الباحث القرآني
﴿ذَرْنِي ومَن خَلَقْتُ وحِيدًا﴾ ﴿وجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُودًا﴾ ﴿وبَنِينَ شُهُودًا﴾ ﴿ومَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا﴾ ﴿ثُمَّ يَطْمَعُ أنْ أزِيدَ﴾ ﴿كَلّا﴾ [المدثر: ١٦] لَمّا جَرى ذِكْرُ الكافِرِينَ في قَوْلِهِ ﴿فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلى الكافِرِينَ﴾ [المدثر: ٩] . وأُشِيرُ إلى ما يَلْقاهُ الرَّسُولُ ﷺ مِنَ الكافِرِينَ بِقَوْلِهِ ﴿ولِرَبِّكَ فاصْبِرْ﴾ [المدثر: ٧] انْتَقَلَ الكَلامُ إلى ذِكْرِ زَعِيمٍ مِن زُعَماءِ الكافِرِينَ ومُدَبِّرِ مَطاعِنِهِمْ في القُرْآنِ ودَعْوَةِ الرَّسُولِ ﷺ .
وقَوْلُهُ ﴿ذَرْنِي ومَن خَلَقْتُ وحِيدًا﴾ إلَخْ. اسْتِئْنافٌ يُؤْذِنُ بِأنَّ حَدَثًا كانَ سَبَبًا لِنُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ عَقِبَ الآياتِ الَّتِي قَبْلَها، وذَلِكَ حِينَ فَشا في مَكَّةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عاوَدَهُ الوَحْيُ بَعْدَ فَتْرَةٍ وأنَّهُ أُمِرَ بِالإنْذارِ، ويَدُلُّ عَلى هَذا ما رَواهُ ابْنُ إسْحاقَ أنَّهُ اجْتِماعُ نَفَرٍ مِن قُرَيْشٍ فِيهِمْ أبُو لَهَبٍ، وأبُو سُفْيانَ، والوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ، والنَّضْرُ بْنُ الحارِثِ، وأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، والعاصِي بْنُ وائِلٍ، والمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ. فَقالُوا: إنَّ وُفُودَ العَرَبِ سَتَقْدَمُ عَلَيْكم في المَوْسِمِ وهم يَتَساءَلُونَ عَنْ أمْرِ مُحَمَّدٍ وقَدِ اخْتَلَفْتُمْ في الإخْبارِ عَنْهُ. فَمِن قائِلٍ يَقُولُ: مَجْنُونٌ، وآخَرُ يَقُولُ: كاهِنٌ، وآخَرُ يَقُولُ: شاعِرٌ، وتَعْلَمُ العَرَبُ أنَّ هَذا كُلَّهُ لا يَجْتَمِعُ في رَجُلٍ واحِدٍ، فَسَمُّوا مُحَمَّدًا بِاسْمٍ واحِدٍ تَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ وتُسَمِّيهِ العَرَبُ بِهِ، فَقامَ رَجُلٌ مِنهم فَقالَ: شاعِرٌ، فَقالَ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ: سَمِعْتُ كَلامَ ابْنِ الأبْرَصِ - يَعْنِي عَبِيدَ بْنَ الأبْرَصِ - وأُمَيَّةَ بْنَ أبِي الصَّلْتِ، وعَرَفْتُ الشِّعْرَ كُلَّهُ وما يُشْبِهُ كَلامُ مُحَمَّدٍ كَلامَ شاعِرٍ، فَقالُوا: كاهِنٌ فَقالَ الوَلِيدُ: ما هو بِزَمْزَمَةِ الكاهِنِ ولا بِسَجْعِهِ. والكاهِنُ يَصْدُقُ ويَكْذِبُ وما كَذَبَ مُحَمَّدٌ قَطُّ، فَقامَ آخَرُ فَقالَ: مَجْنُونٌ، فَقالَ الوَلِيدُ: لَقَدْ عَرَفْنا الجُنُونَ فَإنَّ المَجْنُونَ يُخْنَقُ فَما هو بِخَنْقِهِ ولا تَخالُجِهِ ولا وسْوَسَتِهِ، فَقالُوا: ساحِرٌ، قالَ الوَلِيدُ: لَقَدْ رَأيْنا السُّحّارَ وسِحْرَهم فَما هو بِنَفْثِهِ ولا عَقْدِهِ، وانْصَرَفَ الوَلِيدُ إلى بَيْتِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أبُو جَهْلٍ فَقالَ: ما لَكَ يا أبا عَبْدِ شَمْسٍ أصَبَأْتَ ؟ فَقالَ الوَلِيدُ: فَكَّرْتُ في (p-٣٠٣)أمْرِ مُحَمَّدٍ وإنَّ أقْرَبَ القَوْلِ فِيهِ أنْ تَقُولُوا: ساحِرٌ جاءَ بِقَوْلٍ هو سِحْرٌ، يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وأبِيهِ وبَيْنَ المَرْءِ وأخِيهِ، وبَيْنَ المَرْءِ وزَوْجَتِهِ، وبَيْنَ المَرْءِ وعَشِيرَتِهِ، فَقالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَأنْزَلَ اللَّهُ في الوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ قَوْلَهُ ﴿ذَرْنِي ومَن خَلَقْتُ وحِيدًا﴾ الآياتِ.
وعَنْ أبِي نَصْرٍ القُشَيْرِيِّ أنَّهُ قالَ: قِيلَ بَلَغَ النَّبِيءَ ﷺ قَوْلُ كُفّارِ مَكَّةَ: أنْتَ ساحِرٌ فَوَجَدَ مِن ذَلِكَ غَمًّا وحُمَّ فَتَدَثَّرَ بِثِيابِهِ فَقالَ اللَّهُ تَعالى ﴿قُمْ فَأنْذِرْ﴾ [المدثر: ٢] .
وأيًّا ما كانَ فَقَدْ وقَعَ الِاتِّفاقُ عَلى أنَّ هَذا القَوْلَ صَدَرَ عَنِ الوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ وأنَّهُ المَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ تَعالى ﴿ومَن خَلَقْتُ وحِيدًا﴾ فَإنَّ كانَ قَوْلُ الوَلِيدِ صَدَرَ مِنهُ بَعْدَ نُزُولِ صَدْرِ هَذِهِ السُّورَةِ فَجُمْلَةُ ﴿ذَرْنِي ومَن خَلَقْتُ وحِيدًا﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا ابْتِدائِيًّا والمُناسَبَةُ ظاهِرَةٌ، وإنْ كانَ قَوْلُ الوَلِيدِ هو سَبَبَ نُزُولِ السُّورَةِ، كانَ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ ﴿ولِرَبِّكَ فاصْبِرْ﴾ [المدثر: ٧] عَلى أنَّهُ تَعْلِيلٌ لِلْأمْرِ بِالصَّبْرِ بِأنَّ اللَّهَ يَتَوَلّى جَزاءَ هَذا القائِلِ، وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ، ويُؤَيِّدُ هَذا أنْ ابْتِداءَ الوَحْيِ كانَ في رَمَضانَ وأنَّ فَتْرَةَ الوَحْيِ دامَتْ أرْبَعِينَ يَوْمًا عَلى الأصَحِّ سَواءٌ نَزَلَ وحْيٌ بَيْنَ بَدْءِ الوَحْيِ وفَتْرَتِهِ مُدَّةَ أيّامٍ، أوْ لَمْ يَنْزِلْ بَعْدَ بَدْئِهِ شَيْءٌ ووَقَعَتْ فَتْرَتُهُ فَيَكُونُ قَدْ أشْرَفَ شَهْرُ ذِي القَعْدَةِ عَلى الِانْصِرامِ فَتِلْكَ مُدَّةُ اقْتِرابِ المَوْسِمِ فَأخَذَ المُشْرِكُونَ في الِاسْتِعْدادِ لِما يَقُولُونَهُ لِلْوُفُودِ إذا اسْتَخْبَرُوهم خَبَرَ النَّبِيءِ ﷺ .
وتَصْدِيرُ الجُمْلَةِ بِفِعْلِ (ذَرْنِي) إيماءٌ إلى الرَّسُولِ ﷺ كانَ مُهْتَمًّا ومُغْتَمًّا مِمّا اخْتَلَقَهُ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ، فاتِّصالُهُ بِقَوْلِهِ ﴿ولِرَبِّكَ فاصْبِرْ﴾ [المدثر: ٧] يَزْدادُ وُضُوحًا.
وتَقَدَّمَ ما في نَحْوِ (ذَرْنِي) وكَذا، مِنَ التَّهْدِيدِ والوَعِيدِ لِلْمَذْكُورِ بَعْدَ واوِ المَعِيَّةِ، في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَذَرْنِي ومَن يُكَذِّبُ بِهَذا الحَدِيثِ﴾ [القلم: ٤٤] في سُورَةِ القَلَمِ.
وجِيءَ بِالمَوْصُولِ وصِلَتِهِ في قَوْلِهِ ﴿ومَن خَلَقْتُ وحِيدًا﴾ لِإدْماجِ تَسْجِيلِ كُفْرانِ الوَلِيدِ النِّعْمَةَ في الوَعِيدِ والتَّهْدِيدِ.
وانْتَصَبَ (وحِيدًا) عَلى الحالِ مِن (مَن) المَوْصُولَةِ.
والوَحِيدُ: المُنْفَرِدُ عَنْ غَيْرِهِ في مَكانٍ أوْ حالٍ مِمّا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِياقُ الكَلامِ، أوْ شُهْرَةٍ أوْ قِصَّةٍ، وهو فَعِيلٌ مِن وحُدَ مِن بابِ كَرُمَ وعَلِمَ، إذا انْفَرَدَ.
(p-٣٠٤)وكانَ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ يُلَقَّبُ في قُرَيْشٍ بِالوَحِيدِ لِتَوَحُّدِهِ وتَفَرُّدِهِ بِاجْتِماعِ مَزايا لَهُ لَمْ تَجْتَمِعْ لِغَيْرِهِ مِن طَبَقَتِهِ وهو كَثْرَةُ الوَلَدِ وسَعَةُ المالِ، ومَجْدُهُ ومَجْدُ أبِيهِ مِن قَبْلِهِ، وكانَ مَرْجِعَ قُرَيْشٍ في أُمُورِهِمْ؛ لِأنَّهُ كانَ أسَنَّ مِن أبِي جَهْلٍ وأبِي سُفْيانَ، فَلَمّا اشْتُهِرَ بِلَقَبِ الوَحِيدِ كانَ هَذا الكَلامُ إيماءً إلى الوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ المُشْتَهِرِ بِهِ. وجاءَ هَذا الوَصْفُ بَعْدَ فِعْلِ (خَلَقْتُ) لِيَصْرِفَ هَذا الوَصْفَ عَمّا كانَ مُرادًا بِهِ فَيَنْصَرِفَ إلى ما يَصْلُحُ لِأنْ يُقارِنَ فِعْلَ (خَلَقْتُ) أيْ: أوْجَدْتُهُ وحِيدًا عَنِ المالِ والبَنِينَ والبَسْطَةِ، فَيُغَيَّرُ عَنْ غَرَضِ المَدْحِ والثَّناءِ الَّذِي كانُوا يَخُصُّونَهُ بِهِ، إلى غَرَضِ الِافْتِقارِ إلى اللَّهِ الَّذِي هو حالُ كُلِّ مَخْلُوقٍ فَتَكُونُ مِن قَبِيلِ قَوْلِهِ ﴿واللَّهُ أخْرَجَكم مِن بُطُونِ أُمَّهاتِكم لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [النحل: ٧٨] الآيَةَ.
وعُطِفَ عَلى ذَلِكَ ﴿وجَعَلْتُ لَهُ مالًا﴾ عَطْفَ الخاصِّ عَلى العامِّ.
والمَمْدُودُ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِن مَدَّ الَّذِي بِمَعْنى: أطالَ، بِأنْ شُبِّهَتْ كَثْرَةُ المالِ بِسَعَةِ مِساحَةِ الجِسْمِ، أوْ مِن مَدَّ الَّذِي بِمَعْنى: زادَ في الشَّيْءِ مِن مِثْلِهِ، كَما يُقالُ: مَدَّ الوادِي النَّهْرَ، أيْ: مالًا مَزِيدًا في مِقْدارِهِ ما يَكْتَسِبُهُ صاحِبُهُ مِنَ المَكاسِبِ. وكانَ الوَلِيدُ مِن أوْسَعِ قُرَيْشٍ ثَراءً. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: كانَ مالُ الوَلِيدِ بَيْنَ مَكَّةَ والطّائِفِ مِنَ الإبِلِ والغَنَمِ والعَبِيدِ والجَوارِي والجِنانِ وكانَتْ غَلَّةُ مالِهِ ألْفَ دِينارٍ - أيْ: في السَّنَةِ - .
وامْتَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةِ البَنِينَ ووَصَفَهم بِشُهُودٍ جَمْعِ شاهِدٍ، أيْ: حاضِرٍ، أيْ: لا يُفارِقُونَهُ فَهو مُسْتَأْنِسٌ بِهِمْ لا يَشْتَغِلُ بالُهُ بِمَغِيبِهِمْ وخَوْفِ مَعاطِبِ السَّفَرِ عَلَيْهِمْ فَكانُوا بِغِنًى عَنْ طَلَبِ الرِّزْقِ بِتِجارَةٍ أوْ غارَةٍ، وكانُوا يَشْهَدُونَ مَعَهُ المَحافِلَ فَكانُوا فَخْرًا لَهُ، قِيلَ: كانَ لَهُ عَشَرَةُ بَنِينَ وقِيلَ ثَلاثَةَ عَشَرَ ابْنًا، والمَذْكُورُ مِنهم سَبْعَةٌ، وهم: الوَلِيدُ بْنُ الوَلِيدِ، وخالِدٌ، وعُمارَةُ، وهِشامٌ، والعاصِي، وقَيْسٌ أوْ أبُو قَيْسٍ، وعَبْدُ شَمْسٍ - وبِهِ يُكَنّى - ولَمْ يَذْكُرِ ابْنُ حَزْمٍ في جَمْهَرَةِ الأنْسابِ العاصِيَ، واقْتَصَرَ عَلى سِتَّةٍ.
والتَّمْهِيدُ: مَصْدَرُ (مَهَّدَ) بِتَشْدِيدِ الهاءِ، الدّالِّ عَلى قُوَّةِ المَهْدِ. والمَهْدُ: تَسْوِيَةُ الأرْضِ وإزالَةُ ما يُقِضُّ جَنْبَ المُضْطَجِعِ عَلَيْها، ومَهْدُ الصَّبِيِّ، تَسْمِيَةٌ بِالمَصْدَرِ.
والتَّمْهِيدُ هُنا مُسْتَعارٌ لِتَيْسِيرِ أُمُورِهِ ونَفاذِ كَلِمَتِهُ في قَوْمِهِ بِحَيْثُ لا يَعْسُرُ عَلَيْهِ مَطْلَبٌ ولا يَسْتَعْصِي عَلَيْهِ أمْرٌ.
(p-٣٠٥)وأُكِّدَ (مَهَّدْتُ) بِمَصْدَرِهِ عَلى المَفْعُولِيَّةِ المُطْلَقَةِ لِيُتَوَسَّلَ بِتَنْكِيرِهِ لِإفادَةِ تَعْظِيمِ ذَلِكَ التَّمْهِيدِ ولَيْسَ يَطَّرِدُ أنْ يَكُونَ التَّأْكِيدُ لِرَفْعِ احْتِمالِ المَجازِ.
ووُصِفُ في هَذِهِ الآيَةِ بِما لَهُ مِنَ النَّعْمَةِ والسَّعَةِ؛ لِأنَّ الآيَةَ في سِياقِ الِامْتِنانِ عَلَيْهِ تَوْطِئَةً لِتَوْبِيخِهِ وتَهْدِيدِهِ بِسُوءٍ في الدُّنْيا وبِعَذابِ النّارِ في الآخِرَةِ. فَأمّا في آيَةِ سُورَةِ القَلَمِ فَقَدْ وصَفَهُ بِما فِيهِ مِنَ النَّقائِصِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ولا تُطِعْ كُلَّ حَلّافٍ مَهِينٍ﴾ [القلم: ١٠] إلَخْ، بِناءً عَلى قَوْلِ مَن قالَ: إنَّ المُرادَ بِهِ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ (وقَدْ عَلِمْتُ أنَّهُ احْتِمالٌ)؛ لِأنَّ تِلْكَ الآيَةَ في مَقامِ التَّحْذِيرِ مِن شَرِّهِ وغَدْرِهِ.
و(ثُمَّ) في قَوْلِهِ ﴿ثُمَّ يَطْمَعُ﴾ لِلتَّراخِي الرُّتَبِيِّ، أيْ: وأعْظَمُ مِن ذَلِكَ أنَّهُ يَطْمَعُ في الزِّيادَةِ مِن تِلْكَ النِّعَمِ وذَلِكَ بِما يُعْرَفُ مِن يُسْرِ أُمُورِهِ. وهَذا مُشْعِرٌ بِاسْتِبْعادِ حُصُولِ المَطْمُوعِ فِيهِ وقَدْ صَرَّحَ بِهِ في قَوْلِهِ (كَلّا) .
والطَّمَعُ: طَلَبُ الشَّيْءِ العَظِيمِ، وجُعِلَ مُتَعَلِّقُ طَمَعِهِ زِيادَةً مِمّا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ؛ لِأنَّهم لَمْ يَكُونُوا يُسْنِدُونَ الرِّزْقَ إلى الأصْنامِ أوْ؛ لِأنَّهُ طَمَعٌ في زِيادَةِ النِّعْمَةِ غَيْرَ مُتَذَكِّرٍ أنَّها مِن عِنْدِ اللَّهِ فَيَكُونُ إسْنادُ الزِّيادَةِ إلى ضَمِيرِ الجَلالَةِ إدْماجًا بِتَذْكِيرِهِ بِأنَّ ما طَمِعَ فِيهِ هو مِن عِنْدِ الَّذِي كَفَرَ هو بِنِعْمَتِهِ فَأشْرَكَ بِهِ غَيْرَهُ في العِبادَةِ.
ولِهَذِهِ النُّكْتَةِ عُدِلَ عَنْ أنْ يُقالَ: يَطْمَعُ في الزِّيادَةِ، أوْ يَطْمَعُ أنْ يُزادَ.
و(كَلّا) رَدْعٌ وإبْطالٌ لِطَمَعِهِ في الزِّيادَةِ مِنَ النِّعَمِ وقَطْعٌ لِرَجائِهِ.
والمَقْصُودُ إبْلاغُ هَذا إلَيْهِ مَعَ تَطْمِينِ النَّبِيءِ ﷺ بِأنَّ الوَلِيدَ سَيُقْطَعُ عَنْهُ مَدَدُ الرِّزْقِ لِئَلّا تَكُونَ نِعْمَتُهُ فِتْنَةً لِغَيْرِهِ مِنَ المُعانِدِينَ فَيُغْرِيهِمْ حالُهُ بِأنَّ عِنادَهم لا يَضُرُّهم؛ لِأنَّهم لا يَحْسَبُونَ حَياةً بَعْدَ هَذِهِ كَما حَكى اللَّهُ مِن قَوْلِ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - ﴿رَبَّنا إنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ ومَلَأهُ زِينَةً وأمْوالًا في الحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنا اطْمِسْ عَلى أمْوالِهِمْ واشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتّى يَرَوُا العَذابَ الألِيمَ﴾ [يونس: ٨٨] .
وفِي هَذا الإبْطالِ والرَّدْعِ إيذانٌ بِأنَّ كُفْرانَ النِّعْمَةِ سَبَبٌ لِقَطْعِها قالَ تَعالى ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأزِيدَنَّكم ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: ٧] . ولِهَذا قالَ الشَّيْخُ ابْنُ عَطاءِ اللَّهِ: مَن لَمْ يَشْكُرِ النِّعَمَ فَقَدْ تَعْرَّضَ لِزَوالِها، ومَن شَكَرَها فَقَدْ قَيَّدَها بِعِقالِها.
{"ayahs_start":11,"ayahs":["ذَرۡنِی وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِیدࣰا","وَجَعَلۡتُ لَهُۥ مَالࣰا مَّمۡدُودࣰا","وَبَنِینَ شُهُودࣰا","وَمَهَّدتُّ لَهُۥ تَمۡهِیدࣰا","ثُمَّ یَطۡمَعُ أَنۡ أَزِیدَ"],"ayah":"وَبَنِینَ شُهُودࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق