الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿لَا تَرْكُضُوا﴾ قال المفسرون: لما أخذتهم السيوف وانهزموا -وكانوا قد خرجوا من مساكنهم لقتال بختنصر فلما انهزموا- مروا على دورهم منهزمين، وديارهم [[(ديارهم): ساقطة من (أ)، (ت).]] بها أهلوهم وذراريهم فلم يلووا [[في (أ)، (ت): (فلوتلوا).]] عليهم فنادتهم الملائكة استهزاء بهم ﴿لَا تَرْكُضُوا﴾ [[ذكر الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 28 أنحوًا من ذلك. وانظر: "الدر المنثور" 5/ 618 - 619. والأظهر أن الآيات وصف قصة كل قرية، وأنه لم يرد تعيين حضوراء ولا غيرها، فالمعنى على هذا: أن أهل تلك القرى الظالمة لما تيقنوا أن العذاب نازل بهم لا محالة ركضوا فارين، فقيل لهم- على وجه الهزء والتهكم: لا تركضوا هاربين من العذاب وارجعوا إلى ما كنتم فيه من النعمة والسرور والمعيشة والمساكن الطيبة. فاحذروا -أيها المخاطبون- أن تستمروا على تكذيب أشرف الرسل، فيحل بكم كما حل بأولئك. انظر: "المحرر الوجيز" 10/ 130 - 131، "تفسير ابن كثير" 3/ 174، "تفسير ابن سعدي" 3/ 270.]]. [والتقدير في النظم فقيل لهم: لا تركضوا] [[ساقط من (د)، (ع).]]. قال صاحب النظم: ومن عادة العرب إذا ظفر الواحد منهم بواتر له [[بواتر: أي: من أصابه بوتر، والوتر: الجناية التي يجنيها الرحل على غيره من قتل أو نهب أو سبي. "لسان العرب" 5/ 274 (وتر).]] أن يقول له [[(له): ساقطة من (أ)، (ت)]] مثل هذا القول، كما قال الشاعر: هَلَّا سألت جُمَوع كنْدَة ... يوم ولَّوا أين أينا [[في (ت)، (أ): (أبنا)، والصواب ما في (ع)، (ر).]]؟ [[البيت لعبيد بن الأبرص ضمن أبيات يقولها لامرئ القيس، وكان امرؤ القيس قد توعَّد بني أسد إذ قتلوا أباه. وكندة قوم امرئ القيس. والبيت في "ديوان عبيد" ص 142، و"الشعر والشعراء" لابن قتيبة ص 161، و"مشكل القرآن" له أيضًا ص 186، و"معاني القرآن" للفراء 1/ 177.]]. فجاء هذا على تلك العادة التي هي بينهم. وقوله تعالى: ﴿وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ﴾ قال الكلبي: خولتم [[خولتم: أي: أعطيتم وملكتم. "الصحاح" للجوهري 4/ 1690 (خول)، "القاموس المحيط" 3/ 372.]] ونعمتم [[في (ت): (تعميم).]] فيه [[انظر: البغوي 5/ 312، ابن الجوزي 5/ 342.]]. وقال ابن عباس: يريد ما كنتم تتنعمون فيه [[انظر: "تنوير المقباس" ص 200.]]. وقال السدي: ﴿إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ﴾ أن تجبرتم [[لم أجده.]]. وقال ابن قتيبة: أي إلى نعمكم التي أترفتم [["غريب القرآن" لابن قتيبة ص 284. وفيه أي: إلى نعمكم التي أترفتكم.]]. ومضى الكلام في هذا عند قوله: ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾ [الإسراء: 16]. وقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾ قال قتادة: أي شيئاً من دنياكم، استهزاء بهم [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 22، والطبري 17/ 8، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 5/ 618 وعزاه لعبد الرازق وابن المنذر وابن أبي حاتم.]]. والمعنى على هذا أن الملائكة قالت لهم: ارجعوا إلى نعمكم ومساكنكم لعلكم تسألون [شيئًا] [[كشط في (ت).]] من دنياكم، فإنكم أهل ثروة ونعمة، استهزاء بهم، كما ذكره قتادة. وهذا في الحقيقة توبيخ لهم؛ إذ جهلوا قدر نعمة الله عليهم بنذيب نبيه والإقدام على قتله، فوبختهم الملائكة بهذا ألقول، وذكَّروهم ما كانوا فيه من النعم؛ ليكون ذلك أشد لتحسرهم. وقول قتادة في هذه الآية هو [[في (1): (وهو).]] الصحيح، وذكرت أقوال، وهي بعيدة في المعنى، قال السدي: ﴿لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾ يوم القيامة [[لم أجده.]]. وقال الكلبي: ﴿لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾ عن قتل هذا النبي [[ذكره عنه ابن الجوزي 5/ 342.]]. وقال الحسن: ﴿لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾ أي تعذبون [[لم أجده.]]. وكل هذه الأقوال بعيدة عن معنى هذه الآية. قال أبو [إسحاق] [[ما بين المعقوفين كشط في (ت).]]. ويجوز لعلكم تسألون فتجيبون عما تشاهدون إذا رأيتم ما نزل بمساكنكم وما أترفتم فيه [["معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 3/ 386.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب