الباحث القرآني
(p-٢٣٣)[ سُورَةُ المُرْسَلاتِ ]
وهِيَ خَمْسُونَ آيَةً؛ مَكِّيَّةٌ
﷽
﴿والمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾ ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ ﴿والنّاشِراتِ نَشْرًا﴾ ﴿فالفارِقاتِ فَرْقًا﴾ ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ ﴿عُذْرًا أوْ نُذْرًا﴾
﷽
﴿والمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾ ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ ﴿والنّاشِراتِ نَشْرًا﴾ ﴿فالفارِقاتِ فَرْقًا﴾ ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ ﴿عُذْرًا أوْ نُذْرًا﴾؛ في الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: اعْلَمْ أنَّ هَذِهِ الكَلِماتِ الخَمْسَ إمّا أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنها جِنْسًا واحِدًا أوْ أجْناسًا مُخْتَلِفَةً.
أمّا الِاحْتِمالُ الأوَّلُ فَذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا:
الأوَّلُ: أنَّ المُرادَ مِنها بِأسْرِها المَلائِكَةُ، فالمُرْسَلاتُ هُمُ المَلائِكَةُ الَّذِينَ أرْسَلَهُمُ اللَّهُ، إمّا بِإيصالِ النِّعْمَةِ إلى قَوْمٍ، أوْ لِإيصالِ النِّقْمَةِ إلى آخَرِينَ.
وقَوْلُهُ: ﴿عُرْفًا﴾ فِيهِ وُجُوهٌ:
أحَدُها: مُتَتابِعَةٌ كَشَعْرِ العُرْفِ، يُقالُ: جاءُوا عُرْفًا واحِدًا، وهم عَلَيْهِ كَعُرْفِ الضَّبُعِ؛ إذا تَألَّبُوا عَلَيْهِ.
والثّانِي: أنْ يَكُونَ بِمَعْنى العُرْفِ الَّذِي هو نَقِيضُ النَّكِرَةِ؛ فَإنَّ هَؤُلاءِ المَلائِكَةَ إنْ كانُوا بُعِثُوا لِلرَّحْمَةِ، فَهَذا المَعْنى فِيهِمْ ظاهِرٌ، وإنْ كانُوا لِأجْلِ العَذابِ فَذَلِكَ العَذابُ وإنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا لِلْكُفّارِ فَإنَّهُ مَعْرُوفٌ لِلْأنْبِياءِ والمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ انْتَقَمَ اللَّهُ لَهم مِنهم.
والثّالِثُ: أنْ يَكُونَ مَصْدَرًا؛ كَأنَّهُ قِيلَ: والمُرْسَلاتِ إرْسالًا، أيْ مُتَتابِعَةً. وانْتِصابُ ”عُرْفًا“ عَلى الوَجْهِ الأوَّلِ عَلى الحالِ، وعَلى الثّانِي لِكَوْنِهِ مَفْعُولًا، أيْ: أُرْسِلَتْ لِلْإحْسانِ والمَعْرُوفِ، وقَوْلُهُ ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ فِيهِ وجْهانِ:
الأوَّلُ: يَعْنِي أنَّ اللَّهَ تَعالى لَمّا أرْسَلَ أُولَئِكَ المَلائِكَةَ فَهم عَصَفُوا في طَيَرانِهِمْ كَما تَعْصِفُ الرِّياحُ.
والثّانِي: أنَّ هَؤُلاءِ المَلائِكَةَ يَعْصِفُونَ بِرُوحِ الكافِرِ، يُقالُ: عَصَفَ بِالشَّيْءِ إذا أبادَهُ وأهْلَكَهُ، يُقالُ: ناقَةٌ عَصُوفٌ، أيْ تَعْصِفُ بِراكِبِها فَتَمْضِي كَأنَّها رِيحٌ في السُّرْعَةِ، وعَصَفَتِ الحَرْبُ بِالقَوْمِ، أيْ: ذَهَبَتْ بِهِمْ، قالَ الشّاعِرُ:
؎فِي فَيْلَقٍ شَهْباءُ مَلْمُومَةٌ تَعْصِفُ بِالمُقْبِلِ والمُدْبِرِ
(p-٢٣٤)وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿والنّاشِراتِ نَشْرًا﴾ مَعْناهُ أنَّهم نَشَرُوا أجْنِحَتَهم عِنْدَ انْحِطاطِهِمْ إلى الأرْضِ، أوْ نَشَرُوا الشَّرائِعَ في الأرْضِ، أوْ نَشَرُوا الرَّحْمَةَ أوِ العَذابَ، أوِ المُرادُ المَلائِكَةُ الَّذِينَ يَنْشُرُونَ الكُتُبَ يَوْمَ الحِسابِ، وهي الكُتُبُ الَّتِي فِيها أعْمالُ بَنِي آدَمَ، قالَ تَعالى: ﴿ونُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ كِتابًا يَلْقاهُ مَنشُورًا﴾ [الإسراء: ١٣] وبِالجُمْلَةِ فَقَدْ نَشَرُوا الشَّيْءَ الَّذِي أُمِرُوا بِإيصالِهِ إلى أهْلِ الأرْضِ ونَشْرِهِ فِيهِمْ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فالفارِقاتِ فَرْقًا﴾ مَعْناهُ أنَّهم يَفْرِقُونَ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ. وقَوْلُهُ: ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ مَعْناهُ أنَّهم يُلْقُونَ الذِّكْرَ إلى الأنْبِياءِ، ثُمَّ المُرادُ مِنَ الذِّكْرِ يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مُطْلَقَ العِلْمِ والحِكْمَةِ، كَما قالَ: ﴿يُنَزِّلُ المَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِن أمْرِهِ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ﴾ [النحل: ٢] ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ هو القُرْآنَ خاصَّةً، وهو قَوْلُهُ: ﴿أؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنا﴾ [القمر: ٢٥]، وقَوْلُهُ: ﴿وما كُنْتَ تَرْجُو أنْ يُلْقى إلَيْكَ الكِتابُ﴾ [القصص: ٨٦] وهَذا المُلْقِي وإنْ كانَ هو جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ وحْدَهُ، إلّا أنَّهُ يَجُوزُ أنْ يُسَمّى الواحِدُ بِاسْمِ الجَماعَةِ عَلى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ.
واعْلَمْ أنَّكَ قَدْ عَرَفْتَ أنَّ المَقْصُودَ مِنَ القَسَمِ التَّنْبِيهُ عَلى جَلالَةِ المُقْسَمِ بِهِ، وشَرَفُ المَلائِكَةِ وعُلُوُّ رُتْبَتِهِمْ أمْرٌ ظاهِرٌ مِن وُجُوهٍ:
أحَدُها: شِدَّةُ مُواظَبَتِهِمْ عَلى طاعَةِ اللَّهِ تَعالى، كَما قالَ تَعالى: ﴿ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ﴾، ﴿لا يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وهم بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٧] .
وثانِيها: أنَّهم أقْسامٌ: فَمِنهم مَن يُرْسَلُ لِإنْزالِ الوَحْيِ عَلى الأنْبِياءِ، ومِنهم مَن يُرْسَلُ لِلُزُومِ بَنِي آدَمَ لِكِتابَةِ أعْمالِهِمْ؛ طائِفَةٌ مِنهم بِالنَّهارِ، وطائِفَةٌ مِنهم بِاللَّيْلِ، ومِنهم مَن يُرْسَلُ لِقَبْضِ أرْواحِ بَنِي آدَمَ، ومِنهم مَن يُرْسَلُ بِالوَحْيِ مِن سَماءٍ إلى أُخْرى، إلى أنْ يَنْزِلَ بِذَلِكَ الوَحْيِ مَلَكُ السَّماءِ إلى الأرْضِ، ومِنهُمُ المَلائِكَةُ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ كُلَّ يَوْمٍ مِنَ البَيْتِ المَعْمُورِ إلى الكَعْبَةِ عَلى ما رُوِيَ ذَلِكَ في الأخْبارِ، فَهَذا مِمّا يَنْتَظِمُهُ قَوْلُهُ: ﴿والمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾، ثُمَّ ما فِيها مِن سُرْعَةِ السَّيْرِ، وقَطْعِ المَسافاتِ الكَثِيرَةِ في المُدَّةِ اليَسِيرَةِ، كَقَوْلِهِ: ﴿تَعْرُجُ المَلائِكَةُ والرُّوحُ إلَيْهِ في يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] ثُمَّ ما فِيها مِن نَشْرِ أجْنِحَتِهِمُ العَظِيمَةِ عِنْدَ الطَّيَرانِ، ونَشْرِ العِلْمِ والحِكْمَةِ والنُّبُوَّةِ والهِدايَةِ والإرْشادِ والوَحْيِ والتَّنْزِيلِ، وإظْهارِ الفَرْقِ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ بِسَبَبِ إنْزالِ ذَلِكَ الوَحْيِ والتَّنْزِيلِ، وإلْقاءِ الذِّكْرِ في القَلْبِ واللِّسانِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الوَحْيِ. وبِالجُمْلَةِ فالمَلائِكَةُ هُمُ الوَسائِطُ بَيْنَ اللَّهِ تَعالى وبَيْنَ عِبادِهِ في الفَوْزِ بِجَمِيعِ السَّعاداتِ العاجِلَةِ والآجِلَةِ، والخَيْراتِ الجُسْمانِيَّةِ والرُّوحانِيَّةِ، فَلِذَلِكَ أقْسَمَ اللَّهُ بِهِمْ.
القَوْلُ الثّانِي: أنَّ المُرادَ مِن هَذِهِ الكَلِماتِ الخَمْسِ بِأسْرِها الرِّياحُ، أقْسَمَ اللَّهُ بِرِياحِ عَذابٍ أرْسَلَها عُرْفًا، أيْ مُتَتابِعَةً كَشَعْرِ العُرْفِ، كَما قالَ: ﴿يُرْسِلُ الرِّياحَ﴾ [الأعراف: ٥٧]، ﴿وأرْسَلْنا الرِّياحَ﴾ [الحجر: ٢٢] ثُمَّ إنَّها تَشْتَدُّ حَتّى تَصِيرَ عَواصِفَ ورِياحَ رَحْمَةٍ، نَشَرَتِ السَّحابَ في الجَوِّ، كَما قالَ: ﴿وهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ [الأعراف: ٥٧]، وقالَ: ﴿اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحابًا فَيَبْسُطُهُ في السَّماءِ﴾ [الروم: ٤٨] ويَجُوزُ أيْضًا أنْ يُقالَ: الرِّياحُ تُعِينُ النَّباتَ والزَّرْعَ والشَّجَرَ عَلى النُّشُورِ والإنْباتِ؛ وذَلِكَ لِأنَّها تُلَقِّحُ فَيَبْرُزُ النَّباتُ بِذَلِكَ، عَلى ما قالَ تَعالى: ﴿وأرْسَلْنا الرِّياحَ لَواقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢] فَبِهَذا الطَّرِيقِ تَكُونُ الرِّياحُ ناشِرَةً لِلنَّباتِ، وفي كَوْنِ الرِّياحِ فارِقَةً وُجُوهٌ:
أحَدُها: أنَّ الرِّياحَ تُفَرِّقُ بَعْضَ أجْزاءِ السَّحابِ عَنْ بَعْضٍ.
وثانِيها: أنَّ اللَّهَ تَعالى خَرَّبَ بَعْضَ القُرى بِتَسْلِيطِ الرِّياحِ عَلَيْها، كَما قالَ: ﴿وأمّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ﴾ [الحاقة: ٦]، وذَلِكَ سَبَبٌ لِظُهُورِ الفَرْقِ بَيْنَ أوْلِياءِ اللَّهِ وأعْداءِ اللَّهِ.
وثالِثُها: أنَّ عِنْدَ حُدُوثِ الرِّياحِ المُخْتَلِفَةِ وتَرْتِيبِ الآثارِ العَجِيبَةِ عَلَيْها مِن تَمَوُّجِ السَّحابِ وتَخْرِيبِ الدِّيارِ تَصِيرُ الخَلْقُ مُضْطَرِّينَ إلى الرُّجُوعِ إلى اللَّهِ (p-٢٣٥)والتَّضَرُّعِ عَلى بابِ رَحْمَتِهِ، فَيَحْصُلُ الفَرْقُ بَيْنَ المُقِرِّ والمُنْكِرِ والمُوَحِّدِ والمُلْحِدِ. وقَوْلُهُ: ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ مَعْناهُ أنَّ العاقِلَ إذا شاهَدَ هُبُوبَ الرِّياحِ الَّتِي تَقْلِعُ القِلاعَ وتَهْدِمُ الصُّخُورَ والجِبالَ وتَرْفَعُ الأمْواجَ - تَمَسَّكَ بِذِكْرِ اللَّهِ والتَجَأ إلى إعانَةِ اللَّهِ، فَصارَتْ تِلْكَ الرِّياحُ كَأنَّها ألْقَتِ الذِّكْرَ والإيمانَ والعُبُودِيَّةَ في القَلْبِ، ولا شَكَّ أنَّ هَذِهِ الإضافَةَ تَكُونُ عَلى سَبِيلِ المَجازِ مِن حَيْثُ إنَّ الذِّكْرَ حَصَلَ عِنْدَ حُدُوثِ هَذِهِ.
القَوْلُ الثّالِثُ: مِنَ النّاسِ مَن حَمَلَ بَعْضَ هَذِهِ الكَلِماتِ الخَمْسَةِ عَلى القُرْآنِ، وعِنْدِي أنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ جَمِيعِها عَلى القُرْآنِ، فَقَوْلُهُ: ﴿والمُرْسَلاتِ﴾ المُرادُ مِنها الآياتُ المُتَتابِعَةُ المُرْسَلَةُ عَلى لِسانِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ إلى مُحَمَّدٍ ﷺ، وقَوْلُهُ: ﴿عُرْفًا﴾ أيْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآياتُ بِكُلِّ عُرْفٍ وخَيْرٍ، وكَيْفَ لا وهي الهادِيَةُ إلى سَبِيلِ النَّجاةِ والمُوصِلَةُ إلى مَجامِعِ الخَيْراتِ، ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ فالمُرادُ أنَّ دَوْلَةَ الإسْلامِ والقُرْآنِ كانَتْ ضَعِيفَةً في الأوَّلِ، ثُمَّ عَظُمَتْ وقَهَرَتْ سائِرَ المِلَلِ والأدْيانِ، فَكَأنَّ دَوْلَةَ القُرْآنِ عَصَفَتْ بِسائِرِ الدُّوَلِ والمِلَلِ والأدْيانِ وقَهَرَتْها، وجَعَلَتْها باطِلَةً دائِرَةً. وقَوْلُهُ: ﴿والنّاشِراتِ نَشْرًا﴾ المُرادُ أنَّ آياتِ القُرْآنِ نَشَرَتْ آثارَ الحِكْمَةِ والهِدايَةِ في قُلُوبِ العالَمِينَ شَرْقًا وغَرْبًا، وقَوْلُهُ: ﴿فالفارِقاتِ فَرْقًا﴾ فَذَلِكَ ظاهِرٌ؛ لِأنَّ آياتِ القُرْآنِ هي الَّتِي تَفْرِقُ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ، ولِذَلِكَ سَمّى اللَّهُ تَعالى القُرْآنَ فُرْقانًا، وقَوْلُهُ: ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ فالأمْرُ فِيهِ ظاهِرٌ؛ لِأنَّ القُرْآنَ ذِكْرٌ، كَما قالَ تَعالى: ﴿ص والقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾، ﴿وإنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ ولِقَوْمِكَ﴾، ﴿وهَذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ﴾، و﴿تَذْكِرَةٌ﴾ كَما قالَ: ﴿وإنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الحاقة: ٤٨]، وذِكْرى كَما قالَ: ﴿ذِكْرى لِلْعالَمِينَ﴾ [الأنعام: ٩٠]، فَظَهَرَ أنَّهُ يُمْكِنُ تَفْسِيرُ هَذِهِ الكَلِماتِ الخَمْسَةِ بِالقُرْآنِ، وهَذا وإنْ لَمْ يَذْكُرْهُ أحَدٌ فَإنَّهُ مُحْتَمَلٌ.
القَوْلُ الرّابِعُ: يُمْكِنُ حَمْلُها أيْضًا عَلى بَعْثَةِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ﴿والمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾ هُمُ الأشْخاصُ الَّذِينَ أُرْسِلُوا بِالوَحْيِ المُشْتَمِلِ عَلى كُلِّ خَيْرٍ ومَعْرُوفٍ، فَإنَّهُ لا شَكَّ أنَّهم أُرْسِلُوا بِلا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وهو مِفْتاحُ كُلِّ خَيْرٍ ومَعْرُوفٍ ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ مَعْناهُ أنَّ أمْرَ كُلِّ رَسُولٍ يَكُونُ في أوَّلِ الأمْرِ حَقِيرًا ضَعِيفًا، ثُمَّ يَشْتَدُّ ويَعْظُمُ ويَصِيرُ في القُوَّةِ كَعَصْفِ الرِّياحِ ﴿والنّاشِراتِ نَشْرًا﴾ المُرادُ مِنهُ انْتِشارُ دِينِهِمْ ومَذْهَبِهِمْ ومَقالَتِهِمْ ﴿فالفارِقاتِ فَرْقًا﴾ المُرادُ أنَّهم يَفْرِقُونَ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ والتَّوْحِيدِ والإلْحادِ ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ المُرادُ أنَّهم يَدْعُونَ الخَلْقَ إلى ذِكْرِ اللَّهِ، ويَأْمُرُونَهم بِهِ ويَحُثُّونَهم عَلَيْهِ.
القَوْلُ الخامِسُ: أنْ يَكُونَ المُرادُ أنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ مُشْتَغِلًا بِمَصالِحِ الدُّنْيا مُسْتَغْرِقًا في طَلَبِ لَذّاتِها وراحاتِها، فَفي أثْناءِ ذَلِكَ يَرِدُ في قَلْبِهِ داعِيَةُ الإعْراضِ عَنِ الدُّنْيا والرَّغْبَةِ في خِدْمَةِ المَوْلى، فَتِلْكَ الدَّواعِي هي المُرْسَلاتُ عُرْفًا، ثُمَّ هَذِهِ المُرْسَلاتُ لَها أثَرانِ:
أحَدُهُما: إزالَةُ حُبِّ ما سِوى اللَّهِ تَعالى عَنِ القَلْبِ، وهو المُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ .
والثّانِي: ظُهُورُ أثَرِ تِلْكَ الدّاعِيَةِ في جَمِيعِ الجَوارِحِ والأعْضاءِ حَتّى لا يَسْمَعَ إلّا اللَّهَ، ولا يُبْصِرَ إلّا اللَّهَ، ولا يَنْظُرَ إلّا اللَّهَ، فَذَلِكَ هو قَوْلُهُ: ﴿والنّاشِراتِ نَشْرًا﴾ ثُمَّ عِنْدَ ذَلِكَ يَنْكَشِفُ لَهُ نُورُ جَلالِ اللَّهِ فَيَراهُ مَوْجُودًا، ويَرى كُلَّ ما سِواهُ مَعْدُومًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فالفارِقاتِ فَرْقًا﴾ ثُمَّ يَصِيرُ العَبْدُ كالمُشْتَهِرِ في مَحَبَّتِهِ، ولا يَبْقى في قَلْبِهِ ولِسانِهِ إلّا ذِكْرُهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ .
واعْلَمْ أنَّ هَذِهِ الوُجُوهَ الثَّلاثَةَ الأخِيرَةَ وإنْ كانَتْ غَيْرَ مَذْكُورَةٍ إلّا أنَّها مُحْتَمَلَةٌ جِدًّا.
وأمّا الِاحْتِمالُ الثّانِي: وهو أنْ لا يَكُونَ المُرادُ مِنَ الكَلِماتِ الخَمْسِ شَيْئًا واحِدًا فَفِيهِ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: ما ذَكَرَهُ الزَّجّاجُ واخْتِيارُ القاضِي، وهو أنَّ الثَّلاثَةَ الأُوَلَ هي الرِّياحُ، فَقَوْلُهُ: ﴿والمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾ هي الرِّياحُ الَّتِي تَتَّصِلُ عَلى (p-٢٣٦)العُرْفِ المُعْتادِ، ”والعاصِفاتِ“ ما يَشْتَدُّ مِنهُ، ”والنّاشِراتِ“ ما يَنْشُرُ السَّحابَ. أمّا قَوْلُهُ: ﴿فالفارِقاتِ فَرْقًا﴾ فَهُمُ المَلائِكَةُ الَّذِينَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ، والحَلّالِ والحَرامِ، بِما يَتَحَمَّلُونَهُ مِنَ القُرْآنِ والوَحْيِ، وكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ أنَّها المَلائِكَةُ المُتَحَمِّلَةُ لِلذِّكْرِ المُلْقِيَةُ ذَلِكَ إلى الرُّسُلِ. فَإنْ قِيلَ: وما المُجانَسَةُ بَيْنَ الرِّياحِ وبَيْنَ المَلائِكَةِ حَتّى يَجْمَعَ بَيْنَهُما في القَسَمِ ؟
قُلْنا: المَلائِكَةُ رُوحانِيُّونَ، فَهم بِسَبَبِ لَطافَتِهِمْ وسُرْعَةِ حَرَكاتِهِمْ كالرِّياحِ.
القَوْلُ الثّانِي: أنَّ الِاثْنَيْنِ الأوَّلَيْنِ هُما الرِّياحُ، فَقَوْلُهُ: ﴿والمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾ ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ هُما الرِّياحُ، والثَّلاثَةُ الباقِيَةُ المَلائِكَةُ؛ لِأنَّها تَنْشُرُ الوَحْيَ والدِّينَ، ثُمَّ لِذَلِكَ الوَحْيِ أثَرانِ:
أحَدُهُما: حُصُولُ الفَرْقِ بَيْنَ المُحِقِّ والمُبْطِلِ.
والثّانِي: ظُهُورُ ذِكْرِ اللَّهِ في القُلُوبِ والألْسِنَةِ، وهَذا القَوْلُ ما رَأيْتُهُ لِأحَدٍ، ولَكِنَّهُ ظاهِرُ الِاحْتِمالِ أيْضًا، والَّذِي يُؤَكِّدُهُ أنَّهُ قالَ: ﴿والمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾ ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ عَطَفَ الثّانِيَ عَلى الأوَّلِ بِحَرْفِ الفاءِ، ثُمَّ ذَكَرَ الواوَ فَقالَ: ﴿والنّاشِراتِ نَشْرًا﴾ وعَطَفَ الِاثْنَيْنِ الباقِيَيْنِ عَلَيْهِ بِحَرْفِ الفاءِ، وهَذا يَقْتَضِي أنْ يَكُونَ الأوَّلانِ مُمْتازَيْنِ عَنِ الثَّلاثَةِ الأخِيرَةِ.
القَوْلُ الثّالِثُ: يُمْكِنُ أنْ يُقالَ: المُرادُ بِالأوَّلَيْنِ المَلائِكَةُ، فَقَوْلُهُ: ﴿والمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ، وقَوْلُهُ: ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ مَلائِكَةُ العَذابِ، والثَّلاثَةُ الباقِيَةُ آياتُ القُرْآنِ؛ لِأنَّها تَنْشُرُ الحَقَّ في القُلُوبِ والأرْواحِ، وتُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ، وتُلْقِي الذِّكْرَ في القُلُوبِ والألْسِنَةِ، وهَذا القَوْلُ أيْضًا ما رَأيْتُهُ لِأحَدٍ، وهو مُحْتَمَلٌ، ومَن وقَفَ عَلى ما ذَكَرْناهُ أمْكَنَهُ أنْ يَذْكُرَ فِيهِ وُجُوهًا، واللَّهُ أعْلَمُ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قالَ القَفّالُ: الوَجْهُ في دُخُولِ الفاءِ في بَعْضِ ما وقَعَ بِهِ القَسَمُ، والواوِ في بَعْضٍ - مَبْنِيٌّ عَلى الأصْلِ، وهو أنَّ عِنْدَ أهْلِ اللُّغَةِ الفاءُ تَقْتَضِي الوَصْلَ والتَّعَلُّقَ، فَإذا قِيلَ: قامَ زَيْدٌ فَذَهَبَ، فالمَعْنى أنَّهُ قامَ لِيَذْهَبَ، فَكانَ قِيامُهُ سَبَبًا لِذَهابِهِ ومُتَّصِلًا بِهِ، وإذا قِيلَ: قامَ وذَهَبَ، فَهُما خَبَرانِ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما قائِمٌ بِنَفْسِهِ لا يَتَعَلَّقُ بِالآخَرِ. ثُمَّ إنَّ القَفّالَ لَمّا مَهَّدَ هَذا الأصْلَ فَرَّعَ الكَلامَ عَلَيْهِ في هَذِهِ الآيَةِ بِوُجُوهٍ لا يَمِيلُ قَلْبِي إلَيْها، وأنا أُفَرِّعُ عَلى هَذا الأصْلِ فَأقُولُ: أمّا مَن جَعَلَ الأوَّلَيْنِ صِفَتَيْنِ لِشَيْءٍ والثَّلاثَةَ الأخِيرَةَ صِفاتٍ لِشَيْءٍ واحِدٍ، فالإشْكالُ عَنْهُ زائِلٌ، وأمّا مَن جَعَلَ الكُلَّ صِفاتٍ لِشَيْءٍ واحِدٍ، فَنَقُولُ: إنْ حَمَلْناها عَلى المَلائِكَةِ، فالمَلائِكَةُ إذا أُرْسِلَتْ طارَتْ سَرِيعًا، وذَلِكَ الطَّيَرانُ هو العَصْفُ، فالعَصْفُ مُرَتَّبٌ عَلى الإرْسالِ فَلا جَرَمَ ذَكَرَ الفاءَ، أمّا النَّشْرُ فَلا يَتَرَتَّبُ عَلى الإرْسالِ، فَإنَّ المَلائِكَةَ أوَّلَ ما يُبَلِّغُونَ الوَحْيَ إلى الرُّسُلِ لا يَصِيرُ في الحالِ ذَلِكَ الدِّينُ مَشْهُورًا مُنْتَشِرًا، بَلِ الخَلْقُ يُؤْذُونَ الأنْبِياءَ في أوَّلِ الأمْرِ ويَنْسُبُونَهم إلى الكَذِبِ والسِّحْرِ والجُنُونِ، فَلا جَرَمَ لَمْ يَذْكُرِ الفاءَ الَّتِي تُفِيدُ التَّعْقِيبَ، بَلْ ذَكَرَ الواوَ، بَلْ إذا حَصَلَ النَّشْرُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُصُولُ الفَرْقِ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ وظُهُورُ ذِكْرِ الحَقِّ عَلى الألْسِنَةِ، فَلا جَرَمَ ذَكَرَ هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ بِحَرْفِ الفاءِ، فَكَأنَّهُ واللَّهُ أعْلَمُ قِيلَ: يا مُحَمَّدُ، إنِّي أرْسَلْتُ المَلَكَ إلَيْكَ بِالوَحْيِ الَّذِي هو عُنْوانُ كُلِّ سَعادَةٍ وفاتِحَةُ كُلِّ خَيْرٍ، ولَكِنْ لا تَطْمَعْ في أنْ نَنْشُرَ ذَلِكَ الأمْرَ في الحالِ، ولَكِنْ لا بُدَّ مِنَ الصَّبْرِ وتَحَمُّلِ المَشَقَّةِ، ثُمَّ إذا جاءَ وقْتُ النُّصْرَةِ أجْعَلُ دِينَكَ ظاهِرًا مُنْتَشِرًا في شَرْقِ العالَمِ وغَرْبِهِ، وعِنْدَ ذَلِكَ الِانْتِشارِ يَظْهَرُ الفَرْقُ، فَتَصِيرُ الأدْيانُ الباطِلَةُ ضَعِيفَةً ساقِطَةً، ودِينُكَ هو الدِّينَ الحَقَّ ظاهِرًا غالِبًا، وهُنالِكَ يُظْهِرُ ذَلِكَ اللَّهُ عَلى الألْسِنَةِ، وفي المَحارِيبِ وعَلى المَنابِرِ، ويَصِيرُ العالَمُ مَمْلُوءًا مِن ذِكْرِ اللَّهِ، فَهَذا إذا حَمَلْنا هَذِهِ الكَلِماتِ الخَمْسَ عَلى المَلائِكَةِ، ومَن عَرَفَ هَذا الوَجْهَ أمْكَنَهُ ذِكْرُ ما شابَهَهُ في الرِّياحِ وسائِرِ الوُجُوهِ؛ واللَّهُ أعْلَمُ.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿عُذْرًا أوْ نُذْرًا﴾؛ فَفِيهِ مَسْألَتانِ:
(p-٢٣٧)المَسْألَةُ الأُولى: فِيهِما قِراءَتانِ: التَّخْفِيفُ، وهو قِراءَةُ أبِي عَمْرٍو وعاصِمٍ مِن رِوايَةِ حَفْصٍ، والباقُونَ قَرَءُوا بِالتَّثْقِيلِ، أمّا التَّخْفِيفُ فَلا نِزاعَ في كَوْنِهِ مَصْدَرًا، والمَعْنى إعْذارًا وإنْذارًا، وأمّا التَّثْقِيلُ فَزَعَمَ أبُو عُبَيْدَةَ أنَّهُ جَمْعٌ ولَيْسَ بِمَصْدَرٍ، وأمّا الأخْفَشُ والزَّجّاجُ فَزَعَما أنَّهُ مَصْدَرٌ، والتَّثْقِيلُ والتَّخْفِيفُ لُغَتانِ، وقَرَّرَ أبُو عَلِيٍّ قَوْلَ الأخْفَشِ والزَّجّاجِ، وقالَ: العُذُرُ والعَذِيرُ والنُّذُرُ والنَّذِيرُ مِثْلُ النُّكُرِ والنَّكِيرِ، ثُمَّ قالَ أبُو عَلِيٍّ: ويَجُوزُ في قِراءَةِ مَن ثَقَّلَ أنْ يَكُونَ ”عُذُرًا“ جَمْعَ عاذِرٍ كَشُرُفٍ وشارِفٍ، وكَذَلِكَ النُّذُرُ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ جَمْعَ نَذِيرٍ، قالَ تَعالى: ﴿هَذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولى﴾ [النجم: ٥٦] .
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: في النَّصْبِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ، أمّا عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَصْدَرًا فَوَجْهانِ:
أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ مَفْعُولًا عَلى البَدَلِ مِن قَوْلِهِ: ”ذِكْرًا“ .
والثّانِي: أنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ، والمَعْنى: والمُلْقِياتِ ذِكْرًا لِلْإعْذارِ والإنْذارِ، وأمّا عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ جَمْعًا، فَنُصِبَ عَلى الحالِ مِنَ الإلْقاءِ، والتَّقْدِيرُ: فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا حالَ كَوْنِهِمْ عاذِرِينَ ومُنْذِرِينَ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["وَٱلۡمُرۡسَلَـٰتِ عُرۡفࣰا","فَٱلۡعَـٰصِفَـٰتِ عَصۡفࣰا","وَٱلنَّـٰشِرَ ٰتِ نَشۡرࣰا","فَٱلۡفَـٰرِقَـٰتِ فَرۡقࣰا","فَٱلۡمُلۡقِیَـٰتِ ذِكۡرًا","عُذۡرًا أَوۡ نُذۡرًا"],"ayah":"فَٱلۡعَـٰصِفَـٰتِ عَصۡفࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق