﴿وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِیهَا مَعَـٰیِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَ ٰزِقِینَ ٢٠﴾ - تفسير
٤٠٢٣١- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿ومن لستم له برازقين﴾، قال: الدوابّ والأنعام(١). (٨/٥٩٩)
٤٠٢٣٢- عن منصور [بن المعتمر] -من طريق شعبة- في قوله: ﴿ومن لستم له برازقين﴾، قال: الوَحْش(٢). (٨/٥٩٩)
٤٠٢٣٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وجعلنا لكم فيها﴾ يعني: في الأرض ﴿معايش﴾ مِمّا عليها مِن النبات. ثُمَّ قال سبحانه: ﴿ومن لستم له برازقين﴾ يقول: لستم أنتم ترزقونهم، ولكن أنا أرزقهم -يعني: الدواب، والطير- معايشهم مِمّا في الأرض مِن رِزْقِي(٣). (ز)
اختُلِف في معنى: ﴿ومَن لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ﴾ في هذه الآية على قولين: الأول: أنّه الدوابُّ والأنعام. الثاني: أنه الوحْش.
و ابنُ جرير (١٤/٣٨) القول الثاني بقوله: «فتأويل ﴿ومَن﴾ في: ﴿ومَن لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ﴾ على هذا التأويل بمعنى: ما، وذلك قليلٌ في كلام العرب». مستندًا إلى الأكثر لغة «أن يقال: عنى بقوله: ﴿ومَن لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ﴾ من العبيد والإماء والدواب والأنعام، فمعنى ذلك: وجعلنا لكم فيها معايش والعبيد والإماء والدواب والأنعام». ثم ذكر (١٤/٣٨-٣٩) احتمالين لموضع ﴿ومَن﴾:
الأول: أنّها في موضع نصبٍ عطفًا به على ﴿مَعايِشَ﴾ بمعنى: جعلنا لكم فيها معايش، وجعلنا لكم فيها مَن لستم له برازقين، وعليه بنى المعنى الذي رجَّحه.
و ابنُ عطية (٥/٢٨١) هذا الاحتمال بقوله: «كأنّ الله تعالى عدَّد النِّعم في المعايش، وهي ما يُؤكَل ويُلبَس، ثم عدَّد النعم في الحيوان والعبيد والضِّياع وغير ذلك مما ينتفع به الناس وليس عليهم رزقهم». ثم زاد وجهَيْن آخرَيْن لموضع النصب: أحدهما: «أن تكون»مَن«معطوفة على موضع الضمير في ﴿لَكُمْ﴾، وذلك أن التقدير: وأَعَشْناكم وأَعَشْنا أُمَمًا غيركم من الحيوان». ثم بقوله: «وكأنّ الآية -على هذا- فيها اعتبار وعرض آية». والآخر: «أن تكون»مَن«منصوبة بإضمار فعل يقتضيه الظاهر، وتقديره: وأَعَشْنا مَن لَسْتُم له برازقين».
الثاني: أنها في موضع خفض عطفًا به على الكاف والميم في قوله: ﴿وجَعَلْنا لَكُمْ﴾، بمعنى: وجعلنا لكم فيها معايش ولمن لستم له برازقين.
وبنى ابنُ جرير (١٤/٣٩) عليه للقول الثاني بقوله: «وأحسب أنّ منصورًا في قوله: هو الوحش. قصد هذا المعنى، وإيّاه أراد». ثم مستندًا إلى الأغلب في لغة العرب قائلًا: «وذلك وإن كان له وجْهٌ في كلام العرب، فبعيدٌ قليلٌ؛ لأنها لا تكاد تظاهر على معنًى في حال الخفض، وربما جاء في شعر بعضهم في حال الضرورة».
و ابنُ عطية، فقال: «وهذا قلق في النحو؛ لأنّه عطف على الضمير المجرور، وفيه قُبْح، فكأنه قال: ومَن لَسْتُم له برازقين وأنتم تنتفعون به».
(١) أخرجه ابن جرير ١٤/٣٧. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه ابن جرير ١٤/٣٨. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٤٢٦-٤٢٧.