الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ١٠٨ - ١١٣ ] ﴿وتَرَكْنا عَلَيْهِ في الآخِرِينَ﴾ ﴿سَلامٌ عَلى إبْراهِيمَ﴾ [الصافات: ١٠٩] ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: ١١٠] ﴿إنَّهُ مِن عِبادِنا المُؤْمِنِينَ﴾ [الصافات: ١١١] ﴿وبَشَّرْناهُ بِإسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ﴾ [الصافات: ١١٢] ﴿وبارَكْنا عَلَيْهِ وعَلى إسْحاقَ ومِن ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾ [الصافات: ١١٣] .
(p-٥٠٥٢)﴿وتَرَكْنا عَلَيْهِ في الآخِرِينَ﴾ ﴿سَلامٌ عَلى إبْراهِيمَ﴾ [الصافات: ١٠٩] أيْ: مِثْلَ ما تَرَكْنا عَلى نُوحٍ. كَما تَقَدَّمَ بَيانُهُ وإعْرابُهُ: ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: ١١٠] ﴿إنَّهُ مِن عِبادِنا المُؤْمِنِينَ﴾ [الصافات: ١١١] ﴿وبَشَّرْناهُ بِإسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ﴾ [الصافات: ١١٢] ﴿وبارَكْنا عَلَيْهِ﴾ [الصافات: ١١٣] أيْ: عَلى إبْراهِيمَ: ﴿وعَلى إسْحاقَ﴾ [الصافات: ١١٣] أيْ: بِتَكْثِيرِ اَلذَّرِّيَّةِ وتَسَلْسُلِ اَلنُّبُوَّةِ فِيهِمْ، وجَعْلِهِمْ مُلُوكًا، وإيتائِهِمْ ما لَمْ يُؤْتَ أحَدٌ: ﴿ومِن ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ﴾ [الصافات: ١١٣] أيْ: في عَمَلِهِ: ﴿وظالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ [الصافات: ١١٣] أيْ: بِالكُفْرِ والمَعاصِي: ﴿مُبِينٌ﴾ [الصافات: ١١٣] أيْ: ظاهِرُ اَلظُّلْمِ.
تَنْبِيهاتٌ:
اَلْأوَّلُ - يَرْوِي اَلْمُفَسِّرُونَ هَهُنا في قِصَّةِ اَلذَّبْحِ رِواياتٍ مُنْكَرَةً لَمْ يَصِحَّ سَنَدُها ولا مَتْنُها، بَلْ ولَمْ تَحْسُنْ، فَهي مُعْضِلَةٌ تَنْتَهِي إلى اَلسُّدِّيِّ وكَعْبٍ. والسُّدِّيُّ حالُهُ مَعْلُومٌ في ضَعْفِ مَرْوِيّاتِهِ، وكَذَلِكَ كَعْبٌ.
قالَ اِبْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اَللَّهُ: لَمّا أسْلَمَ كَعْبُ اَلْأحْبارِ في اَلدَّوْلَةِ اَلْعُمَرِيَّةِ، جَعَلَ يُحَدِّثُ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ عَنْ كُتُبِهِ قَدِيمًا، فَرُبَّما اِسْتَمَعَ لَهُ عُمَرُ، فَتَرَخَّصَ اَلنّاسُ في اِسْتِماعِ ما عِنْدَهُ عَنْهُ، غَثِّها وسَمِينِها، ولَيْسَ لِهَذِهِ اَلْأُمَّةِ حاجَةٌ إلى حَرْفٍ واحِدٍ مِمّا عِنْدَهُ. اِنْتَهى.
ولَقَدْ صَدَقَ رَحِمَهُ اَللَّهُ، ولِذا نَرى اَلتَّزَيُّدَ عَلى أصْلِ ما قَصَّ في اَلتَّنْزِيلِ مِنَ اَلضَّرُورِيِّ لَهُ، إلّا إذا صَحَّ سَنَدُهُ، أوِ اِطْمَأنَّ اَلْقَلْبُ بِهِ. وقَدْ ولِعَ اَلْخُطَباءُ في دَواوِينِهِمْ بِرِوايَةِ هَذِهِ اَلْقِصَّةِ في خُطْبَةِ اَلْأضْحى مِن طُرُقِها اَلْواهِيَةِ عِنْدَ اَلْمُحَدِّثِينَ، ويَرَوْنَها ضَرْبَةَ لازِبٍ عَلى ضَعْفِ سَنَدِها، وكَوْنِ مَتْنِها مُنْكَرًا أيْضًا أوْ مَوْضُوعًا، ولَمّا صَنَّفْتُ مَجْمُوعَةَ اَلْخُطَبِ حَذَفْتُ هَذِهِ اَلرِّوايَةَ مِن خُطْبَةِ اَلْأضْحى كَكُلِّ مَرْوِيٍّ ضَعِيفٍ في فَضائِلِ اَلشُّهُورِ والأوْقاتِ، واقْتَصَرْتُ عَلى جِيادِ اَلْأخْبارِ والآثارِ، وذَلِكَ مِن فَضْلِ اَللَّهِ عَلَيْنا فَلا نُحْصِي ثَناءً عَلَيْهِ
وأمْثَلُ ما رُوِيَ في هَذا اَلنَّبَأِ مِنَ (p-٥٠٥٣)اَلْآثارِ ما أخْرَجَهُ اَلْإمامُ أحْمَدُ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُما مَوْقُوفًا، قالَ: لَمّا أُمِرَ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ اَلصَّلاةُ والسَّلامُ بِالمَناسِكِ، عَرَضَ لَهُ اَلشَّيْطانُ عِنْدَ اَلسَّعْيِ، فَسابَقَهُ فَسَبَقَهُ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ اَلصَّلاةُ اَلسَّلامُ إلى جَمْرَةِ اَلْعَقَبَةِ، فَعَرَضَ لَهُ اَلشَّيْطانُ فَرَماهُ بِسَبْعِ حَصَياتٍ حَتّى ذَهَبَ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ اَلْجَمْرَةِ اَلْوُسْطى فَرَماهُ بِسَبْعِ حَصَياتٍ، ثُمَّ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وعَلى إسْماعِيلُ عَلَيْهِ اَلسَّلامُ قَمِيصٌ أبْيَضُ، فَقالَ لَهُ: يا أبَتِ ! إنَّهُ لَيْسَ لِي ثَوْبٌ تُكَفِّنُنِي فِيهِ غَيْرُهُ، فاخْلَعْهُ حَتّى تُكَفِّنَنِي فِيهِ، فَعالَجَهُ لِيُخْلِصَهُ، فَنُودِيَ مِن خَلْفِهِ: أنْ يا إبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ اَلرُّؤْيا. فالتَفَتَ إبْراهِيمُ فَإذا بِكَبْشٍ أبْيَضَ أقْرَنَ أعْيَنَ. قالَ اِبْنُ عَبّاسٍ: لَقَدْ رَأيْتُنا نَتَتَبَّعُ ذَلِكَ اَلضَّرْبَ مِنَ اَلْكِباشِ.
اَلثّانِي - قالَ السُّيُوطِيُّ في (" اَلْإكْلِيلِ"): في هَذِهِ اَلْآيَةِ أنَّ رُؤْيا اَلْأنْبِياءِ وحْيٌ، وجَوازُ نَسْخِ اَلْفِعْلِ قَبْلَ اَلتَّمَكُّنِ، وتَقْدِيمُ اَلْمَشِيئَةِ في كُلِّ قَوْلٍ، واسْتَدَلَّ بَعْضُهم بِهَذِهِ اَلْقِصَّةِ عَلى أنَّ مَن نَذَرَ ذَبْحَ ولَدِهِ، لَزِمَهُ ذَبْحُ شاةٍ.
ثُمَّ قالَ السُّيُوطِيُّ: فُسِّرَ اَلذِّبْحُ اَلْعَظِيمُ في اَلْأحادِيثِ والآثارِ بِكَبْشٍ، فاسْتَدَلَّ بِهِ اَلْمالِكِيَّةُ عَلى أنَّ اَلْغَنَمَ في اَلتَّضْحِيَةِ أفْضَلُ مِنَ اَلْإبِلِ. اِنْتَهى.
اَلثّالِثُ - اُسْتُدِلَّ بِالآيَةِ عَلى أنَّهُ تَعالى قَدْ يَأْمُرُ بِما لا يُرِيدُ وُقُوعَهُ - كَما ذَكَرَهُ اَلرّازِيُّ - وذَلِكَ في بابِ اَلِابْتِلاءِ؛ أيِ: اِبْتِلاءِ اَلْمَأْمُورِ في إخْلاصِهِ وصِدْقِهِ، فِيما يَشُقُّ عَلى اَلنَّفْسِ تَحَمُّلُهُ.
اَلرّابِعُ - يَذْكُرُ كَثِيرٌ اَلْخِلافَ في اَلذَّبِيحِ، قالَ الإمامُ اِبْنُ اَلْقَيِّمِ في (" زادِ اَلْمَعادِ"): وإسْماعِيلُ هو اَلذَّبِيحُ عَلى اَلْقَوْلِ اَلصَّوابِ عِنْدَ عُلَماءِ اَلصَّحابَةِ والتّابِعِينَ ومَن بَعْدَهُمْ، وأمّا اَلْقَوْلُ بِأنَّهُ إسْحاقُ فَباطِلٌ بِأكْثَرَ مِن عِشْرِينَ وجْهًا، وسَمِعْتُ شَيْخَ اَلْإسْلامِ اِبْنَ تَيْمِيَةَ قَدَّسَ اَللَّهُ رَوْحَهُ يَقُولُ: هَذا اَلْقَوْلُ إنَّما هو مُتَلَقًّى مِن أهْلِ اَلْكِتابِ، مَعَ أنَّهُ باطِلٌ بِنَصِّ كِتابِهِمْ؛ فَإنَّ فِيهِ إنَّ اَللَّهَ أمَرَ (p-٥٠٥٤)إبْراهِيمَ أنْ يَذْبَحَ اِبْنَهُ (بِكْرَهُ)، وفي لَفْظٍ: (وحِيدَهُ) ولا يَشُكُّ أهْلُ اَلْكِتابِ مَعَ اَلْمُسْلِمِينَ أنَّ إسْماعِيلَ هو بِكْرُ أوْلادِهِ.
والَّذِي غَرَّ أصْحابَ هَذا اَلْقَوْلِ أنَّ في اَلتَّوْراةِ اَلَّتِي بِأيْدِيهِمُ: (اِذْبَحِ اِبْنَكَ إسْحاقَ ).
قالَ: وهَذِهِ اَلزِّيادَةُ مِن تَحْرِيفِهِمْ وكَذِبِهِمْ؛ لِأنَّها تُناقِضُ قَوْلَهُ: بِكْرَكَ، وحِيدَكَ. ولَكِنَّ يَهُودَ حَسَدَتْ بَنِي إسْماعِيلَ عَلى هَذا اَلشَّرَفِ، وأحَبُّوا أنْ يَكُونَ لَهُمْ، وأنْ يَسُوقُوهُ إلَيْهِمْ، ويَخْتارُونَهُ دُونَ اَلْعَرَبِ. ويَأْبى اَللَّهُ إلّا أنْ يَجْعَلَ فَضْلَهُ لِأهْلِهِ. وكَيْفَ يُسَوَّغُ أنْ يُقالَ إنَّ اَلذَّبِيحَ إسْحاقُ، واللَّهُ تَعالى قَدْ بَشَّرَ أُمَّ إسْحاقَ بِهِ وبِابْنِهِ يَعْقُوبَ، فَقالَ تَعالى عَنِ اَلْمَلائِكَةِ أنَّهم قالُوا لِإبْراهِيمَ لَمّا أتَوْهُ بِالبُشْرى: ﴿لا تَخَفْ إنّا أُرْسِلْنا إلى قَوْمِ لُوطٍ﴾ [هود: ٧٠] ﴿وامْرَأتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإسْحاقَ ومِن وراءِ إسْحاقَ يَعْقُوبَ﴾ [هود: ٧١] فَمُحالٌ أنْ يُبَشِّرَها بِأنَّهُ يَكُونُ لَها ولَدٌ ثُمَّ يَأْمُرُ بِذَبْحِهِ. ولا رَيْبَ أنَّ يَعْقُوبَ داخِلٌ في اَلْبِشارَةِ، فَتَناوُلُ اَلْبِشارَةِ لِإسْحاقَ ويَعْقُوبَ في اَللَّفْظِ واحِدٌ. وهَذا ظاهِرُ اَلْكَلامِ وسِياقُهُ.
فَإنْ قِيلَ، لَوْ كانَ اَلْأمْرُ كَما ذَكَرْتُمُوهُ لَكانَ يَعْقُوبُ مَجْرُورًا عَطْفًا عَلى إسْحاقَ، فَكانَتِ اَلْقِراءَةُ: ﴿ومِن وراءِ إسْحاقَ يَعْقُوبَ﴾ [هود: ٧١] أيْ: ويَعْقُوبُ مِن وراءِ إسْحاقَ. قِيلَ لا يَمْنَعُ اَلرَّفْعُ أنْ يَكُونَ يَعْقُوبُ مُبَشَّرًا بِهِ؛ لِأنَّ اَلْبِشارَةَ قَوْلٌ مَخْصُوصٌ، وهي أوَّلُ خَبَرٍ سارٍّ صادِقٍ.
وقَوْلُهُ: ﴿ومِن وراءِ إسْحاقَ يَعْقُوبَ﴾ [هود: ٧١] جُمْلَةٌ مُتَضَمِّنَةٌ بِهَذِهِ اَلْقُيُودِ، فَيَكُونُ بِشارَةً بَلْ حَقِيقَةُ اَلْبِشارَةِ هي اَلْجُمْلَةُ اَلْخَبَرِيَّةُ. أوْ لَمّا كانَتِ اَلْبِشارَةُ قَوْلًا، كانَ مَوْضِعُ هَذِهِ اَلْجُمْلَةِ نَصْبًا عَلى اَلْحِكايَةِ بِالقَوْلِ. كَأنَّ اَلْمَعْنى: وقُلْنا لَها مِن وراءِ إسْحاقَ يَعْقُوبَ. والقائِلُ إذا قالَ: بَشَّرْتُ فُلانًا بِقُدُومِ أخِيهِ، وثِقْلِهِ في أثَرِهِ، لَمْ يُعْقَلْ مِنهُ إلّا بِشارَةٌ بِالأمْرَيْنِ جَمِيعًا. هَذا مِمّا لا يَسْتَرِيبُ ذُو فَهْمٍ فِيهِ اَلْبَتَّةَ. ثُمَّ يُضْعِفُ اَلْجَرَّ أمْرٌ آخَرُ، وهو ضَعْفُ قَوْلِكَ: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ ومِن بَعْدِهِ عَمْرٍو؛ لِأنَّ اَلْعاطِفَ يَقُومُ حَرْفُ اَلْجَرِّ، فَلا يَفْصِلُ بَيْنَهُ وبَيْنَ اَلْمَجْرُورِ، كَما لا يَفْصِلُ بَيْنَ حَرْفِ اَلْجارِّ والمَجْرُورِ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ أنَّهُ سُبْحانَهُ لَمّا ذَكَرَ قِصَّةَ إبْراهِيمَ وابْنِهِ في هَذِهِ اَلسُّورَةِ، قالَ: ﴿فَلَمّا أسْلَما وتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣] ﴿ونادَيْناهُ أنْ يا إبْراهِيمُ﴾ [الصافات: ١٠٤] ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إنّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: ١٠٥] ﴿إنَّ هَذا لَهو البَلاءُ المُبِينُ﴾ [الصافات: ١٠٦] ﴿وفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] ﴿وتَرَكْنا عَلَيْهِ في الآخِرِينَ﴾ ﴿سَلامٌ عَلى إبْراهِيمَ﴾ [الصافات: ١٠٩] ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: ١١٠] ﴿إنَّهُ مِن عِبادِنا المُؤْمِنِينَ﴾ [الصافات: ١١١] ثُمَّ قالَ: ﴿وبَشَّرْناهُ بِإسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ﴾ [الصافات: ١١٢] (p-٥٠٥٥)، فَهَذا بِشارَةٌ مِنَ اَللَّهِ لَهُ، شُكْرًا عَلى صَبْرِهِ عَلى ما أُمِرَ بِهِ. وهَذا ظاهِرٌ جِدًّا في أنَّ اَلْمُبَشَّرَ بِهِ غَيْرُ اَلْأوَّلِ. بَلْ هو كالنَّصِّ فِيهِ.
فَإنْ قِيلَ: فالبِشارَةُ اَلثّانِيَةُ وقَعَتْ عَلى نُبُوَّتِهِ، أيْ: لَمّا صَبَرَ اَلْأبُ عَلى ما أُمِرَ بِهِ، وأسْلَمَ اَلْوَلَدُ لِأمْرِ اَللَّهِ، جازاهُ اَللَّهُ عَلى ذَلِكَ، بِأنْ أعْطاهُ اَلنُّبُوَّةَ. قِيلَ: اَلْبِشارَةُ وقَعَتْ عَلى اَلْمَجْمُوعِ، عَلى ذاتِهِ ووُجُودِهِ وأنْ يَكُونَ نَبِيًّا؛ ولِهَذا يُنْصَبُ: { نَبِيًّا } عَلى اَلْحالِ اَلْمُقَدَّرِ أيْ: مُقَدَّرًا نُبُوَّتُهُ، فَلا يُمْكِنُ إخْراجُ اَلْبِشارَةِ أنْ يَقَعَ عَلى اَلْأصْلِ، ثُمَّ يَخُصُّ بِالحالِ اَلتّابِعَةِ اَلْجارِيَةِ مَجْرى اَلْفَضْلَةِ. هَذا مُحالٌ مِنَ اَلْكَلامِ. بَلْ إذا وقَعَ اَلْبِشارَةُ عَلى نُبُوَّتِهِ، فَوُقُوعُها عَلى وُجُوهٍ أوْلى وأحْرى، وأيْضًا فَلا رَيْبَ أنَّ اَلذَّبِيحَ كانَ بِمَكَّةَ، ولِذَلِكَ جُعِلَتِ اَلْقَرابِينُ يَوْمَ اَلنَّحْرِ، كَما جُعِلَ اَلسَّعْيُ بَيْنَ اَلصَّفا والمَرْوَةِ ورَمْيُ اَلْجِمارِ، تَذْكِيرًا لِشَأْنِ إسْماعِيلَ وأُمِّهِ، وإقامَةً لِذِكْرِ اَللَّهِ.
ومَعْلُومٌ أنَّ إسْماعِيلَ وأمَّهُ هُما اَللَّذانِ كانا بِمَكَّةَ، دُونَ إسْحاقَ وأُمِّهِ، ولِهَذا اِتَّصَلَ مَكانُ اَلذَّبْحِ وزَمانُهُ بِالبَيْتِ اَلْحَرامِ اَلَّذِي اِشْتَرَكَ في بِنائِهِ إبْراهِيمُ وإسْماعِيلُ، وكانَ اَلنَّحْرُ بِمَكَّةَ، مِن تَمامِ حَجِّ اَلْبَيْتِ اَلَّذِي كانَ عَلى يَدِ إبْراهِيمَ وابْنِهِ إسْماعِيلَ زَمانًا ومَكانًا، ولَوْ كانَ اَلذَّبْحُ بِالشّامِ، كَما يَزْعُمُ أهْلُ اَلْكِتابِ ومَن تَلَقّى عَنْهُمْ، لَكانَتِ اَلْقَرابِينُ والنَّحْرُ بِالشّامِ لا بِمَكَّةَ، وأيْضًا فَإنَّ اَللَّهَ سُبْحانَهُ سَمّى اَلذَّبِيحَ حَلِيمًا؛ لِأنَّهُ لا أحْلَمَ مِمَّنْ أسْلَمَ نَفْسَهُ لِلذَّبْحِ طاعَةً لِرَبِّهِ، ولَمّا ذَكَرَ إسْحاقَ سَمّاهُ عَلِيمًا، فَقالَ: ﴿هَلْ أتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْراهِيمَ المُكْرَمِينَ﴾ [الذاريات: ٢٤] ﴿إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلامًا قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾ [الذاريات: ٢٥] إلى أنْ قالَ: ﴿قالُوا لا تَخَفْ وبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ﴾ [الذاريات: ٢٨] وهَذا إسْحاقُ بِلا رَيْبٍ، لِأنَّهُ مِنَ اِمْرَأتِهِ وهي اَلْمُبَشَّرَةُ بِهِ، وأمّا إسْماعِيلُ فَمِنَ اَلسُّرِّيَّةِ.
وأيْضًا فَإنَّهُما بُشِّرا بِهِ عَلى اَلْكِبَرِ واليَأْسِ (p-٥٠٥٦)مِنَ اَلْوَلَدِ. وهَذا بِخِلافِ إسْماعِيلَ فَإنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ ذَلِكَ، وأيْضًا فَإنَّ اَللَّهَ سُبْحانَهُ أجْرى اَلْعادَةَ اَلْبَشَرِيَّةَ أنَّ بِكْرَ اَلْأوْلادِ أحَبُّ إلى اَلْوالِدَيْنِ مِمَّنْ بَعْدَهُ. وإبْراهِيمُ لَمّا سَألَ رَبَّهُ اَلْوَلَدَ ووَهَبَهُ لَهُ، تَعَلَّقَتْ شُعْبَةٌ مِن قَلْبِهِ بِمَحَبَّتِهِ، واللَّهُ تَعالى قَدِ اِتَّخَذَهُ خَلِيلًا. والخِلَّةُ مَنصِبٌ يَقْتَضِي تَوْحِيدَ اَلْمَحْبُوبِ بِالمَحَبَّةِ، وأنْ لا يُشارَكَ بَيْنَهُ وبَيْنَ غَيْرِهِ فِيها. فَلَمّا أخَذَ اَلْوَلَدُ شُعْبَةً مِن قَلْبِ اَلْوالِدِ، جاءَتْ غَيْرَةُ اَلْخِلَّةِ تَنْتَزِعُها مِن قَلْبِ اَلْخَلِيلِ، فَأمَرَهُ اَلْجَلِيلُ بِذَبْحِ اَلْمَحْبُوبِ. فَلَمّا أقْدَمَ عَلى ذَبْحِهِ، وكانَتْ مَحَبَّةُ اَللَّهِ أعْظَمَ عِنْدَهُ مِن مَحَبَّةِ اَلْوَلَدِ، خَلُصَتِ اَلْخِلَّةُ حِينَئِذٍ مِن شَوائِبِ اَلْمُشارَكَةِ، فَلَمْ يَبْقَ في اَلذَّبْحِ مَصْلَحَةٌ؛ إذْ كانَتِ اَلْمَصْلَحَةُ إنَّما هي في اَلْعَزْمِ وتَوْطِينِ اَلنَّفْسِ فِيهِ، فَقَدْ حَصَلَ اَلْمَقْصُودُ، فَنُسِخَ اَلْأمْرُ، وفُدِيَ اَلذَّبِيحُ، وصَدَقَ اَلْخَلِيلُ اَلرُّؤْيا، وحَصَلَ مُرادُ اَلرَّبِّ.
ومَعْلُومٌ أنَّ هَذا اَلِامْتِحانَ والِاخْتِبارَ، إنَّما حَصَلَ عِنْدَ أوَّلِ مَوْلُودٍ، ولَمْ يَكُنْ لِيَحْصُلَ في اَلْمَوْلُودِ اَلْآخَرِ دُونَ اَلْأوَّلِ، بَلْ لَمْ يَحْصُلْ عِنْدَ اَلْمَوْلُودِ اَلْآخَرِ مِن مُزاحَمَةِ اَلْخِلَّةِ، ما يَقْتَضِي اَلْأمْرُ بِذَبْحِهِ. وهَذا في غايَةِ اَلظُّهُورِ. وأيْضًا فَإنَّ سارَّةَ اِمْرَأةَ اَلْخَلِيلِ غارَتْ مِن هاجَرَ وابْنِها أشَدَّ اَلْغَيْرَةِ، فَإنَّها كانَتْ جارِيَةً، فَلَمّا ولَدَتْ إسْماعِيلَ وأحَبَّهُ أبُوهُ اِشْتَدَّتْ غَيْرَةُ سارَّةَ. فَأمَرَ اَللَّهُ سُبْحانَهُ أنْ يُبْعِدَ عَنْها هاجَرَ وابْنَها ويُسْكِنَها في أرْضِ مَكَّةَ، لِيُبْرِدَ عَنْ سارَّةَ حَرارَةَ اَلْغَيْرَةِ. وهَذا مِن رَحْمَتِهِ ورَأْفَتِهِ. فَكَيْفَ يَأْمُرُهُ سُبْحانَهُ بَعْدَ هَذا، أنْ يَذْبَحَ اِبْنَها، ويَدَعَ اِبْنَ اَلْجارِيَةِ بِحالِهِ هَذا مَعَ رَحْمَةِ اَللَّهِ لَها، وإبْعادِ اَلضَّرَرِ عَنْها وخَيْرَتِهِ لَها، فَكَيْفَ يَأْمُرُ بَعْدَ هَذا بِذَبْحِ اِبْنِها دُونَ اِبْنِ اَلْجارِيَةِ؟
بَلْ حِكْمَتُهُ اَلْبالِغَةُ اِقْتَضَتْ أنْ يَأْمُرَ بِذَبْحِ ولَدِ اَلسُّرِّيَّةِ، فَحِينَئِذٍ يَرِقُّ قَلْبُ اَلسِّتِّ عَلى ولَدِها. وتَتَبَدَّلُ قَسْوَةُ اَلْغَيْرَةِ رَحْمَةً، ويَظْهَرُ لَها بَرَكَةُ هَذِهِ اَلْجارِيَةِ ووَلَدِها، وأنَّ اَللَّهَ لا يُضَيِّعُ بَيْتًا، هَذِهِ وابْنُها مِنهُمْ، ويَرى عِبادُهُ جَبْرَهُ بَعْدَ اَلْكَسْرِ، ولُطْفَهُ بَعْدَ اَلشِّدَّةِ، وأنَّ عاقِبَةَ صَبْرِ هاجَرَ وابْنِها عَلى اَلْبُعْدِ، والوَحْدَةِ، والغُرْبَةِ، والتَّسْلِيمِ، إلى ذَبْحِ اَلْوَلَدِ، آلَتْ إلى ما آلَتْ عَلَيْهِ، مِن جَعْلِ آثارِهِما ومَوْطِئِ أقْدامِهِما مَناسِكَ لِعِبادَةِ اَلْمُؤْمِنِينَ، ومُتَعَبَّداتٍ لَهم إلى يَوْمِ اَلْقِيامَةِ. وهَذا سُنَّتُهُ تَعالى فِيمَن يُرِيدُ رِفْعَتَهُ مِن خَلْقِهِ، أنْ يَمُنَّ عَلَيْهِ بَعْدَ اِسْتِضْعافِهِ وذُلِّهِ (p-٥٠٥٧)وانْكِسارِهِ. قالَ تَعالى: ﴿ونُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا في الأرْضِ ونَجْعَلَهم أئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الوارِثِينَ﴾ [القصص: ٥] ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشاءُ واللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ﴾ [الجمعة: ٤] اِنْتَهى.
وقالَ السُّيُوطِيُّ في (" اَلْإكْلِيلِ"): واسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعالى بَعْدُ: ﴿وبَشَّرْناهُ بِإسْحاقَ﴾ [الصافات: ١١٢] مَن قالَ إنَّ اَلذَّبِيحَ إسْماعِيلُ، وهو اَلَّذِي رَجَّحَهُ جَماعَةٌ، واحْتَجُّوا لَهُ بِأدِلَّةٍ: مِنها وصْفُهُ بِالحِلْمِ وذِكْرُ اَلْبِشارَةِ بِإسْحاقَ بَعْدَهُ، والبِشارَةُ بِيَعْقُوبَ مِن وراءِ إسْحاقَ، وغَيْرُ ذَلِكَ، وهي أُمُورٌ ظَنِّيَّةٌ لا قَطْعِيَّةٌ، ثُمَّ قالَ: وتَأمَّلْتُ اَلْقُرْآنَ فَوَجَدْتُ فِيهِ ما يَقْتَضِي اَلْقَطْعَ أوْ يَقْتَرِبُ مِنهُ - ولَمْ أرَ مَن سَبَقَنِي إلى اِسْتِنْباطِهِ - وهو أنَّ اَلْبِشارَةَ وقَعَتْ مَرَّتَيْنِ، مَرَّةً في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنِّي ذاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الصافات: ٩٩] ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصّالِحِينَ﴾ [الصافات: ١٠٠] ﴿فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠١] ﴿فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إنِّي أرى في المَنامِ أنِّي أذْبَحُكَ﴾ [الصافات: ١٠٢] فَهَذِهِ اَلْآيَةُ قاطِعَةٌ في أنَّ هَذا اَلْمُبَشَّرَ بِهِ هو اَلذَّبِيحُ. ومَرَّةً في قَوْلِهِ: ﴿وامْرَأتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإسْحاقَ ومِن وراءِ إسْحاقَ يَعْقُوبَ﴾ [هود: ٧١] اَلْآيَةَ. فَقَدْ صَرَّحَ فِيها أنَّ اَلْمُبَشَّرَ بِهِ إسْحاقُ، ولَمْ يَكُنْ بِسُؤالٍ مِن إبْراهِيمَ. بَلْ قالَتِ اِمْرَأتُهُ إنَّها عَجُوزٌ، وإنَّهُ شَيْخٌ، وكانَ ذَلِكَ في اَلشّامِ لَمّا جاءَتِ اَلْمَلائِكَةُ إلَيْهِ بِسَبَبِ قَوْمِ لُوطٍ وهو في آخِرِ أمْرِهِ. أمّا اَلْبِشارَةُ اَلْأُولى لَمّا اِنْتَقَلَ مِنَ اَلْعِراقِ إلى اَلشّامِ، حِينَ كانَ سِنُّهُ لا يُسْتَغْرَبُ فِيهِ اَلْوَلَدُ، ولِذَلِكَ سَألَهُ. فَعَلِمْنا بِذَلِكَ أنَّهُما بِشارَتانِ في وقْتَيْنِ، بِغُلامَيْنِ: أحَدُهُما بِغَيْرِ سُؤالٍ، وهو إسْحاقُ صَرِيحًا. والثّانِيَةُ قَبْلَ ذَلِكَ بِسُؤالٍ وهو غَيْرُهُ. فَقَطَعْنا بِأنَّهُ إسْماعِيلُ وهو اَلذَّبِيحُ. اِنْتَهى.
{"ayahs_start":108,"ayahs":["وَتَرَكۡنَا عَلَیۡهِ فِی ٱلۡـَٔاخِرِینَ","سَلَـٰمٌ عَلَىٰۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ","كَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُحۡسِنِینَ","إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُؤۡمِنِینَ","وَبَشَّرۡنَـٰهُ بِإِسۡحَـٰقَ نَبِیࣰّا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ","وَبَـٰرَكۡنَا عَلَیۡهِ وَعَلَىٰۤ إِسۡحَـٰقَۚ وَمِن ذُرِّیَّتِهِمَا مُحۡسِنࣱ وَظَالِمࣱ لِّنَفۡسِهِۦ مُبِینࣱ"],"ayah":"إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق