الباحث القرآني
قال بعضهم: إنه تعالى لما شرح عظيم نعمه على المؤمنين، فيما يتعلق بإرشادهم إلى الأصلح في أمر الدين والجهاد، اتبع ذلك بما يدخل في الأمر والنهي، والترغيب والتحذير، وعلى هذا التقدير، فيكون ابتداء كلام، لا تعلُّق له بما قبله.
وقال القفال: يُحتمل أن يكون متصلاً بما قبله من أن المشركين إنما أنفقوا على تلك العساكر أموالاً جمعوها بسبب الربا، فلعل ذلك يصير داعياً للمسلمين على الإقدام على الربا، فيجمعوا المالَ، ويُنْفِقُوه على العساكر، فيتمكنون من الانتقام منهم، فنهاهم الله عن ذلك.
قوله: ﴿أَضْعَافاً﴾ جمع ضعف، ولما كان جمع قلة - والمقصود: الكثرة - أتبعه بما يدل على الكثرة وهو الوصف بقوله: ﴿مُّضَاعَفَةً﴾ .
وقال أبو البقاء: ﴿أَضْعَافاً﴾ مصدر في موضع الحال من «الرِّبا» ، تقديره: مضاعفاً، وتقدم الكلام على ﴿أَضْعَافاً﴾ ومفرده في البقرة.
وقرأ ابنُ كثير وابنُ عامر: «مضعَّفة» - مشددة العين، دون ألف.
والباقون بالألف والتخفيف، وتقدم الكلام على ذلك في البقرة.
فصل
لما كان الرجل في الجاهلية، إذا كان له على إنسان مائة درهم إلى أجل، ولم يكن المديون واجداً لذلك المال فقال: زدني في المال حَتَّى أزيدَك في الأجَلِ، فربما جعله مائتين، ثم إذا حَلَّ الأجَلُ الثاني، فعل مثل ذلك، ثم إلى آجالٍ كثيرةٍ، فيأخذ بسبب تلك المائة أضعافها، فهذا هو المراد بقوله: ﴿أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً﴾ .
قوله: ﴿واتقوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ فإن اتقاء الله واجب، والفلاح يقف عليه، وهذا يدل على أن الربا من الكبائر، وقد تقدم الكلام على الربا في «البقرة» .
قوله تعالى: ﴿واتقوا النار التي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ في هذه الآية سؤالان.
الأول: أن النار التي أعدت للكافرين تكون بقدر كفرهم؛ وذلك أزيد مما يستحقه المسلم بفسقه، فكيف قال: ﴿واتقوا النار التي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ ؟
والجواب: أن التقدير: اتقوا أن تجحدوا تحريمَ الربا، فتصيروا كافرين.
السؤال الثاني: أن ظاهر قوله: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ يقتضي أنها ما أعدت لغيرهم، وهذا يقتضي القطع بأن أحداً من المؤمنين لا يدخل النار، وهو خلاف سائر الآيات.
والجواب عليه من وجوه:
أحدها: أنه لا يبعد أن يكون في النار دركات، أعِدَّ بعضُها للكفار، وبعضها للفُسَّاق، فتكون هذه الآية إشارة إلى الدركات المخصوصة بالكفار، وهذا لا يَمْنَعُ ثبوت دركات أخْرَى أعِدَّت لغير الكفار.
وثانيها: أن تكون النار مُعَدَّة للكافرين، ولا يمنع دخول المؤمنين فيها؛ لأن أكثر أهل النار الكفار، فذكر الأغلب، كما أن الرجل يقول: هذه الدابة أعددتَها لِلِقَاءِ المُشْرِكِينَ، ولا يمنع من ركوبها لحوائجه، ويكون صادقاً في ذلك.
وثالثها: أن القرآن كالسورة الواحِدَةِ، فهذه الآية دلت على أن النار معدة للكافرين، وباقي الآيات دلَّت أيضاً على أنها معدة لمن سرق، وقتل، وزنى، وقذف، ومثله قوله تعالى:
﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ [الملك: 8] ، وليس جميع الكفار قال ذلك، وقوله: ﴿فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ والغاوون﴾ [الشعراء: 94] إلى قوله: ﴿إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ العالمين﴾ [الشعراء: 98] ، وليس هذا صفة جميعهم، لما كانت هذه الصفات مذكورة في سائر السور كانت كالمذكورة - هاهنا -.
الرابع: أن قوله: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ إثبات كونها معدة لهم، ولا يدل على الحصر، كقوله - في الجنة: ﴿أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133] ، ولا يدل ذلك على أنه لا يدخلها سواهم من الصبيان والمجانين، والحور العين.
وخامسها: أنَّ المقصود مِنْ وَصْفها - بكونها ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ : تعظيم الزَّجْرِ؛ لأن المؤمنين مخاطبين باتقاء المعاصي، إذا علموا بأنهم متى فارقوا التقوى، دخلوا النار المعدة للكافرين، وقد تقرَّر في عقولهم عظم عقوبة الكافرين، انزجروا عن المعاصي أتَمَّ الانزجار، كما يُخوفُ الوالدُ ولدَه بأنك إن عصيتني أدخلتك دارَ السباع، ولا يدل ذلك على أن تلك الدارَ لا يدخلها غيرهم.
وهذه الآية تدل على أن النار مخلوقة في الأزل؛ لأن قوله: «أعِدَّتْ» إخبار عن الماضي، فلا بد وأن يكون ذلك الشيء دخل في الوجود.
قوله تعالى: ﴿وَأَطِيعُواْ الله والرسول لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ لما ذكر الوعيد ذكر بعده الوعد - على عادته المستمرَّة في القرآن.
قال محمدُ بن إسحاق بن يسار: هذه الآية معاتبة للذين عَصَوْا رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، حين أمرهم بما أمرهم يوم أُحُدٍ.
{"ayahs_start":130,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَأۡكُلُوا۟ ٱلرِّبَوٰۤا۟ أَضۡعَـٰفࣰا مُّضَـٰعَفَةࣰۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ","وَٱتَّقُوا۟ ٱلنَّارَ ٱلَّتِیۤ أُعِدَّتۡ لِلۡكَـٰفِرِینَ","وَأَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ"],"ayah":"وَٱتَّقُوا۟ ٱلنَّارَ ٱلَّتِیۤ أُعِدَّتۡ لِلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق