الباحث القرآني

﴿وجَحَدُوا﴾ أيْ: أنْكَرُوا عالِمِينَ ﴿بِها﴾ أيْ: أنْكَرُوا كَوْنَها آياتٍ مُوجِباتٍ لِصِدْقِهِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِإبْطالِهِمْ لِأنَّ الجُحُودَ الإنْكارُ مَعَ العِلْمِ. ولَمّا كانَ الجَحْدُ مَعْناهُ إنْكارُ الشَّيْءِ مَعَ العِلْمِ بِهِ، حَقَّقَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿واسْتَيْقَنَتْها﴾ أيْ: والحالُ أنَّهم قَدْ طَلَبُوا الوُقُوفَ عَلى حَقائِقِ أمْرِها (p-١٣٨)حَتّى تَيَقَّنَتْها في كَوْنِها حَقًّا ﴿أنْفُسُهُمْ﴾ وتَخَلَّلَ عِلْمُها صَمِيمَ عِظامِهِمْ، فَكانَتْ ألْسِنَتُهم مُخالِفَةً لِما في قُلُوبِهِمْ، ولِذَلِكَ أسْنَدَ الِاسْتِيقانَ إلى النَّفْسِ، ثُمَّ عَلَّلَ جَحَدَهم ووَصْفَهم لَها بِخِلافِ وصْفِها فَقالَ: ﴿ظُلْمًا وعُلُوًّا﴾ أيْ: إرادَةَ وضْعِ الشَّيْءِ في غَيْرِ حَقِّهِ، والتَّكَبُّرِ عَلى الآتِي بِهِ، تَلْبِيسًا عَلى عِبادِ اللَّهِ. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فَأغْرَقْناهم أجْمَعِينَ بِأيْسَرِ سَعْيٍ وأهْوَنِ أمْرٍ فَلَمْ يَبْقَ مِنهم غَيْرُ تَطَرُّفٍ، ولَمْ يَرْجِعْ مِنهم مُخْبِرٌ، عَلى كَثْرَتِهِمْ وعَظَمَتِهِمْ وقُوَّتِهِمْ، عَطَفَ عَلَيْهِ تَذْكِيرًا بِهِ مُسَبِّبًا عَنْهُ قَوْلُهُ: ﴿فانْظُرْ﴾ ونَبَّهَ عَلى أنَّ خَبَرَهم مِمّا تَتَوَفَّرُ الدَّواعِي عَلى السُّؤالِ عَنْهُ لِعَظَمَتِهِ، فَقالَ مُعَبِّرًا بِأداةِ الِاسْتِفْهامِ: ﴿كَيْفَ كانَ﴾ وكانَ الأصْلُ: عاقِبَتُهم، أيْ: آخِرُ أمْرِهِمْ، ولَكِنَّهُ أظْهَرَ فَقالَ: ﴿عاقِبَةُ المُفْسِدِينَ﴾ لِيَدُلَّ [عَلى] الوَصْفِ الَّذِي كانَ سَبَبًا لِأخْذِهِمْ تَهْدِيدًا لِكُلِّ مَنِ ارْتَكَبَ مِثْلَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب