الباحث القرآني
وقوله سبحانه: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها جَنَحَ الرَّجُلُ إِلى الأمْرِ إِذا مال إِليه، وعاد الضميرُ في «لها» مؤنَّثاً إِذ «السَّلْم» بمعنى المسالمة والهُدْنَة، وذهب جماعةٌ من المفسِّرين إِلى أَن هذه الآية منسوخةٌ، والضمير في «جَنَحُوا» هو للذين نُبِذَ إِليهم على سواءٍ.
وقوله سبحانه: وَإِنْ يُرِيدُوا/ أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ... الآية: الضمير في قوله: «وإِن يريدوا» عائدٌ على الكفَّار الذين قال فيهم: وَإِنْ جَنَحُوا، أي: وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ، بأنْ يُظْهِروا السَّلْم، ويُبْطِنُوا الغَدْر والخيانة، فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ، أي:
كافيك ومعطيك نصره، وأَيَّدَكَ: معناه: قوَّاك وَبِالْمُؤْمِنِينَ، يريد الأنصارَ، بذلك تظاهَرَتْ أقوالُ المفسَّرين.
وقوله: وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ... الآية: إشارة إلى العداوة التي كانَتْ بين الأوْسِ والخَزْرَجِ.
قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 548) .]] : ولو ذَهَبَ ذاهبٌ إِلى عمومِ المؤمنين في المهاجرين والأنصارِ، وجعل التأليف ما كَانَ بيْنَ جميعهم من التحابِّ، لساغ ذلك، وقال ابنُ مَسْعُود: نزلَتْ هذه الآية في المتحابِّين في الله [[أخرجه الطبري في «تفسيره» (6/ 281) برقم: (16275) ، وابن كثير (2/ 323) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (3/ 361) ، وزاد نسبته إلى ابن المبارك، وابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا في كتاب «الإخوان» ، والنسائي، والبزار، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والحاكم، وصححه.]] .
وقال مجاهد: إِذا تَرَاءَى المتحابَّانِ في اللَّه، وتصَافَحَا، تَحَاتَّتْ خطاياهما، فقال له عَبْدَةُ بنُ أبي لُبَابَةَ [[عبدة بن أبي لبابة الأسدي الغاضري بمعجمتين مولاهم أبو القاسم البزّاز الكوفي الفقيه نزيل دمشق. عن عمر في مسلم مرسلا وابن عمر وعبد الله بن عمرو وجماعة، وعنه حبيب بن أبي ثابت والأعمش وابن جريج والسفيانان، وثقه أبو حاتم.
قال الأوزاعي: لم يقدم علينا أفضل منه.
قال ابن عيينة: جالسته سنة ثلاث وعشرين ومائة.
ينظر: «الخلاصة» (2/ 189) ، «طبقات خليفة» (160) ، «التاريخ الكبير» (6/ 114) ، و «تهذيب التهذيب» (6/ 461) .]] : إِن هذا لَيَسِيرٌ، فقال له: لا تَقُلْ ذلك، فإِن اللَّه تعالَى يَقُولُ: لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، قال عَبْدَةُ: فعرفْتُ أنه أفْقَهُ مني [[أخرجه الطبري (6/ 280) برقم: (16274) ، وذكره ابن عطية (2/ 548) ، وابن كثير (2/ 323) .]] .
قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 548) .]] : وهذا كلُّه تمثيلٌ حَسَنٌ بالآية، لا أنَّ الآية نزلَتْ في ذلك، وقد رَوَى سهْلُ بن سعد، عن النبيّ ﷺ أنه قَالَ: «المؤمن مَألَفَةٌ لاَ خَيْرَ فِيمَنْ لاَ يَأْلَفُ وَلاَ يُؤلَفُ» [[أخرجه أحمد (5/ 335) ، والطبراني في «الكبير» (6/ 131) رقم: (5744) ، والخطيب (11/ 376) من طريق مصعب بن ثابت، عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي به.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/ 90) وقال: رواه أحمد والطبراني، وفيه مصعب بن ثابت، وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله ثقات اه.
وذكره أيضا في (10/ 276) وقال: وإسناده جيد.]] .
قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 549) .]] : والتشابه سَبَبُ الأُلْفَة، فمَنْ كان من أهْل الخَيْر، أَلِفَ أشباهَهُ وأَلِفُوهُ.
ت: وفي «صحيح البخاريِّ» : «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فما تَعَارَفَ مِنْهَا ائتلف، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اختلف» [[أخرجه مسلم (4/ 2031) في البر والصلة، باب: الأرواح جنود مجنّدة، (159/ 2638) ، وأحمد (2/ 295، 527) ، والخطيب في «التاريخ» (3/ 329) (4/ 352) من طريق سهل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة به. وكذا أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (908) .
وأخرجه أبو داود (2/ 675) في «الأدب» باب: من يؤمر أن يجالس (4834) ، وأحمد (2/ 539) من طريق جعفر بن يرقان، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة به.
وأخرجه البغوي في «شرح السنة» (6/ 460) برقم: (3365) بتحقيقنا من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
ويشهد له حديث عائشة، رواه البخاري في «الأدب المفرد» (906- 907) ، وأبو يعلى (4381) ،]] . انتهى، وروى مالكٌ في «الموطإ» ، عن أبي هريرة قال: قَالَ رسول الله ﷺ: «إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ القِيَامَةِ: أَيْنَ المُتَحَابُّونَ لَجَلاَلي؟ اليَوْمَ أُظِلُّهُمْ في ظِلِّي يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّي» [[أخرجه مالك (2/ 952) كتاب «الشعر» باب: ما جاء في المتحابين في الله، حديث (13) ، ومسلم (4/ 1988) كتاب «البر والصلة» باب: فضل الحب في الله، حديث (37/ 2566) وأحمد (2/ 237، 535) ، والطيالسي (2335) ، والدارمي (2/ 312) ، وابن حبان (2/ 334) رقم: (574) من حديث أبي هريرة.]] .
قال أبو عمر بن عبد البَرِّ في «التمهيد» : ورُوينا عن ابن مسعود، عن النبيّ ﷺ أَنه قال: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، أَتَدْرِي، أَيُّ عُرَى الإِيمَانِ أَوْثَقُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: الوِلاَيَةُ في اللَّهِ: الحُبُّ والبُغْضُ فِيهِ» [[أخرجه الطيالسي (378) ، والحاكم (2/ 480) من طريق الصعق بن حزن، عن عقيل الجعد، عن أبي إسحاق، عن سويد بن غفلة، عن ابن مسعود به.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
وتعقبه الذهبي فقال: ليس بصحيح، فإن الصعق وإن كان موثقا فإن شيخه منكر الحديث. قاله البخاري.]] ، ورواه البراءُ بنُ عَازِبٍ، عن النبيّ ﷺ أيضاً [[أخرجه أحمد (4/ 286) من حديث البراء بن عازب.]] ، وعن عبد اللَّهِ في قوله تعالى: لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ، قال: نزلَتْ في المتحابِّين في اللَّه [[تقدم.]] قال أبو عمر: وأما قوله: الَيْومَ أُظلُّهُمْ فِي ظِلِّي، فإِنه أراد- واللَّه أعلم- في ظلِّ عرشه، وقد يكونُ الظِّلُّ كنايةً عن الرحْمةِ كما قال: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ [المرسلات: 41] ، يعني: بذلك مَا هُمْ فيه مِنَ الرحمة والنعيم. انتهى.
{"ayahs_start":61,"ayahs":["۞ وَإِن جَنَحُوا۟ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ","وَإِن یُرِیدُوۤا۟ أَن یَخۡدَعُوكَ فَإِنَّ حَسۡبَكَ ٱللَّهُۚ هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ","وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ"],"ayah":"وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق