قوله: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا﴾ أي: أنكروها، ولم يقروا بأنها من عند الله قال قتادة: الجحود لا يكون إلا من بعد المعرفة [[أخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2852.]]. وقال المبرد: لا يكون الجحود إلا لما قد علمه الجاحد، كما قال عز وجل: ﴿فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ [الأنعام: 33] [["تأويل مشكل القرآن" 322، ولم ينسبه.]].
قال أبو عبيدة: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا﴾ جحدوها، والباء: زائدة، وأنشد:
نضرب بالسيف ونرجو بالفرَج [[أنشده كاملًا أبو عبيدة، "مجاز القرآن" 2/ 56، ولم ينسبه، وقبله:
نحن بنو جعدة أصحاب الفَلَجْ
وأنشده ابن قتيبة، "تأويل مشكل القرآن" 249، ولم ينسبه، وكذا البغدادي، "الخزانة" 9/ 521، ثم نقل عن أبي عبيدة: الفلج: بفتح الفاء واللام، موضع لبني قيس. وهو في "ديوان النابغة الجعدي" 216. والشاهد الباء الثانية، أما الأولى فللاستعانة. "مغني اللبيب" 1/ 108.]]
﴿وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ أنها من الله [["معاني القرآن" للفراء 2/ 288.]]، وأنها ليست بسحر [["تفسير مقاتل" 57 أ.]] ﴿ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ قال السدي: هذا من التقديم والتأخير. ونحو هذا قال مقاتل [["تفسير مقاتل" 57 أ.]].
قال الزجاج: المعنى: وجحدوا بها ظلمًا، وعلوًا، ترفعًا عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى، فجحدوا بها وهم يعلمون أنها من الله [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 111.]].
وقال مقاتل: ﴿ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ شركًا وتكبرًا [["تفسير مقاتل" 57 أ.]]. وهذا يدل على أن اليقين بالقلب مع الجحود والإنكار باللسان لا ينفع ولا يكون إيمانًا.
﴿فَانْظُرْ﴾ يا محمد ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ في الأرض بالمعاصي [["تفسير مقاتل" 75 أ.]].
{"ayah":"وَجَحَدُوا۟ بِهَا وَٱسۡتَیۡقَنَتۡهَاۤ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمࣰا وَعُلُوࣰّاۚ فَٱنظُرۡ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِینَ"}