الباحث القرآني

ثم قال الله تعالى: (﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ﴾، في الأمر والنهي، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بما يأمر به وينهى عنه، ﴿حَكِيمٌ﴾ فيه). ﴿يُبَيِّنُ﴾ بمعنى: يُظْهِر، و﴿الْآيَاتِ﴾ بمعنى العلامات الدالة عليه سبحانه وتعالى، وقد مر علينا أن الآيات تنقسم..؟ * طالب: الآيات تنقسم إلى قسمين: الآيات الكونية؛ وهذه (...) كلها، والآيات الشرعية (...) وهي القرآن. * الشيخ: ما تضمنه وحيه المنزل على رسله، سواء القرآن أو غير القرآن، فالآيات الكونية هي ما خلقه الله في الكون وقدَّره، وهذه ظاهرة للمؤمنين وغيرهم، حتى المؤمنون يعرفون أن هذه آيات ما يستطيع البشر أن يفعل مثلها، وآيات شرعية لا تتبين وتظهر إلا للمؤمنين، ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾، أيش فيه؟ ﴿فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت ٤٤]، فالآيات الشرعية التي تضمنها وحيه المنزَّل على رسله لا يستفيد منها إلا المؤمن، أما الكافر -والعياذ بالله- فإنه يزداد بها رِجْسًا إلى رِجْسه، ويموت على كفر. الآيات الكونية حتى غير المؤمنين بالله سبحانه وتعالى، يعني غير المنقادين والْمُذْعِنين لشرائعه يؤمنون بأن مثل هذه الأمور لا يمكن لبشر أن يأتي بها على اختلاف مشاربهم. لهذا نقول: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ﴾ أي: يُظْهِرها حتى تتبين، ولا فرق في ذلك بين الآيات الكونية والآيات الشرعية، ولهذا لما خسفت الشمس في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ماذا قال: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٠٤٤)، ومسلم (٩٠١ / ٣) من حديث عائشة.]]، حتى خسوفهما من آيات الله؛ لأنه لو أن البشر كلهم اجتمعوا على أن يكسفوا الشمس، يستطيعون ولَّا لا؟ ما يستطيعون. فإذن هو من آيات الله؛ لأن الآية معناها هو ما يدل على ما كانت آية لهم، بمعنى أنها لا يمكن أن يأتي بها أحد سوى من كانت آية لهم. وقوله تعالى: ﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾، قول الشارح أو المفسر: (في الأمر والنهي) كأنه حملها على الآيات الشرعية، والحقيقة أنها شاملة للآيات الشرعية والآيات الكونية. وقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾، ﴿عَلِيمٌ﴾ أي: ذو علم واسع شامل فيما يتعلق بفعله، وفيما يتعلق بفعل المخلوقين، والله سبحانه وتعالى عليم بما كان، وما سيكون من فعله ومن فعل المخلوقين، و﴿حَكِيمٌ﴾ سبق لنا أنها مشتقة من أين؟ * طالب: من الحِكْمة والحُكْم. * الشيخ: من الحِكْمة والحُكْم، صحيح، وسبق لنا أن الحكمة تكون في..؟ هذا هو المطلوب. * طالب: الحكمة على نوعين.. * الشيخ: لا، موضعها؟ * طالب: (...). * الشيخ: لا. * طالب: (...). * الشيخ: لا، موضع الحكمة، الشرع والقَدَر، تكون أولًا في الشرع والقدَر، فكل ما شرعه الله فإنه مطابق للحكمة، وفي القدَر كل ما خلقه الله فهو مطابق للحكمة، فمحلها إذن الشرع والقدَر، أما هي الحكمة نفسها فهي على ثلاثة أشياء في أيش؟ * طلبة: في الإيجاد، والصورة، والغاية. * الشيخ: في الإيجاد والصورة والغاية، فإيجاد الشيء حكمة، لولا أن الحكمة في وجوده ما وُجِد، وكونه على هذا الشكل المعيَّن أو بهذه الصورة المعيَّنة هو أيضًا حكمة، والغاية منه أيضًا حكمة، ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ [المؤمنون ١١٥]. إذا ضربنا اثنين في ثلاثة كم تكون؟ الشرع والقدَر، وكل منها إما في الإيجاد، أو في الصورة، أو في الغاية، تكون الجميع ستة، أما الحُكم فإنه ينقسم أيضًا إلى قسمين: كوني، وشرعي؛ مثال الكوني؟ * طالب: قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ﴾. * الشيخ: الكوني، هذا كوني؟ لأن هذا لاحظ أنه ذُكِر بعد أن قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾ [الممتحنة ١٠]، أيش يصير هذا؟ شرعي؛ لأن الأمور هذه اللي سبقت كلها تشريعات، هذا مثال للشرعي، مثال الكوني؟ * طالب: ﴿حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي﴾. * الشيخ: إي، قول أخي يوسف: ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ [يوسف ٨٠]. إذا كان الحكم كونيًّا أو شرعيًّا كله مطابق للحكمة، فهل يلزم أن نعرف هذه الحكمة، ولَّا ما يلزم؟ * طلبة: لا يلزم. * الشيخ: لا يلزم، لكن يجب علينا أن نؤمن بأنه ما من شيء أوجده الله أو شرعه إلا وله حكمة، لكننا لقصورنا يخفى علينا كثير من هذه الحكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب