الباحث القرآني
سُورَةُ المُمْتَحَنَةِ مَدَنِيَّةٌ وهي ثَلاثَ عَشْرَةَ آيَةً
﷽
(p-٢٥٢)﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكم أوْلِياءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ وقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكم مِنَ الحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وإيّاكم أنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكم إنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهادًا في سَبِيلِي وابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ وأنا أعْلَمُ بِما أخْفَيْتُمْ وما أعْلَنْتُمْ ومَن يَفْعَلْهُ مِنكم فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ﴾ ﴿إنْ يَثْقَفُوكم يَكُونُوا لَكم أعْداءً ويَبْسُطُوا إلَيْكم أيْدِيَهم وألْسِنَتَهم بِالسُّوءِ ووَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ ﴿لَنْ تَنْفَعَكم أرْحامُكم ولا أوْلادُكم يَوْمَ القِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكم واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ ﴿قَدْ كانَتْ لَكم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إبْراهِيمَ والَّذِينَ مَعَهُ إذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إنّا بُرَآءُ مِنكم ومِمّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكم وبَدا بَيْنَنا وبَيْنَكُمُ العَداوَةُ والبَغْضاءُ أبَدًا حَتّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وحْدَهُ إلّا قَوْلَ إبْراهِيمَ لِأبِيهِ لَأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وما أمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وإلَيْكَ أنَبْنا وإلَيْكَ المَصِيرُ﴾ ﴿رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا واغْفِرْ لَنا رَبَّنا إنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ ﴿لَقَدْ كانَ لَكم فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كانَ يَرْجُو اللَّهَ واليَوْمَ الآخِرَ ومَن يَتَوَلَّ فَإنَّ اللَّهَ هو الغَنِيُّ الحَمِيدُ﴾ ﴿عَسى اللَّهُ أنْ يَجْعَلَ بَيْنَكم وبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنهم مَوَدَّةً واللَّهُ قَدِيرٌ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ﴿لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكم في الدِّينِ ولَمْ يُخْرِجُوكم مِن دِيارِكم أنْ تَبَرُّوهم وتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ ﴿إنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكم في الدِّينِ وأخْرَجُوكم مِن دِيارِكم وظاهَرُوا عَلى إخْراجِكم أنْ تَوَلَّوْهم ومَن يَتَوَلَّهم فَأُولَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾ .
هَذِهِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ، ونَزَلَتْ بِسَبَبِ حاطِبِ بْنِ أبِي بَلْتَعَةَ، كانَ قَدْ وجَّهَ كِتابًا، مَعَ امْرَأةٍ إلى أهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهم بِأنَّ رَسُولَ اللَّهِ، ﷺ، مُتَوَجِّهٌ إلَيْهِمْ لِغَزْوِهِمْ؛ فَأطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ، ﷺ، عَلى ذَلِكَ، ووَجَّهَ إلى المَرْأةِ مَن أخَذَ الكِتابَ مِنها، والقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ في كُتُبِ الحَدِيثِ والسِّيَرِ.
ومُناسَبَةُ هَذِهِ السُّورَةِ لِما قَبْلَها: أنَّهُ لَمّا ذَكَرَ فِيما قَبْلَها حالَةَ المُنافِقِينَ والكُفّارِ، افْتَتَحَ هَذِهِ بِالنَّهْيِ عَنْ مُوالاةِ الكُفّارِ والتَّوَدُّدِ إلَيْهِمْ، وأضافَ في قَوْلِهِ: ﴿عَدُوِّي﴾ تَغْلِيظًا، لِجُرْمِهِمْ وإعْلامًا بِحُلُولِ عِقابِ اللَّهِ بِهِمْ. والعَدُوُّ يَنْطَلِقُ عَلى الواحِدِ وعَلى الجَمْعِ، و”أوْلِياءَ“ مَفْعُولٌ ثانٍ لِتَتَّخِذُوا.
﴿تُلْقُونَ﴾: بَيانٌ لِمُوالاتِهِمْ، فَلا مَوْضِعَ لَهُ مِنَ الإعْرابِ، أوِ اسْتِئْنافُ إخْبارٍ. وقالَ الحَوْفِيُّ والزَّمَخْشَرِيُّ: حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في (لا تَتَّخِذُوا)، أوْ صِفَةٌ لِأوْلِياءَ، وهَذا تَقَدَّمَهُ إلَيْهِ الفَرّاءُ، قالَ: ﴿تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ﴾ مِن صِلَةِ (أوْلِياءَ) . انْتَهى. وعِنْدَهم أنَّ النَّكِرَةَ تُوصَلُ، وعِنْدَ البَصْرِيِّينَ لا تُوصَلُ بَلْ تُوصَفُ، والحالُ والصِّفَةُ قَيْدٌ وهم قَدْ نُهُوا عَنِ اتِّخاذِهِمْ أوْلِياءَ مُطْلَقًا، والتَّقْيِيدُ يَدُلُّ عَلى أنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَتَّخِذُوا أوْلِياءَ إذا لَمْ يَكُونُوا في حالِ إلْقاءِ المَوَدَّةِ، أوْ إذا لَمْ يَكُنِ الأوْلِياءُ مُتَّصِفِينَ بِهَذا الوَصْفِ، وقَدْ قالَ تَعالى: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكم أوْلِياءَ﴾، فَدَلَّ عَلى أنَّهُ لا يَقْتَصِرُ عَلى تِلْكَ الحالِ ولا ذَلِكَ الوَصْفِ. والأوْلِياءُ عِبارَةٌ عَنِ الإفْضاءِ بِالمَوَدَّةِ، ومَفْعُولُ ﴿تُلْقُونَ﴾ مَحْذُوفٌ، أيْ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ أخْبارَ رَسُولِ اللَّهِ، ﷺ وأسْرارَهُ. والباءُ في ﴿بِالمَوَدَّةِ﴾ لِلسَّبَبِ، أيْ بِسَبَبِ المَوَدَّةِ الَّتِي بَيْنَهم. وقالَ الكُوفِيُّونَ: الباءُ زائِدَةٌ، كَما قِيلَ: في: ﴿ولا تُلْقُوا بِأيْدِيكم إلى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥]: أيْ أيْدِيكم. قالَ الحَوْفِيُّ: وقالَ البَصْرِيُّونَ هي مُتَعَلِّقَةٌ بِالمَصْدَرِ (p-٢٥٣)الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الفِعْلُ، وكَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿بِإلْحادٍ بِظُلْمٍ﴾ [الحج: ٢٥]: أيْ إرادَتُهُ بِإلْحادٍ. انْتَهى. فَعَلى هَذا يَكُونُ ﴿بِالمَوَدَّةِ﴾ مُتَعَلِّقًا بِالمَصْدَرِ، أيْ إلْقاؤُهم بِالمَوَدَّةِ، وهَذا لَيْسَ بِجَيِّدٍ، لِأنَّ فِيهِ حَذْفَ المَصْدَرِ، وهو مَوْصُولٌ، وحَذْفَ الخَبَرِ، إذْ إلْقاؤُهم مُبْتَدَأٌ وبِما يَتَعَلَّقُ بِهِ، (وقَدْ كَفَرُوا) جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ، وذُو الحالِ الضَّمِيرُ في ﴿تُلْقُونَ﴾: أيْ تَوادُّونَهم، وهَذِهِ حالُهم، وهي الكُفْرُ بِاللَّهِ، ولا يُناسِبُ الكافِرَ بِاللَّهِ أنْ يُوَدَّ. وأجازَ الزَّمَخْشَرِيُّ أنْ يَكُونَ حالًا مِن فاعِلٍ (لا تَتَّخِذُوا) .
وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿بِما جاءَكُمْ﴾، والجَحْدَرِيُّ والمُعَلّى عَنْ عاصِمٍ: لِما بِاللّامِ مَكانَ الباءِ، أيْ لِأجْلِ ما جاءَكم.
﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ﴾: اسْتِئْنافٌ، كالتَّفْسِيرِ لِكُفْرِهِمْ، أوْ حالٌ مِن ضَمِيرِ (كَفَرُوا)، (وإيّاكم): مَعْطُوفٌ عَلى الرَّسُولِ. وقَدَّمَ عَلى إيّاكُمُ الرَّسُولَ لِشَرَفِهِ، ولِأنَّهُ الأصْلُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ. ولَوْ تَقَدَّمَ الضَّمِيرُ لَكانَ جائِزًا في العَرَبِيَّةِ، خِلافًا لِمَن خَصَّ ذَلِكَ بِالضَّرُورَةِ، قالَ: لِأنَّكَ قادِرٌ عَلى أنْ تَأْتِيَ بِهِ مُتَّصِلًا، فَلا تُفْصَلُ إلّا في الضَّرُورَةِ، وهو مَحْجُوجٌ بِهَذِهِ الآيَةِ وبِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَقَدْ وصَّيْنا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم وإيّاكم أنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: ١٣١]، وقَدَّمَ المَوْصُولَ هُنا عَلى المُخاطَبِينَ لِلسَّبْقِ في الزَّمانِ وبِغَيْرِ ذَلِكَ مِن كَلامِ العَرَبِ. و﴿أنْ تُؤْمِنُوا﴾ مَفْعُولٌ مِن أجْلِهِ، أيْ يُخْرِجُونَ لِإيمانِكم أوْ كَراهَةَ إيمانِكم، ﴿إنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ﴾: شَرْطٌ جَوابُهُ مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ ما تَقَدَّمَ عَلَيْهِ، وهو قَوْلُهُ: ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي﴾، ونُصِبَ ”جِهادًا وابْتِغاءَ“ عَلى المَصْدَرِ في مَوْضِعِ الحالِ، أيْ مُجاهِدِينَ ومُبْتَغِينَ، أوْ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ مِن أجْلِهِ. (تُسِرُّونَ): اسْتِئْنافٌ، أيْ تُسِرُّونَ وقَدْ عَلِمْتُمْ أنِّي أعْلَمُ الإخْفاءَ والإعْلانَ، وأُطْلِعُ الرَّسُولَ، ﷺ، عَلى ذَلِكَ، فَلا طائِلَ في فِعْلِكم هَذا. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: (تُسِرُّونَ) بَدَلٌ مِن ﴿تُلْقُونَ﴾ . انْتَهى، وهو شَبِيهٌ بِبَدَلِ الِاشْتِمالِ، لِأنَّ الإلْقاءَ يَكُونُ سِرًّا وجَهْرًا، فَهو يَنْقَسِمُ إلى هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ. وأجازَ أيْضًا أنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: أنْتُمْ تُسِرُّونَ. والظّاهِرُ أنَّ (أعْلَمُ) أفْعَلُ تَفْضِيلٍ، ولِذَلِكَ عَدّاهُ بِالباءِ. وأجازَ ابْنُ عَطِيَّةَ أنْ يَكُونَ مُضارِعًا عُدِّيَ بِالباءِ قالَ: لِأنَّكَ تَقُولُ عَلِمْتُ بِكَذا.
﴿وأنا أعْلَمُ﴾: جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ، والضَّمِيرُ في ﴿ومَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ﴾، الظّاهِرُ أنَّهُ إلى أقْرَبِ مَذْكُورٍ، أيْ ومَن يَفْعَلِ الإسْرارَ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: يَعُودُ عَلى الِاتِّخاذِ، وانْتَصَبَ سَواءَ عَلى المَفْعُولِ بِهِ عَلى تَقْدِيرِ تَعَدِّي ضَلَّ، أوْ عَلى الظَّرْفِ عَلى تَقْدِيرِ اللُّزُومِ، والسَّواءُ: الوَسَطُ.
ولَمّا نَهى المُؤْمِنِينَ عَنِ اتِّخاذِ الكُفّارِ أوْلِياءَ وشَرَحَ ما بِهِ الوِلايَةُ مِنَ الإلْقاءِ بِالمَوَدَّةِ بَيْنَهم، وذَكَرَ ما صَنَعَ الكُفّارُ بِهِمْ أوَّلًا مِن إخْراجِ الرَّسُولِ، ﷺ، والمُؤْمِنِينَ، ذَكَرَ صَنِيعَهم آخِرًا لَوْ قَدَرُوا عَلَيْهِ مِن أنَّهُ إنْ تَمَكَّنُوا مِنكم تَظْهَرْ عَداوَتُهم لَكم، ويَبْسُطُوا أيْدِيَهم بِالقَتْلِ والتَّعْذِيبِ وألْسِنَتَهم بِالسَّبِّ؛ ووَدُّوا لَوِ ارْتَدَدْتُمْ عَنْ دِينِكُمُ الَّذِي هو أحَبُّ الأشْياءِ إلَيْكم، وهو سَبَبُ إخْراجِهِمْ إيّاكم. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: كَيْفَ أوْرَدَ جَوابَ الشَّرْطِ مُضارِعًا مِثْلَهُ، ثُمَّ قالَ ﴿ووَدُّوا﴾ بِلَفْظِ الماضِي ؟ قُلْتُ: الماضِي، وإنْ كانَ يُجْرى في بابِ الشَّرْطِ مُجْرى المُضارِعِ في عِلْمِ الإعْرابِ، فَإنَّهُ فِيهِ نُكْتَةٌ كَأنَّهُ قِيلَ: ووَدُّوا قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ كُفْرَكم وارْتِدادَكم، يَعْنِي أنَّهم يُرِيدُونَ أنْ يُلْحِقُوا بِكم مَضارَّ الدُّنْيا والدِّينِ جَمِيعًا. انْتَهى. وكَأنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ فَهِمَ مِن قَوْلِهِ: ﴿ووَدُّوا﴾ أنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلى جَوابِ الشَّرْطِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ سُؤالًا وجَوابًا. والَّذِي يَظْهَرُ أنَّ قَوْلَهُ: ﴿ووَدُّوا﴾ لَيْسَ عَلى جَوابِ الشَّرْطِ، لِأنَّ وِدادَتَهم كُفْرَهم لَيْسَتْ مُتَرَتِّبَةً عَلى الظَّفَرِ بِهِمْ والتَّسَلُّطِ عَلَيْهِمْ، بَلْ هم وادُّونَ كُفْرَهم عَلى كُلِّ حالٍ، سَواءٌ أظَفِرُوا بِهِمْ أمْ لَمْ يَظْفَرُوا، وإنَّما هو مَعْطُوفٌ عَلى جُمْلَةِ الشَّرْطِ والجَزاءِ، أخْبَرَ تَعالى بِخَبَرَيْنِ: أحَدُهُما اتِّضاحُ عَداوَتِهِمْ والبَسْطُ إلَيْهِمْ ما ذَكَرَ عَلى تَقْدِيرِ الظَّفَرِ بِهِمْ، والآخَرُ وِدادَتُهم كُفْرَهم، لا عَلى تَقْدِيرِ الظَّفَرِ بِهِمْ.
ولَمّا كانَ حاطِبٌ قَدِ اعْتَذَرَ بِأنَّ لَهُ بِمَكَّةَ قَرابَةً، فَكَتَبَ إلى أهْلِها بِما كَتَبَ لِيَرْعَوْهُ في قَرابَتِهِ، قالَ تَعالى: ﴿لَنْ تَنْفَعَكم أرْحامُكم ولا أوْلادُكُمْ﴾: أيْ قَراباتُكُمُ الَّذِينَ تُوالُونَ الكُفّارَ مِن أجْلِهِمْ، وتَتَقَرَّبُونَ إلَيْهِمْ مُحاماةً عَلَيْهِمْ. ويَوْمَ مَعْمُولٌ لِيَنْفَعَكم أوْ (p-٢٥٤)لِـ ”يَفْصِلُ“ . وقَرَأ الجُمْهُورُ؛ (يَفْصِلُ) بِالياءِ مُخَفَّفًا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وقَرَأ الأعْرَجُ وعِيسى وابْنُ عامِرٍ: كَذَلِكَ إلّا أنَّهُ مُشَدَّدٌ، والمَرْفُوعُ، إمّا (بَيْنَكم)، وهو مَبْنِيٌّ عَلى الفَتْحِ لِإضافَتِهِ إلى مَبْنِيٍّ، وإمّا ضَمِيرُ المَصْدَرِ المَفْهُومِ مِن يَفْصِلُ، أيْ يَفْصِلُ هو، أيِ الفَصْلُ. وقَرَأ عاصِمٌ والحَسَنُ والأعْمَشُ: يَفْصِلُ بِالياءِ مُخَفَّفًا مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ؛ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وابْنُ وثّابٍ: مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ بِالياءِ مَضْمُومَةً مُشَدَّدًا؛ وأبُو حَيْوَةَ وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: كَذَلِكَ إلّا أنَّهُ بِالنُّونِ مُشَدَّدًا؛ وهُما أيْضًا وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: بِالنُّونِ مَفْتُوحَةً مُخَفَّفًا مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ؛ وأبُو حَيْوَةَ أيْضًا: بِالنُّونِ مَضْمُومَةً، فَهَذا ثَمانِي قِراءاتٍ.
ولَمّا نَهى عَنْ مُوالاةِ الكُفّارِ، ذَكَرَ قِصَّةَ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وأنَّ مِن سِيرَتِهِ التَّبَرُّؤَ مِنَ الكُفّارِ لِيَقْتَدُوا بِهِ في ذَلِكَ ويَتَأسَّوْا. وقَرَأ الجُمْهُورُ: إسْوَةً بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، وعاصِمٌ بِضَمِّها، وهُما لُغَتانِ. (والَّذِينَ مَعَهُ)، قِيلَ: مَن آمَنَ بِهِ. وقالَ الطَّبَرِيُّ وغَيْرُهُ: الأنْبِياءُ مُعاصِرُوهُ، أوْ كانُوا قَرِيبًا مِن عَصْرِهِ، لِأنَّهُ لَمْ يُرْوَ أنَّهُ كانَ لَهُ أتْباعٌ مُؤْمِنُونَ في مُكافَحَتِهِ لَهم ولِنُمْرُوذٍ. ألا تَراهُ قالَ لِسارَّةَ حِينَ رَحَلَ إلى الشّامِ مُهاجِرًا مِن بَلَدِ نُمْرُوذٍ: ما عَلى الأرْضِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ غَيْرِي وغَيْرُكِ ؟ والتَّأسِّي بِإبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ هو في التَّبَرُّؤِ مِنَ الشِّرْكِ، وهو في كُلِّ مِلَّةٍ وبِرَسُولِنا عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى الإطْلاقِ في العَقائِدِ وأحْكامِ الشَّرْعِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ؛ ﴿بُرَآءُ﴾ جَمْعَ بَرِيءٍ، كَظَرِيفٍ وظُرَفاءَ؛ وعِيسى: بَراءٌ جَمْعَ بَرِيءٍ أيْضًا، كَظَرِيفٍ وظِرافٍ؛ وأبُو جَعْفَرٍ: بِضَمِّ الباءِ، كَتُؤامٍ وظُؤارٍ، وهُمُ اسْمُ جَمْعٍ، الواحِدُ بَرِيءٌ وتَوْأمٌ وظِئْرٌ، ورُوِيَتْ عَنْ عِيسى. قالَ أبُو حاتِمٍ: زَعَمُوا أنَّ عِيسى الهَمْدانِيَّ رَوَوْا عَنْهُ بَراءٌ عَلى فَعالٍ، كالَّذِي في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٦] في الزُّخْرُفِ، وهو مَصْدَرٌ عَلى فَعالٍ يُوصَفُ بِهِ المُفْرَدُ والجَمْعُ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وبُراءٌ عَلى إبْدالِ الضَّمِّ مِنَ الكَسْرِ، كَرُخالٍ ورُبابٍ. انْتَهى. فالضَّمَّةُ في ذَلِكَ لَيْسَتْ بَدَلًا مِن كَسْرَةٍ، بَلْ هي ضَمَّةٌ أصْلِيَّةٌ، وهو قَرِيبٌ مِن أوْزانِ أسْماءِ الجُمُوعِ، ولَيْسَ جَمْعَ تَكْسِيرٍ، فَتَكُونُ الضَّمَّةُ بَدَلًا مِنَ الكَسْرَةِ، ﴿إلّا قَوْلَ إبْراهِيمَ﴾ اسْتِثْناءٌ مِن قَوْلِهِ: ﴿أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾، قالَهُ قَتادَةُ والزَّمَخْشَرِيُّ. قالَ مُجاهِدٌ وقَتادَةُ وعَطاءٌ الخُراسانِيُّ وغَيْرُهم: المَعْنى أنَّ الأُسْوَةَ لَكم في هَذا الوَجْهِ لا في الوَجْهِ الآخَرِ، لِأنَّهُ كانَ لِعِلْمِهِ لَيْسَتْ في نازِلَتِكم.
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: فَإنْ كانَ قَوْلُهُ: ﴿لَأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ مُسْتَثْنًى مِنَ القَوْلِ الَّذِي هو ﴿أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾، فَما بالُ قَوْلِهِ: ﴿وما أمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾، وهو غَيْرُ حَقِيقٍ بِالِاسْتِثْناءِ، ألا تَرى إلى قَوْلِهِ: ﴿فَمَن يَمْلِكُ لَكم مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [الفتح: ١١] ؟ قُلْتُ: أرادَ اسْتِثْناءَ جُمْلَةِ قَوْلِهِ لِأبِيهِ، والقَصْدُ إلى مَوْعِدِ الِاسْتِغْفارِ لَهُ وما بَعْدَهُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ وتابِعٌ لَهُ، كَأنَّهُ قالَ: أنا أسْتَغْفِرُ لَكَ وما في طاقَتِي إلّا الِاسْتِغْفارُ. انْتَهى. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أوَّلًا بَعْدَ أنْ ذَكَرَ أنَّ الِاسْتِثْناءَ هو مِن قَوْلِهِ: (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) في مَقالاتٍ قالَ: لِأنَّهُ أرادَ بِالأُسْوَةِ الحَسَنَةِ، فَهو الَّذِي حَقَّ عَلَيْهِمْ أنْ يَأْتَسُوا بِهِ ويَتَّخِذُوهُ سُنَّةً يَسْتَنُّونَ بِها. انْتَهى. والَّذِينَ يَظْهَرُ أنَّهُ مُسْتَثْنًى مِن مُضافٍ لِإبْراهِيمَ تَقْدِيرُهُ: أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في مَقالاتِ إبْراهِيمَ ومُحاوَراتِهِ لِقَوْمِهِ إلّا قَوْلَ إبْراهِيمَ لِأبِيهِ ﴿لَأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾، فَلَيْسَ فِيهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، فَيَكُونُ عَلى هَذا اسْتِثْناءً مُتَّصِلًا. وأمّا أنْ يَكُونَ قَوْلُ إبْراهِيمَ مُنْدَرِجًا في أُسْوَةٍ حَسَنَةٍ، لِأنَّ مَعْنى الأُسْوَةِ هو الِاقْتِداءُ والتَّأسِّي، فالقَوْلُ لَيْسَ مُنْدَرِجًا تَحْتَهُ، لَكِنَّهُ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ مَقالاتِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ الِاسْتِثْناءُ مِنَ التَّبَرِّي والقَطِيعَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ، لَمْ تَبْقَ جُمْلَةٌ إلّا كَذا. انْتَهى. وقِيلَ: هو اسْتِثْناءٌ مُنْقَطِعُ المَعْنى، لَكِنَّ قَوْلَ إبْراهِيمَ لِأبِيهِ ﴿لَأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾، فَلا تَأسَّوْا بِهِ فِيهِ فَتَسْتَغْفِرُوا وتُفْدُوا آباءَكُمُ الكُفّارَ بِالِاسْتِغْفارِ.
﴿رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا﴾ وما بَعْدَهُ، الظّاهِرُ أنَّهُ مِن تَمامِ قَوْلِ إبْراهِيمَ مُتَّصِلًا بِما قَبْلَ الِاسْتِثْناءِ، وهو مِن جُمْلَةِ ما يُتَأسّى بِهِ فِيهِ، وفَصَلَ بَيْنَهُما بِالِاسْتِثْناءِ اعْتِناءً بِالِاسْتِثْناءِ ولِقُرْبِهِ مِنَ المُسْتَثْنى مِنهُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ أمْرًا مِنَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ، أيْ قُولُوا رَبَّنا عَلَيْكَ (p-٢٥٥)تَوَكَّلْنا، عَلَّمَهم بِذَلِكَ قَطْعَ العَلائِقِ الَّتِي بَيْنَهم وبَيْنَ الكُفّارِ.
﴿رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لا تُسَلِّطْهم عَلَيْنا فَيَسُبُّونا ويُعَذِّبُونا. وقالَ مُجاهِدٌ: لا تُعَذِّبُنا بِأيْدِيهِمْ أوْ بِعَذابٍ مِن عِنْدِكَ، فَيَظُنُّوا أنَّهم مُحِقُّونَ وأنّا مُبْطِلُونَ، فَيُفْتَنُوا لِذَلِكَ. وقالَ قَرِيبًا مِنهُ قَتادَةُ وأبُو مِجْلَزٍ، وقَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ أرْجَحُ لِأنَّهُ دُعاءٌ لِأنْفُسِهِمْ، وعَلى قَوْلِ غَيْرِهِ دُعاءٌ لِلْكافِرِينَ، والضَّمِيرُ في فِيهِمْ عائِدٌ عَلى إبْراهِيمَ والَّذِينَ مَعَهُ، وكُرِّرَتِ الأُسْوَةُ تَأْكِيدًا، وأُكِّدَ ذَلِكَ بِالقَسَمِ أيْضًا، ولِمَن يَرْجُو بَدَلٌ مِن ضَمِيرِ الخِطابِ، بَدَلُ بَعْضِ مِن كُلٍّ.
ورُوِيَ أنَّهُ لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، عَزَمَ المُسْلِمُونَ عَلى إظْهارِ عَداواتِ أقْرِبائِهِمُ الكُفّارِ، ولَحِقَهم هَمٌّ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُؤْمِنُوا حَتّى يَتَوادُّوا، فَنَزَلَ (عَسى اللَّهُ) الآيَةَ مُؤْنِسَةً ومُرْجِئَةً، فَأسْلَمَ الجَمِيعُ عامَ الفَتْحِ وصارُوا إخْوانًا. ومَن ذَكَرَ أنَّ هَذِهِ المَوَدَّةَ هي تَزْوِيجُ النَّبِيِّ، ﷺ، أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أبِي سُفْيانَ، وأنَّها كانَتْ بَعْدَ الفَتْحِ فَقَدْ أخْطَأ، لِأنَّ تَزْوِيجَها كانَ وقْتَ هِجْرَةِ الحَبَشَةِ، وهَذِهِ الآياتُ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الهِجْرَةِ، ولا يَصِحُّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ إلّا أنْ يَسُوقَهُ مِثالًا، وإنْ كانَ مُتَقَدِّمًا لِهَذِهِ الآيَةِ، لِأنَّهُ اسْتَمَرَّ بَعْدَ الفَتْحِ كَسائِرِ ما نَشَأ مِنَ المَوَدّاتِ، قالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. وعَسى مِنَ اللَّهِ تَعالى واجِبَةُ الوُقُوعِ، ﴿واللَّهُ قَدِيرٌ﴾ عَلى تَقْلِيبِ القُلُوبِ وتَيْسِيرِ العَسِيرِ، (واللَّهُ غَفُورٌ) لِمَن أسْلَمَ مِنَ المُشْرِكِينَ.
﴿لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ﴾ الآيَةَ، قالَ مُجاهِدٌ: نَزَلَتْ في قَوْمٍ بِمَكَّةَ آمَنُوا ولَمْ يُهاجِرُوا، فَكانُوا في رُتْبَةِ سُوءٍ لِتَرْكِهِمْ فَرْضَ الهِجْرَةِ. وقِيلَ: في مُؤْمِنِينَ مِن أهْلِ مَكَّةَ وغَيْرِها تَرَكُوا الهِجْرَةَ. وقالَ الحَسَنُ وأبُو صالِحٍ: في خُزاعَةَ وبَنِي الحارِثِ بْنِ كَعْبٍ وكِنانَةَ ومُزَيْنَةَ وقَبائِلَ مِنَ العَرَبِ، كانُوا مُظاهِرِينَ لِلرَّسُولِ مُحِبِّينَ فِيهِ وفي ظُهُورِهِ. وقِيلَ: فِيمَن لَمْ يُقاتِلْ ولا أخْرَجَ ولا أظْهَرَ سُوءًا مِن كُفّارِ قُرَيْشٍ. وقالَ قُرَّةُ الهَمْدانِيُّ وعَطِيَّةُ العَوْفِيُّ: في قَوْمٍ مِن بَنِي هاشِمٍ مِنهُمُ العَبّاسُ. وقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: في النِّساءِ والصِّبْيانِ مِنَ الكَفَرَةِ. وقالَ النَّحّاسُ والثَّعْلَبِيُّ: أرادَ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَطِيعُوا الهِجْرَةَ. وقِيلَ: قَدِمَتْ عَلى أسْماءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ أُمُّها نُفَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ العُزّى، وهي مُشْرِكَةٌ، بِهَدايا، فَلَمْ تَقْبَلْها ولَمْ تَأْذَنْ لَها بِالدُّخُولِ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ، فَأمَرَها رَسُولُ اللَّهِ، ﷺ، أنْ تُدْخِلَها مَنزِلَها وتَقْبَلَ مِنها وتَكْفِيَها وتُحْسِنَ إلَيْها. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وكانَتِ المَرْأةُ فِيما رُوِيَ خالَتَها فَسَمَّتْها أُمًّا؛ وفي التَّحْرِيرِ: أنَّ أبا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ طَلَّقَ امْرَأتَهُ نُفَيْلَةَ في الجاهِلِيَّةِ، وهي أُمُّ أسْماءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ، فَقَدِمَتْ في المُدَّةِ الَّتِي فِيها الهُدْنَةُ وأهْدَتْ إلى أسْماءَ قُرْطًا وأشْياءَ، فَكَرِهَتْ أنْ تَقْبَلَ مِنها، فَنَزَلَتِ الآيَةُ. و﴿أنْ تَبَرُّوهُمْ﴾، و﴿أنْ تَوَلَّوْهُمْ﴾ بَدَلانِ مِمّا قَبْلَهُما، بَدَلُ اشْتِمالٍ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ عَدُوِّی وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ تُلۡقُونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُوا۟ بِمَا جَاۤءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ یُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِیَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَـٰدࣰا فِی سَبِیلِی وَٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِیۚ تُسِرُّونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَاۤ أَخۡفَیۡتُمۡ وَمَاۤ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن یَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ","إِن یَثۡقَفُوكُمۡ یَكُونُوا۟ لَكُمۡ أَعۡدَاۤءࣰ وَیَبۡسُطُوۤا۟ إِلَیۡكُمۡ أَیۡدِیَهُمۡ وَأَلۡسِنَتَهُم بِٱلسُّوۤءِ وَوَدُّوا۟ لَوۡ تَكۡفُرُونَ","لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَاۤ أَوۡلَـٰدُكُمۡۚ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ یَفۡصِلُ بَیۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ","قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةࣱ فِیۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥۤ إِذۡ قَالُوا۟ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَ ٰۤ ؤُا۟ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكُمُ ٱلۡعَدَ ٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَاۤءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥۤ إِلَّا قَوۡلَ إِبۡرَ ٰهِیمَ لِأَبِیهِ لَأَسۡتَغۡفِرَنَّ لَكَ وَمَاۤ أَمۡلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَیۡءࣲۖ رَّبَّنَا عَلَیۡكَ تَوَكَّلۡنَا وَإِلَیۡكَ أَنَبۡنَا وَإِلَیۡكَ ٱلۡمَصِیرُ","رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةࣰ لِّلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَٱغۡفِرۡ لَنَا رَبَّنَاۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ","لَقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِیهِمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةࣱ لِّمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلۡیَوۡمَ ٱلۡـَٔاخِرَۚ وَمَن یَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَنِیُّ ٱلۡحَمِیدُ","۞ عَسَى ٱللَّهُ أَن یَجۡعَلَ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَ ٱلَّذِینَ عَادَیۡتُم مِّنۡهُم مَّوَدَّةࣰۚ وَٱللَّهُ قَدِیرࣱۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ","لَّا یَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِینَ لَمۡ یُقَـٰتِلُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ وَلَمۡ یُخۡرِجُوكُم مِّن دِیَـٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوۤا۟ إِلَیۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِینَ","إِنَّمَا یَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِینَ قَـٰتَلُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِیَـٰرِكُمۡ وَظَـٰهَرُوا۟ عَلَىٰۤ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن یَتَوَلَّهُمۡ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ"],"ayah":"۞ عَسَى ٱللَّهُ أَن یَجۡعَلَ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَ ٱلَّذِینَ عَادَیۡتُم مِّنۡهُم مَّوَدَّةࣰۚ وَٱللَّهُ قَدِیرࣱۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق