قوله ﴿فَذَكِّرْ﴾ قال المفسرون: فعظ بالقرآن أهل مكة. والمعنى: ذكرهم بما أعتدنا للمؤمنين والكافرين.
﴿فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ﴾ قال ابن عباس، ومقاتل: برحمة ربك عليك [[انظر: "تفسير مقاتل" 129 أ، "معالم التنزيل" 4/ 240.]]. والمعنى: بإنعامه عليك بالنبوة ورحمته إياك حتى عصمك وطهرك [[وفي "تنوير المقباس" 5/ 286، قال: بالنبوة والإسلام.]].
قوله: ﴿بِكَاهِنٍ﴾ يقال: كَهَنَ الرجل يَكْهَنُ كَهانةً، مثل: كتب يكتب كتابة، وقَلّ ما يقال إلا تَكَهَّنَ الرجل، ويقال: كهن لهم، إذا قال لهم قول الكهنة [[انظر: "تهذيب اللغة" 6/ 24، "اللسان" 3/ 309 (كهن) وهو قول الليث.]]، وهم الذين كانت الشياطين تلقي إليهم ما يسترقون فيخبرون الناس به، وكانت الكهانة في العرب قبل مبعث النبي -ﷺ- فلما بعث ومنعت الشياطين من استراق السمع بطل علم الكهانة [[انظر: "فتح الباري" 10/ 216 - 219، ومما نقله عن القرطبي قوله: (كانوا في الجاهلية يترافعون إلى الكهان في الوقائع والأحكام ويرجعون إلى أقوالهم، وقد انقطت الكهانة بالبعثة المحمدية، لكن بقي في الوجود من يتشبه بهم ..).]].
قال المفسرون: ما أنت بكاهن تبتدع القول وتخبر بما في غد من غير وحي. أي لست تقول ما تقوله [[في (ك): (مقول).]] كهانة، ولا تنطق إلا بوحي. والكاهن الذي يوهم أنه يعلم الغيبَ بطريق خدمة الجن إياه وإخبارهم، والمجنون المارق الذي يغطي على عقله. وهذا جواب لكفار مكة حين قالوا: إنه كاهن ومجنون وشاعر، وقد علموا أنه ليس كما قالوا، ولكنهم قالوا ذلك على جهة الكذيب ليستريحوا إلى ذلك كما يستريح السفهاء إلى التكذيب على أعدائهم.
{"ayah":"فَذَكِّرۡ فَمَاۤ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنࣲ وَلَا مَجۡنُونٍ"}