الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: وَأَنَّا ظَنَنَّا يعني: حسبنا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً يعني: نتوهم أن أحداً لا يكذب على الله، وإلى هاهنا حكاية كلام الجن.
يقول الله تعالى: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يعني: في الجاهلية يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ، وذلك أن الرجل إذا نزل في فضاء من الأرض، كان يقول أعوذ بسيد هذا الوادي، فيكون في أمانهم تلك الليلة. فَزادُوهُمْ رَهَقاً يعني: زادوا للجن عظمة وتكبروا، ويقولن:
بلغ من سُؤُدُدنا أن الجن والإنس يطلبون منا الأمان، وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ يعني: كفار الجن حسبوا كما حسبتم يا أهل مكة، أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً يعني: بعد الموت، يعني:
إنهم كانوا غير مؤمنين، كما أنكم لا تؤمنون. ويقال: إنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحداً يعني: رسولاً. فقد أرسل محمدا ﷺ.
ثم رجع إلى كلام الجن، فقال: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ يعني: صعدنا وأتينا السماء لاستراق السمع. فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً يعني: حفاظاً أقوياء من الملائكة.
وَشُهُباً يعني: رُمينا نجماً متوقداً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ يعني: كنا نقعد فيما مضى للاستماع من الملائكة، ما يقولون فيما بينهم من الكوائن. فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً يعني: نجماً مضيئاً. والرصد: الذي أرصد للرجم يعني: النجم. وروى عبد الرزاق، عن معمر قال: قلت للزهري: أكان يرمى بالنجوم في الجاهلية؟ قال: نعم.
قلت: أفرأيت قوله: فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً قال: غلظ وشدد أمرها حين بُعث النبيّ ﷺ. قال الجن بعضهم لبعض: وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ؟ يعني:
يبعثه فلم يؤمنوا فيهلكوا أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً؟ يعني: خيراً وصواباً، فيؤمنوا ويهتدوا.
ويقال: لا ندري أخيراً أريد بأهل الأرض أو الشرحين حرست السماء، ورُمينا بالنجوم، وَمُنعنا السمع؟ ويقال: أريد عذاباً بمن في الأرض، بإرسال الرسول بالتكذيب له، أو أراد بهم ربهم خيراً ببيان الرسول لهم هدى وبياناً.
ثم قال عز وجل: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ يعني: الموحدين والمسلمين. وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ يعني: ليسوا بموحدين. كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً يعني: فينا أهواء مختلفة وملل شتى. وقال القتبي: يعني: فرقاً مختلفة، وكل فرقة قدة مثل القطعة في التقدير، والطرائق: جمع الطريق.
قوله تعالى: وَأَنَّا ظَنَنَّا يعني: علمنا وأيقنا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ يعني: لا يفوت أحد من الله تعالى. وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً، لا يقدر الهرب منه.
قال الله عزّ وجلّ: وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى يعني: القرآن يقرؤه محمد ﷺ، آمَنَّا بِهِ يعني: صدقنا بالقرآن ويقال: بالنبي ﷺ ويقال: صدقنا بالله تعالى فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ قال بعضهم هذا من كلام الله تعالى للنبي ﷺ فمن يصدق بوحدانية الله تعالى، فَلا يَخافُ بَخْساً يعني: نقصاناً من ثواب عمله، وَلا رَهَقاً يعني: ذهاب عمله. وهذا كقوله تعالى فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً. [طه: 112] ويقال: هذا كلام الجن بعضهم لبعض، فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً. والرهق: الظلم أن يجعل ثواب عمله لغيره. والبخس النقصان من ثواب عمله.
قوله تعالى: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ يعني: المصدقين بوحدانية الله تعالى، وَمِنَّا الْقاسِطُونَ يعني: العادلين عن طريق الهدى ويقال: الْقاسِطُونَ يعني: الجائرين. يقال:
قسط الرجل، إذا جار. وأقسط، إذا عدل. كقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. ثم قال:
فَمَنْ أَسْلَمَ يعني: أقر بوحدانية الله تعالى وأخلص بالتوحيد له، فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً يعني: نوراً وتمنوا وقصدوا ثواباً.
ثم قال عز وجل: أَمَّا الْقاسِطُونَ
يعني: العادلين عن الطريق، الجائزين، كانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً
يعني: وقوداً- قال الله تعالى: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ. قال مقاتل: لو استقاموا على طريقة الهدى، يعني: أهل مكة، لَأَسْقَيْناهُمْ مَّاء غَدَقاً يعني: كثيراً من السماء، كقوله: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ [الأعراف: 96] ثم قال عز وجل: لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ يعني: لنبتليهم به، كقوله: وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً [الزخرف: 33] الآية. وقال قتادة: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ، يعني:
آمنوا لوسّع الله عليهم الرزق وقال القتبي: هذا مثل ضربه الله تعالى للزيادة في أموالهم ومواشيهم، كقوله: وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ ثم قال: وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يعني:
توحيد ربه ويقال: يكفر بمحمد ﷺ والقرآن، يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً يعني: يكلفه الصعود على جبل أملس. وقال مقاتل: عَذاباً صَعَداً أي: شدة العذاب. وقال القتبي: يعني: شاقاً وقال قتادة: صعوداً من عذاب الله تعالى، لا راحة فيه.
{"ayahs_start":5,"ayahs":["وَأَنَّا ظَنَنَّاۤ أَن لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبࣰا","وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالࣱ مِّنَ ٱلۡإِنسِ یَعُوذُونَ بِرِجَالࣲ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقࣰا","وَأَنَّهُمۡ ظَنُّوا۟ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن یَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدࣰا","وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَاۤءَ فَوَجَدۡنَـٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسࣰا شَدِیدࣰا وَشُهُبࣰا","وَأَنَّا كُنَّا نَقۡعُدُ مِنۡهَا مَقَـٰعِدَ لِلسَّمۡعِۖ فَمَن یَسۡتَمِعِ ٱلۡـَٔانَ یَجِدۡ لَهُۥ شِهَابࣰا رَّصَدࣰا","وَأَنَّا لَا نَدۡرِیۤ أَشَرٌّ أُرِیدَ بِمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ أَرَادَ بِهِمۡ رَبُّهُمۡ رَشَدࣰا","وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَ ٰلِكَۖ كُنَّا طَرَاۤىِٕقَ قِدَدࣰا","وَأَنَّا ظَنَنَّاۤ أَن لَّن نُّعۡجِزَ ٱللَّهَ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَن نُّعۡجِزَهُۥ هَرَبࣰا","وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰۤ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن یُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا یَخَافُ بَخۡسࣰا وَلَا رَهَقࣰا","وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَـٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ تَحَرَّوۡا۟ رَشَدࣰا","وَأَمَّا ٱلۡقَـٰسِطُونَ فَكَانُوا۟ لِجَهَنَّمَ حَطَبࣰا","وَأَلَّوِ ٱسۡتَقَـٰمُوا۟ عَلَى ٱلطَّرِیقَةِ لَأَسۡقَیۡنَـٰهُم مَّاۤءً غَدَقࣰا","لِّنَفۡتِنَهُمۡ فِیهِۚ وَمَن یُعۡرِضۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِۦ یَسۡلُكۡهُ عَذَابࣰا صَعَدࣰا"],"ayah":"وَأَنَّهُمۡ ظَنُّوا۟ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن یَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق