قوله: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ قال (ابن قتيبة [["تفسير غريب القرآن" 528، وكلامه: (قال: فلا هو اقتحم العقبة).]] و) [[ما بين القوسين ساقط من: (أ).]] الأزهري [["تهذيب اللغة" 4/ 77 (قحم)، قال: (أي قل هو اقتحم العقبة).]]: أي فلا هو اقتحم يعني الإنسان المذكور (والاقتحام الدخول في الأمر الشديد، وهو المهالك، ويقال قَحمَ يَقْحَمُ قُحُومًا، واقتحم اقتحامًا، وتقحم تقحُمًّا، إذا ركب القحم، وهي المهالك، والأمور العِظام) [[ما بين القوسين نقله عن "تهذيب اللغة". المرجع السابق، وانظر: "لسان العرب" 12/ 162 - 163 (قحم).]]، (والعقبة: طريق في الجبل وعر، والجميع: العقب والعقاب) [[ما بين القوسين تناول المعنى اللغوي للعقبة.
انظر ذلك في: "تهذيب اللغة" 1/ 282، "لسان العرب" 1/ 621 (عقب).]].
قال عطاء: يريد عقبة جهنم [["التفسير الكبير" 31/ 184.]].
وقال الكلبي: هي عقبة بين الجنة، والنار [["التفسير الكبير" 31/ 184، وورد قوله في: "الكشف والبيان" 13/ 97 أ، و"زاد المسير" 8/ 254، و"الجامع لأحكام القرآن" 20/ 67، و"فتح القدير" 5/ 444.]].
وقال ابن عمر -رضي الله عنه-: هي جبل زلال [[زلال: لعله أراد انه سريع النزول منه، كما يقال: ماء زلال، وزليل: سريع النزول والمر في الحلق. والله أعلم.
"لسان العرب" 11/ 307 (زلل).]] في جهنم [[ورد قوله في: "جامع البيان" 30/ 201، و"الكشف والبيان" 13/ 98 أ، و"النكت والعيون" 6/ 278، و"معالم التنزيل" 4/ 489، و"زاد المسير" 8/ 254، و"التفسير الكبير" 31/ 184، و"لباب التأويل" 4/ 380، و"الدر المنثور" 8/ 522، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم.]].
وقال الضحاك [[ورد قوله في "الكشف والبيان"، و"النكت والعيون"، و"معالم التنزيل"، و"زاد المسير". مراجع سابقة. وانظر: "الجامع لأحكام القرآن" 20/ 67.]]، ومجاهد [[المراجع السابقة عدا "النكت والعيون".]]: هي الصراط يضرب على جهنم، وهو معنى قول الكلبي: عقبة بين الجنة والنار.
وقال قتادة: إنها قحمة شديدة، فاقتحموها بطاعة الله [["جامع البيان" 30/ 201، "الكشف والبيان" 13/ 98 أ، "الحجة" 6/ 414، "فتح القدير" 5/ 444.]].
هذا كلام المفسرين في تفسير هذه العقبة المذكورة هاهنا [[أيضًا من الأقوال في معنى العقبة: (قال كعب: هو سبعون درجة في جهنم). "جامع البيان" 30/ 202.]]
قال المبرد [["الجامع لأحكام القرآن" 20/ 66، "فتح القدير" 5/ 444.]]، والفراء [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]، وأبو عبيدة [["مجاز القرآن" 2/ 299.]]، (والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 329.]]) [[ما بين القوسين ساقط من: (أ).]]: معنى، ﴿فَلَا اقْتَحَمَ﴾ فلم يقتحم.
قال الفراء [["معاني القرآن" 3/ 264 - 265.]]، والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 329.]]: ولم يضم إلى قوله: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ كلامًا آخر فيه "لا"، والعرب قل ما تتكلم في مثل هذا المكان [[في (أ): (للمكان).]] إلا بـ"لا" مرتين أو أكثر، لا تكاد تقول: لا حييتنى، تريد مَا حييتنى، فإن قال: لا حييتنى، ولا بررتني صلح. كما قال الله تعالى: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى﴾ [القيامة: 31] واكتفى هاهنا بواحدة، لأن المعنى يدل على التكرير، وهو قوله: (فك رقبة أو إطعام [[في النسختين، ومعاني الفراء: (طعم).]])، ﴿ثُمَّ كَانَ﴾ كأنه قيل: فلا تفعل ذا ولاذا، ولا أمن.
قال أبو علي الفارسي: معنى ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ لم يقتحمها، وإذا كانت ﴿لَا﴾ بمعنى ﴿لَمْ﴾ لم يلزم تكريرها، كما لا يلزم التكرير مع ﴿لَمْ﴾، فإن تكررت في موضع نحو: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى﴾ [القيامة: 31]، فهو كتكرير لم نحو: ﴿لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ [الفرقان: 67] [["الحجة" 6/ 415 بنصه.]].
ويدل على صحة مَا ذكر أبو علي مَا أنشد أبو عبيدة، والمبرد [["الكامل" 2/ 1044، ولم أجده في "مجاز القرآن".]]:
وأيُّ خميس لا أفَأنَا [[في (أ): (أفا).]] نِهابَه ... وأسيافنا يَقْطُرْن من كَبْشِهِ دَمَا [[البيت لطرفة بن العبد، سبق ذكره، انظر: تفسير سورة القيامة؛ الآية: 31.]]
يعني: لم يفر، ولم يكرر لا.
وأما مَا ذكرنا عن المفسرين في تفسير العقبة، فغير متوجه هاهنا لأنَّ [[في (أ): (إلا).]] من المعلوم أن هذا الإنسان وغيره لم يقتحموا عقبة جهنم، ولا جاوزوها، فإذًا لا معنى لحملها على عقبة في الآخرة، ولكن الصحيح أن ذكر العقبة هَاهنا مثل ضربه الله (تعالى) [[ساقط من: (أ).]] لمجاهدة النفس والشيطان في أعمال البر، (وهذا مذهب الحسن، ومقاتل) [[ما بين القوسين ساقط من: (أ).]].
قال الحسن: عقبة الله شديدة، ومجاهدة الإنسان نفسه وهواه، وعدوه والشيطان [["النكت والعيون" 6/ 278 بمعناه، "الكشاف" 4/ 213، "التفسير الكبير" 31/ 185، "الجامع لأحكام القرآن" 20/ 67.]].
وقال مقاتل: هذا مثل ضربه الله؛ يريد أن المعتق رقبة، والمطعم تقاحم نفسه وشيطانه، مثل من يتكلف صعود العقبة، فشبه المعتق رقبة في شدته عليه بالمتكلف صعود العقبة [["تفسير مقاتل" 240 ب، "التفسير الكبير" 31/ 185، وقد رجح الفخر الرازي هذا القول في: "التفسير الكبير" 31/ 185، وقال الماوردي: وهو أشبه بالصواب، "النكت والعيون" 6/ 279، وكذا القرطبي في: "الجامع لأحكام القرآن" 20/ 68.]].
وهذا مذهب أبي عبيدة، فقد قال: لم يقتحم العقبة في الدنيا [["مجاز القرآن" 2/ 299.]]، فبين أن هذه العقبة في الدنيا، وهي مَا ذكر الله من بعد فقال:
{"ayah":"فَلَا ٱقۡتَحَمَ ٱلۡعَقَبَةَ"}