الباحث القرآني
قوله: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ﴾ قال الكلبي: على رجل عجمي [[في "تنوير المقباس" 314: "على رجل لا يتكلم بالعربية".]]. والمعنى: ولو نزلنا القرآن على رجل ليس بعربي اللسان ﴿فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ﴾ بغير لغة العرب ما آمنوا به، وقالوا: ما نفقه قولك؛ نظيره قوله: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُه﴾ [فصلت: 44] قال مقاتل: يقول: لو نزلنا هذا القرآن على رجل ليس بعربي اللسان فقرأه على كفار مكة لقالوا: ما نفقه قولك [["تفسير مقاتل" 55 أ. واقتصر على هذا القول في "الوسيط" 3/ 363.]].
قوله: ﴿فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ يعني: بالقرآن مصدقين بأنه من الله [["تفسير مقاتل" 55 أ.]].
وفيه قول آخر؛ روى داوود بن أبي هند، عن محمد بن أبي موسى، قال: كنت واقفًا مع عبد الله بن مطيع بن الأسود بعرفات؛ فقرأ هذه الآية: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ﴾ قال: لو نزل على جملي هذا فقرأ عليهم ﴿مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ [[أخرجه ابن جرير 19/ 114، من طريقين. وكذا ابن أبي حاتم 9/ 2820.]]. وهذا القول أليق بما بعده.
قال أبو إسحاق: (الأعجمين) جمع أعجم، والأنثى عجماء، والأعجم الذي لا يفصح، وكذلك الأعجمي، فأما العَجَمِي فالذي من جنس العجم أفصح أو لم يفصح [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 102. و"معاني القرآن" للفراء 2/ 283، بمعناه. والزاهر في معاني كلمات الناس 2/ 56.]].
قال أبو علي الفارسي: أعجم صفة [[كلمة: صفة، مكررة في نسخة (أ)، (ب).]]، كأحمر؛ لأنه قد وُصف به في النكرة، وهو قوله:
.. .. .. .. .. كما أَوتْ ... حِزقٌ يمانيةٌ لأعجمَ طِمْطِم [[هكذا أنشده أبو علي، "الإغفال لما أغفله الزجاج" 2/ 213 ب. والبيت لعنترة، من معلقته، وصدره كما في الديوان 20:
تأوي له قُلُص النعام كما أوت
ورواية البيت في "شرح التبريزي" ص 162:
يأوي إلى حِزق النعام كما أوت
وقال في شرحه: يأوي هذا الظليم إلى حزق النعام، وهي: جماعاتها، واحدتها: حزقة، وحزيقة، والطمطم: الذي لا يفصح شيئاً، شبه النعام حول هذا الظليم بقوم من اليمن حول رجل من العجم يسمعون كلامه، ولا يفهمونه، وخص أهل اليمن لقربهم من العجم، يعني: الحبش، وملابستهم لهم.]]
وقد دخلته الألف واللام على حد دخولها على أحمر، للتعريف في قولهم: زياد الأعجم، فقد علمت لجريه على النكرة، ودخول لام التعريف عليه أنه صفة في النكرة، مثل أحمر، وفي التعريف بمنزلة: الأحمر، وإذا كان كذلك ثبت أنه صفة، وإذا علمت أنه صفة علمت أن جمعه بالواو والنون، والياء والنون [[غير واضحة بالنسخ ولعل الصواب ما ذكره أبو علي في كتاب "الشعر" 1/ 156: كما أن عجماء لا تجمع بالألف والتاء.]] خطأ، وإذا كان هذا القبيل من الصفة لا يُجمع بالواو والنون في قول النحويين أجمعين، علمتَ أن قول أبي إسحاق: الأعجمين جمع أعجم، [والأنثى] [[ما بين المعقوفين، من كتاب أبي علي.]] عجماء، خطأ بيَّن؛ والقول فيه: أنه جمع أعجمي ليس جمع أعجم، وأعجم وأعجمي معناهما واحد، وكلاهما وَصْف الذي لا يُفصح من العجم كان أو من العرب، إلا أنَّ الذي تدخله ياء التشديد ينصرف، وإنْ كان المعني فيه الصفة [[الصفة، في نسخة (أ)، (ب).]]، [كما أن صياقلة [[الصَّقْل: الجِلاء، والمِصقلة التي يصقل الصَيْقَل بها سيفًا ونحوه، وجمع الصيقل: صياقل وصياقلة. "تهذيب اللغة" 8/ 372 (صقل).]] ونحوه لما دخله تاء التأنيث انصرف للتاء، والمعنى: معنى الجمع] [[ما بين المعقوفين، غير موجود في كتاب أبي علي.]] فأعجمي كقولهم: أحمري، وأنت تريد الأحمر، كما لا تريد بكرسي إضافتَه إلى شيء، وهذا مروي مأخوذ من رواة اللغة؛ يدلك على ذلك قول العجاج:
والدهرُ بالإنسان دَوَّارِيُ [[أنشده ابن جرير 19/ 114، منسوبًا للعجاج، وقال بعده: "ومعناه: دوار، فنسبه إلى فعل نفسه". وأنشده أبو علي، في كتابه: "الأغفال" 114 ب، منسوبًا للعجاج. وصدر البيت كما في الديوان 247:
أَطَرَبَاً وأنت قِنَّسْرِيُّ .. .. ..
قال محقق الديوان: القنسري: المسن الكبير، ودواري: دائر؛ يقول: إن الدهر == يتصرف بالإنسان ويدور به، يقول: كيف تطرب وأنت كبير يوبخه بذلك، وإنما يصبو فيعذر الصبي ومن لا سن له ولا تجربة عنده.]] ألا ترى أن المراد بدَوَّارِي: دوارٌ واحد، كذلك أعجم وأعجمي [[قال ابن جرير 19/ 114: "إذا أريد به نسبة الرجل إلى أصله من العجم، لا وصفه بأنه غير فصيح "اللسان"، فإنه يقال: هذا رجل عجمي، وهذان رجلان عجميان، وهؤلاء قوم عَجَم، كما يقال: عربي، وعربيان، وقوم عَرَب، وإذا قيل هذا: هذا رجل أعجمي، فإنما نسب إلى نفسه، كما يقال: للأحمر: هذا أحمريٌّ ضخم".]]. والذي قلنا من أن الأعجمين جمع أعجمي هو قول سيبويه؛ وقد نص عليه [[وذهب إلى ذلك الأخفش، في "معاني القرآن" 2/ 647. حيث قال: "واحدهم: الأعجم، وهو إضافة كالأشعرين". وذكر السمين الحلبي الأقوال المؤيدة لذلك. "الدر المصون" 8/ 554.]]؛ وذهب أبو إسحاق عنه [[يعني غفل عنه أبو إسحاق فلم يذكره. والله أعلم.]]، قال سيبويه في الباب المترجم: هذا بابٌ من الجمع بالواو والنون، [وتكسير الاسم. سألت الخليل عن قولهم: الأَشْعَرُون؛ فقال: إنما أَلحقوا الواو والنون] [[ما بين المعقوفين، غير موجود في كتاب أبي علي.]] وحذفوا ياء الإضافة كما كَسَّروا فقالوا: الأشاعرُ، والأشاعث، والمَسَامِعة، فلما كَسَّروا مِسْمَعًا والأشعث حين أرادوا معنى بني مِسْمَع وبني الأشعث، أَلحقوا الواو والنون، فكذلك الأعجمون [["الكتاب" 3/ 410.]].
فقد تبينت من نص سيبويه أن الأعجمين جمع أعجمي، وأن ياءي النسب والإضافة [[الإضافة. ساقطة من النسخ الثلاث، وهي في كتاب أبي علي.]] محذوفان حُذفا في الجمع، وأنه جُمع على هذا [الحد] [[في كتاب أبي علي. "وأنه جمع على هذا كما جمع وكسر على الأشاعث".]] كما كُسِّر على الأشاعث. ومثل قولهم: الأعجمون، قولهم: النُّمَيْرُون. ومما يدلك على صحة هذا: أن ما كان صفة من هذا القبيل لا يجمع بالواو والنون، ألا ترى أنه لا يقال في جمع أسود: أسودون، وإذا كان ذلك مرفوضًا علمت أنه جَمْع الاسم إذا أُلحق ياء النسب؛ لأنه بدخول ياء النسب يخرج من ذلك الحد في اللفظ، وإن كان موافقًا له في المعنى، كما خرج بذلك من الامتناع من الانصراف، وكما لم يُجمع مذكر هذا القبيل بالواو والنون، كذلك لم يُجمع مؤنثه، نحو: حمراء، وسوداء، بالألف والتاء. انتهت الحكاية عن أبي علي [["الإغفال فيما أغفله الزجاج" 2/ 213، بشيء من التصرف، والاختصار، حيث أطال أبو علي، الحديث عن هذه المسألة.]].
وذكرنا تفسير الأعجمي في سورة النحل [[عند قوله تعالى: ﴿لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِي﴾ [103].]].
{"ayahs_start":198,"ayahs":["وَلَوۡ نَزَّلۡنَـٰهُ عَلَىٰ بَعۡضِ ٱلۡأَعۡجَمِینَ","فَقَرَأَهُۥ عَلَیۡهِم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ مُؤۡمِنِینَ"],"ayah":"وَلَوۡ نَزَّلۡنَـٰهُ عَلَىٰ بَعۡضِ ٱلۡأَعۡجَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق