الباحث القرآني
سورةُ الرُّومِ مكيَّةٌ، وقد حكى بعضُهم الإجماعَ على ذلك[[ينظر: «تفسير ابن عطية» (٤ /٣٢٧)، و«زاد المسير» (٣ /٤١٥)، و«تفسير القرطبي» (١٦ /٣٩٢).]]، وسُمِّيَتْ بسورةِ الرُّومِ، لأنّهم لم يُسَمَّوْا في القرآنِ بذلك إلاَّ فيها، ومِن وُجوهِ تسميةِ السُّوَرِ تفرُّدُها بذِكْرِ شيءٍ، كآلِ عِمْرانَ ولُقْمانَ وقريشٍ والمائدةِ والنحلِ والعنكبوتِ وغيرِ ذلك.
قال تعالى: ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أدْنى الأَرْضِ وهُمْ مِن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَن يَشاءُ وهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الروم: ١ ـ ٥].
كانتْ فارسُ والرومُ في سِجالٍ وقتالٍ وعَداءٍ، وقد قاتَلَ الفرسُ الرومَ في الشامِ وطرَدُوهم حتى ألجَؤُوهُمْ إلى القُسْطَنْطِينيَّةِ، وكانتْ فارسُ مجوسًا تعبُدُ النارَ وتقولُ بإلهَيْنِ، وكانتِ الرومُ كتابيَّةً نصرانيَّةً، وليس للمجوسِ كتابٌ باقٍ، وليس في شرائعِهم قُرْبٌ مِن شرائعِ الإسلامِ كالنَّصارى، وليس في كُتُبِهم إشارةٌ إلى نُبُوَّةٍ قادمةٍ ولا تبشيرٌ بها كما هي لدى أهلِ الكتابِ.
وقد قيل: إنّ لهم كتابًا، وبدَّلُوه تبديلًا أشَدَّ وأبشَعَ مِن تبديلِ النصارى واليهودِ، حتى أحَلُّوا نكاحَ المَحارمِ، فرُفِعَ ما بَقِيَ مِن كتابِهم ولم يبقَ لدَيْهِمْ منه شيءٌ، وكان حُكْمُهم كحُكْمِ سائرِ الوثنيِّينَ، إلاَّ ما دلَّ عليه الدليلُ كالجِزْيةِ فساوَوْا أهلَ الكتابِ، وقد روى عبدُ الرزّاقِ والشافعيُّ، عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: «كان المجوسُ أهلَ كتابٍ يَقْرَؤُونَهُ، وعِلْمٍ يَدْرُسونَه، فشَرِبَ أميرُهم الخمرَ، فوقَعَ على أختِه، فلمّا أصبَحَ، دعا أهلَ الطمعِ فأعطاهُم، وقال: إنّ آدَمَ كان يُنكِحُ أولادَهُ بناتِه، فأطاعُوه، وقتَلَ مَن خالَفَهُ، فأُسْرِيَ على كتابِهم وعلى ما في قلوبِهم منه، فلم يَبْقَ عندَهم منه شيءٌ»[[أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٩٢٦٢)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٩ /١٨٨).]].
وأخرَجَهُ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ في «التفسيرِ» بإسنادٍ صحيحٍ، عن ابنِ أبْزى، عن عليٍّ، بنحوِه[[ينظر: «فتح الباري» لابن حجر (٦ /٢٦١)، و«الدر المنثور» (١٥ /٣٣٧).]].
وقد كان النبيُّ ﷺ وأصحابُه يَرَوْنَ أنّ أهلَ الكتابِ أقلُّ شرًّا مِن المجوسِ، والرومَ أقرَبُ مِن فارسَ لهذا الأمرِ، فكانوا يُحِبُّونَ الغَلَبةَ للرُّومِ على فارسَ، وإنْ كان الصحابةُ قاتَلُوهُمْ جميعًا.
وقد روى أحمدُ والترمذيُّ، مِن حديثِ سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما، في قولِه تعالى: ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أدْنى الأَرْضِ﴾، قال: «غُلِبَتْ وغَلَبَتْ، قالَ: كانَ المُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أنْ تَظْهَرَ فارِسُ عَلى الرُّومِ، لأَنَّهُمْ أهْلُ أوْثانٍ، وكانَ المُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلى فارِسَ، لأَنَّهُمْ أهْلُ كِتابٍ، فَذَكَرُوهُ لأَبِي بَكْرٍ، فَذَكَرَهُ أبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (أما إنَّهُمْ سَيَغْلِبُونَ)، قالَ: فَذَكَرَهُ أبُو بَكْرٍ لَهُمْ، فَقالُوا: اجْعَلْ بَيْنَنا وبَيْنَكَ أجَلًا، فَإنْ ظَهَرْنا، كانَ لَنا كَذا وكَذا، وإنْ ظَهَرْتُمْ، كانَ لَكُمْ كَذا وكَذا، فَجَعَلَ أجَلًا خَمْسَ سِنِينَ، فَلَمْ يَظْهَرُوا، فَذَكَرَ ذَلِكَ أبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ: (ألا جَعَلْتَها إلى دُونِ ـ قالَ: أُراهُ قالَ: العَشْرِ؟ ـ) ـ قالَ: قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: البِضْعُ: ما دُونَ العَشْرِ ـ ثُمَّ ظَهَرَتِ الرُّومُ بَعْدُ، قالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أدْنى الأَرْضِ وهُمْ مِن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَن يَشاءُ وهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾»[[أخرجه أحمد (١ /٢٧٦)، والترمذي (٣١٩٣)، والنسائي في «السنن الكبرى» (١١٣٢٥).]].
وجاء نحوُه عن ابنِ مسعودٍ[[أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٨ /٤٥٥).]]، والبَراءِ[[أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (٩ /٣٠٨٦).]]، ونِيارِ بنِ مُكْرَمٍ[[أخرجه الترمذي (٣١٩٤).]]، وغيرِهم.
فَرَحُ المؤمنينَ بهزيمةِ أحَدِ العَدُوَّيْنِ على الآخَرِ:
وفي هذا: جوازُ فرحِ المُسلِمينَ بهزيمةِ عدوٍّ على عدوٍّ آخَرَ أشَدَّ منه، وليس هذا حبًّا لنُصْرةِ الكافرِ، بل لأنّ اللهَ يَدْفَعُ الشرَّ الأعظَمَ بيدِ عدوِّه، فيَبقى أخَفُّ العدوَّيْنِ ضررًا فينفرِدُ بصدِّهِ المُسلِمونَ، وهذا مِن سُنَّةِ اللهِ في الدفعِ التي يُجْرِيها لحِكَمٍ بغيرِ إرادةِ المؤمنِين.
وفَرَحُ النبيِّ ﷺ وأصحابِهِ في ذلك: دليلٌ على استحبابِ الفَرَحِ في مِثْلِ هذا، وقد كان سببُ فرحِ النبيِّ ﷺ وأصحابِهِ في هزيمةِ فارسَ وغَلَبةِ الرومِ سببَيْنِ:
الأولُ: أنّ كفارَ قريشٍ أشَدَّ عَدُوٍّ قريبٍ للنبيِّ ﷺ: يُحِبُّونَ الفُرْسَ أكثَرَ مِن الرومِ، لأنّهم مِثْلُهم ليسوا بأهلِ كتابٍ، وهزيمةُ فارسَ كسرٌ لنفسِ قريشٍ وهزيمةٌ لعزائمِهم، فأحَبَّ النبيُّ ذلك.
الثاني: أنّ فارسَ أشَدُّ عداوةً مِن الرومِ، وكِلاهما عدوٌّ للمُسلِمينَ، فأَحَبَّ أن يزولَ العدوُّ الأعلى بالعدوِّ الأدنى، بدلًا مِن قتالِ عدوَّيْنِ، أو قتال العدُوِّ الأعلى.
وفَرَحُ النبيِّ ﷺ بما يَغِيظُ قريشًا دليلٌ على استحبابِ الفرحِ بما يَغيظُ ويُصيبُ العدوَّ المُحارِبَ، وقد اعتبَرَ اللهُ مِن مقاصدِ قتالِ العَدُوِّ: شفاءَ صدورِ المؤمنينَ، وذَهابَ غَيْظِ قلوبِهم، كما تقدَّم عندَ قولِه تعالى: ﴿ويَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ويُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾ [التوبة: ١٤ ـ ١٥].
وفي هذه الآياتِ: بيانٌ لحِكْمةِ النبيِّ ﷺ وأصحابِهِ في معرفةِ مَراتبِ الأعداءِ قُرْبًا وبُعْدًا مِن الحقِّ، فإنّ الأعداءَ ليسوا على بابٍ واحدٍ في الشرِّ والعَداءِ، ولا يَتعامَلُ مع الأعداءِ على أنّهم شيءٌ واحدٌ إلاَّ وهو يتعاملُ مع الحُلَفاءِ على أنّهم شيءٌ واحدٌ، فيُؤتى مِن مَأْمَنِه، ويجتمِعُ أعداؤُهُ عليه فيَستأصِلُونَه، وهذا جهلٌ بالسياسةِ، وليس مِن الفِقْهِ في الدِّينِ.
رِهانُ أبي بَكْرٍ بِمَكَّةَ، والرِّهانُ في إظهارِ الحقِّ:
وقد راهَنَ أبو بكرٍ بعضَ قريشٍ في غَلَبةِ الرُّومِ على فارسَ، كما تقدَّمَ في حديثِ ابنِ عبّاسٍ وابنِ مسعودٍ والبَراءِ ونِيارٍ، وجاءتِ القصةُ مِن مُرْسَلِ قتادةَ[[«تفسير الطبري» (١٨ /٤٥٤)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٩ /٣٠٨٧).]]، وعِكْرِمةَ[[«تفسير الطبري» (١٨ /٤٥٠).]]، وابنِ شِهابٍ، وعبدِ اللهِ بنِ عُتْبةَ بنِ مسعودٍ[[«تفسير ابن أبي حاتم» (٩ /٣٠٨٧).]]، وقد كان ذلك بمكةَ قبلَ تحريمِ الجهالةِ والغَرَرِ والرِّبا، والنهيُ عن المُقامَرةِ ونزولُ آيتِها كان بالمدينةِ في غزوةِ بني النَّضِيرِ بعدَ أُحُدٍ، وقد اختلَفَ العلماءُ في دخولِ رِهانِ أبي بكرٍ في النهيِ، فإنْ كان داخلًا فهو منسوخٌ، وإنْ لم يكنْ داخلًا في النهيِ، فهو داخلٌ في عمومِ ما استُثنِيَ، كما روى أحمدُ وأهلُ السُّننِ، مِن حديثِ أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (لا سَبَقَ إلاَّ فِي خُفٍّ أوْ فِي حافِرٍ أوْ نَصْلٍ) [[أخرجه أحمد (٢ /٤٧٤)، وأبو داود (٢٥٧٤)، والترمذي (١٧٠٠)، والنسائي (٣٥٨٥)، وابن ماجه (٢٨٧٨).]]، وذلك أنّ غلَبةَ الرومِ على الفُرْسِ كان عامَ الحُدَيْبِيَةِ، وبه استحَقَّ أبو بكرٍ المالَ على رِهانِه.
وقد قال بأنّ فِعْلَ أبي بكرٍ داخلٌ في المنسوخِ جمهورُ العلماءِ، وذلك أنّ الفقهاءَ يرَوْنَ منعَ الرِّهانِ إذا كان المالُ مِن الجميعِ حتى فيما استُثنِيَ في الحديثِ، ما لم يدخُلْ محلِّلٌ، وجعَلُوا ما جاء به حديثُ أبي بكر أوْلى بالمنعِ والقولِ بنَسْخِه، وأنّ الحديثَ استثنى مِن السَّبَقِ المالَ المبذولَ مِن بعضِ المتسابِقِينَ لا مِن الجميعِ، وأمّا مِن الجميعِ فلا يُجِيزُونَهُ إلاَّ بمحلِّلٍ، ليتحوَّلَ مِن مالٍ بذَلَهُ الجميعُ إلى مالٍ بذَلَهُ بعضُهم، كما يأتي بيانُه.
وقال الحنفيَّةُ بجوازِ الرِّهانِ بينَ المسلمِ والحَرْبيِّ، لإظهارِ الحُجَّةِ، وقوةِ الحقِّ.
وبعضُ العلماءِ عمَّمَ وقال بجوازِ المسابَقَةِ في إظهارِ الحُجَّةِ التي بها يحرَّضُ الناسُ على الحقِّ، ويُدفَعُ الشرُّ، وتُفتَحُ القلوبُ للإسلامِ، وبها يَعتزُّ ويرتفعُ، وأيَّدَ هذا القولَ ابنُ تيميَّةَ وابنُ القيِّمِ، وعلى هذا حُمِلَ حديثُ مصارَعَةِ النبيِّ ﷺ لرُكانَةَ.
ومِن أسبابِ الخلافِ: أنّ العلةَ الجامعةَ للثَّلاثِ التي استثناها رسولُ اللهِ ﷺ مِن الرِّهانِ المحرَّمِ: الجامعُ بينَها إظهارُ القوةِ وإعدادُ العُدَّةِ للجهادِ بالسِّنانِ واللِّسانِ، سواءٌ كان برميِ السِّهامِ، وهو قولُه: «نَصْلٍ»، يعني: سهمًا، أو كان بسباقِ الخيلِ، وهو قولُه: «حافِرٍ»، أو بسباقِ الإبلِ، وهو قولُه: «خُفٍّ»، أو كان ذلك بالمُناظَراتِ والحُجَجِ، فمَن رأى عمومَ هذه العلةِ، أدخَلَ فيها ما في حُكْمِها ممّا يُظهِرُ قوةَ الإسلامِ وعِزَّتَهُ، فأجازُوا الرِّهانَ في مسائلِ العلمِ، والرهانَ على المباحَثاتِ والمناظَراتِ، وخاصَّةً ما كان بينَ المُسلِمينَ وغيرِهم مِن رؤوسِ المِلَلِ الكُفْرِيَّةِ، كرُهْبانِ النصارى وأحبارِ اليهودِ.
والجمهورُ القائلونَ بالمنعِ يختلِفونَ في الحيوانِ الذي يجوزُ فيه أخذُ السَّبَقِ، وهو (العِوَضُ)، واختلافُهُمْ دليلٌ على عدمِ استقرارِ علةِ الترخيصِ الواردِ في الحديثِ عندَهم:
فالأظهرُ عندَ الشافعيَّةِ جوازُ السَّبَقِ بأنْ يكونَ في الخيلِ، والإبلِ، والفِيلِ، والبغلِ، والحمارِ، ويَرى المالكيَّةُ: أنّه مقصورٌ على الخيلِ والإبلِ، ويَرى الحنفيَّةُ: جوازَ السَّبَقِ على الأرجُلِ بلا رُكُوبٍ.
والأظهرُ: عمومُ العلةِ في كلِّ قوةٍ يكونُ في مِثْلِها إعدادٌ وظهورٌ للحقِّ، فإنّ الاقتصارَ على نصِّ الحديثِ يَقصُرُهُ على رميِ السِّهامِ، ويَمنَعُ من الرميِ بالسلاحِ والرصاصِ اليومَ، وهو أشَدُّ وأعظَمُ نِكايةً في العدوِّ، ولا يشُكُّ عاقلٌ في هذا.
وقد تصارَعَ النبيُّ ﷺ مع رُكانَةَ على شاةٍ يَغْرَمُها المغلوبُ، ورُويَتْ تلك القصةُ بأسانيدَ، منها المتصِلُ، ومنها المُرسَلُ، يدُلُّ على أنّ لها أصلًا، ولم يُنكَرِ الفعلُ الواردُ فيها مِن نُقّادِ المتونِ، وأمّا ما رَوى أبو داودَ أنّ النبيَّ ﷺ أرجَعَ المالَ لِرُكانةَ ولم يأخُذْهُ، فهو مخرَّجٌ في «مَراسيلِه»[[«المراسيل» لأبي داود (٣٠٨).]].
وجهادُ اللِّسانِ أمْضى مِن جهادِ السِّنانِ لِمَن قدَرَ عليه وسدَّدَه اللهُ، وقد سمّى اللهُ جهادَ اللِّسانِ جهادًا كبيرًا، فقال: ﴿وجاهِدْهُمْ بِهِ جِهادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: ٥٢]، وسمّاهُ حقَّ الجهادِ: ﴿وجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ﴾ [الحج: ٧٨]، وهذا كان بِمَكَّةَ، ولم يُسَمِّ اللهُ جهادَ السِّنانِ بالجهادِ الكبيرِ، ولا حقِّ الجهادِ، مع عظَمَتِهِ وفضلِه وجلالةِ قَدْرِه، فإنْ جاز الرِّهانُ في إظهارِ الحقِّ بالسِّنانِ في النَّصْلِ والخُفِّ والحافرِ، ففي المناظَرةِ والمُحاجَجةِ مِثلُهُ أو آكَدُ منه، ولا يكونُ هذا بابًا يدخُلُ منه المُتسابِقونَ في فضولِ العلمِ التي لا تُحِقُّ الحقَّ في الناسِ، فلم يكنِ الفقهاءُ يُدخِلونَ هذا النوعَ فيما أجازُوهُ مِن فِعْلِ أبي بكرٍ رضي الله عنه.
وأمّا ما جاء في حديثِ البَراءِ في رِهانِ أبي بكرٍ مع قريشٍ عندَ ابنِ أبي حاتمٍ، أنّه قال في المالِ: فجاء به أبو بكرٍ إلى النبيِّ ﷺ، فقال: (هَذا السُّحْتُ، تَصَدَّقْ بِهِ) [[«تفسير ابن أبي حاتم» (٩/٣٠٨٦).]]، وما أخرَجَ أبو يَعْلى في حديثِ البراءِ أيضًا، قال فيه: فقال رسولُ اللهِ ﷺ: (هَذا لِلنَّجائِبِ) [[«إتحاف الخيرة» للبوصيري (٥٧٨١)، و«المطالب العالية» لابن حجر (٣٦٨٠).]]، وكأنّه جعَلَ المالَ للحيوانِ لا يأكُلُهُ الإنسانُ ـ: فحديثُ البَراءِ تفرَّدَ به مؤمَّلُ بنُ إسماعيلَ، وفي حفظِهِ وهَمٌ وغَلَطٌ.
وأمّا ما رواهُ ابنُ خُزَيْمةَ في «التوحيدِ»، في حديثِ نِيارِ بنِ مُكْرَمٍ في رِهانِ أبي بكرٍ، وفيه: «وذَلِكَ قَبْلَ أنْ يَنْزِلَ فِي الرِّهانِ ما نَزَلَ»[[«التوحيد»، لابن خزيمة (١ /٤٠٥).]]، فحديثُ نِيارٍ تفرَّدَ به ابنُ أبي الزِّنادِ، عن أبيه، عن عروةَ بنِ الزُّبَيْرِ، عن نِيارٍ، به، ثمَّ هو ليس مِن كلامِ نِيارٍ، وإنّما مِن كلامِ بعضِ الرُّواةِ عنه.
أحكامُ العِوَضِ (السَّبَقِ) واشتراطُ المحلِّلِ في الرِّهانِ:
لا يختلِفُ الفقهاءُ في جوازِ أخذِ المالِ في الرِّهانِ والمسابَقَةِ إنْ كان المالُ مبذولًا مِن بيتِ المالِ، أو مِن مالِ الإمامِ أو نائبِه، وقد حكى الإجماعَ الزركشيُّ[[«شرح الزركشي على الخرقي» (٤ /٣٢١).]] وغيرُه، وقد كان النبيُّ ﷺ يفعلُ ذلك، كما ثبَت مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ: «أنّ رسولَ اللهِ ﷺ سَبَّقَ بِالخَيْلِ وراهَنَ»، أخرَجَهُ أحمدُ[[أخرجه أحمد (٢/٦٧).]]، وفي روايةٍ عندَه: «وأَعْطى السّابِقَ»[[أخرجه أحمد (٢/٩١).]].
وأمّا إنْ كان العِوَضُ مبذولًا مِن مالِ عامَّةِ الناسِ مِن غيرِ المتسابقِينَ، فعامَّةُ العلماءِ على جوازِه، وحُكِيَ عن مالكٍ المنعُ، لأنّه مِن خصائصِ الإمامِ، لتعلُّقِهِ بالجهادِ، حكاهُ ابنُ قُدامَةَ[[«المغني» (١٣ /٤٠٨).]]، والمشهورُ عن مالكٍ والذي يَحْكِيهِ أصحابُه: جوازُ ذلك، وحكى جماعةٌ مِن فقهاءِ المالكيَّةِ الاتِّفاقَ على جوازِ ذلك.
وأمّا إنْ كان العِوَضُ (السَّبَقُ) مِن أحدِ المتسابقِينَ المشاركِينَ، فإنْ سبَقَ هو، أبْقى مالَهُ له، وإنْ لم يَسبِقْ، أعْطاهُ لِمَن سبَقَه منهم، فهذا قد جوَّزَهُ جمهورُ الفقهاءِ، وقد قال مالكٌ: لا يُعجِبُني، ثمَّ قال: لا بأسَ به[[«الكافي في فقه أهل المدينة» (١ /٤٩٠).]]، وكأنّه رأى تَرْكَهُ تورُّعًا مع عدمِ القولِ بعدمِ جوازِه، وحكى ابنُ قدامةَ عنه روايةً بالمنعِ[[«المغني» (١٣ /٤٠٨).]].
ويَرى كثيرٌ مِن الفقهاءِ مِن أصحابِ مالكٍ: جوازَ ذلك بشرطِ ألاَّ يعودَ السَّبَقُ إلى صاحبِه في حالةِ سَبْقِهِ هو، وإنّما يَدفعُهُ لغيرِه ممَّن شَهِدَ السِّباقَ إنْ كان السباقُ بينَ اثنَيْنِ، وإنْ كان المتسابِقونَ جماعةً وسبَقَ هو، جعَلَ العِوَضَ (السَّبَقَ) للمتسابِقِ الذي بعدَه، وقد حكى ابنُ عبدِ البَرِّ ذلك عن ربيعةَ ومالكٍ والأوزاعيِّ: أنّ الأشياءَ المسبَّقَ بها لا تَرجِعُ إلى المسبِّقِ بها[[«الاستذكار» (١٤/٣١٠).]].
وقد عَدَّ القاضي عبدُ الوهّابِ ذلك قياسًا على حالِ الإمامِ، فإنّه يُخرِجُ المالَ ولا يَرجِعُ إليه، وهو تعليلٌ ليس بالقويِّ، فالإمامُ لا يُشارِكُ المُتسابِقِينَ سباقَهم في الأغلبِ، ولو شارَكَهُمَ، لكان له حقٌّ كحقِّهم عندَ فوزِه، إلاَّ إنْ كان مَن قال بهذا القولِ أجْرى العِوَضَ مجرى الهبةِ التي لا يجوزُ أن يَرجعَ فيها صاحبُها، وإنْ كان كذلك، فهو وهَبَها هبةً مشروطةً بالغَلَبةِ والفَوْزِ، وقد يتحقَّقُ وقد يَنتفي فيه وفي غيرِه، والجِعالةُ يجوزُ فيها أنْ يبذُلَ الشخصُ مالًا لمَن يأتيهِ بضالَّتِهِ، ثمَّ يُشارِكَهم البحثَ عنها، فإنْ وجَدَها هو، بَقِيَ له مالُه، وإنْ وجَدَها غيرُه، أعطاهُ إيّاه.
وعامَّةُ الفقهاءِ على جوازِ أن يكونَ السَّبَقُ مِن أحدِ المُتسابِقِينَ أو مِن بعضِهم، وأمّا إنْ كان مِن جميعِهم، ففي المسألةِ خلافٌ عندَهم، والجمهورُ على المنعِ مِن ذلك وحُرْمتِه، لدخولِه في القِمارِ، ما لم يدخُلْ محلِّلٌ بينَهم لا يَدفعُ عِوَضًا، فيُجِيزونَه.
ويُريدُ الفقهاءُ بالمحلِّلِ: أنّه المتسابقُ الذي يُساوِي بقيةَ المتسابِقِينَ في السِّباقِ، لكنَّه لا يبذُلُ عِوَضًا لمَن سبَقَه، ويأخُذُ العوضَ إذا سبَقَ هو، وسمّاهُ الفقهاءُ محلِّلًا، لأنّه يُحلِّلُ للسابقِ أخذَ المالِ، فإنّ المحلِّلَ يَجعلُ العَقدَ حلالًا، ويُخرِجُه عن كونِه قِمارًا، وذلك أنّ القِمارَ: أنْ يكونَ المتسابِقُونَ متردِّدينَ بينَ الغُنْمِ والغُرْمِ، وأمّا المحلِّلُ، فإمّا غانمٌ، وإمّا سالمٌ ليس بغارمٍ، وبه لا يكونُ العقدُ قِمارًا، ويُسمّى المحلِّلُ عندَ بعضِ الفقهاءِ: الدخيلَ أو المُحِلَّ أو الميسِّرَ، وللفقهاءِ في دخولِ المحلِّلِ أقوالٌ ثلاثةٌ:
الأولُ: دخولُ المحلِّلِ، وأنّه لا يصحُّ العَقْدُ إلاَّ به، وإليه ذهَبَ جمهورُ العلماءِ، وعليه مذهبُ الحنفيَّةِ والشافعيَّةِ والحنابلةِ، وهو أحدُ قولَيْ مالكٍ، واشترَطُوا لدخولِه: ألاَّ يَدْفَعَ مِن مالِه شيئًا، وأنْ يُساويَهما فيُكافئَ فرسُهُ فرسَيْهما، أو بعيرُهُ بعيرَهما، أو رميُهُ رميَهما، فلا يكونُ دخولُه صوريًّا، وأن يأخُذَ المالَ إنْ سبَقَ هو مِن بينِهم، واستدَلُّوا على دخولِ المحلِّلِ بما جاء عندَ أحمدَ وأبي داودَ، مِن حديثِ سعيدِ بنِ المسيَّبِ، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (مَن أدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وهُو لا يَأْمَنُ أنْ يَسْبِقَ، فَلا بَأْسَ بِهِ، ومَن أدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وقَدْ أمِنَ أنْ يَسْبِقَ، فَهُو قِمارٌ) [[أخرجه أحمد (٢ /٥٠٥)، وأبو داود (٢٥٧٩)، وابن ماجه (٢٨٧٦).]].
وقد رواهُ مالكٌ في «الموطَّأِ»، فوقَفَهُ مِن حديثِ يحيى بنِ سعيدٍ، أنّه سمِع سعيدَ بنَ المسيَّبِ يقولُ: «لَيْسَ بِرِهانِ الخَيْلِ بَأْسٌ إذا دَخَلَ فِيها مُحَلِّلٌ، فَإنْ سَبَقَ أخَذَ السَّبَقَ، وإنْ سُبِقَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ»[[أخرجه مالك في «الموطأ» (٢ /٤٦٨).]].
الثـاني: كراهةُ دخولِ المحلِّلِ، وإلى هذا ذهَبَ بعضُ الحنابلةِ المحقِّقينَ، كابنِ تيميَّةَ وابنِ القيِّمِ، وذلك أنّهم يرَوْنَ البَذْلَ مِن الجميعِ غيرَ جائزٍ أصلًا، وإدخالُهُ نوعُ تحايُلٍ عندَ مَن يحرِّمُهُ، ويرَوْنَ أنّ المنعَ مِن السَّبَقِ بمحلِّلٍ وغيرِ محلِّلٍ أولى بالأخذِ مِن القولِ بتحريمِهِ ثمَّ تحليلِهِ بالمحلِّلِ.
الثالثُ: لا يجوزُ إدخالُ المحلِّلِ، وبه قال جماعةٌ مِن الفقهاءِ المالكيَّةِ، وهو معتمَدُ المذهبِ عندَهم، وقد أنكَرَ مالكٌ العملَ بقولِ سعيدِ بنِ المسيَّبِ بالعملِ بالمحلِّلِ، ولا يجوزُ عندَ مالكٍ أنْ يَجعلَ المتسابقانِ سبَقَينِ يُخرِجُ كلُّ واحدٍ منهما سبَقًا مِن قِبَلِ نفسِهِ على أنّ مَن سبَقَ منهما، أحرَزَ سبَقَهُ وأخَذَ سبَقَ صاحبِه، وقد قال مالكٌ: «لا يجبُ المحلِّلُ في الخيلِ، ولا نأخُذُ فيه بقولِ سعيدٍ»[[«تفسير القرطبي» (١١ /٢٨٥).]].
والفرقُ بينَ مَن قال بالكراهةِ ومَن قال بعدمِ الجوازِ: أنّ مَن قال بالكراهةِ يَرى أنّ دخولَهُ لا يؤثِّرُ في الحِلِّ، ومَن يرى عدمَ الجوازِ رأى دخولَه لا يؤثِّرُ في التحريمِ.
ولمالكٍ في دخولِ المحلِّلِ قولٌ بجوازِه يُوافِقُ فيه قولَ ابنِ المسيَّبِ إلاَّ أنّه خلافُ المشهورِ عنه.
وعلَّلَ بعضُ المالكيَّةِ عدمَ جوازِ دخولِ المحلِّلِ بأنّ الشرعَ منَعَ في بابِ المعاوضةِ مِن اجتماعِ العِوَضَيْنِ لشخصٍ واحدٍ لم يَبذُلْ، ويُحرَمُ منه الباقونَ الباذِلُون، وذلك في مُعاوَضاتِ البيعِ والإجارةِ والشُّفْعةِ، ففي البيعِ يكونُ الثمنُ والمثمَّنُ ـ وهو السلعةُ ـ مقسَّمَيْنِ بينَ البائعِ والمشترِي الذي انتقَلَ إليه المثمَّنُ، وهو المَبِيعُ.
وحديثُ أبي هريرةَ السابقُ في المحلِّلِ لا يثبُتُ رفعُهُ، فقد رفَعَهُ سفيانُ بنُ حُسَيْنٍ، عن الزُّهْريِّ، عن سعيدٍ، عن أبي هريرةَ مرفوعًا، وسفيانُ يَهِمُ في حديثِ الزُّهْريِّ، كما أشار إلى هذا أحمدُ[[«العلل ومعرفة الرجال» لأحمد، رواية المروذي وغيره (٢٨).]]، وابنُ مَعِينٍ[[«تاريخ ابن معين»، رواية الدارمي (ص٤٤).]]، والنَّسائيُّ[[«السنن الكبرى» للنسائي (٣٢٨٠).]].
وأصحابُ الزُّهْريِّ الكِبارُ لا يَرفَعُونَهُ بل يَقْطَعونَه، كمَعْمَرِ بنِ راشدٍ، وعُقَيْلِ بنِ خالدٍ، وشُعَيْبِ بنِ أبي حَمْزةَ، واللَّيثِ بنِ سعدٍ، وغيرِهم[[ينظر: «الفروسية» لابن القيم (ص٢٢٩ ـ ٢٣٨).]]، ثمَّ إنّ تراكيبَ الحديثِ لا تُشبِهُ كلامَ النبيِّ ﷺ، ولا الغالبَ مِن كلامِ الصحابةِ، وإنّما تُشبِهُ فُتْيا التابعِين.
وقد رجَّح الحُفّاظُ القطعَ كأبي حاتمٍ، قال أبو حاتمٍ في المرفوعِ: «هذا خطأٌ، لم يَعْمَلْ سفيانُ بنُ حُسَيْنٍ شيئًا، لا يُشبِهُ أنْ يكونَ عن النبيِّ، وأحسنُ أحوالِهِ أن يكونَ عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ مِن قولِه»[[«علل الحديث» لابن أبي حاتم (٥ /٦٧٥).]].
ونسَبَ بعضُهم إلى الدارقطنيِّ أنّ الرفعَ محفوظٌ، وفيه نظرٌ، فإنّه لم يُرِدْ ذلك في «عِلَلِه»، وإنّما أرادَ أنّ روايةَ سعيدِ بنِ بَشِيرٍ عن قتادةَ عن ابنِ المسيَّبِ لهذا الحديثِ وهَمٌ، وأنّه عن الزُّهْريِّ عن ابنِ المسيَّبِ، فهو يرجِّحُ بينَ وجهَيْنِ مرجوحَيْنِ جميعًا، لا بينَ وجهٍ مرجوحٍ ضعيفٍ وبينَ وجهٍ راجحٍ صحيحٍ[[«علل الدارقطني» (١٦٩٢).]].
وجاء في المحلِّلِ مِن حديثِ ابنِ عمرَ مرفوعًا[[أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٤٦٨٩).]]، وفيه عاصمُ بنُ عمرَ، متكلَّمٌ فيه، قال البخاريُّ: مُنكَرُ الحديثِ[[«التاريخ الكبير» للبخاري (٦ /٤٧٨/ترجمة ٣٠٤٢).]].
{"ayahs_start":1,"ayahs":["الۤمۤ","غُلِبَتِ ٱلرُّومُ","فِیۤ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَیَغۡلِبُونَ","فِی بِضۡعِ سِنِینَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَیَوۡمَىِٕذࣲ یَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ","بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ یَنصُرُ مَن یَشَاۤءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلرَّحِیمُ"],"ayah":"فِیۤ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَیَغۡلِبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق