الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿يَتَوَارَى﴾، أي: يختفي ويتغيب، وقد ذكرنا هذا الحرف وتفسيره في قوله: ﴿مَا وُورِيَ عَنْهُمَا﴾ [الأعراف: 20].
وقوله تعالى: ﴿مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ﴾ قال المفسرون: كان الرجل في الجاهلية إذا ضرب امرأتَه المخاضُ توارى إلى أن يعلم ما يُولدُ له، فإن كان ذكرًا سُرَّ به وابتهج، وإن كانت أُنثى اكتأب لها وحزن ولم يظهر للناس أيامًا، يُدبِّر كيف يصنع في أمرها [[ورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 75، بنحوه، وانظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 446، وابن الجوزي 4/ 458، والفخر الرازي 20/ 55، والخازن 3/ 120، وأبي حيان 5/ 504.]]، وهو قوله: ﴿أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ﴾ أي أيحبسه، والإمساك هاهنا بمعنى الحبس، كقوله: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ [الأحزاب: 37]، والكناية تعود على ما في قوله: ﴿مَا بُشِّرَ بِهِ﴾، والهُون: الهَوَان [[لم يفرق بعضهم بين الهَوْن والهُون، وذهب الكثير إلى التفريق بينهما؛ فقال بعضهم: الهُون: الهوان، والهَون: الرفق. وقال آخرون: الهُون: العذاب، والهَون: الرفق. وقال الليث: الهَون: مصدر الهيِّن في معنى السكينة والوقار. وقال شمر: الهَوْنُ: الرفق والدعة. وقال الفراء: الهُوْنُ في لغة قريش: الهَوَانُ، وبعض تميم يجعل الهُون مصدرًا للشيء الهيّن؛ أي القليل. انظر: "معاني القرآن" للفراء 2/ 106، و"تهذيب اللغة" (هان) 4/ 3699، و"اتفاق المباني وافتراق المعاني" ص 99.]].
قال ابن شميل: إنه لَيَهُون علي هَوْنًا وهَوانًا [[ورد في "تهذيب اللغة" (هان) 4/ 3699، بنصه.]]، وأهنته هَوْنًا وهوانًا، وذكرنا هذا في سورة الأنعام عند قوله: ﴿عَذَابَ الْهُونِ﴾ [آية: 93].
قال المفسرون: كان أحدُهم في الجاهلية إذا وُلِدت له بنتٌ ضاق بها ذرعًا، فلم يدر ما يصنع بها؛ أَيَدُسُّها تحت التراب أو يتهاون بها فيُلْقِيها [[ورد بنحوه في "تفسير مقاتل" 1/ 204 أ، والطبري 14/ 124، والسمرقندي 2/ 239، وهود 2/ 374، والثعلبي 2/ 158 أ، ولعل المقصود بقوله: (فيلقيها)، أي: يلقيها من شاهق، فقد ذكر الرازي عدة وسائل كانوا يسلكونها في قتل البنات، أشهرها: أن يحفر لها الحفيرة ويدفنها حتى تموت، ومنهم من يرميها من شاهق جبل، ومنهم من يغرقها، ومنهم من يذبحها. انظر: "تفسير الرازي" 20/ 56.]]، والهَوان على قول أكثرهم يعود إلى المولودة على معنى أنه سيهينها في التعب والعمل، ويمسكها على هوان منه لها.
وقال عطاء عن ابن عباس في قوله: ﴿أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ﴾ يريد على رغم أنفه وعلى الكراهية منه [[انظر: "تفسير الفخر الرازي" 20/ 55.]]، وعلى هذا القول، الهوان راجع إلى الوَالِد [[في جميع النسخ: (الولد) والصحيح (الوالد)؛ لأن هذا هو المعنى الثاني، وفي الأول عاد الهوان على الولد، ويؤيده التعليل بعده.]]؛ لأنه يمسكه على رضا بهوان نفسه وكراهته، واختاره الفراء فقال: لا يدري أيدفنها أم يصبر عليها وعلى مكروهها [["معانى القرآن" للفراء 2/ 107، بنصه.]].
وقوله تعالى: ﴿أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ﴾ أي يخفيه، والدس: إخفاء الشيء [[انظر: (دس) في "تهذيب اللغة" 2/ 1183، و"المحيط في اللغة" 12/ 235، و"الأساس" 1/ 271، و"عمدة الألفاظ" 2/ 8.]]، وهذا على ما كانوا يفعلونه من الوأد في الجاهلية، والجملة التي وقع عليها الاستفهام من الإمساك أو [[في جميع النسخ: (و)، وما أثبته هو الصواب، والظاهر أن الألف سقطت أو تصحفت.]] الوأد متعلقة بمحذوف يدل عليه القَسَم في الاستفهام، على تقدير ﴿يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ﴾ مقدرًا: أيمسكه أم يدسه، أو مفكرًا أو مدبرًا، أي يُقَلِّبُ رأيه في أحد الأمرين.
وقال صاحب النظم: قوله: ﴿أَيُمْسِكُهُ﴾ متصل في النظم بقوله: ﴿وَهُوَ كَظِيمٌ﴾، والكظيم بمعنى الكاظم، ومعنى الكظم: ستر الشيء في القلب وترك إظهاره [[أصل الكَظْم: اجتراعُ الغَيْظ، والكَظَمُ: مخرجُ النفس، يقال: أخذ بكَظَمِه، والكُظُومُ: السكوت، والكُظومُ: إمساكُ البعيرِ عن الجِرَّةِ. انظر: (كظم) في "العين" 5/ 345، و"تهذيب اللغة" 4/ 3151، و"المحيط في اللغة" 6/ 233، و"مجمل اللغة" 2/ 786، و"عمدة الحفاظ" 3/ 469.]]، ومنه: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ [آل عمران: 134]، والتأويل: وهو كاظم، ﴿أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ﴾، أي: أن هذا المعنى في قلبه من شدة الغَمّ وهو يكظمه ولا يظهره.
وقوله تعالى: ﴿أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ قال ابن عباس والمفسرون: بئس ما حكموا أن جعلوا لمن يعرفون بأنه خالقهم البنات؛ اللاتي محلهن منهم هذا المحل، ونسبوه إلى اتخاذ الولد، وجعلوا لأنفسهم البنين [[ورد بمعناه غير منسوب في "تفسير مقاتل" 1/ 204 أ، والطبري 14/ 124، والسمرقندي 2/ 239، والثعلبي 2/ 158 أ، والطوسي 6/ 394، وانظر: "تفسير الزمخشري" 2/ 333، وابن الجوزي 4/ 459، و"تفسير القرطبي" 10/ 118، والخازن 3/ 120، وأبي حيان 5/ 504.]]، نظير هذه الآية قوله: ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ [النجم:21، 22].
{"ayah":"یَتَوَ ٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦۤۚ أَیُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ یَدُسُّهُۥ فِی ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق