الباحث القرآني
(...) وأُصَلِّي وأُسَلِّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أمَّا بعدُ، فهذا هو اللقاء السابع والثمانون من اللقاءات التي يُعبَّر عنها باللقاء المفتوح، يتمُّ هذا اللقاء في يوم الخميس الثاني والعشرين من شهر شوال عام خمسة عشر وأربع مئة وألف، نبتدئ هذا اللقاء بإكمال تفسير سورة البيِّنة، وقد انتهينا فيه في اللقاء السابق إلى قول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ [البينة ٦].
بيَّن الله تعالى هُنا في هذه الآية بيانًا مؤكَّدًا بـ﴿إِنَّ﴾ أنَّ الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ﴿فِي نَارِ جَهَنَّمَ﴾؛ أي: في النار التي تُسَمَّى جَهَنَّم، وسُمِّيتْ جَهَنَّم لبُعْدِ قَعْرها وسوادها، فهو مأخوذ من الْجُهْمَة، وقيل: إنه اسمٌ أعجميٌّ عَرَّبتْه العرب، وأيًّا كان فإنه -أعني لفظ ﴿جَهَنَّمَ﴾ - اسمٌ من أسماء النار أعاذنا الله وإيَّاكم منها.
وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ﴾ ﴿مِنْ﴾ هنا بيانٌ للإبهام؛ أعني إبهام الاسم الموصول في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، وعلى هذا فيقتضي أن أهل الكتاب كُفَّار، وهم اليهود والنصارى، وكذلك الأمر؛ فإن اليهود والنصارى كُفَّارٌ حين لم يؤمنوا برسول الله محمَّد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإن قالوا: إنهم مؤمنون بالله واليوم الآخِر، ويَدْعون لموتاهم بالرحمة وما أشبهَ ذلك من العبارات التي يتزلَّفون بها فإنهم كاذبون؛ إذْ لو كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخِر لآمَنوا بمحمَّدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بلْ لآمَنوا برُسُلهم؛ لأن النبي ﷺ قد وُجِد وَصْفُه في التوراة والإنجيل كما قال الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف ١٥٧]، بل إن عيسى ﷺ قال لبني إسرائيل: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف ٦]، فلمَّا جاء هذا الرسول الذي بَشَّر به عيسى بالبيِّنات قالوا: هذا سِحْرٌ مُبين، وكَذَّبوه ولم يتَّبعوه، إلا نَفَرًا قليلًا من اليهود والنصارى فقد آمَنوا بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم واتَّبعوه.
﴿أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾، ﴿شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ أي: شَرُّ الخليقة؛ لأنَّ البَرِيَّة هي الخليقة، وعلى هذا فيكون الكُفَّار من بني آدم من اليهود والنصارى والمشركين شرَّ البريَّة؛ شرَّ الخلائق، وقد بيَّن الله ذلك تمامًا في قوله: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنفال ٥٥]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنفال ٢٢، ٢٣]، فهؤلاء الكفار من اليهود والنصارى والمشركين هم شَرُّ البريَّة عند الله عز وجل، وإذا كانوا هم شَرَّ البريَّة فلن نتوقَّع منهم إلا كلَّ شَرٍّ، لأن الشِّرِّير ينبثق منه الشرُّ، ولا يمكن أبدًا أن نُحسن الظنَّ بهم، قد نَثِقُ بالصادقين منهم كما وَثِق النبي ﷺ بالمشرك عبد الله بن أُرَيْقِط حين استأجره ليدُلَّه على طريق الهجرة، لكن غالبهم وجمهورهم لا يُوثَق منهم؛ لأنهم شَرٌّ.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِینَ فِی نَارِ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمۡ شَرُّ ٱلۡبَرِیَّةِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق