الباحث القرآني
وهي مكّيّة بإجماع
قوله عز وجل: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ الآيةَ، اخْتُلِفَ في أول ما نزل من القرآن، فقال الجمهورُ هو: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ وهذَا هو الأَصَحُّ، وقال جابر وجماعة هو:
يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [[أخرجه الطبري (12/ 297) ، رقم: (35309) ، وذكره البغوي (4/ 412، 413) ، وابن عطية (5/ 392) ، وابن كثير (4/ 440) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 450) ، وعزاه للطيالسي، وعبد الرزاق، وأحمد، وعبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن الأنباري في المصاحف.]] ، - ص-: والتَّدَثَّرُ: لُبْسُ الدِّثَارِ، وهو الثَّوْبُ الذي فَوْقَ الشِّعَارِ، والشِّعَارُ الثَّوبُ الذي يلي الجسد ومنه قوله: ع: «الأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ» انتهى.
وقوله تعالى: قُمْ فَأَنْذِرْ بَعْثَةٌ عامةٌ إلى جميع الخلق.
وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ أي: فعظمْ.
وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ قال ابنُ زيدٍ وجماعة: هو أمْرٌ بتطهيرِ الثيابِ حَقِيقةً [[أخرجه الطبري (12/ 300) ، رقم: (35337) ، وذكره البغوي (4/ 413) ، وابن عطية (5/ 392) ، وابن كثير (4/ 441) بنحوه.]] ، وذَهَبَ الشافعيُّ وغيرُه من هذه الآيةِ إلى: وجُوبِ غَسْلِ النَّجَاسَاتِ مِنَ الثيابِ، وقالَ الجُمْهُورُ:
هَذِه الألْفَاظُ اسْتِعَارَةٌ في تنقيةِ الأفْعَالِ والنَّفْسِ، والعْرِضِ، وهذا كما تقول: فلانٌ طَاهِرُ الثوبِ، ويقال للفَاجِر: دَنِسُ الثَّوْبِ، قال ابن العربي في «أحكامه» : والذي يقول إنها الثيابُ المَجَازِيَّة أكْثَرَ، وكثيراً ما تستعملُه العَرَبُ، قال أبو كبشة: [الطويل] ثِيَابُ بَنِي عَوْفٍ طهارى نَقِيَّةٌ ... وَأَوْجُهُهُمْ عِنْدَ المَشَاهِدِ غُرَّانُ [[البيت في «ديوانه» (83) ، و «المحكم» (4/ 175) ، و «العين» (4/ 19) ، و «الصحاح» (طهر) ، و «البحر المحيط» (8/ 363) .]]
يعني: بطهارةِ ثيابهم وسلامَتَهم من الدَّنَاءَاتِ، وقال غَيْلاَنُ بْنُ سَلَمَةَ الثَّقَفِيُّ:
[الطويل]
فَإنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ لاَ ثَوْبَ فَاجِرٍ ... لَبِسْتُ وَلاَ مِنْ غَدْرَةٍ أَتَقَنَّعُ [[ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 392) ، «البحر المحيط» (8/ 363) ، القرطبي (19/ 42) .]]
ولَيْسَ يمتنع أن تُحْمَلَ الآيةُ على عمومِ المرادِ فيها بالحقيقةِ [[ينظر: «البحر المحيط» للزركشي (2/ 152) ، «سلاسل الذهب» له ص: (182) ، «التمهيد» للأسنوي ص: (185) ، «نهاية السول» له (2/ 145) ، «منهاج العقول» للبدخشي (1/ 327) ، «غاية الوصول» للشيخ زكريا الأنصاري ص: (46) ، «التحصيل من المحصول» للأرموي (1/ 221) ، «المستصفى» للغزالي (1/ 341) ، «حاشية البناني» (1/ 300) ، «الإبهاج» لابن السبكي (1/ 271) ، «الآيات البينات» لابن القاسم العبادي (2/ 152) ، «تخريج الفروع على الأصول» للزنجاني ص: (68) ، «حاشية العطار على جمع الجوامع» (1/ 393) ، «المعتمد» لأبي الحسين (1/ 14، 2/ 405) ، «الإحكام في أصول الأحكام» لابن حزم (4/ 437) ، «التحرير» لابن الهمام ص: (160) ، «تيسير التحرير» لأمير بادشاه (1/ 72، 2/ 2) .]] والمجازِ [[ينظر: «البحر المحيط» للزركشي (2/ 158) ، «سلاسل الذهب» له ص: (190) ، «التمهيد» للأسنوي ص: (185) ، «نهاية السول» له (2/ 145) ، «منهاج العقول» للبدخشي (1/ 354) ، «غاية الوصول» للشيخ زكريا الأنصاري ص: (47) ، «التحصيل من المحصول» للأرموي (1/ 221) ، «المستصفى» للغزالي (1/ 341) ، «حاشية البناني» (1/ 304) ، «الإبهاج» لابن السبكي (1/ 271) ، «الآيات البينات» لابن القاسم العبادي (2/ 152) ، «تخريج الفروع على الأصول» للزنجاني ص: (387) ، «حاشية العطار على جمع الجوامع» (1/ 399) ، «المعتمد» لأبي الحسين (1/ 14، 2/ 405) ، «الإحكام في أصول الأحكام» لابن حزم (4/ 437) ، «التحرير» لابن الهمام ص: (160) ، «تيسير التحرير» لأمير بادشاه (1/ 73، 2/ 3) ، «كشف الأسرار» للنسفي (1/ 226) .]] على ما بيَّناه في أصولِ الفقه، وإذا حملنَاها على الثيابِ المعلومَة فهي تتناول معنيين: أحدهما:
تَقْصِيرُ الأَذْيَالِ فإنَّها إذا أُرْسِلَتْ تَدَنَّسَتْ، وتَقْصِيرُ الذيلِ أَنْقى لثَوْبِه وأتْقَى لربِّه، المَعْنَى الثَّاني: غَسْلُها من النَّجاسَةِ فهو ظَاهِرٌ منها صحيحٌ فيها، انتهى، قال الشيخ أبو الحسن الشاذليُّ- رضي اللَّه عنه-: رأَيْتُ النبيَّ ﷺ في المَنَامِ، فقالَ: يَا عَلِيُّ، طَهِّرْ ثِيَابَكَ مِنَ الدَّنَسِ، تَحْظَ بمَدَدِ اللَّهِ في كُلِّ نَفَسٍ، فَقُلْتُ: وَمَا ثِيَابي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ كَسَاكَ [حُلَّة المَعْرِفَةِ، ثُمَّ] [[سقط في: د.]] حُلَّةَ المَحَبَّةِ، ثُمَّ حلةَ التَّوْحِيدِ، ثُمَّ حُلَّةَ الإيمان، ثمّ حلّة الإسْلاَمِ، فَمَنْ عَرَفَ اللَّهَ صَغُرَ لديْهِ كُلُّ شَيْءٍ، ومَنْ أَحَبَّ اللَّهَ هَانَ عَلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ، وَمَنْ وَحَّدَ اللَّهَ، لَمْ يُشْرِكْ به شَيْئاً، ومَنْ آمَنَ بِاللَّهِ أَمِنَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَمَنْ أَسْلَمَ لِلَّهِ قَلَّمَا يَعْصِيهِ، وإنْ عَصَاهُ، اعتذر إلَيْهِ، وَإذَا اعتذر إليه، قَبِلَ عُذْرَه، قال: فَفَهِمْتُ حِينَئِذٍ معنى قولِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ انتهى من «التنوير» لابن عطاء اللَّه.
وَالرُّجْزَ يعني الأصْنَام والأَوثَانَ، وقال ابن عباس: الرُّجْزُ السَّخَط [[أخرجه الطبري (12/ 300) ، رقم: (35338) ، وذكره ابن عطية (5/ 393) .]] يعني: اهْجُرْ ما يؤدي إليه ويوجبُه، واخْتُلِفَ في معنى قولهِ تعالى: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ فقالَ ابن عباس وجماعة: معناه لاَ تَعْطِ عَطَاءً لِتُعْطَى أكْثَرَ منه [[أخرجه الطبري (12/ 301) ، رقم: (35346) عن ابن عبّاس، وغيره رقم: (35347) ، (35348) ، (35349) ، وذكره ابن عطية (5/ 393) ، وابن كثير (4/ 441) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 452) ، وعزاه للطبراني.]] ، فكأَنه من قولهم: مَنَّ إذَا أَعْطَى، قال الضحاك: وهذا خاصّ بالنبيّ ﷺ ومُبَاحٌ لأُمَّتِه، لكنْ لاَ أجْرَ لهم فيه [[أخرجه الطبري (12/ 302) ، رقم: (35362) ، وذكره البغوي (4/ 414) ، وابن عطية (5/ 393) ، وابن كثير (4/ 441) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 452) ، وعزاه لعبد بن حميد.]] ، وقال الحسن بن أبي الحسن: معناه ولاَ تَمْنُنْ على اللَّهِ بِجِدِّكَ، تَسْتَكْثِرْ أعْمَالَك، ويَقَعْ لَكَ بها إعْجَابٌ [[أخرجه الطبري (12/ 302) ، رقم: (35363) ، (35364) ، وذكره البغوي (4/ 414) ، وابن عطية (5/ 393) .]] ، قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 393) .]] : وهَذَا مِنَ المنِّ الذي هو تعديدُ اليَدِ وذكرُها، وقال مجاهد: معناه ولاَ تَضْعُفْ تَسْتَكْثِرْ مَا حَمَّلْنَاك من أعباء الرسالةِ، وتستكثرْ مِنَ الخَيْرِ وهَذَا من قولهم حبل منين أي: ضعيف [[أخرجه الطبري (12/ 303) ، رقم: (35367) ، وذكره البغوي (4/ 414) ، وابن عطية (5/ 393) ، وابن كثير (4/ 441) . والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 452) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر.]] .
/
{"ayahs_start":1,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ","قُمۡ فَأَنذِرۡ","وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ","وَثِیَابَكَ فَطَهِّرۡ","وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ","وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ"],"ayah":"وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق