الباحث القرآني

(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) فيما أمرتم به من الشرائع المذكورة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نهاهم عن أن يبطلوا أعمالهم كما أبطلت الكفار أعمالهم بالإصرار على الكفر، فقال: (ولا تبطلوا أعمالكم) قال الحسن: أي لا تبطلوا حسناتكم بالمعاصي، وقال الزهري: بالكبائر وهو الأولى، وقال الكلبي وابن جريج: بالرياء والسمعة، وقال مقاتل: بالمن، وقال عطاء: بالنفاق والشرك، قلت: والظاهر النهي عن كل سبب من الأسباب التي توصل إلى بطلان الأعمال، كائناً ما كان، من غير تخصيص بنوع معين، عن أبي العالية قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع لا إله إلا الله ذنب، كما لا ينفع مع الشرك عمل، حتى نزلت هذه الآية، فخافوا أن يبطل الذنب العمل، وفي لفظ فخافوا الكبائر أن تحبط أعمالهم. " وعن ابن عمر قال: كنا معشر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نرى أنه ليس شيء من الحسنات إلا مقبول، حتى نزلت هذه الآية فلما نزلت قلنا: ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا: الكبائر الموجبات، والفواحش، فكنا إذا رأينا من أصاب شيئاًً منها قلنا قد هلك حتى نزلت هذه الآية (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)، فلما نزلت كففنا عن القول في ذلك، وكنا إذا رأينا أحداً أصاب منها شيئاًً خفنا عليه، وإن لم يصب منها شيئاًً رجوناه [[انظر زاد المسير.]]. واستدل بهذه الآية من لا يرى إبطال النوافل، حتى لو دخل في صلاة تطوع، أو صوم تطوع، لا يجوز له إبطال ذلك العمل والخروج منه، وبه قال أبو حنيفة رحمه الله، وقال الشافعي بخلافه، ولا دليل لهم في الآية، ولا حجة، لأن السنة مبينة للكتاب. وقد ثبت في الصحيحين: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح صائماً فلما رجع إلى البيت وجد حيساً، فقال لعائشة: قربيه فلقد أصبحت صائماً، فأكل " [[صحيح البخاري.]] وهذا معنى الحديث، وليس بلفظه، فليس في هذه الآية دليل كما ظنه الزمخشري على إحباط الطاعات بالكبائر على ما زعمت المعتزلة والخوارج، فجمهورهم على أن كبيرة واحدة تحبط جميع الطاعات، حتى إن من عبد الله طول عمره، ثم شرب جرعة خمر فهو كمن لم يعبده قط، ثم بيّن سبحانه أنه لا يغفر للمصرين على الكفر والصد عن سبيل الله فقال:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب