الباحث القرآني
﴿ولا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ أيْ ولا تُعْطِ مُسْتَكْثِرًا أيْ طالِبًا لِلْكَثِيرِ مِمَّنْ تُعْطِيهِ قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، فَهو نَهْيٌ عَنِ الِاسْتِغْزارِ وهو أنْ يَهَبَ شَيْئًا وهو يَطْمَعُ أنْ يَتَعَوَّضَ مِنَ المَوْهُوبِ لَهُ أكْثَرَ مِنَ المَوْهُوبِ وهَذا جائِزٌ. ومِنهُ الحَدِيثُ الَّذِي رَواهُ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ مَوْقُوفًا عَلى شُرَيْحٍ المُسْتَغْزِرُ يُثابُ مِن هِبَتِهِ وإلّا صَحَّ عِنْدَ الشّافِعِيَّةِ أنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ وأنَّهُ مِن خَواصِّهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لِأنَّ اللَّهُ تَعالى اخْتارَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أكْمَلَ الصِّفاتِ وأشْرَفَ الأخْلاقِ فامْتَنَعَ عَلَيْهِ أنْ يَهَبَ لِعِوَضٍ أكْثَرَ وقِيلَ هو نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِلْكُلِّ أوْ ولا تُعْطِ مُسْتَكْثِرًا أيْ رائِيًا لِما تُعْطِيهِ كَثِيرًا فالسِّينُ لِلْوِجْدانِ لا لِلطَّلَبِ كَما في الوَجْهِ الأوَّلِ الظّاهِرِ والنَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ لِأنَّهُ نَوْعُ إعْجابٍ وفِيهِ بُخْلٌ خَفِيٌّ. وعَنِ الحَسَنِ والرَّبِيعِ:
لا ﴿تَمْنُنْ﴾ بِحَسَناتِكَ عَلى اللَّهِ تَعالى مُسْتَكْثِرًا لَها أيْ رائِيًا إيّاها كَثِيرَةً فَتَنْقُصُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ وعَدَّ مِنِ اسْتِكْثارِ الحَسَناتِ بَعْضُ السّادَةِ رُؤْيَةَ أنَّها حَسَناتٌ وعَدَمَ خَشْيَةِ الرَّدِّ والغَفْلَةِ عَنْ كَوْنِها مِنهُ تَعالى حَقِيقَةً. وعَنِ ابْنِ زَيْدٍ لا تَمْنُنْ بِما أعْطاكَ اللَّهُ تَعالى مِنَ النُّبُوَّةِ والقُرْآنِ مُسْتَكْثِرًا بِهِ أيْ طالِبًا كَثِيرَ الأجْرِ مِنَ النّاسِ وعَنْ مُجاهِدٍ لا تَضْعُفْ عَنْ عَمَلِكَ مُسْتَكْثِرًا لِطاعَتِكَ فَتَمْنُنْ مِن قَوْلِهِمْ حَبْلٌ مَنِينٌ أيْ ضَعِيفٌ، ويَتَضَمَّنُ هَذا المَعْنى ما أخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: أيْ لا تَقُلْ قَدْ دَعَوْتُهم فَلَمْ يُقْبَلْ مِنِّي عُدْ فادْعُهم. وقَرَأ الحَسَنُ وابْنُ أبِي عَبْلَةَ «تَسْتَكْثِرْ» بِسُكُونِ الرّاءِ وخَرَّجَ عَلى أنَّهُ جَزْمٌ والفِعْلُ بَدَلٌ مِن ﴿تَمْنُنْ﴾ المَجْزُومِ بِلا النّاهِيَةِ كَأنَّهُ قِيلَ ولا تَمْنُنْ لا تَسْتَكْثِرْ لِأنَّ مِن شَأْنِ المانِّ بِما يُعْطِي أنْ يَسْتَكْثِرَهُ أيْ يَراهُ كَثِيرًا ويَعْتَدُّ بِهِ وهو بَدَلُ اشْتِمالٍ، وقِيلَ بَدَلُ كُلٍّ مِن كُلٍّ عَلى دُعاءِ الِاتِّحادِ.
وفِي (p-120)الكَشْفِ الإبْدالُ مِن ﴿تَمْنُنْ﴾ عَلى أنَّ المَنَّ هو الِاعْتِدادُ بِما أعْطى لا الإعْطاءُ نَفْسُهُ فِيهِ لَطِيفَةٌ لِأنَّ الِاسْتِكْثارَ مُقَدِّمَةُ المَنِّ فَكَأنَّهُ قِيلَ: لا تَسْتَكْثِرْ فَضْلًا عَنِ المَنِّ. وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ سُكُونَ وقْفٍ حَقِيقَةً أوْ بِإجْراءِ الوَصْلِ مَجْراهُ أوْ سُكُونَ تَخْفِيفٍ عَلى أنْ شَبَّهَ ثِرْ و=بِعَضُدٍ فَسَكَّنَ الرّاءَ الواقِعَةَ بَيْنَ الثّاءِ وواوِ ﴿ولِرَبِّكَ﴾ كَما سَكَنَتِ الضّادُ ولَيْسَ بِذاكَ والجُمْلَةُ عَلَيْهِ في مَوْضِعِ الحالِ وقَرَأ الحَسَنُ أيْضًا والأعْمَشُ «تَسْتَكْثِرَ» بِالنَّصْبِ عَلى إضْمارِ أنَّ كَقَوْلِهِمْ مُرْهُ يَحْفِرَها أيْ أنَّ يَحْفِرَها وقَوْلُهُ:
؎ألا أيُّهَذا الزّاجِرِيَ احْضُرَ الوَغى وأنْ أشْهَدَ اللَّذّاتِ هَلْ أنْتَ مُخْلِدِي
فِي رِوايَةٍ نَصَبَ أحْضَرَ وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ «أنْ تَسْتَكْثِرَ» بِإظْهارِ أنْ فالمَنُّ بِمَعْنى الإعْطاءِ والكَلامُ عَلى إرادَةِ التَّعْلِيلِ أيْ ولا تُعْطِ لِأجْلِ أنْ تَسْتَكْثِرَ أيْ تَطْلُبَ الكَثِيرَ مِمَّنْ تُعْطِيهِ وأيَّدَ بِهِ إرادَةَ المَعْنى الأوَّلِ في قِراءَةِ الرَّفْعِ، وجَوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ في تِلْكَ القِراءَةِ أنْ يَكُونَ الرَّفْعُ لِحَذْفِ أنْ وإبْطالِ عَمَلِها كَما رُوِيَ أحْضَرُ الوَغى بِالرَّفْعِ فالجُمْلَةُ حِينَئِذٍ لَيْسَتْ حالِيَّةً، وتَعَقَّبَهُ أبُو حَيّانٍ بِأنَّهُ لا يَجُوزُ حَمْلُ القُرْآنِ عَلى ذَلِكَ إذْ لا يَجُوزُ ما ذَكَرَ ( إلّا ) في الشِّعْرِ ولَنا مَندُوحَةٌ عَنْهُ مَعَ صِحَّةِ مَعْنى الحالِ، ورَدَّ بِأنَّ المُخالِفَ لِلْقِياسِ بَقاءُ عَمَلِها بَعْدَ حَذْفِها، وأمّا الحَذْفُ والرَّفْعُ فَلا مَحْذُورَ فِيهِ وقَدْ أجازَهُ النُّحاةُ ومِنهُ: تَسْمَعُ بِالمُعِيدِيِّ خَيْرٌ مِن أنْ تَراهُ.
{"ayah":"وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق