الباحث القرآني
قال الله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾ [سبأ ٤٢].
فيه شيء نحب أن ننبه عليه، وهو قوله: ﴿أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾ [سبأ ٤٠] (بتحقيق الهمزتين وإبدال الأولى ياءً) ذكر بعض المحشين أن المؤلف وهم في هذا، وأن إبدال الياء إنما هو في الثانية لا في الأولى، انتبه لهذا، يعني أن الأولى ما فيها قراءة في إبدالها ياء، وإنما إبدال الياء في الثانية دون الأولى، فيكون هذا وهمًا من المؤلف رحمه الله أو سبقة قلم.
* طالب: كيف تنطق إذا كانت الثاية ياء؟
* الشيخ: ﴿أهؤلاء ايَّاكم﴾ .
* الطالب: يعني تدغم في الثانية.
* الشيخ: لا ما يدغم لأنها متحركة ما حاجة.. ﴿أهؤلاء ايَّاكم﴾ .
أيضًا يقول المؤلف رحمه الله: ﴿وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ [سبأ ٤٢].
قوله: ﴿وَنَقُولُ﴾ معطوف على قوله: ﴿لَا يَمْلِكُ﴾ يعني واليوم نقول: ﴿لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ الظلم في اللغة: النقص، هذا هو الأصل، ومنه قوله تعالى: ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ [الكهف٣٣] أي: لم تنقص.
وأما في الاصطلاح أو في الشرع: فهو نقص ذوي الحق حقه إما بالمماطلة بالواجب، وإما بانتهاك المحرم، نقص ذوي الحق حقه إما بالمماطلة بالواجب؛ مثل قوله ﷺ: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٢٨٧)، ومسلم (١٥٦٤/ ٣٣) من حديث أبي هريرة.]].
وإما بالاعتداء على حقه؛ كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ [الشورى٤٢].
فإذن الظلم في الأصل النقص، ودليله؟
* طلبة: ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾.
* الشيخ: ﴿وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾.
وأما شرعًا فهو نقص ذوي الحق حقه؛ إما بانتهاك محرم في حقه أو بمماطلة في واجب.
وقوله: ﴿لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ فسرها المؤلف: بـ(كفروا)، وهذا تفسير بالمعنى ولَّا بالمراد؟ بالمراد؛ لأن الظلم من حيث المعنى أعم من الكفر.
لكن المؤلف يقول: إن المراد بالظلم هنا ظلم الكفر؛ كقوله تعالى: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة ٢٥٤]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان١٣]، وقوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ [الأنعام٨٢].
فالظلم قد يراد به الكفر، وكأن المؤلف رحمه الله خص الظلم بالكفر هنا بدليل السياق ﴿وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ هذا مما يدل على أن المراد بالظلم هنا ظلم الكفر؛ لأن الذي يكذب بالنار حكمه كافر؛ لتكذيبه خبر الله ورسوله.
﴿ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ﴾: ﴿ذُوقُوا﴾ فعل أمر لكنه يراد به الإهانة، يعني يقال لهم إهانة: ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون، أي النار ستصيبكم حتى تذوقوها كما تذوقون الطعام.
وقوله: ﴿عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ كيف كانوا يكذبون بالنار؟ لأنهم ينكرون البعث، والنار إنما تكون بعد البعث، وهم يكذبون بذلك، ومن باب أولى أن يكذبوا بما يكون في القبر من العذاب، فهم يكذبون تكذيبًا كاملًا، ويقولون: إن الروح إذا خرجت من الجسد لن تعود إليه، وهنا قال: ﴿الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾، وفي سورة الم السجدة تنزيل قال: ﴿ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [السجدة٢٠]، فعليه -أي على الآيتين- يكون الوصف بالتكذيب مرة بالنار ومرة بعذابها، فهم أحيانًا ينكرون النار؛ ما فيه نار ولا فيه آخرة ولا فيه شيء، وأحيانًا يكذبون التعذيب بالنار ويقولون: كيف نعذب بالنار؟ وكيف نبقى أحقابًا ونحن في النار، الإنسان إذا دخل في النار احترق وانتهى، فيكذبون بالعذاب وأحيانًا يكذبون بالنار نفسها.
وقوله: ﴿الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ الجار والمجرور هنا متعلق بـ﴿تُكَذِّبُونَ﴾ ولكنه قدم للحصر أو للفواصل؟ نعم للفواصل لا شك، هذه من جهة، وللحصر، ولكننا إذا قلنا: إنه للحصر يرد علينا إشكال وهو أنهم كذبوا بالنار وبغيرها؛ فيقال: لما كان العذاب بالنار ذُكِّرُوا بتكذيبهم بها خاصة؛ لأنهم عُذبوا بها، فكأنهم قيل لهم: عذبتم بشيء أن كنتم تكذبون به وإلا فلهم تكذيب آخر.
(﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا﴾ القرآن ﴿بَيِّنَاتٍ﴾ واضحات بلسان نبينا محمد ﷺ ﴿قَالُوا﴾ ).
في هذه الجملة الشرطية وهي ﴿إِذَا﴾ فعل الشرط ﴿تُتْلَى﴾، جوابه ﴿قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ﴾.
وقوله: ﴿مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ﴾ هذه ﴿مَا﴾ النافية وهنا لم تعمل، لماذا؟ لانتقاض النفي، وقد قال ابن مالك في ألفيته:
؎إِعْمَال لَيْسَ أُعْمِلَتْ مَا دُونَ إِنْ ∗∗∗ مَع بَقَا النَّفْيِ ............
فإذا انتقض النفي فلا عمل، والله أعلم.
* * *
﴿لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [سبأ ٤٢] (...).
﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ﴾ [سبأ ٤٢] لكم.
فقال: ﴿وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ والإظهار في موضع الإضمار ذكرنا أن له فائدة دائمة مستمرة، وهي التنبيه.
وفائدة خاصة في كل سياق بحسبه، فهنا يقصد بها التعميم، يعني للذين ظلموا من هؤلاء وغيرهم.
والإشارة إلى سبب الحكم وهو قوله: ﴿وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ ويش بعد؟ والتعميم والإشارة إلى علة الحكم، وهو الظلم؛ لأن لو قالوا: نقول لهم ما استفدنا أن سبب قول الله لهم وتوبيخه إياهم هو الظلم.
قال: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾. نبدأ بالإعراب أولًا:
قوله: ﴿آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾ هذه بينات حال من ﴿آيَاتُنَا﴾؛ لأنه وصف بعد معرفة، والوصف بعد المعرفة إذا كان نكرة يكون حالًا، وكذلك إذا كان جملة، فالأوصاف بعد المعارف إذا كانت نكرة أو جملة تكون حالًا، والأوصاف بعد المعرفة إذا كانت معرفة تكون نعتًا.
الحال والنعت كلاهما وصف، ولكن إن وافق متبوعه في التعريف والتنكير فهو نعت، وإلا كان المتبوع معرفة، والثاني نكرة أو جملة فهو حال.
وقوله: ﴿قَالُوا مَا هَذَا﴾ هذا جواب الشرط إلى آخره.
يقول الله عز وجل: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَات﴾ أي إذا تقرأ عليهم آياتنا، ولم يبين القارئ، فيشمل أن يكون القارئ النبي ﷺ أو غيره، إذا تليت عليهم آيات الله ﴿بَيِّنَات﴾ أي ظاهرات، فما ظهورها هنا؟ هل ظهورها بمعنى أنها واضحة أنها كلام الله لعجزهم عنها، أو بينات فيما تدل عليه من معاني سامية لا يمكن أن يأتي بمثلها البشر، أو الأمران؟ يشمل هذا وهذا، فهي بينة في ذاتها واضحة أنها ليست من كلام البشر، وهي بينة في موضوعها، وما تدل عليه من أنها ليست من أحكام البشر؛ لأنها لا تتناقض، ولا يكذب بعضها بعضًا، وهذا يدل على أنها من عند الله، لو كانت هذه الآيات خفية لكان لهم شيء من العذر في ردها، ولكنها آيات بينات لا عذر لهم في ردها، ومع هذا يقول الله عز وجل: ﴿قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ﴾، يقول المؤلف في تفسيرها: (واضحات بلسان نبينا محمد ﷺ).
﴿قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ﴾: ﴿مَا هَذَا﴾ أي الذي جاء بها وادعى أنها من عند الله ﴿إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ﴾، وانظر كيف تحمل هذه الجملة من الاحتقار والإنكار ما هو معلوم.
فقولهم: ﴿مَا هَذَا﴾ أتوا به بصيغة الحاضر، وإن كان غائبًا للاحتقار.
وقولهم: ﴿إِلَّا رَجُلٌ﴾ هذا للإنكار لأنهم أتوا بصيغة النكرة، كأنهم لا يعرفونه، كأنه رجل أجنبي منهم، ﴿قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ﴾ ولم يقولوا: ما ذلك الرجل إلا رجل، بل قالوا: ﴿مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ﴾ احتقارًا وإنكارًا.
﴿يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ﴾ يعني لا يريد أن يهديكم سبيل الرشاد، ولكن ﴿يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ﴾ أن يصرفكم ويمنعكم ﴿عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ﴾، وما الذي يعبد آباؤهم؟ الأصنام من الأشجار والأحجار وغيرها، هذا هو غرض هذا الرجل الذي جاء بهذه الآيات التي تُليت عليهم، وليس غرضه لا الصلاح ولا الإصلاح، هكذا ردوا الحق بهذا الدعوى الباطلة.
وقوله: ﴿عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ﴾ ولم يقولوا: عما كنتم تعبدون لإثارة الحمية في نفوسهم؛ لأن الإنسان يصعب عليه أن يدع ما كان آباؤه عليه، لا سيما مثل هؤلاء الجهلة، لو قالوا: عما كنتم تعبدون لكان يمكن أن يقال: إنهم عبدوا على غير أساس، لكن لما قال: ﴿عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ﴾ كأن هذه العبادة لهذه الأصنام كأنها أمر مستقر كان عليه الآباء، ولا ينبغي لكم أن تتركوا ملة آبائكم، ولهذا يقولون كما حكى الله عنهم في آيات الأخرى: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الزخرف ٢٢] أو ﴿مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف ٢٣] آيتان.
﴿عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ﴾ من الأصنام، والمراد بالآباء هنا ما يشمل آباء الصلب، وهو الأب الأدنى، والآباء الأعلين، وهم الأجداد وإن علوا.
وقوله: ﴿آبَاؤُكُمْ﴾ هل أمهاتهم كذلك؟ لكن الإنسان تأخذه الحمية لأبيه أكثر مما تأخذه لأمه؛ لأنه من المعلوم أن الأب رجل، والرجل أعقل من المرأة، فإذا كان آباؤكم يعبدون هذه الأصنام ويصرون على عبادتها، وهم العقلاء، فإنه لا ينبغي لكم أن تتبعوا هذا الرجل الذي كان يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم.
(و﴿قَالُوا﴾ في القرآن: ﴿مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ﴾ كذب ﴿مُفْتَرًى﴾ على الله) أعوذ بالله! فطعنوا في الرسول، وطعنوا في القرآن، الرسول طعنوا فيه بماذا؟ بسوء قصده وأنه لا يقصد الإصلاح، وإنما يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم، وطعنوا في الوحي الذي جاء به هذا الرسول وقالوا: ﴿مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى﴾، وتعلمون أن هذه الصيغة صيغة حصر، فعلى زعمهم ليس في القرآن شيء صدق، كل القرآن جملة وتفصيلًا إفك مفترى.
﴿إِفْكٌ﴾ أي كذب، هو بنفسه كذب، وعلى من؟ مفترى على الله؛ لأن هناك كذبًا مطلقًا يكذبه الإنسان ولا ينسبه إلى أحد، وهنا كذب يفتريه الإنسان على غيره، فالقرآن يقولون: إنه كذب، وإنه مفتر على الله، ولا ريب أن هذه دعوى باطلة، فالقرآن كما وصفه الله: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾ [الأنعام ١١٥]، وكذلك القرآن من عند الله عز وجل، بدليل أن الله عز وجل تحدى هؤلاء أن يأتوا بمثله فلم يأتوا، فهو دليل إذن أنه من عند الله، وكل أخباره صدق وحق، خلاف ما طعن به هؤلاء.
﴿وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى﴾ فطعنوا في الرسول، وطعنوا في المرسَل به، والطعن فيهما طعن في الله عز وجل، كيف؟ لأن تمكين الله لهذا الرسول وتأييده له وإنزال الآيات عليه وهو كاذب حكمة أو سفه؟ سفه، والله عز وجل يؤيد رسوله بما ينزل عليه ويشهد له بأنه حق، والرسول عليه الصلاة والسلام يدعو الناس علنًا وسرًّا، فلو كان كاذبًا على الله عز وجل، والله يؤيده ويمكِّنه، لكان تمكين الله له في غاية ما يكون من السفه، وهذا طعن في الله عز وجل.
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ﴾ (ما) ﴿هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾. هذه أيضًا دعوى ثالثة كاذبة، لكنه أتى بالإظهار في موضع الإضمار، لم يقل: وقالوا، بل: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ليشمل هؤلاء وغيرهم، كما قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ [الذاريات٥٢] فقوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يشمل هؤلاء وغيرهم، ويفيد أن هؤلاء الذين قالوا هذا القول كفار؛ لأنه وصفهم بالكفر مسندًا إليهم هذا القول، فيكون ذلك سببًا لكفرهم.
قال المؤلف ﴿إِنْ﴾ قال في تفسيرها: (ما)، كيف (إن) (ما) هذا التفسير؟ أي أن (إن) نافية.
طيب (إن) تقع نافية، وهل يشترط لكونها نافية أن تأتي بعدها (إلا)؟
الجواب: لا، لكن إذا أتت بعدها (إلا) فهي نافيه، كلما أتت (إلا) بعد (إن) فإن (إن) نافية، ولا نقول: إنها لا تكون نافية إلا إذا وقعت بعدها (إلا)؛ لأنها قد تأتي نافية وليس بعدها (إلا)؛ كقوله تعالى: ﴿إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا﴾ [يونس٦٨] أي: ما عندكم سلطان بهذا، ومع ذلك فإن الجملة هذه ليس فيها (إلا).
والخلاصة: إذا أتت (إلا) بعد (إن) كانت (إن) نافية، ولا يلزم أن تأتي بعدها (إلا) لأن قد تكون نافية بدون (إلا).
ولنا أن نستطرد حتى نذكر معاني (إن) فتأتي نافية كما هنا.
وتأتي شرطية؛ كقوله: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ [آل عمران ٢٩].
وتأتي زائدة؛ كقول الشاعر:
؎بَنِي غدَانَةَ مَا إِنْ أَنْتُمُ ذَهَبٌ ∗∗∗ وَلَا صَرِيفٌ وَلَكِنْ أَنْتُمُ الْخَزَفُ
وتأتي مخففة من الثقيلة؛ مثل:
؎.......................... ∗∗∗ وَإِنْ مَالِكٌ كَانَتْ كِرَامَالْمَعَادِنِ
هذه مخففة من الثقيلة.
إذن فتستعمل في اللغة العربية على أربعة أوجه.
طيب ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [سبأ ٤٣] (بيِّن) ﴿سِحْرٌ﴾ السحر هو في اللغة كل شيء خفي، وسُمي سحرًا لمطابقته السَّحَر، وهو آخر الليل؛ لأن آخر الليل تقع فيه الأشياء خفية؛ لكون الناس مستترين في بيوتهم، فالسحر في اللغة الشيء الخفي الذي يخفى أمره وسببه، ولهذا أول ما ظهرت الساعات هذه يقال: إنها سحر، وإذا جاءت أشياء غريبة على الناس خارقة للعادة قالوا: هذا سحر.
فهم يقولون: إن الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام هذا سحر، فعصا موسى على رأيهم سحر، وإحياء عيسى الموتى بإذن الله سحر، وهذا الكلام الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام سحر، إن من البيان لسحرًا، فقالوا: هذا كلام فصيح سحر عقول الناس.
وقوله: ﴿مُبِينٌ﴾ هذا من باب التمويه، يعني أنه سحر بيِّن لا تنبغي المجادلة فيه لبيانه وظهوره، وهذا كما تؤكد الشيء فتقول: هذا أمر بين واضح، وإن كان ليس بينًا واضحًا، فإن هذا الذي جاءت به الرسل من الآيات ليس بينًا أنه سحر، بل البين أنه حق وآيات حقيقية، لكن المكذبين -والعياذ بالله- يجادلون في الحق.
وقوله: ﴿مُبِينٌ﴾ قال المؤلف: بمعنى (بيِّن) لأن أبان تأتي لازمًا ومتعديًا، فتقول: أبان الفجر بمعنى ظهر الفجر، وتقول: بان الفجر.
فهنا كلمة ﴿مُبِينٌ﴾ بمعنى بيِّن، هذا هو الأقرب، أما (مبين) بمعنى أبان أي أوضح وأظهر ففي مثل قوله تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ﴾ [يس٦٩] لأن القرآن مبين الحق، فتكون (مبين) هناك من أبان المتعدي، و(مبين) هنا من أبان اللازم.
ثم قال الله تعالى: ﴿وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ﴾ [سبأ ٤٤] (فمن أين كذبوك).
قوله: ﴿وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا﴾ اختلف المفسرون في معناها؛ فقال بعضهم: ﴿وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ﴾ يناقض ما قلت، فإذا لم يكن عندهم علم من كتب يدرسونها ولا علم من نذر أتتهم يخالف ما أنت عليه، فكيف يكذبونك؟ وعليه فيكون المراد بهذه الآية المراد أن تكذيبهم إياك صادر عن أيش؟
* طالب: عن علم.
* الشيخ: لا.
* الطلبة: عن جهل.
* الشيخ: عن جهل صادر عن جهل؛ لأنه يقول: ﴿مَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ﴾ ما هو يقول: آتيناهم، انتبه.
﴿مَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا﴾ تدل على أن ما قالوه في وصفك حق.
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ﴾ يناقض ما جئت به حتى يقولوا: إنك أيش؟ كاذب وساحر.
فيكون المراد بالآية أن هؤلاء الذين كذبوا لم يستندوا في تكذيبك على أيش؟ على علم، لا من كتب ولا من وحي، لا من كتب يدرسونها ويفهمون ما فيها، ويعلمون أن ما جئت به مناقض لها، ولا من نذير أنذرهم وحذرهم مما جئت به، وقال: إنه سيأتي كاذب مفترٍ فلا تطيعوه.
نحن الآن لو جاءنا نبي وقال: إنه نبي من عند الله نكذبه؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: ليش؟ لأننا قد أُنذرنا من هؤلاء كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لما جاء النبي عليه الصلاة والسلام هل هؤلاء المكذبون له هل أنذروا به وحذورا منه؟ لا، هل هناك كتب درسها هؤلاء تبين أن الرسول عليه الصلاة والسلام على باطل ؟ لا، هذا وجه، وهذا هو الذي مشى عليه المؤلف، ولهذا قال: (فمن أين كذبوك؟).
والقول الثاني: أن الله سبحانه وتعالى بعث محمدًا عليه الصلاة والسلام في قوم أميين لا يقرءون، ولم يُبعَث إليهم نبي كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾ [الجمعة ٢]، وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [القصص٤٦]، أي أن هؤلاء كان الأليق بهم أن يفرحوا برسالتك، وأن يقبلوا ما جئت به، لماذا؟ لأنه ليس عندهم كتب يدرسونها كما عند اليهود والنصارى، ولا يُبعث إليهم نبي قبلك، فكانوا في أشد الحاجة إليك، ومن كان محتاجًا إلى الشيء كان به أفرح، ولخبره أشد تصديقًا، فيكون المراد بهذه الجملة توبيخ هؤلاء على تكذيبهم النبي ﷺ، وأنه كان الأليق بهم أن يفرحوا بذلك وأن يصدقوا؛ لأنه ليس عندهم كتب تدرس، فليس عندهم أثارة من علم، ولم يبعث إليهم نذير من قبلك، فكانوا في أشد الحاجة إلى أي شيء؟ إلى تصديقك وقبول ما جئت به، فتتضمن هذه الآية توبيخ هؤلاء على تكذيبهم النبي ﷺ، أيهما أولى؟ ﴿وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ﴾ أيهما أولى؟
* طلبة: القول الأول.
* الشيخ: الأخ يقول: القول الثاني، هل يمكن أن تحمل على معنيين؟
* طالب: يمكن أن تحمل.
* الشيخ: ننظر في حال هؤلاء، إذا كانت تصدق على حال هؤلاء على الوجهين حملناها وقلنا: هؤلاء ما درسوا كتبًا تدل على كذب محمد عليه الصلاة والسلام (...).
ولا أنذرهم أحد منه، وكذلك هم لم يكونوا عالمين بالكتب السابقة، ولم يرسَل إليهم رسول.
إذن حالهم قابلة لهذين الوجهين، يعني أن تنزيلها على الوجهين لا يتنافى مع حال هؤلاء المكذبين للرسول ﷺ، فالوجهان كلاهما يصدق عليهم، وإذا كان الوجهان كلاهما يصدق عليهم فلا مانع من أن نقول: إن الآية يراد بها هذا وهذا؛ لأن حال الذين كذبوا الرسول عليه الصلاة والسلام قابلة للوجهين جميعًا.
قال الله تعالى: (﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا﴾ أي هؤلاء ﴿مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ﴾ ) أي عشره (من القوة وطول العمر وكثرة المال) هذا فيه تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام، وفيه تهديد للمكذبين، ففيه معنيان: التسلية والتهديد.
﴿كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ مثل من؟ عاد، وثمود، فرعون، أصحاب الأيكة، كثير، وهؤلاء المكذبون السابقون أشد قوة من هؤلاء وأكثر أموالًا وأولادًا، قال الله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً﴾ [غافر ٨٢]، ﴿وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا﴾ [التوبة ٦٩]، فالآيات في هذا تدل على أن الذين كذبوا الرسل السابقين كانوا أعظم من الذين كذبوا الرسول عليه الصلاة والسلام في قوة الأجسام وكثرة الأموال وكثرة البنين، وهل أغنى ذلك عنهم شيئًا؟ لا، لم يغنِ عنهم شيئًا.
ولهذا قال الله تعالى: (﴿فَكَذَّبُوا رُسُلِي﴾ إليهم ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ إنكاري عليهم بالعقوبة والإهلاك) يعني أن هؤلاء السابقين كذبوا رسل الله، فماذا حصل؟ حصل عليهم إنكار الله سبحانه وتعالى بالتعذيب والإهلاك، لم يقرهم الله سبحانه وتعالى على تكذيبهم، بل أنكر عليهم، إنكارًا بالفعل ولَّا بالقول؟ بالفعل، أهلكهم وأبادهم، وعلى هذا فيكون الاستفهام في قوله: ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ للتعظيم والتفخيم، أي: فما أعظم إنكاري عليهم؛ لأنه إنكار أدى بهم إلى الهلاك.
أما إعراب ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ فيتبناه الأخ (...).
ولهذا قال المؤلف: (أي أنه واقع موقعهم).
ثم قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ﴾ [سبأ ٤٦] شوف الإنصاف، إنصاف الله عز وجل في مخاطبة الخلق.
﴿قُلْ﴾ أي: يا محمد موجهًا الخطاب إلى هؤلاء المكذبين.
﴿إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ﴾ الجملة هذه فيها حصر وتقديرها: ما أعِظكم إلا بواحدة، يعني: ما أدعوكم دعاء واعظ ناصح لكم إلا واحدة فقط.
فـ﴿أَعِظُكُمْ﴾ هنا متضمنة معنى: أنصحكم، يعني: أنا أدعوكم ناصحًا لكم وواعظًا إلى هذه الخصلة.
﴿بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا﴾ قال: هي أن تقوم، فعلى هذا فأن تقوموا في موضع جر عطف بيان على قوله: ﴿بِوَاحِدَةٍ﴾ يعني: أنه بين هذه الواحدة بقوله: ﴿أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ﴾ إلى آخره.
و﴿أَنْ تَقُومُوا﴾ هنا المراد بها أن تثبتوا على الشيء، وليس المراد القيام ضد القعود، فهو كقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ﴾ [النساء ١٢٧]، ليس المراد أن تقوموا لليتامى يعني يقف الواحد، وهكذا ﴿أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ﴾ ليس المراد أن تقفوا قيامًا، بل أن تثبتوا وتنظروا في الأمر.
وقوله: ﴿أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ﴾ قال المؤلف: (أي لأجله) فاللام هنا للإخلاص، أي: أن تقوموا مخلصين لله لا مقلدين لآبائكم ولا متعصبين لآرائكم، جردوا نياتكم من كل شيء إلا لله، أن تقوموا لله وحده لا لي، لا مراعاة لي ولا مراعاة لآبائكم ولا لحميتكم ولكن لله.
﴿مَثْنَى﴾ قال المؤلف: (اثنين اثنين) وهل المراد حقيقة التثنية؟ يعني أن يقوموا على اثنين اثنين، أو المراد مجرد الزيادة على الواحد، يعني أنه مثنى لا يراد به حقيقة الاثنين؟ بل المراد أن تقوموا لله مجتمعين، سواء كنتم اثنين أم ثلاثة أم أربعة أم خمسة أم عشرة، هذا هو الظاهر.
وقال بعض المفسرين: المرد بالمثنى هنا حقيقة الاثنين، وعللوا ذلك بأن الناس إذا كثروا اضطربت آراؤهم، وكثر الشجار بينهم، وفات المقصود؛ لأنك الآن لو وضعت رأيًا بين عشرة كم يجيئك من رأي؟ عشرة آراء، وبين اثنين يأتيك رأيان، قالوا: فالاثنان أقرب إلى الحصر وأقرب إلى تصور المسألة مما إذا كانوا أكثر من اثنين.
ولكن قد يقال: إن هذا حقيقة، لكن أحيانًا يكون الثلاثة والأربعة أسد رأيًا من الاثنين فقط، فتحمل الآية على أن المراد بالمثنى مطلق الجمع، سواء كانوا اثنين أو أكثر.
والمثنى قد يراد به مطلق الجمع كما في قوله تعالى: ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ [الملك ٣، ٤] أي كرة بعد كرة، وليس المراد حقيقة الاثنين.
وكقول الإنسان وهو يلبي للحج أو العمرة يقول: لبيك، يعني إجابة لك مرتين، أو المراد إجابة بعد إجابة ولو كثر؟ الأخير إي نعم، والله أعلم.
* * *
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾ إلى آخره [سبأ: ٤٣].
* في هذه الآية فوائد كثيرة: أولًا: أن الوحي آية من آيات الله عز وجل، ووجه كونه آية من عدة وجوه:
أولًا: أنه أعجز البشر وغير البشر، وهذا دليل على أنه من عند الله.
ثانيًا: أن أحكامه عادلة مصلِحة للقلوب والأبدان والأفراد والجماعات، في كل زمان وفي كل مكان، وهذا لا يمكن أن يوجد في كلام البشر، قوانين البشر مهما عظمت فإنما تكون صالحة في نطاق محدود، وتجدها كذلك مع كونها صالحة في نطاق محدود، تجد فيها أمورًا ضارَّة قد تعادل المصالح اللي فيها بخلاف آيات الله.
ثالثًا: ما يشتمل عليه الوحي أو القرآن بالذات من الأخبار الصادقة التي ليس فيها ما يخالف الواقع بوجه من الوجوه، سواء كانت تلك الأخبار ماضية أو حاضرة أو مستقبلة، هذا وجه كونه من آيات الله.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن آيات الله عز وجل بينات ليس فيها خفاء، وعلى هذا كما يشكل على بعض أهل العلم من أحكام الله سبحانه وتعالى فليس مصدره أن الوحي خفي، ولكن مصدره قصور الناظر في الوحي أو تقصيره؛ قصوره أو تقصيره.
قصوره: بحيث لا يكون عنده علم أو لا يكون عنده فهم.
أو تقصيره بحيث لا يطلب العلم ولا يطلب الفهم، عرفتم؟ وإلا فإن آيات الله بينات لا يمكن تحدث حادثة إلى يوم القيامة إلا وفي كتاب الله تعالى بيانها، ولكن ليس كل أحد يستطيع أن يتبينها من القرآن، تجد الآية الواحدة يتلوها جماعة ويتفكرون فيها، يستنبط أحدهم منها مسائل عديدة، والآخر لا يستنبط منها إلا مسألة أو مسألتين، وهذا أمر ظاهر، وكثيرًا ما تشكل علينا المسألة ونراجع كتب العلماء من الفقهاء وغيرهم ثم عند التأمل في الكتاب والسنة نجد أنها قريبة موجودة؛ إما داخلة في عموم لفظ أو إشارة أو إيماء أو ما أشبه ذلك.
بيان الآيات إما أن يكون بذاتها، وإما أن يكون عن طريق السنة، يعني بيان الآيات في القرآن إما أن يكون بذاتها، هي بينة واضحة، وإما أن يكون عن طريق السنة، تبين المجمَل، وتفسر المشكِل، وتقيِّد المطلَق، وتخصص العام، وتنسخ المحكَم، ولَّا لا؟
هذا محل خلاف بين العلماء، والصحيح أنها تنسخ ذلك؛ لأن الكل من عند الله.
إذن عرفنا معنى بينات سواء كان بذاته أو بالسنة ببيان السنة، قال الله تعال: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل٤٤] الرسول عليه الصلاة والسلام بين القرآن بلفظه ومعناه سواء بينه بقوله أو بفعله.
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان عتو المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام، بيان عتوهم، حيث كانوا مع هذه الآيات البينات يدعون هذه الدعوة الباطلة، وهي أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يريد إلا أن يصدهم عما كان يعبد آباؤهم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا شبهة لهؤلاء المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام، وإنما هي اعتداء بالدعاوي الباطلة؛ لأن غاية ما عندهم أن يقولوا: هذا ما كان عليه آباؤنا، وهذا ليس بحجة، فإن الحق ما وافق الشرع، سواء كان عليه الآباء أم لم يكن.
* ومن فوائد الآية الكريمة: غلظ هؤلاء المكذبين بصوغ الأساليب أو العبارات الدالة على الحط من قدر النبي عليه الصلاة والسلام؛ لقولهم: ﴿مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن هؤلاء المكذبين كانوا على ضلال هم وآباؤهم، حيث كانوا يعبدون ما لا ينفعهم ولا يضرهم؛ لأنهم يعبدون الأشجار والأحجار، ويدعون أنها تنفع أو تضر؛ إما بذاتها وإما بشفاعتها.
* ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا: أنهم ادعوا أن النبي ﷺ كذب على الله لقولهم: ﴿وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى﴾ وهذه الدعوى هم بأنفسهم يكذبونها؛ لأنهم كانوا يسمون الرسول ﷺ قبل أن يوحى إليه الأمين، ويرون أنه أعظم الناس أمانة وصدقًا، فما الذي قلبه عن ذلك الوصف الذي أنتم تقرون به حتى قلتم: إنه مفترٍ على الله عز وجل!
* ومن فوائد الآية الكريمة: ألا نستغرب من يجادل بالباطل ويدعي الأقاويل الكاذبة، يعني فيه أناس الآن إذا رفضوا شيئًا من الأشياء صاروا يقولون ويتقولون على هذا الذي قاله ما لم يقله، فيقولون: إنه كاذب، إنه متناقض، إنه فعل كذا، إنه فعل كذا، وهو بريء من ذلك، فلهؤلاء سلف من أولئك الكفار.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام من الآيات من أفصح الكلام وأبلغه وأبينه؛ لقولهم: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾، فهم لم يصفوه بالسحر إلا لأنه يأخذ بالقلوب ويجر الناس إليه جرًّا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا»[[أخرجه البخاري (٥١٤٦) من حديث ابن عمر.]].
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من نسب الكذب إلى رسول الله ﷺ فيما أوحى الله إليه فهو كافر؛ لقوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾.
* ومن فوائد الآية أيضًا: أن هؤلاء ادعوا أن الوحي سحر بعد أن وصل إليهم وعرفوه؛ لقوله: ﴿لَمَّا جَاءَهُمْ﴾، وعرفوا أنه حق، حتى إن زعماءهم كانوا يتسللون لواذًا في الليل إلى رسول الله ﷺ ليسمعوا القرآن؛ لأنه أخذ بمجامع قلوبهم وصاروا يحبون أن يستمعوا إليه، لكن الحمية والعياذ بالله والعصبية منعتهم أن يهتدوا بهذا القرآن.
ثم قال عز وجل: ﴿وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ﴾ [سبأ ٤٤] سنشرحها على أن المعنى أن الله سبحانه وتعالى لم يعطي قريشًا بل والعرب جميعًا لم يعطهم كتبًا ولم يرسل إليهم رسولًا، نأخذ الفوائد على هذا المعنى فنقول:
* من فوائد الآية الكريمة: بيان منة الله سبحانه وتعالى العظمى على العرب بما بعث إليهم، وهو محمد عليه الصلاة والسلام، وجه ذلك أنهم كانوا أمة جاهلة، ليس عندهم كتب تدرس، ولم يأتهم نذير يخبرهم ويعلمهم، فهم أشد الناس حاجة إلى الرسول، وإذا اشتدت الحاجة ثم جاء ما يزيل تلك الحاجة كان هذا أعظم منة.
ففي الآية إذن بيان عظيم منة الله عز وجل على العرب، حيث بعث فيهم هذا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.
* ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا: أن العرب كانوا جاهلين من أجهل الناس قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام، من أين تؤخذ؟ ﴿وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ﴾ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ﴾، ولهذا قال الله عز وجل: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران ١٦٤].
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه ليس في العرب رسول إلا محمد ﷺ، وهو كذلك، وما ذكر بعض المؤرخين من أنه وجد في الجاهلية رسل منهم خالد بن سنان، فهذا لا أصل له ولا صح الكلام؛ لأن الله يقول: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [المائدة ١٩]، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه ليس بينه وبين عيسى رسول، وعلى هذا فإنه لم يبعث فيهم -أي في العرب- رسول إلا محمد ﷺ.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن حقيقة الرسالة هي الإنذار، وكذلك البشارة، الإنذار للمخالفين بالعقوبة، والبشارة للموافقين بالثواب والجزاء.
* وفيها أيضًا -على المعنى الثاني- يستفاد من الآية: أن هؤلاء الذين كذبوا الرسول ﷺ ليس لديهم مستند يستندون إليه في تكذيبه؛ لأنهم لم يقرءوا كتبًا تدل على كذبهم، ولم يبعث إليهم رسول تقتضي رسالته أن محمدًا ﷺ كاذب، هذا على المعنى الثاني.
ثم قال الله عز وجل: ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ [سبأ ٤٥]
* في هذه الآية الكريمة: التحذير لمكذب الرسول ﷺ، وجهه: أن الله أخبر أنه كذب السابقين مع أنهم أشد قوة وأكثر أموالًا وأولادًا من هؤلاء المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام.
* ومن فوائدها: أن من كذب الرسل فقد حقت عليه كلمة العذاب؛ لقوله: ﴿فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾.
* ومن فوائدها: شرف الأنبياء، أو شرف الرسل عليهم الصلاة والسلام؛ لأن الله أضاف رسالتهم إليه فقال: ﴿فَكَذَّبُوا رُسُلِي﴾، ومن المعلوم أن مرتبة الرسالة أعلى مراتب البشر.
فإن مراتب البشر أربعة: النبوة المتضمنة للرسالة، والصديقية، والشهداء، والصالحون، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ﴾ [النساء٦٩] فأعلى المراتب النبوة، ثم الصديقية، ثم الشهادة، ثم الصلاح، خلافًا للزنادقة الذين يقولون: إن الأولياء أفضل من الأنبياء، والأنبياء أفضل من الرسل، ويقول قائلهم:
؎مَقَامُ النُّبُوَّةِ فِي بَرْزَخٍ ∗∗∗ فُوَيْقَ الرَّسُولِ وَدُونَ الْوَلِي
يزعمون -قبحهم الله- أن الأولياء أفضل من الرسل والأنبياء، نعم وهو كذلك عندهم بأن أولياءهم الطاغوت، والطاغوت يملي عليهم أنه أفضل من الرسل والأنبياء.
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان حكمة الله عز وجل، حيث جعل العقوبة من جنس العمل، فلما كان عمل هؤلاء عظيمًا، وهو تكذيب رسل الله سبحانه وتعالى؛ كان جزاؤهم عظيمًا يُتعجب منه ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ [سبأ ٤٥] أي ما أعظمه وما أشده.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الإنكار يكون بالفعل كما يكون بالقول، وجه ذلك: أن إنكار الله عليهم ليس بالقول فقط، بل بالفعل والأخذ بالعقوبة، فهذا إنكار بالفعل.
وهذا موجود أيضًا في أعمالنا، نحن عندما يخالفك صبيك في أمر من الأمور أحيانًا توبخه، تقول: ليش تفعل هذا؟ ألم آمرك أن تتركه، وأحيانًا إذا جئت ووجدته قد فعله تضربه هذا الإنكار يكون بماذا؟ يكون بالفعل.
فإنكار الله عز وجل يكون بالقول ويكون بالفعل، فعقوبة المجرمين هي إنكار بماذا؟ بالفعل، وفي هذه الآية وغيرها من الآيات التي تضيف الفعل إلى الفاعل ردًّا على من؟ مثل ﴿فَكَذَّبُوا رُسُلِي﴾ ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ وما أشبه ذلك ردٌّ على؟
* طلبة: القدرية.
* الشيخ: لا ما هي القدرية، ردًّا على الجبرية الذين يقولون: إن الفعل فعل العبد مجبَر عليه، ليس له فيه اختيار.
* ومن فوائد الآية الكريمة: استعمال قياس الأولى، من أين يؤخذ؟ ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾، يعني: إذا أخذ الله هؤلاء الأقوياء الأشداء الأكثر أموالًا وأولادًا إذا أخذهم الله تعالى بجرمهم، فهؤلاء الذين دونهم من باب أولى.
ولا شك أن القياس دليل صحيح ثبت اعتباره بالكتاب والسنة والعقل، ولكن القياس نوعان: صحيح وفاسد.
فالفاسد: دل الكتاب والسنة والعقل على عدم اعتباره.
والصحيح: دل الكتاب والسنة والعقل على اعتباره.
مثال الفاسد: قول إبليس مستعملًا قياس الأولى لما أمره الله أن يسجد لآدم، قال: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف ١٢] فكيف يكون الأخير عبدًا لمن دونه؟
ومثال قياس المثلية قولهم: ﴿إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾ [البقرة ٢٧٥]، هذا قياس فاسد؛ لأنه قياس ما حرم الله على ما أحله الله عز وجل.
المهم أن القياس قد ثبت اعتباره بالكتاب والسنة والعقل، ومن أنكره فقد أنكر ما يدل عليه الكتاب والسنة، نعم الذي ينكر منه القياس الفاسد طيب.
هل نأخذ من ذلك من هذه الآية أن تكذيب الرسل تكذيب لله؟ نعم هو الظاهر؛ لأنه قال بالأول: ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ ولم يذكر المكذب.
ثم قال: ﴿فَكَذَّبُوا رُسُلِي﴾ فدل ذلك على أن تكذيب الرسل تكذيب لله عز وجل، وهو كذلك عند التأمل؛ لأن الرسول إذا جاءك وقال: إنه رسول الله وأيده الله بالآيات، ثم كذبته، فقد كذبت الله عز وجل؛ لأن الآيات التي يعطيها الله الرسول ما هي إلا براهين تدل على صدقه، فكأن المكذب يقول: إن هذه الآيات كذب لأنه يكذب الرسول الذي أيدته.
{"ayahs_start":42,"ayahs":["فَٱلۡیَوۡمَ لَا یَمۡلِكُ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضࣲ نَّفۡعࣰا وَلَا ضَرࣰّا وَنَقُولُ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ ذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِی كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ","وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتُنَا بَیِّنَـٰتࣲ قَالُوا۟ مَا هَـٰذَاۤ إِلَّا رَجُلࣱ یُرِیدُ أَن یَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُكُمۡ وَقَالُوا۟ مَا هَـٰذَاۤ إِلَّاۤ إِفۡكࣱ مُّفۡتَرࣰىۚ وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَاۤءَهُمۡ إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّا سِحۡرࣱ مُّبِینࣱ","وَمَاۤ ءَاتَیۡنَـٰهُم مِّن كُتُبࣲ یَدۡرُسُونَهَاۖ وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَاۤ إِلَیۡهِمۡ قَبۡلَكَ مِن نَّذِیرࣲ","وَكَذَّبَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَمَا بَلَغُوا۟ مِعۡشَارَ مَاۤ ءَاتَیۡنَـٰهُمۡ فَكَذَّبُوا۟ رُسُلِیۖ فَكَیۡفَ كَانَ نَكِیرِ"],"ayah":"وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتُنَا بَیِّنَـٰتࣲ قَالُوا۟ مَا هَـٰذَاۤ إِلَّا رَجُلࣱ یُرِیدُ أَن یَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُكُمۡ وَقَالُوا۟ مَا هَـٰذَاۤ إِلَّاۤ إِفۡكࣱ مُّفۡتَرࣰىۚ وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَاۤءَهُمۡ إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّا سِحۡرࣱ مُّبِینࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق