الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ قال أبو إسحاق وغيره: أي ضَلُّوا بسببها؛ لأن الأصنام لا تعقل ولا تفعل شيئًا؛ كما يقول: قد افْتَنَتْنِي هذه الدار؛ أي: أحْبَبْتُها واسْتَحْسَنْتُها وافْتُتِنْتُ بسببها [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 164 بنصه تقريباً.]]، فلما ضل الناس بسببها صارت كأنها أضلتهم، فنُسِب الفعل إليها. وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي﴾ قال ابن عباس: يريد على ديني بالتوحيد لك والمعرفة بك [[ورد بنحوه مختصرًا غير منسوب في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي 1/ 330، و"ابن الجوزي" 4/ 365، و"تفسير القرطبي" 9/ 368، و"الألوسي" 13/ 235.]]. وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ قال ابن الأنباري: يريد من المُتديِّنين بميني المتمسِّكين بحبلي؛ كما قال [[البيت لنابغة الذبياني.]]: إذا حاوَلْتَ في أسَدٍ فُجُورًا ... فإني لَسْتُ منكَ ولَسْتَ مِنّي [["ديوان النابغة" ص 138، وورد في "الكتاب" 4/ 186، و"تفسير القرطبي" 9/ 252، و"الخازن" 3/ 81، و"الدر المصون" (2/ 526) قال النابغة: هذه القصيدة ردًّا على عُيينة بن حصن الفزاري الذي دعاه قومه إلى مقاطعة بني أسد وتقض حلفهم لما قتلوا رجلين من بني عبس رداً على قتلهم نضلة الأسدي، فأبى عليه النابغة وتوعده بالمقاطعة إن حاول الإساعة إلى بني أسد. والمراد بالفجور: نقض الحلف.]] أراد: ولستَ من المتمسِّكين بِحَبْلي [[لم أقف على مصدره، وورد بنصه غير منسوب في "تفسير الخازن" 3/ 81.]]. وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [قال السّدي: معناه ومن عصاني ثم تاب [[ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 156 ب بنصه، وانظر: "تفسير البغوي" 4/ 355، وابن الجوزي 4/ 365، والفخر الرازي 19/ 134، والخازن 3/ 81، والألوسي 13/ 235، وصديق خان 7/ 123.]]، ﴿فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾] [[ما ببن المعقوفين ساقط من (د).]] له إن تاب وإن آمن، لا أنه يقول: أن من كفر فإن الله يغفر له، وقال مقاتل: ومن عصاني فيما دون الشرك فإنك غفور رحيم [[مقاتل هنا هو ابن حيان، وقد وردت هذه العبارة بنصها منسوبة إليه في: "تفسير == الثعلبي" 7/ 156 ب، والبغوي 4/ 355، وابن الجوزي 4/ 365، والخازن 3/ 81، والألوسي 13/ 235، وصديق خان 7/ 123، وفي تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 194 أ، قال: ومن عصاني فكفر فإنك غفور رحيم.]]، وشرح أبو بكر هذا فقال: معناه: فمن عصاني فخالف في بعض الشرائع، وعقْدُ التوحيد معه فإنك غفور رحيم، إن شئت تغفر له غفرت إذ كان مسلمًا [[وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة في مرتكب الكبيرة. انظر كتاب "التوحيد" لابن خزيمة 2/ 658، و"شرح العقيدة الطحاوية" ص 363 - 364.]]، وذكر وجهين آخرين، أحدهمما. أن هذا كان قبل أن يُعلِّمه الله أنه لا يغفر [[في جميع النسخ (لا يغفرك) بزيادة الكاف، وقد أن إلى اضطراب المعنى، لذلك حذفت كما في "تفسير الخازن" 3/ 82.]] الشرك، كما استغفر لأبويه [[هذا من باب التوسع في الكلام؛ لأن الآيات التي تحدثت عن استغفار إبراهيم عليه السلام ذكرت استغفاره لأبيه وحده. وانظر الكلام حول أُمّه عند آية (41) من هذه السورة.]]، وهو يُقَدِّر أن ذلك غيرُ محظور، فلما عرف أنهما غير مغفور لهما تبرأ منهما [[هذا إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: 113].]]. والآخر: ومن عصاني بإقامته على الكفر فإنك غفور رحيم، يعني: أنك قادر على أن تغفر له وترحمه؛ بأن تنقله عن الكفر إلى الإسلام وتهديه إلى الصواب [[لم أقف على مصدره، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" 4/ 365، مختصرًا، والخازن 3/ 82 بنصه. يتحصل بذلك أربعة أقوال في تأويل الآية، والأرجح: قول مقاتل، لصراحته وخلوه من التكلف، ويؤيده قوله تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 116] وهو ما رجحه الفخر الرازي دون الإشارة إلى أنه قول مقاتل، كذلك ضعف الأقوال الأخرى في تأويل الآية. انظر: "تفسير الفخر الرازي" 19/ 133 - 135.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب