(قال ذلك بيني وبينك) والإشارة إلى ما تعاقدا عليه (أيما الأجلين قضيت) شرطية وجوابها:
(فلا عدوان عليّ) والمراد بالأجلين الثمانية الأعوام، والعشرة الأعوام ومعنى قضيت: وفيت به، وأتممته، وفرغت منه، و (الأجلين) مخفوض بإضافة (أي) إليه و (ما) زائدة أو مخفوضة بإضافة أي إليها والأجلين بدل منها، وقرأ ابن مسعود: أي الأجلين ما قضيت، والمعنى لا ظلم عليّ بطلب الزيادة على ما قضيته من الأجلين، أي كما لا أطالب بالزيادة على الثمانية الأعوام، لا أطالب بالنقصان عن العشرة: وقيل: المعنى كما لا أطالب بالزيادة على العشرة الأعوام لا أطالب بالزيادة على الثمانية الأعوام، وهذا أظهر. وأصل العدوان تجاوز الحد في غير ما يجب، قال المبرد: وقد علم موسى أنه لا عدوان عليه في أتمهما، ولكنه جمعهما ليجعل الأقل كالأتم في الوفاء، وقرئ عدوان بضم العين وبكسرها.
(والله على ما نقول) من هذه الشروط الجارية بيننا (وكيل) أي شاهد وحفيظ فلا سبيل لأحدنا إلى الخروج عن شيء من ذلك، قيل: هو من قول موسى، وقيل: من قول شعيب، والأول أولى لوقوعه في جملة كلام موسى وتم العقد بذلك ولعل هذا كان في شرعهما، وإلا فهذه الصيغة لا تكفي عندنا في عقد النكاح، لأن الواقع من شعيب وعد بالإنكاح، والواقع من موسى ليس فيه مادة التزويج، ولا الإنكاح، وأيضاً الصداق ليس راجعاً للمنكوحة بل لأبيها، هذا ما جرى عليه المحلي.
وقال غيره: إنهما عقدا عقداً بغير الصورة المذكورة هنا منهما، قال أبو السعود: ليس ما حكى عنهما في الآية تمام ما جرى بينهما من الكلام في إنشاء عقد النكاح، وعقد الإجازة وإيقاعهما، بل هو بيان لما عزما عليه واتفقا على إيقاعه حسبما يتوقف عليه مساق القصة إجمالاً من غير تعرض لبيان مواجب العقدين في تلك الشريعة تفصيلاً.
وأخرج الطبراني وغيره عن عتبة السلمي قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ سورة طسم حتى إذا بلغ قصة موسى قال: " إن موسى آجر نفسه ثماني سنين، أو عشراً على عفة فرجه، وطعام بطنه، فلما وفى الأجل قيل يا رسول الله أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أبرهما وأوفاهما، فلما أراد فراق شعيب أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيهما من غنمه ما يعيشون به، فأعطاهما ما ولدت غنمه " الحديث بطوله وفيه مسلمة الدمشقي ضعفه الأئمة.
{"ayah":"قَالَ ذَ ٰلِكَ بَیۡنِی وَبَیۡنَكَۖ أَیَّمَا ٱلۡأَجَلَیۡنِ قَضَیۡتُ فَلَا عُدۡوَ ٰنَ عَلَیَّۖ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِیلࣱ"}