الباحث القرآني

(إلا من أتى الله بقلب سليم) قيل هو استثناء منقطع أي لكن من أتى الله. قال في الكشاف: إلا مال من أتى الله فقدر مضافاً محذوفاً قال أبو حيان: ولا ضرورة تدعو إلى ذلك. وقيل: إن هذا الاستثناء بدل من المفعول المحذوف، أو مستثنى منه إذ التقدير لا ينفع مال ولا بنون أحداً من الناس إلا من كانت هذه صفته. ويحتمل أن يكون بدلاً من فاعل ينفع، فيكون مرفوعاً. قال أبو البقاء: فيكون التقدير إلا مال من، أو بنو من، فإنه ينفع وهذا الماضي بمعنى المضارع، وكذا يقال في قوله: وأزلفت وبرزت، وقيل وكبكبوا وقالوا. واختلف في معنى القلب السليم فقيل؛ السليم من الشرك، فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد، قاله أكثر المفسرين. وقال سعيد بن المسيب: السليم الصحيح؛ وهو قلب المؤمن؛ لأن قلب الكافر والمنافق مريض، قال تعالى في قلوبهم مرض. وقيل هو القلب الخالي عن البدعة المطمئن إلى السنة وقيل سالم من آفة المال والبنين. وقال الضحاك السليم الخالص. وقال الجنيد رحمه الله السليم في اللغة اللديغ، فمعناه أنه قلب كاللديغ من خوف الله ئعالى. وهذا تحريف وتعكيس لمعنى القرآن. قال الرازي أصح الأقوال أن المراد منه سلامة النفس عن الجهل والأخلاف الرذيلة. وقال ابن عباس بشهادة أن لا إله إلا الله. وقد صوب الجليل استثناء الخليل إكراماً له؛ ثم جعله صفة له في قوله: (وإنّ من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم). قال النسفي: وما أحسن ما رتب عليه السلام من كلامه مع المشركين حيث سألهم أولاً عما يعبدون، سؤال مقرر لا مستفهم، ثم أقبل على آلهتهم فأبطل أمرها بأنها لا تضر ولا تنفع ولا تسمع، وعلى تقليدهم آباءهم الأقدمين فأخرجه من أن يكون شبهة، فضلاً عن أن يكون حجة؛ ثم صور المسألة في نفسه دونهم حتى تخلص منها إلى ذكر الله تعالى فعظم شأنه. وعدد نعمه من حين إنشائه إلى وقت وفاته مع ما يرجى في الآخرة من رحمته، ثم أتبع ذلك أن دعا بدعوات المخلصين، وابتهل إليه ابتهال الأدب، ثم وصله بذكر يوم القيامة وثواب الله وعقابه وما يدفع إليه المشركون يومئذ من الندم والحسرة على ما كانوا فيه من الضلال، وتمنى الكرة إلى الدنيا ليؤمنوا ويطيعوا انتهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب