الباحث القرآني

﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾ " [[أخرجه أبو نعيم في: "حلية الأولياء" 6/ 268، وعزاه الهيثمي في: "مجمع الزوائد" 7/ 149 إلى أبي يعلى، وفيه عدي بن أبي عمارة، وهو ضعيف، وأخرجه أيضا الثعلبي في "الكشف والبيان" 13/ 195 أ، كما عزاه السيوطي في "الدر المنثور" 8/ 694 إلى ابن شاهين في "الترغيب في الذكر"، وابن أبي الدنيا في "مكائد الشيطان"، وأبي يعلى، والبيهقي في "شعب الإيمان" 1/ 402 - 403 ح 540، كما أورده الشوكاني في "فتح القدير" 5/ 524، وضعف محقق كتاب "الوسيط"، و"البسيط" إسناد رواية الواحدي لوجود زياد بن عبد الله النميري.]]. أي بالكلام الخفي يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع الصوت، وهو معنى الوسواس في اللغة، وقد مر [[عند سورة الأعراف: 20.]]. وقوله تعالى: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ قال ابن عباس: أخبر الله عز وجل أنه من الجن، والإنس [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]، وهو قول مقاتل [["تفسير مقاتل" 257 ب.]]، وسفيان [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]، جعلوا الذي يوسوس من الجنة والناس. قال قتادة في قوله ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾: من الجن شياطين، ومن الناس شياطين، فنعوذ بالله من شياطين الجن والإنس [["تفسير عبد الرزاق" 2/ 410، و"النكت والعيون" 6/ 379، و"الجامع لأحكام القرآن" 20/ 263، و"البحر المحيط" 8/ 532، و"فتح القدير" 5/ 523.]]. وقال الحسن: هما شيطانان: أما شيطان الجن فيوسوس في صدور الناس، وأما شيطان الإنس فيأتي علانية [["بحر العلوم" 3/ 528 - 529، و"الجامع لأحكام القرآن" 20/ 263، و"فتح القدير" 5/ 523، و"تفسير الحسن البصري" 2/ 447.]]. وفي الآية قول آخر: وهو أن قوله: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ تفسير لقوله: ﴿فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾ أي يوسوس في صدور الناس من [[في (أ): (على).]] القبيلتين: الجنة والناس. والمعنى: يوسوس في صدور الجني، كما يوسوس في صدور الإنس. وهذا (قول الكلبي [["الكشف والبيان" 13/ 194 أ.]]، و) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]] اختيار الفراء: قال: وقع الناس في قوله: "صدور الناس" على الجنة، وعلى الناس، كقولك: يوسوس في صدور الناس جنتهم وناسهم، قال: وسمي الجن نفرًا، ورجالًا في قوله تعالى: ﴿نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ [الجن: 1]، وقوله: ﴿يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾ [الجن: 11] وقد قال بعض العرب: جاء قوم من الجن فوقفوا فقيل من أنتم؟ فقالوا: أناس من الجن [["معاني القرآن" 3/ 302 بتصرف.]] [[علق الزمخشري على المعنى الذي ذكره الفراء بقوله: وما أحقه، لأن الجن سموا جنًّا لاجتنانهم، والناس ناسًا لظهورهم، من الإيناس، وهو الإبصار، كما سموا == بشرًا، ولو كان يقع الناس على القبيلتين، وصح ذلك وثبت لم يكن مناسبًا لفصاحة القرآن وبعده من التصنع ... "الكشاف" 4/ 245. وضعفه أيضا الفخر في: "التفسير الكبير" 32/ 198، والإمام ابن القيم أيضًا رده من عدة وجوه، منها: أنه لم يقم دليل على أن الجني يوسوس في صدر الجني، ويدخل فيه كما يدخل في الإنسي، ويجري منه مجراه من الإنس، فأي دليل يدل على هذا حتى يصح حمل الآية عليه. الآخر: أن "الجنة" لا يطلق عليهم اسم الناس بوجه؛ لا أصلًا، ولا اشتقاقًا، ولا استعمالًا، ولفظهما يأبى ذلك. ثم أبطل أيضًا الاستدلال بالآيتين على عدم امتناع إطلاق الجن اسم الرجال، ونفرًا قال: وجواب ذلك أن اسم الرجال إنما وقع عليهم وقوعًا مقيدًا في مقابلة ذكر الرجال من الإنس، ولا يلزم من هذا أن يقع اسم الناس والرجال عليهم مطلقًا. وأنت إذا قلت: إنسان من حجارة، أو رجل من خشب، ونحو ذلك، لم يلزم من ذلك وقوع اسم الرجل والإنسان عند الإطلاق على الحجر والخشب، وذلك لأن الناس والجنة متقابلان، وكذلك الإنس والجن .. بخلاف الرجال والجن، فإنهما لم يستعملا متقابلين، فلا يقال: الجن والرجال، كما يقال الجن والإنس. -ثم قال- وحينئذ فالآية أبين حجة عليهم في أن الجن لا يدخلون في لفظ "الناس"؛ لأنه قابل بين الجنة والناس، فعلم أن أحدهما لا يدخل في الآخر. فالصواب هو أن قوله: "من الجنة والناس" بيان الذي يوسوس، وأنهم نوعان: إنس وجن، فالجني يوسوس في صدور الإنس، والإنسي أيضا يوسوس في صدور الإنس. "تفسير المعوذتين" ص 120 - 121.]]. وقال أبو إسحاق: الناس في قوله: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ معطوف على الوسواس. المعنى: من شر الوسواس، ومن شر الناس [["زاد المسير" 8/ 336. نكتة: لم أجد تفسيرًا لهذه السورة عند أبي إسحاق في المخطوط لكتاب "معاني القرآن وإعرابه"، وقد ذكر محقق المطبوع أن الزجاج لم يفسر سورة الناس، فعمد == إلى تفسيرها تفسيرًا لغويًّا قريبًا من طريقة الزجاج. وأقول: وباعتبار أن الإمام الواحدي أورد للزجاج تفسير لهذه الآية (6) من سورة الناس، فلعل للزجاج تفسيرًا لها لم يكتبه النساخ، وعليه لو استعان صاحب المطبوع على ما جاء عند الواحدي، وابن الجوزي في ما أورده عن الزجاج في "زاد المسير" 8/ 336 لكان أفضل. بالإضافة إلى ما صنعه لإتمام كتاب المعاني. والله أعلم.]]. والمعنى على هذا، لأنه أمر أن يستعيذ من شر الجن والإنس، ودليل ذلك قوله: ﴿مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ ونحو هذا قال صاحب النظم، قال: لأن الخناس لا يكون من الناس، فالناس في قوله: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ منظوم بقوله: ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾ على نظم من شر الوسواس الخناس، ومن شر الناس، ويكون قوله ﴿مِنَ الْجِنَّةِ﴾ وصفًا للخناس مخصوصًا [[في (أ): (عصوصا).]]، فيكون [[في (أ): (ليكون).]] المعنى في الجملة: من شر الجن، ومن شر الناس [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. -هذا كلامه- وعلى ما ذكره الفراء: الناس عطف على الجنة، والقول هو هذا [[سبق الرد على ما ذكره الفراء.]]. (والله أعلم بالصواب. هذا آخر الكتاب
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب