الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾ قال ابن عباس: يريد المشركين اتخذوا من دونه آلهة [[في (د)، (ع): (إلهًا).]]. هذا كلامه في رواية عطاء. والصحيح أن هذا إخبار عن جميع مخالفي شريعة محمد -ﷺ- يقول: اختلفوا في الدين فصاروا فيه فرقًا وأحزابًا. ويجوز أن يكون هذا الاختلاف راجعا إلى اختلاف أهل كل ملة كاختلاف اليهود فيما بينهم واختلاف النصارى وهذا هو الظاهر. ويجوز أن يرجع إلى مخالفتهم دين الحق. وعلى هذا معنى ﴿أَمْرَهُمْ﴾ أي: الأمر الذي شرع لهم ودعوا إليه. والمعنى الأول من قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾ [الأنعام: 159] والمعنى الثاني من قراءة من قرأ: (فارقوا دينهم) [[قرأ حمزة، والكسائي: (فارقوا) بالألف مخففًا. وقرأ الباقون: (وفرقوا) بغير ألف مشددًا. "السبعة" ص 274، "التبصرة" ص 200، "التيسير" ص 108.]]. قال الكلبي: يقول فرقوا دينهم فيما بينهم يلعن بعضهم بعضًا، ويتبرأ بعضهم من بعض، كل فرقة يرون أنهم على الحق [[ذكره البغوي 5/ 353 عن الكلبي إلى قوله: من بعض. وذكر الماوردي 3/ 470 عن الكلبي قال: تفرقوا.]]. والتقطع في هذه الآية واقع بمنزلة التقطيع. قال أبو عبيدة والزجاج: أي اختلفوا وتفرقوا؛ لأن تقطعهم أمرهم بينهم تفرقة [[انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 42، "ومعاني القرآن" للزجاج 3/ 404.]]. قال الأزهري [[في (أ)، (ت): (الزهري)، وهو تصحيف.]]: ويجوز أن يكون قوله: ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾ أي: تفرقوا في أمرهم [ونَصَبَ أمرهم] [[ما بين المعقوفين ساقط من (د)، (ع).]] بحذف (في) قال: وهذا القول أصوب [[هذا النص عن الأزهري ليس موجودًا في المطبوع من "تهذيب اللغة" 1/ 187 - 196 (قطع)، فلعله سقط من المطبوع، أو من النسخة الخطية المعتمد عليها في الطباعة. وهو موجود بهذا النص في "لسان العرب" لابن منظور 8/ 276 (قطع) منسوبًا إلى الأزهري. وهو عند القرطبي 11/ 339 عز الأزهري إلى قوله: بحذف (في).]]. وعلى هذا التقطع [[في (ع): (القطع).]] لازم [[وعلى الوجه الأول يكون (أمرهم) منتصبًا على أنه مفعول به، وعدى (تقطعوا) لأنه بمعنى: قطعوا. انظر: "الإملاء" للعكبري 2/ 136 - 137، "الدر المصون" 8/ 196.]]. ثم أخبر-عزّ وجلّ- أن مرجع جميع أهل الأديان إليه، وأنه مُجازٍ جميعهم فقال: ﴿كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ﴾ قال ابن عباس: يريد الذين عبدوا غيري، والذين وحدوني وأطاعوني. وقال أهل المعاني: كل إلينا راجعون أي: إلى حكمنا في الوقت الذي لا يقدر على الحكم سوانا. كما يقال رجع أمرهم إلى القاضي أي: إلى حكمه [[ذكر هذا القول: الطوسي في "التبيان" 7/ 246، والحاكم الجشمي في "التهذيب" 3/ 160 أ، والقرطبي في "تفسيره" 11/ 339 من غير نسبة لأحد. والذي يظهر أن قول أهل المعاني صادرٌ بسبب التأويل. والصواب أن المعنى: ﴿كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ﴾ أي: صائرون إليه سبحانه يوم القيامة، فيحكم بينهم في ذلك اليوم ويجازى جميعهم إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [آل عمران: 55]. انظر: "تفسير الطبري" 17/ 85، "تفسير ابن كثير" 3/ 194.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب