(وأرسل عليهم) عطف على (ألم يجعل) لأن الاستفهام فيه للتقرير فكان المعنى قد جعل ذلك وأرسل (طيراً) هو اسم جنس يذكر ويؤنث (أبابيل) نعت لطير لأنه اسم جمع أي أقاطيع يتبع بعضها بعضاً كالإبل المؤبلة، فرجعوا هاربين يتساقطون بكل طريق. وكان هلاكهم قرب عرفة قبل دخول الحرم على الأصح.
وقال جماعة: بوادي محسر بين مزدلفة ومنى، قاله ابن حجر، قال أبو عبيدة: أبابيل جماعات في تفرقة يقال جاءت الخيل أبابيل أي جماعات من ههنا وههنا، قال النحاس: وحقيقته أنها جماعات عظام، يقال فلان يؤبل على فلان أي يعظم عليه ويكبره، وهو مشتق من الإِبل، وهو من الجمع الذي لا واحد له، وقال بعضهم واحده إبول بكسر الهمزة مثل عجول، وقال بعضهم إبيل كسكين.
قال الواحدي: ولم نر أحداً يجعل لها واحداً، قال الفراء: لا واحد له من لفظه، وزعم الرؤاسي وكان ثقة أنه سمع في واحدها إبالة مشدداً، وحكى الفراء: أيضاًً إبالة بالتخفيف.
قال سعيد بن جبير كانت طيراً من السماء لم ير قبلها ولا بعدها قال قتادة هي طير سود جاءت من قبل البحر فوجاً فوجاً مع كل طائر ثلاثة أحجار حجران في رجليه وحجر في منقاره لا يصب شيئاًً إلا هشمه، وقيل كانت طيراً خضراً خرجت من البحر لها رؤوس كرؤوس السباع.
وقيل كان لها خراطيم كخراطيم الطير. وأكف كأكف الكلاب، وقيل أنها العنقاء المغرب التي تضرب بها الأمثال، وقيل في صفتها غير ذلك، والعرب تستعمل الأبابيل في الطير وفي غير الطير.
ولما تم هلاكهم رجعت الطير من حيث جاءت.
{"ayah":"وَأَرۡسَلَ عَلَیۡهِمۡ طَیۡرًا أَبَابِیلَ"}