الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ﴾
وَقَدْ بَيَّنَ المُرادَ بِالعَقَبَةِ فِيما بَعْدُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَما أدْراكَ ما العَقَبَةُ﴾ [البلد: ١٢]، ثُمَّ ذَكَرَ تَفْصِيلَها.
وَقَدْ ذَكَرَ أنَّ كُلَّ ما جاءَ بِصِيغَةِ ”وَما أدْراكَ“، فَقَدْ جاءَ تَفْصِيلُهُ بَعْدَهُ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿القارِعَةُ﴾ ﴿ما القارِعَةُ﴾ ﴿وَما أدْراكَ ما القارِعَةُ﴾ ﴿يَوْمَ يَكُونُ النّاسُ كالفَراشِ المَبْثُوثِ﴾ [القارعة: ١ - ٤]، وما بَعْدَها.
وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿الحاقَّةُ﴾ ﴿ما الحاقَّةُ﴾ [الحاقة: ١ - ٢] .
وَفِي تَفْسِيرِ العَقَبَةِ بِالمَذْكُوراتِ، فَكُّ الرَّقَبَةِ، وإطْعامُ اليَتِيمِ والمِسْكِينِ، تَوْجِيهٌ إلى ضَرُورَةِ الإنْفاقِ حَقًّا لا ما يَدَّعِيهِ الإنْسانُ بِدُونِ حَقِيقَةٍ في قَوْلِهِ: ﴿أهْلَكْتُ مالًا لُبَدًا﴾ [البلد: ٦] .
أمّا فَكُّ الرَّقَبَةِ: فَإنَّهُ الإسْهامُ في عِتْقِ الرَّقِيقِ، والِاسْتِقْلالُ في عِتْقِها يُعَبَّرُ عَنْهُ بِفَكِّ النَّسَمَةِ.
وَهَذا العُنْصُرُ مِنَ العَمَلِ بالِغُ الأهَمِّيَّةِ، حَيْثُ قُدِّمَ في سُلَّمِ الِاقْتِحامِ لِتِلْكَ العَقَبَةِ.
وَقَدْ جاءَتِ السُّنَّةُ بِبَيانِ فَضْلِ هَذا العَمَلِ حَتّى أصْبَحَ عِتْقُ الرَّقِيقِ أوْ فَكُّ النَّسَمَةِ، يُعادَلُ بِهِ عِتْقُ المُعْتَقِ مِنَ النّارِ كُلُّ عُضْوٍ بِعُضْوٍ، وفِيهِ نُصُوصٌ عَدِيدَةٌ ساقَها ابْنُ كَثِيرٍ، وفي هَذا إشْعارٌ بِحَقِيقَةِ مَوْقِفِ الإسْلامِ مِنَ الرِّقِّ، ومَدى حِرْصِهِ وتَطَلُّعِهِ إلى تَحْرِيرِ الرِّقابِ.
(p-٥٣٣)فَها هو هُنا يَجْعَلُ عَتَقَ الرَّقَبَةِ، سُلَّمَ اقْتِحامِ العَقَبَةِ، وجَعَلَهُ عِتْقًا لِلْمُعَتَقِ مِنَ النّارِ كُلُّ عُضْوٍ بِعُضْوٍ. ومَعْلُومٌ أنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ يَسْعى لِذَلِكَ، وجَعَلَهُ كَفّارَةً لِكُلِّ يَمِينٍ ولِلظِّهارِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وكَفّارَةَ القَتْلِ الخَطَأِ، كُلُّ ذَلِكَ نَوافِذُ إطْلاقِ الأُسارى، وفَكُّ الرِّقابِ في الوَقْتِ الَّذِي لَمْ يُفْتَحْ لِلِاسْتِرْقاقِ إلّا بابٌ واحِدٌ، هو الأسْرُ في القِتالِ مَعَ المُشْرِكِينَ لا غَيْرَ، وهُما مِمّا سَبَقَ تَنْبِيهًا عَلَيْهِ رَدًّا عَلى المُسْتَشْرِقِينَ ومَن تَأثَّرَ بِهِمْ؛ في ادِّعائِهِمْ عَلى الإسْلامِ: أنَّهُ مُتَعَطِّشٌ لِاسْتِرْقاقِ الأحْرارِ.
وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ - الكَلامُ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ هَذا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هي أقْوَمُ﴾ [الإسراء: ٩] في سُورَةِ ”الإسْراءِ“ .
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ إطْعامٌ في يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ﴾ [البلد: ١٤] . أيْ: شِدَّةٍ وجُوعٍ. والسّاغِبُ: الجائِعُ؛ قالَ القُرْطُبِيُّ: وأنْشَدَ أبُو عُبَيْدَةَ:
؎فَلَوْ كُنْتَ جارًا يا بْنَ قَيْسٍ لِعاصِمٍ لَما بِتَّ شَبْعانًا وجارُكَ ساغِبًا
أيْ: لَوْ كُنْتَ جارًا بِحَقٍّ تَعْنِي بِحَقِّ الجارِ، لَما حَدَثَ لِجارِكَ هَذا.
وَهَذا القَيْدُ لِحالِ الإطْعامِ؛ دَلِيلٌ عَلى قُوَّةِ الإيمانِ بِالجَزاءِ، وتَقْدِيمِ ما عِنْدَ اللَّهِ؛ عَلى ما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِينًا ويَتِيمًا وأسِيرًا﴾ [الإنسان: ٨]، عَلى ما تَقَدَّمَ مِن أنَّ الضَّمِيرَ في حُبِّهِ أنَّهُ لِلطَّعامِ، وهَذا غالِبٌ في حالاتِ الشِّدَّةِ والمَسْغَبَةِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلى أنْفُسِهِمْ ولَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ﴾ [الحشر: ٩]، فَهي أعْلى مَنازِلِ الفَضِيلَةِ في الإطْعامِ.
{"ayah":"فَلَا ٱقۡتَحَمَ ٱلۡعَقَبَةَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق