الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ماذا أنْزَلَ رَبُّكم قالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أحْسَنُوا في هَذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ ولَدارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ ولَنِعْمَ دارُ المُتَّقِينَ﴾ ﴿جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ لَهم فِيها ما يَشاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ المُتَّقِينَ﴾ ﴿الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ .
اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا بَيَّنَ أحْوالَ الأقْوامِ الَّذِينَ إذا قِيلَ لَهم ماذا أنْزَلَ رَبُّكم ؟ قالُوا: أساطِيرُ الأوَّلِينَ. وذَكَرَ أنَّهم يَحْمِلُونَ أوْزارَهم ومِن أوْزارِ أتْباعِهِمْ، وذَكَرَ أنَّ المَلائِكَةَ تَتَوَفّاهم ظالِمِي أنْفُسِهِمْ، وذَكَرَ أنَّهم في الآخِرَةِ يُلْقُونَ السَّلَمَ، وذَكَرَ أنَّهُ تَعالى يَقُولُ لَهُمُ ادْخُلُوا أبْوابَ جَهَنَّمَ، أتْبَعَهُ بِذِكْرِ وصْفِ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ إذا قِيلَ لَهم: ماذا أنْزَلَ رَبُّكم ؟ قالُوا خَيْرًا، وذِكْرِ ما أعَدَّهُ لَهم في الدُّنْيا والآخِرَةِ مِن مَنازِلِ الخَيْراتِ ودَرَجاتِ السَّعاداتِ (p-٢٠)لِيَكُونَ وعْدُ هَؤُلاءِ مَذْكُورًا مَعَ وعِيدِ أُولَئِكَ، وفي الآيَةِ مَسائِلُ:
المسألة الأُولى: قالَ القاضِي: يَدْخُلُ تَحْتَ التَّقْوى أنْ يَكُونَ تارِكًا لِكُلِّ المُحَرَّماتِ فاعِلًا لِكُلِّ الواجِباتِ، ومَن جَمَعَ بَيْنَ هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ فَهو مُؤْمِنٌ كامِلُ الإيمانِ، وقالَ أصْحابُنا: يُرِيدُ الَّذِينَ اتَّقَوُا الشِّرْكَ وأيْقَنُوا أنَّهُ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وأقُولُ: هَذا أوْلى مِمّا قالَهُ القاضِي؛ لِأنّا بَيَّنّا أنَّهُ يَكْفِي في صِدْقِ قَوْلِهِ: فُلانٌ قاتِلٌ أوْ ضارِبٌ كَوْنُهُ آتِيًا بِقَتْلِ واحِدٍ وضَرْبِ واحِدٍ، ولا يَتَوَقَّفُ صِدْقُ هَذا الكَلامِ عَلى كَوْنِهِ آتِيًا بِجَمِيعِ أنْواعِ القَتْلِ وجَمِيعِ أنْواعِ الضَّرْبِ، فَعَلى هَذا قَوْلُهُ: ﴿وقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ يَتَناوَلُ كُلَّ مَن أتى بِنَوْعٍ واحِدٍ مِن أنْواعِ التَّقْوى إلّا أنّا أجْمَعْنا عَلى أنَّهُ لا بُدَّ مِنَ التَّقْوى عَنِ الكُفْرِ والشِّرْكِ فَوَجَبَ أنْ لا يَزِيدَ عَلى هَذا القَيْدِ؛ لِأنَّهُ لَمّا كانَ تَقْيِيدُ المُطْلَقِ خِلافَ الأصْلِ، كانَ تَقْيِيدُ المُقَيِّدِ أكْثَرَ مُخالَفَةً لِلْأصْلِ، وأيْضًا فَلِأنَّهُ تَعالى إنَّما ذَكَرَ هَؤُلاءِ في مُقابَلَةِ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا وأشْرَكُوا، فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ المُرادُ مَنِ اتَّقى عَنْ ذَلِكَ الكُفْرِ والشِّرْكِ. واللَّهُ أعْلَمُ.
المسألة الثّانِيَةُ: لِقائِلٍ أنْ يَقُولَ: إنَّهُ قالَ في الآيَةِ الأُولى: قالُوا أساطِيرُ الأوَّلِينَ، وفي هَذِهِ الآيَةِ قالُوا: خَيْرًا، فَلِمَ رُفِعَ الأوَّلُ ونُصِبَ هَذا ؟
أجابَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“ عَنْهُ بِأنْ قالَ: المَقْصُودُ مِنهُ الفَصْلُ بَيْنَ جَوابِ المُقِرِّ وجَوابِ الجاحِدِ يَعْنِي: أنَّ هَؤُلاءِ لَمّا سُئِلُوا لَمْ يَتَلَعْثَمُوا، وأطْبَقُوا الجَوابَ عَلى السُّؤالِ بَيِّنًا مَكْشُوفًا مَفْعُولًا لِلْإنْزالِ فَقالُوا: خَيْرًا أيْ: أنْزَلَ خَيْرًا، وأُولَئِكَ عَدَلُوا بِالجَوابِ عَنِ السُّؤالِ فَقالُوا: هو أساطِيرُ الأوَّلِينَ، ولَيْسَ مِنَ الإنْزالِ في شَيْءٍ.
المسألة الثّالِثَةُ: قالَ المُفَسِّرُونَ: هَذا كانَ في أيّامِ المَوْسِمِ، يَأْتِي الرَّجُلُ مَكَّةَ فَيَسْألُ المُشْرِكِينَ عَنْ مُحَمَّدٍ وأمْرِهِ فَيَقُولُونَ: إنَّهُ ساحِرٌ وكاهِنٌ وكَذّابٌ، فَيَأْتِي المُؤْمِنِينَ ويَسْألُهم عَنْ مُحَمَّدٍ وما أنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: خَيْرًا، والمَعْنى: أنْزَلَ خَيْرًا. ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ الَّذِي قالُوهُ مِنَ الجَوابِ مَوْصُوفٌ بِأنَّهُ خَيْرٌ، وقَوْلُهم خَيْرٌ جامِعٌ لِكَوْنِهِ حَقًّا وصَوابًا، ولِكَوْنِهِمْ مُعْتَرِفِينَ بِصِحَّتِهِ ولُزُومِهِ، فَهو بِالضِّدِّ مِن قَوْلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ، أنَّ ذَلِكَ أساطِيرُ الأوَّلِينَ عَلى وجْهِ التَّكْذِيبِ.
المسألة الرّابِعَةُ: قَوْلُهُ: ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوا﴾ وما بَعْدَهُ بَدَلٌ مِن قَوْلِهِ: ﴿خَيْرًا﴾ وهو حِكايَةٌ لِقَوْلِ الَّذِينَ اتَّقَوْا، أيْ: قالُوا هَذا القَوْلَ، ويَجُوزُ أيْضًا أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوا﴾ إخْبارًا عَنِ اللَّهِ، والتَّقْدِيرُ: إنَّ المُتَّقِينَ لَمّا قِيلَ لَهم: ﴿ماذا أنْزَلَ رَبُّكم قالُوا خَيْرًا﴾ ثُمَّ إنَّهُ تَعالى أكَّدَ قَوْلَهم وقالَ: ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوا في هَذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ﴾ وفي المُرادِ بِقَوْلِهِ: ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوا﴾ قَوْلانِ، أمّا الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ أهْلَ ”لا إلَهَ إلّا اللَّهُ“ يَخْرُجُونَ مِنَ النّارِ فَإنَّهم يَحْمِلُونَهُ عَلى قَوْلِ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ مَعَ الِاعْتِقادِ الحَقِّ، وأمّا المُعْتَزِلَةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ فُسّاقَ أهْلِ الصَّلاةِ لا يَخْرُجُونَ مِنَ النّارِ يَحْمِلُونَ قَوْلَهُ: ﴿أحْسَنُوا﴾ عَلى مَن أتى بِالإيمانِ وجَمِيعِ الواجِباتِ، واحْتَرَزَ عَنْ كُلِّ المُحَرَّماتِ. وأما قوله: ﴿فِي هَذِهِ الدُّنْيا﴾ فَفِيهِ قَوْلانِ:
القَوْلُ الأوَّلُ: أنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: ﴿أحْسَنُوا﴾ والتَّقْدِيرُ: لِلَّذِينِ اتَّقَوْا بِعَمَلِ الحَسَنَةِ في الدُّنْيا فَلَهم في الآخِرَةِ حَسَنَةٌ، وتِلْكَ الحَسَنَةُ هي الثَّوابُ العَظِيمُ، وقِيلَ: تِلْكَ الحَسَنَةُ هو أنَّ ثَوابَها يُضاعَفُ بِعَشْرِ مَرّاتٍ وبِسَبْعِمِائَةٍ وإلى ما لا نِهايَةَ لَهُ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ قَوْلَهُ: ﴿فِي هَذِهِ الدُّنْيا﴾ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: ﴿حَسَنَةٌ﴾ والتَّقْدِيرُ: لِلَّذِينِ أحْسَنُوا أنْ تَحْصُلَ (p-٢١)لَهُمُ الحَسَنَةُ في الدُّنْيا، وهَذا القَوْلُ أوْلى؛ لِأنَّهُ قالَ بَعْدَهُ: ﴿ولَدارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ﴾ وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ فَفي تَفْسِيرِ هَذِهِ الحَسَنَةِ الحاصِلَةِ في الدُّنْيا وُجُوهٌ.
الأوَّلُ: يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ ما يَسْتَحِقُّونَهُ مِنَ المَدْحِ والتَّعْظِيمِ والثَّناءِ والرِّفْعَةِ، وجَمِيعُ ذَلِكَ جَزاءٌ عَلى ما عَمِلُوهُ.
والثّانِي: يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِهِ الظَّفَرُ عَلى أعْداءِ الدَّيْنِ بِالحُجَّةِ وبِالغَلَبَةِ لَهم، وبِاسْتِغْنامِ أمْوالِهِمْ وفَتْحِ بِلادِهِمْ، كَما جَرى بِبَدْرٍ وعِنْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وقَدْ أجْلَوْهم عَنْها وأخْرَجُوهم إلى الهِجْرَةِ، وإخْلاءِ الوَطَنِ، ومُفارَقَةِ الأهْلِ والوَلَدِ، وكُلُّ ذَلِكَ مِمّا يَعْظُمُ مُوقِعُهُ.
والثّالِثُ: يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ أنَّهم لَمّا أحْسَنُوا بِمَعْنى: أنَّهم أتَوْا بِالطّاعاتِ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أبْوابَ المُكاشَفاتِ والمُشاهَداتِ والألْطافِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿والَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهم هُدًى﴾ [محمد: ١٧] .
وأما قوله: ﴿ولَدارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ﴾ فَقَدْ بَيَّنّا في سُورَةِ الأنْعامِ في قَوْلِهِ: ﴿ولَلدّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ٣٢] بِالدَّلائِلِ القَطْعِيَّةِ العَقْلِيَّةِ حُصُولَ هَذا الخَيْرِ، ثم قال: ﴿ولَنِعْمَ دارُ المُتَّقِينَ﴾ أيْ لَنِعْمَ دارُ المُتَّقِينَ دارُ الآخِرَةِ، فَحُذِفَتْ لِسَبْقِ ذِكْرِها، هَذا إذا لَمْ تُجْعَلُ هَذِهِ الآيَةُ مُتَّصِلَةً بِما بَعْدَها، فَإنْ وصَلْتَها بِما بَعْدَها قُلْتَ: ولَنِعْمَ دارُ المُتَّقِينَ جَنّاتُ عَدْنٍ، فَتَرْفَعُ جَنّاتٍ عَلى أنَّها اسْمٌ لِنِعْمَ، كَما تَقُولُ: نِعْمَ الدّارُ دارٌ يَنْزِلُها زَيْدٌ.
* * *
وأما قوله: ﴿جَنّاتُ عَدْنٍ﴾ فَفِيهِ مَسائِلُ:
المسألة الأُولى: اعْلَمْ أنَّها إنْ كانَتْ مَوْصُولَةً بِما قَبْلَها، فَقَدْ ذَكَرْنا وجْهَ ارْتِفاعِها، وأمّا إنْ كانَتْ مَقْطُوعَةً، فَقالَ الزَّجّاجُ: جَنّاتُ عَدْنٍ مَرْفُوعَةٌ بِإضْمارِ ”هي“ كَأنَّكَ لَمّا قُلْتَ: ولَنِعْمَ دارُ المُتَّقِينَ، قِيلَ: أيُّ دارٍ هي هَذِهِ المَمْدُوحَةُ ؟ فَقُلْتَ: هي جَنّاتُ عَدْنٍ، وإنْ شِئْتَ قُلْتَ: ”جَنّاتُ عَدْنٍ“ رُفِعَ بِالِابْتِداءِ، و”يَدْخُلُونَها“ خَبَرُهُ، وإنْ شِئْتَ قُلْتَ: ”نِعْمَ دارُ المُتَّقِينَ“ خَبَرُهُ، والتَّقْدِيرُ: جَنّاتُ عَدْنٍ نِعْمَ دارُ المُتَّقِينَ.
المسألة الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ: ﴿جَنّاتُ﴾ يَدُلُّ عَلى القُصُورِ والبَساتِينِ، وقَوْلُهُ: ﴿عَدْنٍ﴾ يَدُلُّ عَلى الدَّوامِ، وقَوْلُهُ: ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّهُ حَصَلَ هُناكَ أبْنِيَةٌ يَرْتَفِعُونَ عَلَيْها، وتَكُونُ الأنْهارُ جارِيَةً مِن تَحْتِهِمْ، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى قالَ: ﴿لَهم فِيها ما يَشاءُونَ﴾ وفِيهِ بَحْثانِ:
الأوَّلُ: أنَّ هَذِهِ الكَلِمَةَ تَدُلُّ عَلى حُصُولِ كُلِّ الخَيْراتِ والسَّعاداتِ، وهَذا أبْلَغُ مِن قَوْلِهِ: ﴿وفِيها ما تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وتَلَذُّ الأعْيُنُ﴾ [الزخرف: ٧١] لِأنَّ هَذَيْنِ القِسْمَيْنِ داخِلانِ في قَوْلِهِ: ﴿لَهم فِيها ما يَشاءُونَ﴾ مَعَ أقْسامٍ أُخْرى.
الثّانِي: قَوْلُهُ: ﴿لَهم فِيها ما يَشاءُونَ﴾ يَعْنِي: هَذِهِ الحالَةُ لا تَحْصُلُ إلّا في الجَنَّةِ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿لَهم فِيها ما يَشاءُونَ﴾ يُفِيدُ الحَصْرَ، وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى أنَّ الإنْسانَ لا يَجِدُ كُلَّ ما يُرِيدُهُ في الدُّنْيا.
ثم قال تَعالى: ﴿كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ المُتَّقِينَ﴾ أيْ: هَكَذا جَزاءُ التَّقْوى، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى عادَ إلى وصْفِ المُتَّقِينَ فَقالَ: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ طَيِّبِينَ﴾ وهَذا مَذْكُورٌ في مُقابَلَةِ قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أنْفُسِهِمْ﴾ وقَوْلُهُ: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ﴾ صِفَةٌ لِلْمُتَّقِينَ في قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ المُتَّقِينَ﴾ وقَوْلُهُ: ﴿طَيِّبِينَ﴾ كَلِمَةٌ مُخْتَصَرَةٌ جامِعَةٌ لِلْمَعانِي الكَثِيرَةِ، وذَلِكَ لِأنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ إتْيانُهم بِكُلِّ ما أُمِرُوا بِهِ، واجْتِنابُهم عَنْ كُلِّ ما نُهُوا عَنْهُ ويَدْخُلُ فِيهِ كَوْنُهم مَوْصُوفِينَ بِالأخْلاقِ الفاضِلَةِ مُبَرَّئِينَ عَنِ الأخْلاقِ المَذْمُومَةِ، ويَدْخُلُ فِيهِ كَوْنُهم مُبَرَّئِينَ عَنِ العَلائِقِ الجُسْمانِيَّةِ مُتَوَجِّهِينَ إلى حَضْرَةِ القُدْسِ والطَّهارَةِ، ويَدْخُلُ فِيهِ أنَّهُ طابَ لَهم قَبْضُ الأرْواحِ وأنَّها لَمْ تُقْبَضْ إلّا مَعَ البِشارَةِ بِالجَنَّةِ حَتّى صارُوا كَأنَّهم مُشاهِدُونَ لَها، ومَن هَذا حالُهُ لا يَتَألَّمُ بِالمَوْتِ، وأكْثَرُ المُفَسِّرِينَ عَلى أنَّ هَذا التَّوَفِّيَ هو قَبْضُ الأرْواحِ، وإنْ كانَ الحَسَنُ يَقُولُ: إنَّهُ وفاةُ الحَشْرِ، ثُمَّ (p-٢٢)بَيَّنَ تَعالى أنَّهُ يُقالُ لَهم عِنْدَ هَذِهِ الحالَةِ: ﴿ادْخُلُوا الجَنَّةَ﴾ فاحْتَجَّ الحَسَنُ بِهَذا عَلى أنَّ المُرادَ بِذَلِكَ التَّوَفِّي وفاةُ الحَشْرِ؛ لِأنَّهُ لا يُقالُ عِنْدَ قَبْضِ الأرْواحِ في الدُّنْيا ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، ومَن ذَهَبَ إلى القَوْلِ الأوَّلِ وهُمُ الأكْثَرُونَ يَقُولُونَ: إنَّ المَلائِكَةَ لَمّا بَشَّرُوهم بِالجَنَّةِ صارَتِ الجَنَّةُ كَأنَّها دارُهم وكَأنَّهم فِيها، فَيَكُونُ المُرادُ بِقَوْلِهِمُ: ادْخُلُوا الجَنَّةَ أيْ: هي خاصَّةٌ لَكم كَأنَّكم فِيها.
{"ayahs_start":30,"ayahs":["۞ وَقِیلَ لِلَّذِینَ ٱتَّقَوۡا۟ مَاذَاۤ أَنزَلَ رَبُّكُمۡۚ قَالُوا۟ خَیۡرࣰاۗ لِّلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ فِی هَـٰذِهِ ٱلدُّنۡیَا حَسَنَةࣱۚ وَلَدَارُ ٱلۡـَٔاخِرَةِ خَیۡرࣱۚ وَلَنِعۡمَ دَارُ ٱلۡمُتَّقِینَ","جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ یَدۡخُلُونَهَا تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُۖ لَهُمۡ فِیهَا مَا یَشَاۤءُونَۚ كَذَ ٰلِكَ یَجۡزِی ٱللَّهُ ٱلۡمُتَّقِینَ","ٱلَّذِینَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ طَیِّبِینَ یَقُولُونَ سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُمُ ٱدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"],"ayah":"ٱلَّذِینَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ طَیِّبِینَ یَقُولُونَ سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُمُ ٱدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق