القِراءَةُ عَلَيْها، وقَرَأ الجُمْهُورُ بِالمُثَنّاةِ التَّحْتِيَّةِ في يَجْمَعُونَ كَما قَرَءُوا في " فَلْيَفْرَحُوا " .
ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عامِرٍ أنَّهُ قَرَأ بِالفَوْقِيَّةِ في " يَجْمَعُونَ "، والتَّحْتِيَّةِ في " فَلْيَفْرَحُوا " .
وقَدْ أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي الأحْوَصِ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقالَ: إنَّ أخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ، فَوَصَفَ لَهُ الخَمْرَ، فَقالَ: سُبْحانَ اللَّهِ ! ما جَعَلَ اللَّهُ في رِجْسٍ شِفاءً، إنَّما الشِّفاءُ في شَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ والعَسَلِ، فَهُما شِفاءٌ لِما في الصُّدُورِ وشِفاءٌ لِلنّاسِ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: " إنَّ اللَّهَ جَعَلَ القُرْآنَ شِفاءً لِما في الصُّدُورِ، ولَمْ يَجْعَلْهُ شِفاءً لِأمْراضِكم " .
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: «جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَقالَ: إنِّي أشْتَكِي صَدْرِي، فَقالَ: اقْرَأِ القُرْآنَ، يَقُولُ اللَّهُ: شِفاءٌ لِما في الصُّدُورِ» .
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ عَنْ واثِلَةَ بْنِ الأسْقَعِ «أنَّ رَجُلًا شَكا إلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وجَعَ حَلْقِهِ قالَ: عَلَيْكَ بِقِراءَةِ القُرْآنِ والعَسَلِ، فالقُرْآنُ شِفاءٌ لِما في الصُّدُورِ، والعَسَلُ شِفاءٌ مِن كُلِّ داءٍ» .
وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أُبَيٍّ قالَ: أقْرَأنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِالتّاءِ يَعْنِي الفَوْقِيَّةَ، وقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذا مِن غَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وبِرَحْمَتِهِ﴾ قالَ: «بِفَضْلِ اللَّهِ القُرْآنُ، وبِرَحْمَتِهِ أنْ جَعَلَكم مِن أهْلِهِ» .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في الأوْسَطِ عَنِ البَراءِ مِثْلَهُ مِن قَوْلِهِ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في الآيَةِ قالَ: بِكِتابِ اللَّهِ وبِالإسْلامِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ عَنْهُ قالَ: فَضْلُهُ الإسْلامُ، ورَحْمَتُهُ القُرْآنُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ عَنْهُ أيْضًا قالَ: بِفَضْلِ اللَّهِ القُرْآنُ، وبِرَحْمَتِهِ حِينَ جَعَلَهم مِن أهْلِهِ.
وقَدْ رُوِيَ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ التّابِعِينَ نَحْوُ هَذِهِ الرِّواياتِ المُتَقَدِّمَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، هو خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ مِنَ الأمْوالِ والحَرْثِ والأنْعامِ.
{"ayahs_start":50,"ayahs":["قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِنۡ أَتَىٰكُمۡ عَذَابُهُۥ بَیَـٰتًا أَوۡ نَهَارࣰا مَّاذَا یَسۡتَعۡجِلُ مِنۡهُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ","أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ءَامَنتُم بِهِۦۤۚ ءَاۤلۡـَٔـٰنَ وَقَدۡ كُنتُم بِهِۦ تَسۡتَعۡجِلُونَ","ثُمَّ قِیلَ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ ذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلۡخُلۡدِ هَلۡ تُجۡزَوۡنَ إِلَّا بِمَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ","۞ وَیَسۡتَنۢبِـُٔونَكَ أَحَقٌّ هُوَۖ قُلۡ إِی وَرَبِّیۤ إِنَّهُۥ لَحَقࣱّۖ وَمَاۤ أَنتُم بِمُعۡجِزِینَ","وَلَوۡ أَنَّ لِكُلِّ نَفۡسࣲ ظَلَمَتۡ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ لَٱفۡتَدَتۡ بِهِۦۗ وَأَسَرُّوا۟ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا۟ ٱلۡعَذَابَۖ وَقُضِیَ بَیۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ","أَلَاۤ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَلَاۤ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ","هُوَ یُحۡیِۦ وَیُمِیتُ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ","یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَاۤءَتۡكُم مَّوۡعِظَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَاۤءࣱ لِّمَا فِی ٱلصُّدُورِ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣱ لِّلۡمُؤۡمِنِینَ","قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَ ٰلِكَ فَلۡیَفۡرَحُوا۟ هُوَ خَیۡرࣱ مِّمَّا یَجۡمَعُونَ"],"ayah":"أَلَاۤ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَلَاۤ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق