الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ طَيِبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، ذَكَرَ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: أنَّ المُتَّقِينَ الَّذِينَ كانُوا يَمْتَثِلُونَ أوامِرَ رَبِّهِمْ، ويَجْتَنِبُونَ نَواهِيَهُ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ؛ أيْ: يَقْبِضُونَ أرْواحَهم في حالِ كَوْنِهِمْ طَيِّبِينَ، أيْ: طاهِرِينَ مِنَ الشِّرْكِ والمَعاصِي - عَلى أصَحِّ التَّفْسِيراتِ - ويُبَشِّرُونَهم بِالجَنَّةِ، ويُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ.
وَبَيَّنَ هَذا المَعْنى أيْضًا في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ؛
• كَقَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ ألّا تَخافُوا ولا تَحْزَنُوا وأبْشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت: ٣٠]،
• وقَوْلِهِ: ﴿وَقالَ لَهم خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكم طِبْتُمْ فادْخُلُوها خالِدِينَ﴾ [الزمر: ٧٣]،
• وقَوْلِهِ: ﴿والمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِن كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكم بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبى الدّارِ﴾ [الرعد: ٢٣ - ٢٤]،
والبِشارَةُ عِنْدَ المَوْتِ، وعِنْدَ دُخُولِ الجَنَّةِ مِن بابٍ واحِدٍ؛ لِأنَّها بِشارَةٌ بِالخَيْرِ بَعْدَ الِانْتِقالِ إلى الآخِرَةِ. ويُفْهَمُ مِن صِفاتٍ هَؤُلاءِ الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ طَيِّبِينَ، ويَقُولُونَ لَهم: سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخَلُوا الجَنَّةَ - أنَّ الَّذِينَ لَمْ يَتَّصِفُوا بِالتَّقْوى لَمْ تَتَوَفَّهُمُ المَلائِكَةُ عَلى تِلْكَ الحالِ الكَرِيمَةِ، ولَمْ تُسَلِّمْ عَلَيْهِمْ، ولَمْ تُبَشِّرْهم.
وَقَدْ بَيَّنَ تَعالى هَذا المَفْهُومَ في مَواضِعَ أُخَرَ؛
• كَقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أنْفُسِهِمْ فَألْقَوُا السَّلَمَ﴾ الآيَةَ [النحل: ٢٨]،
• وقَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ﴾، إلى قَوْلِهِ ﴿وَساءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ٩٧]،
• وقَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ تَرى إذْ يَتَوَفّى الَّذِينَ كَفَرُوا المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهم وأدْبارَهُمْ﴾ الآيَةَ [الأنفال: ٥٠]،
إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
وَقَوْلِهِ: ﴿تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أنْفُسِهِمْ﴾ [النحل: ٢٨]، وقَوْلِهِ: ﴿تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ طَيِّبِينَ﴾ [النحل: ٣٢]، قَرَأهُما عامَّةُ القُرّاءِ غَيْرَ حَمْزَةَ: ”تَتَوَفّاهم“ بِتاءَيْنِ فَوْقِيَّتَيْنِ. وقَرَأ حَمْزَةُ ”يَتَوَفّاهم“ بِالياءِ في المَوْضِعَيْنِ.
تَنْبِيهٌ.
أسْنَدَ هُنا - جَلَّ وعَلا - التَّوَفِّيَ لِلْمَلائِكَةِ في قَوْلِهِ: ﴿تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ﴾ [النحل: ٣٢] (p-٣٧٤)وَأسْنَدَهُ في ”السَّجْدَةِ“، لِمَلَكِ المَوْتِ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ يَتَوَفّاكم مَلَكُ المَوْتِ﴾ [السجدة: ١١]، وأسْنَدَهُ في ”الزُّمَرِ“ إلى نَفْسِهِ - جَلَّ وعَلا - في قَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِها﴾ الآيَةَ [الزمر: ٤٢]، وقَدْ بَيَّنّا في كِتابِنا (دَفْعَ إيهامِ الِاضْطِرابِ عَنْ آياتِ الكِتابِ) في سُورَةِ ”السَّجْدَةِ“: أنَّهُ لا مُعارَضَةَ بَيْنَ الآياتِ المَذْكُورَةِ، فَإسْنادُهُ التَّوَفِّي لِنَفْسِهِ؛ لِأنَّهُ لا يَمُوتُ أحَدٌ إلّا بِمَشِيئَتِهِ تَعالى، كَما قالَ: ﴿وَما كانَ لِنَفْسٍ أنْ تَمُوتَ إلّا بِإذْنِ اللَّهِ كِتابًا مُؤَجَّلًا﴾ [آل عمران: ١٤٥]، وأسْنَدَهُ لِمَلَكِ المَوْتِ؛ لِأنَّهُ هو المَأْمُورُ بِقَبْضِ الأرْواحِ، وأسْنَدَهُ إلى المَلائِكَةِ؛ لِأنَّ لِمَلَكِ المَوْتِ أعْوانًا مِنَ المَلائِكَةِ يَنْزِعُونَ الرُّوحَ مِنَ الجَسَدِ إلى الحُلْقُومِ فَيَأْخُذُها مَلَكُ المَوْتِ، كَما قالَهُ بَعْضُ العُلَماءِ. والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
{"ayah":"ٱلَّذِینَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ طَیِّبِینَ یَقُولُونَ سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُمُ ٱدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق