﴿فَذَكِّرْ﴾: يا محمد، ﴿فَما أنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ﴾ أي بإنعام الله عليك حال من ضمير ﴿بِكاهِنٍ﴾: كما يقولون، ﴿ولا مَجْنُونٍ﴾: فلا تبال بكلامهم، ولا تذر عن التذكير ﴿أمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ﴾، بل أيقولون، والهمزة لإنكار أنه لشاعر، ﴿نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ﴾: حوادث الدهر، فيهلك كما هلك الشعراء قبله فنستريح، والمنون الدهر أو الموت، ﴿قُلْ تَرَبَّصُوا﴾: انتظروا هلاكي، ﴿فَإنِّي مَعَكم مِنَ المُتَرَبِّصِينَ﴾: هلاككم، ﴿أمْ تَأْمُرُهم أحْلامُهُم﴾: عقولهم، ﴿بِهَذا﴾: الذي يقولون فيك من الأقوال الباطلة المتناقصة، ﴿أمْ هم قَوْمٌ طاغون﴾: مجاوزون الحد فهو الذي حملهم على فيك الأقوال، فالهمزة هاهنا للتقرير، وفي البواقي كلها للإنكار، ﴿أمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ﴾: اختلق القرآن من عند نفسه متعمدًا، ﴿بَلْ لا يُؤْمِنُونَ﴾: فينسبونه إلى تلك الأشياء، ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ﴾: القرآن ﴿إنْ كانُوا صادِقِينَ﴾: إن محمدًا تقوله، ﴿أمْ خُلِقُوا مِن غَيْرِ شَيْءٍ﴾: من غير ربٍّ، ومحدثٍ أي: لا خالق لهم، أو من أجل لا شيء أي: عبثًا، ﴿أمْ هُمُ الخالِقُونَ﴾: لأنفسهم، فلذلك لا يسمعون كلام خالقهم ولا رسالته، ﴿أمْ خَلَقُوا السَّماواتِ والأرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ﴾: يشكون حين يقولون الله خلقهن، فإنهم لو أيقنوا لما أعرضوا عنه، ﴿أمْ عِنْدَهم خَزائِنُ ربِّكَ﴾: خزائن قدرته، ﴿أمْ هُمُ المُصَيْطِرُونَ﴾: الغالبون على الأشياء المحاسبون للخلائق، ﴿أمْ لَهم سُلَّمٌ﴾: منصوب إلى السماء، ﴿يَسْتَمِعُونَ﴾ أي: ما يجري في السماء، ﴿فِيهِ﴾ أي: صاعدين فيه فيعرفون حقية ما هم عليه، ﴿فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهم بِسُلْطانٍ مُبِينٍ﴾: حجة ظاهرة على صحة الاستماع، ﴿أمْ لَهُ البَناتُ ولَكُمُ البَنُونَ﴾، فيه تسفيه لأحلامهم على آكد وجه، ﴿أمْ تَسْألُهم أجْرًا﴾: على الرسالة، ﴿فَهم مِن مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾: محملون الثقل من التزام غرم، فلذلك لم يتبعوك، والمغرم أن يلتزم ما ليس عليه، ﴿أمْ عِنْدَهُمُ الغَيْبُ﴾: اللوح المحفوظ، ﴿فَهم يَكْتُبُونَ﴾: ما فيه، ويخبرون به الناس أو علم الغيب، فهم يحفظونه، ﴿أمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا﴾: مكرًا بك، الهمزة هاهنا أيضًا للتقرير، ﴿فالَّذِينَ كَفَرُوا﴾: من وضع الظاهر موضع المضمر، أو أراد كل الكافرين، ﴿هُمُ المَكِيدُونَ﴾: الذين يحيق بهم الكيد ويعود وباله عليهم، ﴿أمْ لَهم إلَهٌ غَيْرُ اللهِ﴾: ينصرهم، ﴿سُبْحانَ اللهِ عَمّا يُشْرِكونَ وإنْ يَرَوْا كِسْفًا﴾: قطعة، ﴿مِنَ السَّماءِ ساقِطًا﴾: لعذابهم، ﴿يَقُولُوا﴾: عنادًا، ﴿سَحابٌ مَرْكُومٌ﴾، هذا سحاب تراكم بعضها على بعض، وهذا جواب قولهم ﴿فأسقط علينا كسفًا من السماء﴾ [الشعراء: ١٨٧]، ﴿فَذَرْهُمْ﴾: في غمرتهم، ﴿حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيه يُصْعَقُونَ﴾: يوم القيامة عند النفخة الأولى، ﴿يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهم كَيْدُهم شَيْئًا﴾: من الإغناء، ﴿ولا هم يُنْصَرُونَ وإنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾: من وضع الظاهر موضع المضمر، أو أراد العموم، ﴿عَذابًا دُونَ ذَلِكَ﴾: دون عذاب الآخرة في الدنيا، ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَعْلَمُون﴾: ﴿ولَنُذِيقَنَّهم مِنَ العَذابِ الأدْنى دُونَ العَذابِ الأكْبَرِ لَعَلَّهم يَرْجِعُونَ﴾ [السجدة: ٢١]، لكن لا يعلمون أن المصائب للتنبيه، فلا ينيبون، ﴿واصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾: ما قدر لك من وصول المكروه، ﴿فَإنَّكَ بِأعْيُنِنا﴾: بحيث نراك، ونحفظك ونرعاك، وجمع العين لجمع الضمير، ﴿وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾: إلى الصلاة، ”سبحانك اللهم، وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك“ أو من نومك أو من كل مجلس ﴿ومِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ﴾: اذكره بالعبادة والصلاة، ﴿وإدْبارَ النُّجُومِ﴾: إذا أدبرت النجوم، والمراد ركعتي الفجر.
{"ayahs_start":29,"ayahs":["فَذَكِّرۡ فَمَاۤ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنࣲ وَلَا مَجۡنُونٍ","أَمۡ یَقُولُونَ شَاعِرࣱ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَیۡبَ ٱلۡمَنُونِ","قُلۡ تَرَبَّصُوا۟ فَإِنِّی مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُتَرَبِّصِینَ","أَمۡ تَأۡمُرُهُمۡ أَحۡلَـٰمُهُم بِهَـٰذَاۤۚ أَمۡ هُمۡ قَوۡمࣱ طَاغُونَ","أَمۡ یَقُولُونَ تَقَوَّلَهُۥۚ بَل لَّا یُؤۡمِنُونَ","فَلۡیَأۡتُوا۟ بِحَدِیثࣲ مِّثۡلِهِۦۤ إِن كَانُوا۟ صَـٰدِقِینَ","أَمۡ خُلِقُوا۟ مِنۡ غَیۡرِ شَیۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَـٰلِقُونَ","أَمۡ خَلَقُوا۟ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ بَل لَّا یُوقِنُونَ","أَمۡ عِندَهُمۡ خَزَاۤىِٕنُ رَبِّكَ أَمۡ هُمُ ٱلۡمُصَۣیۡطِرُونَ","أَمۡ لَهُمۡ سُلَّمࣱ یَسۡتَمِعُونَ فِیهِۖ فَلۡیَأۡتِ مُسۡتَمِعُهُم بِسُلۡطَـٰنࣲ مُّبِینٍ","أَمۡ لَهُ ٱلۡبَنَـٰتُ وَلَكُمُ ٱلۡبَنُونَ","أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرࣰا فَهُم مِّن مَّغۡرَمࣲ مُّثۡقَلُونَ","أَمۡ عِندَهُمُ ٱلۡغَیۡبُ فَهُمۡ یَكۡتُبُونَ","أَمۡ یُرِیدُونَ كَیۡدࣰاۖ فَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ هُمُ ٱلۡمَكِیدُونَ","أَمۡ لَهُمۡ إِلَـٰهٌ غَیۡرُ ٱللَّهِۚ سُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا یُشۡرِكُونَ","وَإِن یَرَوۡا۟ كِسۡفࣰا مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ سَاقِطࣰا یَقُولُوا۟ سَحَابࣱ مَّرۡكُومࣱ","فَذَرۡهُمۡ حَتَّىٰ یُلَـٰقُوا۟ یَوۡمَهُمُ ٱلَّذِی فِیهِ یُصۡعَقُونَ","یَوۡمَ لَا یُغۡنِی عَنۡهُمۡ كَیۡدُهُمۡ شَیۡـࣰٔا وَلَا هُمۡ یُنصَرُونَ","وَإِنَّ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ عَذَابࣰا دُونَ ذَ ٰلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ","وَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعۡیُنِنَاۖ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ حِینَ تَقُومُ","وَمِنَ ٱلَّیۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَـٰرَ ٱلنُّجُومِ"],"ayah":"فَذَكِّرۡ فَمَاۤ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنࣲ وَلَا مَجۡنُونٍ"}